الغردقة... مدينة الصفاء والمرح

ثاني أفضل الوجهات السياحية في الشرق الأوسط عام 2023

شواطئ تنطق (الرحالة محمود الشامي)
شواطئ تنطق (الرحالة محمود الشامي)
TT

الغردقة... مدينة الصفاء والمرح

شواطئ تنطق (الرحالة محمود الشامي)
شواطئ تنطق (الرحالة محمود الشامي)

بعض الأماكن، بطبيعتها وعلى بساطتها، تنبض بالسحر والجمال، وتدعوك للحب والحياة. وهكذا ستجد مدينة الغردقة المصرية على شاطئ البحر الأحمر، ففي كل شبر بها ستستمتع بمناظرها الخلابة، وشواطئها، ومنتجعاتها، وجزرها، فضلاً عن اشتهارها بتعدد الأنشطة الترفيهية والرياضية، فهي واحدة من أكثر مقاصد السفر لمحبّي الطبيعة ارتياداً، حيث تشتهر بالطبيعة الأخاذة، التي تسافر بك إلى عالم آخر من الراحة والصفاء؛ الأمر الذي جعلها تستحق أن تحتل المرتبة الثانية بقائمة أفضل الوجهات السياحية في الشرق الأوسط لعام 2023، وفق ما أعلنه موقع «تريب أدفايزر» للسفر.

لامبارد في حيرة (رويترز)

ورغم أن الغردقة، التي تشغل مساحة تبلغ نحو 40 كيلومتراً على طول ساحل البحر الأحمر، هي واحدة من أكثر المدن التي يقصدها المتزوجون حديثاً لقضاء شهر العسل؛ نظراً لوفرة الأماكن الطبيعية الممزوجة بالألوان النابضة بالحياة التي تأسر القلوب، فإنها ترحب كذلك بالسياحة الشبابية والسياحة العائلية المميزة؛ لذلك فهي الوجهة المثالية لمختلف الأعمار والفئات.
فإذا كنت من هواة الاستمتاع بالشاطئ، أو حتى السباحة في الشتاء، كما الصيف، فإن وجهتك المناسبة هي الغردقة، وفق الرحّالة محمود الشامي، الذي قال، لـ«الشرق الأوسط»: «تتمتع الغردقة بطقس ملائم لتحقيق ذلك، وللاستلقاء والاستجمام والاستمتاع بأشعة الشمس الدافئة، كما يمكنك الغطس والغوص، طوال أيام السنة، وسط الشعاب المرجانية في المياه الصافية». فهناك شواطئ عدة رائعة؛ منها شاطئان رئيسيان في الجونة هما «زيتونة بيتش»، و«مانجروف بيتش»، كما يمكنك زيارة شواطئ أخرى رائعة مثل «وايت بيتش» الذي يوفر لك أجواء الراحة والاستجمام، مع وجود خدمات كثيرة مثل المطاعم والرياضات البحرية.
وإذا كنت تبحث عن شاطئ استثنائي، تستمتع فيه بالسلام النفسي والرفاهية، بعيداً عن ضوضاء الحياة، فستجد ضالّتك في «أورانج بيتش»، الواقع داخل جزيرة «أورانج باي» الشهيرة، وفيه ستنبهر بصفاء مياهه المذهلة، وجمال رماله الذهبية، ولن تستطيع مقاومة الجلوس أو الاستلقاء لعمل حمام شمسي، والاستجمام بالمناظر الطبيعية الخلابة. ورغم هدوئه، فهو لا يمنعك من الاستمتاع ببعض الرياضات المائية، لكن، بالنسبة للباحثين عن مساحة أكبر من المرح والانطلاق والمغامرة، فإن أكثر ما يناسبك هو شاطئ «أولد فيك».
أنصحك بأن تأخذ قارباً أو تنضمّ لإحدى رحلات اليخوت التي ينظمها المتخصصون في الغردقة، ولا تنس التقاط صور جميلة؛ مِن شأنها أن تترك ذكريات ممتعة لن تنساها، وفي هذه الرحلات ستشاهد، عن قرب، الطبيعة الخلابة، وتستطيع التهام وجبة الغذاء أو العشاء على سطحه، وغالباً ما تتكون من الأسماك وأطباق الـ(سي فود)، لكن تتوافر أيضاً أطباق أخرى من اللحوم، وكذلك للنباتيين مختلف مطابخ العالم، وتتيح لك أيضاً هذه الرحلات القفز من اليخت للغطس مع مدربين، حتى لو لم تكن تجيد الغوص سيساعدونك على التمتع بالثقة والجرأة لتفعل ذلك معهم.

رحلات سفاري (جايد ترافيل {فيسبوك})

وأودّ أن ألفت نظرك إلى أنه لا يشترط كي تستمتع بمشاهدة الشعاب المرجانية والأسماك النادرة في الغردقة، أن ترتدي بدلة الغوص وتنزل تحت المياه، كما أنك لست مضطراً لأن تبلل قدميك؛ لأنك تستطيع الإبحار على متن مركب زجاجي الـ«جلاس بوت»، أو غواصة، في تجربة تناسب كل الأعمار حتى الأطفال، وهي رحلة تستغرق نحو ساعتين، وهي تتحرك من المارينا حتى تصل إلى المكان المخصص لرؤية الشعاب المرجانية والأسماك، وحينئذ ينزل الركاب إلى الجزء الأسفل من الغواصة، ويجلسون على مقاعد متراصّة أمام نوافذ زجاجية، من خلالها يشاهدون مختلف الكائنات البحرية؛ من شعب مرجانية، وأسماك، ويبلغ سعرها نحو 400 جنيه (الدولار يعادل نحو 30 جنيهاً مصرياً).
لا تسافر إلى الغردقة دون أن تزور إحدى الجزر التي تشتهر بها، وإلا فسيفوتك الكثير، ومنها جزر أبو منقار، ومجاويش شدوان، ورغم أنني أرشح لك التوجه إلى أي جزيرة من هذه الجزر؛ لأنها جميعاً تتمتع بمميزات سياحية متعددة وجمال أخاذ، فإن هناك جزيرة هي الأكثر روعة وجذباً للسياح دوماً؛ وهي «الجفتون»، والمعروفة أيضاً باسم «جزيرة النورس»، حيث تحتضن هذه الجزيرة أكثر من نصف أنواع طيور النورس بالعالم، وتحتوي كذلك على أنواع كثيرة من الطيور والحيوانات البرية النادرة، من هنا تجذب عشاق السياحة البيئية، لكن حتى لو لم تكن ممن يستهويهم هذا النوع من السياحة، فحتماً ستقع في هواها؛ لما تتميز به من شاطئ فريد يتمتع بالشعاب المرجانية النادرة بألوانها، وأسماكها ذات الفصائل التي يصعب العثور على مثيل لها في أي مكان آخر، هل بعد ذلك كله تتساءل لماذا أنصحك بها، على وجه الخصوص، رغم جمال الجزر الأخرى؟ حسناً، إليك السبب الأهم؛ وهي أنها تتميز بأنها الجزيرة الوحيدة التي يُسمح بنزول الزائرين عليها، والتمتع بشواطئها المشهورة مثل شاطئ «محمية».

جولات ونشاطات مختلفة (محمود الشامي)

إلى هذا يمكنك الإقامة في عدد من الفنادق والمنتجعات، التي تتمتع بدرجات متفاوتة من الرفاهية والمميزات، بحسب ميزانيتك، ومن أشهرها فندق «ريكسوس»، و«شتايجنبرجر الداو بيتش»، و«بريميير لو ريف»، و«هيلتون»، و«ماريوت»، فضلاً عن منتجعات «سوما باي»، و«مكادي باي»، و«سهل حشيش»، ومنها ستتوجه إلى أمكنة أخرى، بخلاف الشواطئ حيث لا تقتصر متعتك في الغردقة على المياه وحدها.
ففي انتظارك نشاطات أخرى؛ مثل زيارة الحدائق المائية، وأحواض السمك، والدلافين البحرية، والميناء البحري القديم، والكنيسة القبطية، والمساجد الإسلامية، وإذا كنت قد قررت الإقامة في شاليه أو فيلا بالمدينة، وستطهو طعامك بنفسك، فسيروقك تماماً الجولات في أسواق الفاكهة والأسماك هناك، وعندما تتعب توجَّه إلى أحد مراكز الـ«سبا» التي تتميز بإمكانياتها الحديثة أيضاً.
من النشاطات المفضلة هناك، ركوب الخيل، وما عليك سوى أن تختار ممارسة هذه الرياضة في أجواء رومانسية على شاطئ البحر، أو أجواء ساحرة وسط الصحراء التي تتيح لك أجواء أخرى من المغامرة والانطلاق، حيث ركوب الدراجات الرباعية، أو الجِمال؛ في استعادة لروح الشرق.
يمكنك الانتقال من القاهرة إلى الغردقة في مدة زمنية تتراوح بين 5 إلى 6 ساعات، أو بسيارتك الخاصة، أما إذا أردت ألا تستغرق رحلتك إليها وقتاً طويلاً، فتستطيع ركوب طائرة إلى مطار الغردقة، وفي هذه الحالة سيستغرق الأمر نحو ساعة؛ حيث تبلغ المسافة بينهما 452 كم.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».