المنطقة الآمنة في شمال سوريا خلال 3 أشهر.. وعاصمتها أعزاز

مصادر لـ {الشرق الأوسط}: اجتماع اليوم بين الأميركيين والأتراك والمعارضة لبحث آليات إدارة المناطق المحررة

قوات النظام السوري تسير في شوارع حي ميسلون في مدينة حلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
قوات النظام السوري تسير في شوارع حي ميسلون في مدينة حلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
TT

المنطقة الآمنة في شمال سوريا خلال 3 أشهر.. وعاصمتها أعزاز

قوات النظام السوري تسير في شوارع حي ميسلون في مدينة حلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)
قوات النظام السوري تسير في شوارع حي ميسلون في مدينة حلب شمال سوريا أمس (إ.ف.ب)

رغم النفي الأميركي لاتفاق مع تركيا على إقامة منطقة آمنة في الشمال السوري، فإن الأتراك ماضون على ما يبدو بتهيئة الفرص لإقامة هذه المنطقة التي يسمونها «منطقة من دون مخاطر»، ويعملون على تأسيسها بغض النظر عن «الاختلاف اللفظي» مع الولايات المتحدة، كما يقول مسؤول رفيع في الخارجية التركية لـ«الشرق الأوسط»، في حين أكدت مصادر تركية رسمية أن هذه المنطقة «ستقوم في وقت غير بعيد وأن عاصمتها ستكون مدينة أعزاز الحدودية»، التي ستنتقل إليها الحكومة السورية المؤقتة التي أنشأها الائتلاف السوري، والتي ستكون مسؤولة عن إدارة المنطقة، كما قال رئيسها أحمد الطعمة لـ«لشرق الأوسط»، أمس.
ولا يتوقف المسؤولون الأتراك كثيرا أمام النفي الأميركي، ويقول المسؤول التركي لـ«الشرق الأوسط» إن «وكيل وزير الخارجية التركية فريدون سيريليو أوغلو الذي أعلن عن اتفاق مع الأميركيين حول المنطقة هو من يقود المفاوضات مع الأميركيين ويتابع أدق تفاصيلها، ولم ينطق بتصريحاته من تكهنات أو من تقارير مرفوعة إليه»، مشيرا إلى أن تركيا لا تسمي هذه البقعة «منطقة آمنة» بل تفضل تسميتها «منطقة من دون مخاطر»، وأن المنطقة ستكون بطول 98 كيلومترًا، وعمق 45 كيلومترًا، وسيشرف «الجيش الحر» على حمايتها.
وتؤكد المصادر التركية أن هذه المنطقة هي «قرار استراتيجي تركي»، موضحة أن التنفيذ بدأ فعليا، والمنطقة سوف تتشكل تركيا من دون تدخل بري تركي، متحدثا عن وجود نحو ألف مقاتل يتدربون حاليا خارج إطار برنامج التدريب الأميركي ويدينون بالولاء للحكومة السورية المؤقتة وللائتلاف السوري سيكونون نواة حماية المنطقة العازلة، مشيرا إلى أن هؤلاء سيتمتعون بغطاء مدفعي وجوي من تركيا و«التحالف الدولي». وأشارت المصادر إلى أن الحكومة المؤقتة أبلغت المسؤولين الأتراك أنها تفضل مدينة أعزاز للانتقال إليها في المرحلة الأولى وممارسة أعمالها، على أن ينظر في الموقع في وقت لاحق وفقا لتطورات الأمور.
وأوضحت مصادر سورية معارضة لـ«الشرق الأوسط»، أن اجتماعات عمل عدة عقدت بين المعارضة السورية والمسؤولين الأتراك محورها «المنطقة الآمنة» وكيفية قيامها، كما أشارت إلى اجتماع سوف يعقد اليوم بين الأميركيين (يو أس آيد) والأتراك والمعارضة لبحث آليات إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وسبل توفير الدعم لها. وكشفت المصادر عن اجتماع عقد بين مسؤولي الحكومة المؤقتة ومسؤولين في الخارجية التركية عرضت خلاله خطة الحكومة المؤقتة لإدارة المنطقة الآمنة من كل النواحي. وأشارت المصادر إلى أن الجانب السوري المعارض اقترح قيام منطقة عازلة تمتد 180 كيلومترا وبعمق 50 كيلومترا، إلا أن الجانب التركي أوضح أن هذه الأرقام قد لا تكون مناسبة، مشيرا إلى أن العمق قد يتراوح بين 40 و60 كيلومترا وفقا للحاجة. وأوضحت أن الجانب التركي طلب من الحكومة المؤقتة الانتقال إلى الداخل السوري في أقرب وقت ممكن، ودعاها إلى اقتراح مقر للحكومة للعمل فيه داخل الأراضي السورية، متعهدا بتأمين الحماية والإجراءات اللوجيستية اللازمة.
وأكد رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمه التوصل إلى توافق مع الأتراك حول حدود المنطقة الآمنة، لافتا إلى أنها ستكون بطول 98 كلم وعمق 45 كلم أي بمساحة تقريبية نحو 4500 كلم تمتد من غرب نهر الفرات وبالتحديد من جرابلس شرقا باتجاه أعزاز. وأوضح طعمه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة المؤقتة اقترحت على الأتراك إنشاء منطقتين أخريين في سد تشرين قرب نهر الفرات وفي الشيخ نجار، إلا أنها لم تتلق جوابا نهائيا حول هذا الطرح، لافتا إلى أن مقر الحكومة في المنطقة الآمنة وبالتالي مركز العاصمة لهذه المنطقة لم يتحدد بعد، وقال: «طُلب منا أن نجهز ملفاتنا خلال الأشهر الـ3 الماضية، وعلى الرغم من أنّه قد لا يكون من الدقة تحديد موعد إنشاء هذه المنطقة إلا أننا نتوقع أن تظهر ملامحها خلال 3 أشهر أو أكثر بقليل».
وأكد طعمه وجود اتفاق أميركي – تركي بإزاحة كل المنظمات المتطرفة من المنطقة المنوي إنشاؤها وبالتحديد «داعش» وجبهة النصرة والـ«PYD»، لافتا إلى أن الخلاف قد يكون حول تسمية هذه المنطقة التي قد لا تكون آمنة 100 في المائة ولكنها لا شك ستكون أقل خطورة من غيرها من المناطق. وأضاف: «لا شك أنّه لن يُسمح للنظام بأن يستبيحها ذهابا وإيابا كما يفعل حاليا إلا أن المخاطر لا شك تبقى موجودة».
وشدّد طعمه على أن الاتفاق مع الأتراك يقضي بإنشاء تركيا المنطقة الآمنة على أن تتولى المعارضة إدارتها، فتتولى الحكومة المؤقتة الإدارة في مرحلة أولى على أن يستلم الائتلاف بعد ذلك المهمة. وعن إمكانية استخدام العملة التركية في هذه المنطقة، قال طعمه: «ما طرحه مجلس حلب لا يزال يُبحث بإطار لجان من الاقتصاديين، ونحن لن نتخذ قرارا مستعجلا في هذا الشأن يكون له ارتدادات سلبية على المواطن السوري وعلى مستقبل الليرة السورية، كما أننا نبحث مع الأتراك ما إذا كانت خطوة مماثلة ستضرهم أو تنفعهم باعتبار أن تركيا بلد مصدّر وارتفاع سعر صرف الليرة قد لا يناسبها كثيرا».
إلى ذلك، قالت مصادر في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن «اجتماعا عقد مطلع الأسبوع بين مسؤولين في الحكومة السورية المؤقتة ووزير التجارة التركي تحضيرا لهذه المنطقة، خلص إلى اعتماد الحكومة المؤقتة المخاطب السوري السياسي والقانوني الوحيد فيما يتعلق بالصادرات من سوريا إلى تركيا وبالعكس». وأشارت المصادر إلى أن البحث مع الجانب التركي تطرق إلى ضرورة قيام منطقة تجارة حرة في المنطقة الآمنة من أجل تشجيع حركة التجارة فيها. وفي المقابل اقترح الجانب السوري أن تكون المنطقة الصناعية في حلب من ضمن المنطقة الآمنة، علما أن هذه المنطقة لا تزال تحت سيطرة النظام الذي سيطر عليها العام الماضي.



إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
TT

إلحاق مهاجرين أفارقة بمعسكرات تجنيد حوثية

المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)
المهاجرون يتعرّضون للانتهاكات في مناطق سيطرة الحوثيين (الأمم المتحدة)

ألحقت جماعة الحوثيين مئات المهاجرين الأفارقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء بمعسكراتها التي تقيمها للتعبئة العسكرية، ضمن حملات تجنيد تستهدف جميع الفئات؛ استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

ودفعت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة بأكثر من 220 مهاجراً أفريقياً، بينهم أطفال وكبار سن للالتحاق بدورات عسكرية سرية أُقيمت في مناطق عدة في صنعاء وريفها تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، حسب ما ذكرته مصادر يمنية مطلعة لـ«الشرق الأوسط».

أفارقة استقطبهم الحوثيون في صنعاء (إعلام محلي)

ويسعى الحوثيون إلى تدعيم صفوفهم بمقاتلين جُدد، عبر تنفيذ عمليات ملاحَقة وخطف واستقطاب وغسل أدمغة وإجبار على الالتحاق بدورات طائفية وعسكرية.

ووفقاً للمصادر، فإن مئات المهاجرين الأفارقة المستهدفين بعملية التجنيد الأخيرة هُم ممن جرى القبض عليهم قبل فترة، ونقلهم على دفعات من محافظة صعدة المعقل الرئيسي للجماعة إلى معسكرات تدريب تعبوية وعسكرية أُنشئت بعيداً عن متابعة المنظمات الدولية ورقابتها.

واتهمت المصادر جماعة الحوثي بالقيام بمساومة أعداد من المهاجرين بين الالتحاق بصفوفها للقتال أو ترحيلهم قسراً إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية. وذكرت أن ذلك الاستهداف يُعد ترجمة لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة الحوثية، تحضّ على إنشاء معسكرات تعبئة المهاجرين.

وجاءت هذه الممارسات متوازية مع إقرار الجماعة بشنّ حملات تعقب ومطاردة للمهاجرين الأفارقة في محافظة صعدة أسفرت خلال شهر واحد عن اعتقال 1694 شخصاً من مناطق عدة بالمحافظة، واقتيادهم إلى مراكز احتجاز، بعضها يتبع ما تُسمّى «مصلحة الهجرة»، وفق ما بثّه مركز الإعلام الأمني الحوثي.

مهاجرون أفارقة في إحدى المناطق اليمنية (إكس)

كما أقرت الجماعة الحوثية، عبر تقارير أخرى صادرة عن أجهزتها الأمنية في صنعاء، بتنفيذها، منذ مطلع العام الحالي، حملات تعقب وملاحَقة وخطف، أسفرت عن اعتقال ما يزيد على 3480 مهاجراً في صعدة ونقلهم إلى صنعاء.

انتهاك مستمر

يأتي الاستهداف الحوثي للمهاجرين الأفارقة مع استمرار تعرّض المئات منهم لشتى صنوف الانتهاك والابتزاز، وفق ما ذكرته مصادر حقوقية وتقارير دولية.

وتبرّر الجماعة الحوثية عملياتها الاستهدافية المستمرة ضد اللاجئين بسبب ما تزعمه من «خطورتهم على المجتمع»؛ حيث ترحّلهم من معقلها الرئيسي في صعدة، ومن مدن أخرى، وتجميعهم في مراكز تابعة لها في صنعاء، ثم إلحاقهم بمعسكرات تجنيد واستخدامهم في مهام تجسسية وتهريب ممنوعات.

وسبق أن اتّهم ناشطون يمنيون الجماعة الحوثية باستحداث معسكرين تدريبيين جديدين؛ أحدهما بمحافظة صعدة، وآخر قرب مزارع «الجر» غرب مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة؛ حيث تستقطب الجماعة إليهما مئات المهاجرين الأفارقة الواصلين تباعاً إلى الأراضي اليمنية؛ بهدف إلحاقهم بجبهات القتال، واستخدامهم بمهام استخباراتية وتنفيذ مخططات استهدافية.

المهاجرون الأفارقة يتدفقون إلى الأراضي اليمنية عبر شبكات التهريب (الأمم المتحدة)

وكانت الحكومية اليمنية ندّدت غير مرة باستمرار الجماعة الحوثية في تجنيد اللاجئين الأفارقة للقتال في صفوفها، وعدّت ذلك جريمة حرب وانتهاكاً للقوانين الدولية والمواثيق الإنسانية.

وفي تقرير سابق لها، اتّهمت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات الحوثيين بإخفائهم قسرياً نحو 2406 يمنيين من مختلف الفئات والأعمار، مضافاً إليهم 382 لاجئاً أفريقياً في 17 محافظة، في الفترة من 1 يناير (كانون الثاني) 2017 حتى منتصف العام الماضي.