التعليم بالسودان... مصير مجهول في ظل الحرب

بعد مقتل 3 تلاميذ بقذيفة في منزلهم

أطفال في أحد أحياء الخرطوم بعد تعطل الدراسة بسبب القتال (إ.ب.أ)
أطفال في أحد أحياء الخرطوم بعد تعطل الدراسة بسبب القتال (إ.ب.أ)
TT

التعليم بالسودان... مصير مجهول في ظل الحرب

أطفال في أحد أحياء الخرطوم بعد تعطل الدراسة بسبب القتال (إ.ب.أ)
أطفال في أحد أحياء الخرطوم بعد تعطل الدراسة بسبب القتال (إ.ب.أ)

تأثرت بعض المدارس والجامعات مباشرة نتيجة للقصف بالأسلحة الثقيلة، ولقي يوم الثلاثاء 3 تلاميذ مصرعهم نتيجة سقوط قذيفة بالقرب من منزلهم بمنطقة شرق النيل. عثمان عبد المنعم البالغ من العمر 17 عاماً، من المقرر أن يجلس لامتحانات الشهادة الثانوية في العاشر من يونيو (حزيران) المقبل، بحسب ما أعلنت وزارة التربية والتعليم بالسودان، إلّا أنه وضع كراساته وكتبه جانباً، وأصبح يتابع باهتمام الحرب، التي اشتعلت قبل خمسة أيام بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بالخرطوم.
أصابه القلق والخوف من صوت الأسلحة الثقيلة والرصاص، الذي اخترق أسقف وجدران المنازل وأدى إلى مقتل عدد من أقرانه، عثمان يدعو الله أن تنتهي الحرب، ويقول إن هذا الوضع لا يُبشر بأن التقويم الدراسي سيمضي كما هو مخطط له.
حال عثمان لا يختلف عن حال أكثر من 500 ألف طالب وطالبة سيجلسون لامتحانات الشهادة السودانية هذا العام، هجروا كراساتهم بعد أن شاهدوا عبر شاشة التلفاز والوسائط المختلفة، الحرائق والجثث الملقاة على الأرض، وهم يخشون من المصير ذاته، هكذا قال الناطق باسم لجنة المعلمين سامي الباقر لـ«الشرق الأوسط». وأضاف: «سيتأثر العام الدراسي إذا استمرت الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع لفترة ما بعد عيد الفطر، سيتأثر العام الدراسي لأنه الموعد المقرر لجلوس بعض الفصول الدراسية للامتحانات النهائية»، مشيراً إلى أن العام الدراسي من المقرر أن يكون 180 يوماً، لكنه بدأ متأخراً 50 يوماً، بعد أن تعطل 30 يوماً بسبب إضراب المعلمين.
ولفت إلى جهود من أجل تعويض 80 يوماً تمت خسارتها، بزيادة ساعات الدراسة خلال اليوم، وأن يكون يوم السبت يوماً دراسياً وليس عطلة، فضلاً عن تمديد العام الدراسي لـ15 يوماً إضافية، وقال: «إذا استمرت الحرب بين الطرفين تصبح المعالجة مستحيلة، بالتالي يصبح العام الدراسي غير معتمد دولياً».
لكن مدير التعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم عبد الكريم حسن قال لـ«الشرق الأوسط» إن العام الدراسي لن يتأثر بالحرب بين طرفي النزاع، لأن التقويم تم تعديله، لتكون امتحانات الشهادة الثانوية في العاشر من يونيو المقبل. إلا أنه لم يحدد رقماً دقيقاً بأعداد الطلاب الذين سيجلسون للامتحانات، لأن الوزارة لم تنتهِ من حصرهم. وتابع: «العام الماضي جلس نحو 500 ألف طالب وطالبة، وعادة يكون عدد الجالسين أكثر من العام الذي يسبقه»، منوهاً بأن طلاب الصف الأول والثاني الثانوي، سيجلسون للامتحانات النهائية في 13 مايو (أيار) المقبل، مشيراً إلى صعوبة حصر المدارس، التي تأثرت بالحرب في هذا التوقيت.
مدير الإدارة العامة للتعليم لمرحلة الأساس بولاية الخرطوم محمد حامدون البشير، قال لـ«الشرق الأوسط» إن التقويم الدراسي انتهى، وتبقى امتحان التعليم الأساسي الذي يشمل مرحلتي الابتدائي والمتوسط، ومن المقرر أن تبدأ في الخامس من الشهر المقبل، وامتحانات الشهادة الابتدائية في 22 من الشهر نفسه. وأضاف البشير: «قبل اندلاع الحرب بين الأطراف المتصارعة، كانت إدارة قسم القياس والتقويم التربوي بالوزارة، تقوم بالإجراءات النهائية لإدخال بيانات التلاميذ الممتحنين للشهادة الابتدائية، لكن توقفت بسبب الأحداث الجارية».
وتشير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) إلى حاجة أكثر من 7 ملايين طفل للتعليم بشكل منتظم، فضلاً عن حاجة أكثر من 8 ملايين طفل إلى مساعدات إنسانية. الخبير التربوي أحمد مصطفي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الرؤية ليست واضحة حتى الآن حول مصير العام الدراسي، لكن إذا استمرت الحرب بين الجيش والدعم السريع، فهي حتماً ستؤثر على العام الدراسي وكل الشعب السوداني، ودعا طرفي النزاع إلى الجلوس للحوار.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
TT

تخفيف سجن معارضة تونسية بعد تردي صحتها

عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)
عبير موسي رئيسة «الحزب الدستوري الحر» المعتقلة في السجن (الشرق الأوسط)

قضت محكمة تونسية، مساء أمس (الجمعة)، بتخفيف حكم قضائي استئنافي في حق المعارضة عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، من السجن سنتين إلى سنة و4 أشهر في قضية تتعلق بانتقادها لهيئة الانتخابات، بحسب ما أكد محاميها نافع العريبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ومطلع أغسطس (آب) الماضي، أصدرت محكمة ابتدائية حكماً بالسجن لمدّة عامين بحقّ موسي لانتقادها أداء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مطلع عام 2023.

وأصدرت المحكمة حُكمها بموجب «المرسوم 54»، الذي أصدره الرئيس قيس سعيّد عام 2022 لمكافحة «الأخبار الكاذبة»، والذي يواجه انتقادات شديدة من المعارضة ونقابة الصحافيين. وأوقفت موسي، النائبة السابقة البالغة 49 عاماً، في 3 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 أمام القصر الرئاسي في قرطاج. وأعلنت بعد ذلك ترشحها للانتخابات الرئاسية، لكن هيئة الانتخابات رفضت ملفها لعدم استكمال الوثائق وجمع تواقيع التزكيات اللازمة. وتواجه موسي تهماً خطيرة في قضايا أخرى، من بينها «الاعتداء المقصود منه تبديل هيئة الدولة».

وجاء هذا القرار، بعد أن قال علي البجاوي، المحامي ورئيس هيئة الدفاع عن رئيسة «الحزب الدستوري الحر»، لـ«وكالة الأنباء الألمانية»، إن وضعها الصحي في السجن «متدهور ولا يبشر بخير»، وذلك بعد أن قام بزيارتها في السجن الخميس، مشيراً إلى أنها «تعاني من ضعف وحالة إنهاك شديد».

مظاهرة نظمها مؤيدون لعبير موسي ضد المرسوم 54 الذي أصدره الرئيس سعيد (أ.ف.ب)

وتابع البجاوي موضحاً: «وزنها يتراجع بسبب النقص في التغذية، كما تعاني من أوجاع في الكتف والرقبة»، مبرزاً أن رئيسة «الحزب الدستوري الحر» أجرت تحاليل وخضعت لكشوفات طبية لم يتم الاطلاع على نتائجها بعد. وتواجه موسي، وهي من بين المعارضين الرئيسيين للرئيس الحالي قيس سعيد، تهمة «الاعتداء القصد منه تبديل هيئة الدولة»، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.

وتعود هذه التهمة إلى قضية «مكتب الضبط» للقصر الرئاسي، حين توجهت موسى إليه لإيداع تظلم ضد مراسيم أصدرها الرئيس قيس سعيد، وأصرت على إيداعه لدى المكتب، قبل أن يتم إيقافها من قبل الأمن وإيداعها لاحقاً السجن.

وعلى أثر ذلك، تقدمت هيئة الدفاع بطعن ضد قرار قضاة التحقيق. وقال المحامي البجاوي إنه «لا توجد جريمة، ورئيسة الحزب قدمت تظلمها وفق الإجراءات القانونية». وعلاوة على ذلك، تلاحق موسي أيضاً في قضايا أخرى، من بينها قضية قامت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتحريكها ضدها بتهمة نشر «معلومات مضللة» عن الانتخابات التشريعية لعام 2022، بعد إطاحة الرئيس سعيد بالنظام السياسي السابق في 2021، وصدر حكم ضدها بالسجن لسنتين في هذه القضية، لكن هيئة الدفاع تقدمت بطعن ضده.

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

وخلف القضبان تقبع شخصيات معارضة أخرى، مثل زعيم حركة النهضة راشد الغنوشي، وعصام الشابي وغازي الشواشي، المتهمين بالتآمر على أمن الدولة، واللذين سبقا أن أعلنا نيتهما الترشح للرئاسة قبل أن يتراجعا عن ذلك. وتنتقد المعارضة ومدافعون عن حقوق الإنسان ومنظمات دولية وتونسية الرئيس التونسي، الذي فاز بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر الماضي بأكثر من 90 في المائة من الأصوات، وتتهمه بـ«التضييق على الحريات».