الخرطوم: احتدام معركتي «القيادة العامة» والقصر الرئاسي

قبل ساعات من «هدنة إنسانية هشة»... وآلاف المدنيين محاصرون في العاصمة

سكان الخرطوم يحاولون الفرار منها تحت القصف أمس (أ.ف.ب)
سكان الخرطوم يحاولون الفرار منها تحت القصف أمس (أ.ف.ب)
TT

الخرطوم: احتدام معركتي «القيادة العامة» والقصر الرئاسي

سكان الخرطوم يحاولون الفرار منها تحت القصف أمس (أ.ف.ب)
سكان الخرطوم يحاولون الفرار منها تحت القصف أمس (أ.ف.ب)

اشتدت حدة المعارك في السودان، لليوم الرابع على التوالي أمس، بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، إذ استخدم الجيش سلاح الطيران في قصف مكثف على مقر القيادة العامة للجيش حيث سيطرت على أجزاء منه قوات «الدعم السريع». واشتدت المعركة في محيط القيادة العامة، قبل ساعات من بدء هدنة لمدة 24 ساعة، وافق عليها الطرفان بوساطة من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الذي اتصل بقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان، وقائد «الدعم السريع» الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي».
وأعلن بلينكن أنه حضّ كلاً من البرهان وحميدتي، في اتصالين هاتفيين، على «الموافقة على وقف لإطلاق النار مدته 24 ساعة للسماح للسودانيين بلمّ شملهم بأمان مع عائلاتهم والحصول على إمدادات الإغاثة التي تمس الحاجة إليها». كما اتصل بلينكن أيضاً بكل من وزيري الخارجية؛ السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد، لهذه الغاية. وأعلن الطرفان المتحاربان في السودان موافقتهما على هدنة لمدة 24 ساعة، جاءت بعد التدخل الأميركي واتصالات لدول في الإقليم لتخفيف الضغط على المدنيين المحاصرين وسط القتال الدائر منذ أيام.
- قصف جوي
في غضون ذلك، قصف الطيران الحربي للجيش مواقع حول القيادة العامة للجيش والقصر الرئاسي وسط العاصمة الخرطوم، بزعم سيطرة قوات «الدعم السريع» عليها، التي بدورها تصدت بالمضادات والقذائف المحمولة للطائرات أثناء عبورها الأجواء فوق تلك المواقع الاستراتيجية. وتواصلت العمليات الحربية العنيفة لليوم الرابع على التوالي؛ حيث وسّع الجيش السوداني من عملياته الجوية في المناطق التي تنتشر فيها قوات «الدعم السريع» بالخرطوم ومدن البلاد الأخرى.

ومنذ الصباح الباكر، تحلق طائرات الجيش السوداني فوق مناطق متفرقة من مدن العاصمة السودانية المثلثة: الخرطوم، وأم درمان، وبحري. وسمع دوي الضربات الجوية المتواصل بقوة في الأحياء المتاخمة لمقر القيادة العامة للجيش في وسط الخرطوم، الذي أعلن في وقت سابق عن اعتزامه توجيه ضربات عسكرية محددة حول المقر، تستهدف قوات الدعم السريع.
وقالت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات الجيش نفذت ضربات على معسكرات ومواقع تابعة لقوات «الدعم السريع» في مدينة أم درمان، ونشر نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات وصوراً لحرائق وألسنة اللهب تتطاير في تلك المواقع.
- معركة القصر الرئاسي
وفي موازاة ذلك، احتدمت الاشتباكات أيضاً بين الجيش و«الدعم السريع» في محيط القصر الجمهوري الرئاسي بالخرطوم، بالإضافة إلى استهدافه بالطيران. ونشرت الصفحة الرسمية لـ«الدعم السريع» على منصة «فيسبوك» مقاطع مصورة لقواته داخل القصر الجمهوري والقيادة العامة للجيش.
وبحسب بيانات الجيش السوداني، فإنه يسعى إلى خوض معارك كبيرة خلال الساعات المقبلة في مواجهة قوات «الدعم السريع» التي تتحدث عن إحكام سيطرتها على مواقع عسكرية استراتيجية للجيش بالخرطوم، الذي بدوره يؤكد سيطرته على معظم المقار العسكرية، بما في ذلك القيادة والقصر الرئاسي. ومن المقرر أن تبدأ الهدنة الإنسانية مساء أمس، لمدة 24 ساعة، لكي تسمح للمواطنين بالتحرك وقضاء حاجاتهم، وسط شكوك بين المدنيين بالتزام الطرفين بالهدنة. وأعلنت الأمم المتحدة أمس بحسب بعثتها في السودان «يونتامس» مقتل 185 وإصابة أكثر من 1000 شخص وسط المدنيين، منذ اندلاع الاشتباكات يوم السبت الماضي، فيما تتحدث منظمات وهيئات طبية محلية عن سقوط أعداد أكثر. وأثناء ذلك، أعلن قائد الدعم السريع «حميدتي» الموافقة على هدنة لمدة 24 ساعة، كما أعلن عضو مجلس السيادة، الفريق شمس الدين كباشي، قبول الجيش بالهدنة. إلا أن المتحدث الرسمي نفى علم الجيش بأي تنسيق مع الوسطاء والمجتمع الدولي حول هدنة، مشيراً إلى أن إعلان «التمرد» للهدنة بهدف التغطية على الهزيمة الساحقة التي سيتلقاها خلال ساعات.
- حشد القوات
وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش، نبيل عبد الله، في بيان نشر على الصفحة الرسمية، في منصة «فيسبوك»: «نستغرب من حديث العدو عن هدنة، في ظل معلوماتنا المؤكدة لحشد قوة كبيرة في مدينة مروي بغرض تأمين هبوط طائرة مساعدات عسكرية من جهات إقليمية». وأضاف أن العدو يستنفر قواته من مدن دارفور (نيالا، الفاشر، الجنينة، الطينة) للحضور إلى العاصمة الخرطوم. وقال عبد الله، وفقاً للبيان: «دخلنا مرحلة حاسمة، وجهودنا منصبة نحو تحقيق غاياتها على المستوى العملياتي».

أعمدة الدخان تغطي سماء العاصمة أمس (رويترز)

وقالت قوات «الدعم السريع»، في بيان، أمس، إنه بناء على الاتصال المباشر بين قائدها «حميدتي» مع وزير الخارجية الأميركي، وجهود الدول الشقيقة والصديقة، وافقنا على وقف مؤقت لإطلاق النار وفتح مسارات آمنة لعبور المدنيين وإخلاء الجرحى لمدة 24 ساعة. وأكد قادة «الدعم السريع» التزام القوات بالتوجيهات الصادرة بشأن الهدنة المؤقتة، اعتباراً من فجر اليوم.
واتهمت قوات «الدعم السريع»، في بيان، الجيش بعدم الالتزام بالهدنة، وأن طائراته توجه ضربات داخل المناطق المأهولة بالسكان، واعتبرت ذلك تجاوزاً سافراً لأسس ومبادئ القانون الدولي والإنساني. وأشارت إلى أن الطيران الحربي التابع للجيش وجّه ضربة عسكرية استهدف بها مركزاً طبياً لقوات «الدعم السريع» في ضاحية شمبات السكنية بمدينة بحري، إحدى المدن الثلاث للعاصمة الخرطوم. وأوضحت أن الضربة الجوية استهدفت المركز، وبداخله أسرى من الجيش السوداني، وعدد من المصابين من العسكريين والمدنيين الذين يتلقون المساعدات الطبية والإنسانية.
- بعثة الأمم المتحدة
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة بالسودان، فولكر بيرتس، كشف في مؤتمر صحافي عقب إحاطته لمجلس الأمن الدولي، أمس، عن أن الطرفين؛ الجيش و«الدعم السريع» لم يلتزما بهدنة لفتح مسارات آمنة للمدنيين لمدة ساعات يومياً من الساعة 4 عصراً إلى 7 مساء للحالات الإنسانية. وأعلن الجيش السوداني عن توسيع نطاق عملياته بعد أن نجحت قوات المرحلة الأولى في امتصاص الصدمة وتأمين الموقف، وأن الظروف مهيأة للانتقال للمرحلة التالية بقوات جديدة.
وبالتزامن مع العمليات العسكرية الميدانية، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بيان مناشدة للمجتمع الدولي، ممثلاً في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجميع المنظمات الإقليمية، بإدانة «تمرد قوات الدعم السريع على القوات المسلحة، بوصفها المؤسسة الرسمية الشرعية المسؤولة عن الاستقرار في السودان». وقالت، في بيان: «ندعو الأمم المتحدة لإدانة القوات المتمردة لانتشارها واستمرارها في القتال في المدن والمناطق السكنية. الأمر الذي يعرض المدنيين بما فيهم النساء والأطفال للخطر». وكان قائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان أصدر قراراً بالعفو عن كل من يضع السلاح من ضباط وجنود «ميليشيا الدعم السريع، واستيعابهم في القوات المسلحة اعتباراً من تاريخ التبليغ».
- تحالف «الحرية والتغيير»
من جانبها، قالت قوى الحرية والتغيير في السودان، في بيان لها، أمس (الثلاثاء)، إنها على تواصل مع القوات المسلحة وقوات الدعم السريع حول أحكام الهدنة الإنسانية. ودعا بيان قوى الحرية والتغيير إلى «عدم التهاون مع الانتهاكات التي تحدث ومحاسبة مقترفيها». كما شددت «الحرية والتغيير» على ضرورة تكاتف كل القوى المحلية والدولية لمعالجة «الكارثة الإنسانية» التي نتجت عن اندلاع المعارك في السودان، وأكدت على ضرورة «التزام القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بتيسير الوصول للمستشفيات والمرافق الرئيسية وتوفير المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية». كما دعا البيان إلى ضرورة عزل خطابات من وصفهم «فلول النظام البائد»، التي قال إنها تنشر «خطابات تأجيج الحرب وإشعالها رغبة في العودة للسلطة».
ويقضي سكان الخرطوم، الذين يعيشون حالة ذعر، آخر أيام رمضان، وهم يشاهدون من نوافذهم الدبّابات تجوب الشوارع، بينما تهتزّ المباني ويتصاعد الدخان نتيجة الحرائق التي تسبّبت بها المعارك. ويجد الأشخاص المضطرون لمغادرة منازلهم أنفسهم وسط طوابير طويلة للحصول على الخبز والوقود في المتاجر والمحطات التي ما زالت تفتح أبوابها، في ظلّ انقطاع للكهرباء.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
TT

انفراجة في أزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر

امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)
امتحانات لطلاب سودانيين بمصر (السفارة السودانية في القاهرة)

في انفراجة لأزمة المدارس السودانية الموقوفة بمصر، أعلنت السفارة السودانية بالقاهرة، إعادة فتح مدرسة «الصداقة»، التابعة لها، فيما ستقوم لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة لبعض المدارس الأخرى المغلقة، للتأكد من «توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي».

وفي يونيو (حزيران) الماضي، أغلقت السلطات المصرية المدارس السودانية العاملة في البلاد، لحين توفر اشتراطات قانونية لممارسة النشاط التعليمي، تشمل موافقات من وزارات التعليم والخارجية السودانية، والخارجية المصرية، وتوفير مقر يفي بجميع الجوانب التعليمية، وإرفاق بيانات خاصة بمالك المدرسة، وملفاً كاملاً عن المراحل التعليمية وعدد الطلاب المنتظر تسجيلهم.

وحسب تقديرات رسمية، تستضيف مصر نحو مليون و200 ألف سوداني، فروا من الحرب السودانية، إلى جانب ملايين آخرين يعيشون في المدن المصرية منذ عقود.

وقالت السفارة السودانية، في إفادة لها مساء الاثنين، إن السلطات المصرية وافقت على استئناف الدراسة في مدرسة «الصداقة» بالقاهرة، وإن «إدارة المدرسة، ستباشر أعمال التسجيل للعام الدراسي، الجديد ابتداء من الأحد الأول من ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وتتبع مدرسة «الصداقة» السفارة السودانية، وافتتحت عام 2016، لتدريس المناهج السودانية لأبناء الجالية المقيمين في مصر، بثلاث مراحل تعليمية (ابتدائي وإعدادي وثانوي).

وبموازاة ذلك، أعلنت السفارة السودانية، الثلاثاء، قيام لجنة من وزارة التعليم المصرية، بزيارة بعض المدارس السودانية المغلقة، لـ«مراجعة البيئة المدرسية، والتأكد من توافر اشتراطات ممارسة النشاط التعليمي»، وشددت في إفادة لها، على أصحاب المدارس «الالتزام بتقديم جميع المستندات الخاصة بممارسة النشاط التعليمي، وفق الضوابط المصرية».

وفي وقت رأى رئيس «جمعية الصحافيين السودانيين بمصر»، عادل الصول، أن إعادة فتح «الصداقة» «خطوة إيجابية»، غير أنه عدّها «غير كافية»، وقال إن «المدرسة التي تمثل حكومة السودان في مصر، تعداد من يدرس فيها يقارب 700 طالب، ومن ثمّ لن تستوعب الآلاف الآخرين من أبناء الجالية»، عادّاً أن «استئناف النشاط التعليمي بباقي المدارس ضروري، لاستيعاب جميع الطلاب».

وأوضح الصول، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «غالبية السودانيين الذين فروا من الحرب، اختاروا مصر، رغبة في استكمال تعليم أبنائهم»، مشيراً إلى أن «توقف الدراسة بتلك المدارس منذ أكثر من ثلاثة أشهر، سبب ارتباكاً لغالبية الجالية»، وأشار إلى أن «المدارس التي تقوم وزارة التعليم المصرية بمراجعة اشتراطات التدريس بها، لا يتجاوز عددها 40 مدرسة، وفي حالة الموافقة على إعادة فتحها، لن تكفي أيضاً كل أعداد الطلاب الموجودين في مصر».

وسبق أن أشار السفير السوداني بالقاهرة، عماد الدين عدوي، إلى أن «عدد الطلاب السودانيين الذين يدرسون في مصر، أكثر من 23 ألف طالب»، وقال نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «المستشار الثقافي بالسفارة، قام بزيارات ميدانية للعديد من المدارس السودانية المغلقة، للتأكد من التزامها بمعايير وزارة التعليم المصرية، لممارسة النشاط التعليمي»، منوهاً إلى «اعتماد 37 مدرسة، قامت بتقنين أوضاعها القانونية، تمهيداً لرفع ملفاتها إلى السلطات المصرية، واستئناف الدراسة بها».

وبمنظور رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«جمعية الصداقة السودانية – المصرية»، محمد جبارة، فإن «عودة الدراسة لمدرسة الصداقة السودانية، انفراجة لأزمة المدارس السودانية»، وقال: «هناك ترحيب واسع من أبناء الجالية، بتلك الخطوة، على أمل لحاق أبنائهم بالعام الدراسي الحالي».

وأوضح جبارة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأمر يستوجب إعادة النظر في باقي المدارس المغلقة، لضمان لحاق جميع الطلاب بالعام الدراسي»، وشدد على «ضرورة التزام باقي المدارس السودانية، باشتراطات السلطات المصرية لممارسة النشاط التعليمي مرة أخرى».

وكان السفير السوداني بالقاهرة، قد ذكر في مؤتمر صحافي، السبت الماضي، أن «وزير التعليم السوداني، سيلتقي نظيره المصري، الأسبوع المقبل لمناقشة وضع المدارس السودانية».