اتصالات مصرية مكثفة سعياً لتهدئة في السودان

القاهرة تعلق رحلات الطيران إلى الخرطوم ومنها حتى إشعار آخر

السيسي في اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الرئاسة المصرية)
السيسي في اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الرئاسة المصرية)
TT

اتصالات مصرية مكثفة سعياً لتهدئة في السودان

السيسي في اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الرئاسة المصرية)
السيسي في اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة (الرئاسة المصرية)

تواصل مصر اتصالات «مكثفة» مع أطراف سودانية عدة، إضافة إلى تحركات على المستويين الإقليمي والدولي، تنفيذاً لـ«مبادرة الوساطة» التي أعلنتها مصر وجنوب السودان يوم الأحد سعياً لتهدئة في السودان بعد الاشتباكات الدامية، بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني.
وقالت مصادر مصرية مطلعة على الاتصالات التي تجريها مصر حالياً بشأن تطورات الأزمة في السودان، إن تلك الاتصالات تركز على محورين، الأول أمني ويتعلق بتأمين المصريين الموجودين في السودان، سواء من المدنيين أو بعض عناصر القوات المسلحة المصرية التي كانت تشارك في تدريبات مع القوات الجوية السودانية. وأشارت المصادر التي طلبت عدم نشر هويتها لـ«الشرق الأوسط» أن اتصالات على أعلى المستويات العسكرية جرت لـ«الاطمئنان على سلامة جميع الجنود والضباط المصريين، وتأمين عودتهم في أقرب فرصة ممكنة».
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال ترؤوسه اجتماعاً للمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية، مساء الاثنين، قد تطرق إلى وجود قوات مصرية في السودان. وأوضح أنها كانت «قوة رمزية للتدريب مع الأشقاء، وليس لدعم طرف على حساب طرف آخر». وأضاف أن الدولة المصرية على اتصال متواصل مع الجيش السوداني، وقوة الدعم السريع، بهدف التأكيد على أمن وسلامة العناصر المصرية في السودان، التي كانت موجودة ضمن بروتوكول للتدريب المشترك، و«ليس تأليب طرف على طرف، أو دعم طرف على حساب آخر».
وكشفت المصادر أن السلطات المصرية «لم تتخذ حتى الآن قراراً بشأن تنفيذ خطط إجلاء للعاملين المصريين في السودان”؛ إلا أنها لفتت إلى «رفع درجة الجاهزية في الأجهزة المعنية لتنفيذ أي خطط في هذا الشأن حال اتخاذ قرار في ظل التطورات المتلاحقة للأحداث». وأوضحت المصادر أن المسار الثاني الذي تتخذه الاتصالات المصرية هو المسار السياسي، بحثاً عن فرصة لتحقيق اختراق يؤدي إلى «استعادة تهدئة قابلة للاستقرار، ومن ثم إعادة إطلاق العملية السياسية»، إلا أن المصادر أشارت في هذا الصدد إلى أن الأوضاع الميدانية التي وصفتها بـ«الصعبة والمعقدة»، تمثل «تحدياً كبيراً يحظى بالأولوية».
وكانت مصر وجنوب السودان، قد عرضت الأحد الماضي، الوساطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ووفقاً لبيان للرئاسة المصرية فقد ناشدت جارتا السودان الأطراف السودانية «تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي”، وذلك خلال اتصال هاتفي بين الرئيس المصري، ونظيره في جنوب السودان، سلفا كير. من جانب آخر، أعلنت شركة مصر للطيران، أمس الثلاثاء، وقف رحلاتها من وإلى السودان حتى إشعار آخر، مبررة قرارها بـ«استمرار حالة عدم الاستقرار الأمني». وكانت الشركة قد أعلنت مع بداية الاشتباكات في السودان، وقف رحلاتها لمدة 72 ساعة لحين متابعة مستجدات الأوضاع في السودان.
واستبعد الدكتور أحمد يوسف أحمد، أستاذ العلوم السياسية، العميد السابق لمعهد البحوث العربية، نجاح أي جهود عربية أو دولية من دون التوصل أولاً إلى «هدنة قابلة للبقاء» بين الطرفين المتصارعين في السودان.
وأوضح أحمد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن مصر لديها اتصالات وصفها بـ«العميقة» مع «مؤسسات سودانية حساسة»، معرباً عن أمله أن تسفر تلك الاتصالات سواء المعلنة أو غير المعلنة عن التوصل إلى تهدئة.
وأشار العميد السابق لمعهد البحوث العربية، إلى صعوبة المشهد الراهن في السودان وعدم توافر البيئة المناسبة لإنجاح وساطات عربية أو دولية، في ظل رغبة الأطراف المتصارعة على إنهاء المواجهة بانتصار حاسم على حساب الطرف الآخر، لافتاً إلى أن أي تسوية مستقبلية في السودان، من واقع الخبرات العربية والدولية، لن تتحقق إلا برجحان طرف على حساب طرف آخر، مشيراً إلى أن التسوية في حالة توازن الأطراف «تظل محفوفة بالمخاطر ومهددة بالانهيار».
واتفقت الدكتورة أماني الطويل، خبيرة الشؤون الأفريقية، ومديرة البرنامج الأفريقي في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، مع الطرح السابق. وشددت على أن الأجواء المهيمنة على المشهد في السودان حالياً «لا توفر فرصاً لنجاح أي مساعٍ من أطراف عربية أو إقليمية أو دولية». كما شددت الطويل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن «الإرادة السياسية للتهدئة مفقودة لدى الأطراف السودانية المتصارعة حالياً».
وأضافت خبيرة الشؤون الأفريقية أن الوضع الأمني بالغ الصعوبة في الأراضي السودانية لا يوفر حتى فرصاً لوجيستية لتواصل واقعي بين الأطراف الراغبة في التواصل مع القوى السودانية من أجل التهدئة، في ظل الإغلاق التام للمطارات والمعابر، مؤكدة أن التوصل إلى هدنة مؤقتة يمثل «ضرورة قصوى في الوقت الراهن»، لإفساح المجال أمام جهود الإغاثة الإنسانية، والاتصالات السياسية الرامية لتحقيق «تهدئة قابلة للاستقرار».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
TT

السلطات الليبية تعتقل 90 مهاجراً قبل تهريبهم إلى أوروبا

من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)
من عملية ضبط مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

عثرت السلطات الأمنية في مدينة صبراتة الليبية على «وكر» يضم 90 مهاجراً غير نظامي، تديره إحدى عصابات الاتجار في البشر، قبيل تهريبهم عبر البحر المتوسط إلى شواطئ أوروبا.

وتتكرر في ليبيا عملية اعتقال مهاجرين جرى إعدادهم للهرب عبر سواحل ليبيا، من بينها صبراتة (غرب)، كما يجري الكشف عن «تحرير» العشرات من المهاجرين، الذين كانوا مخطوفين في «مخازن وزنازين سرية» تديرها عصابات للاتجار بالبشر.

عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

غير أن العمليات المتكررة لضبط واعتقال أعداد من المهاجرين غير النظاميين داخل ليبيا، أو توقيفهم وإعادتهم من البحر المتوسط، تطرح أسئلة كثيرة تتعلق بمدى حقيقة الجهود المبذولة للحد من تسرّبهم إلى أوروبا، والأسباب التي تقف وراء استمرار تدفق المهاجرين عبر الحدود الليبية المترامية.

السلطات الأمنية في غرب ليبيا خلال إنقاذ مهاجرين ضلّوا بالصحراء (وزارة الداخلية)

في سياق ذلك، قالت مديرية أمن صبراتة، الثلاثاء، إن «دوريات التحري والقبض» بمديرية الأمن تمكنت من إحباط عملية تهريب لمهاجرين سريين من جنسيات مختلفة «إثر مداهمة الوكر المُعد لتجميعهم قبل الانطلاق بهم إلى شاطئ البحر». وأوضحت المديرية أن القوات ضبطت 90 شخصاً ينتمون إلى دول أفريقية عدة؛ وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم».

وأمام كثرة عمليات التهريب، وازدياد نشاط الاتجار بالبشر، عبَّر مكتب الشؤون الأمنية بمديرية أمن صبراتة عن أمله من المواطنين كافة «التعاون التام، والوقوف مع الجهات الضبطية لمحاربة هذه الظاهرة، من خلال تقديم المعلومة عبر الهاتف، أو الحضور الشخصي إلى قسم البحث الجنائي».

وتعاني ليبيا من التأثيرات السلبية لملف الهجرة غير النظامية، وتعمل مع «المنظمة الدولية للهجرة» بشكل موسع على ترحيل آلاف المهاجرين إلى بلدانهم، وفق برنامج «الهجرة الطوعية». وقد رصدت المنظمة، في وقت سابق ترحيل 80 ألف مهاجر غير نظامي، ينتمون إلى 49 دولة أفريقية وآسيوية، من ليبيا إلى دولهم الأصلية منذ عام 2015، بدعم من البرنامج الأممي.

اعتقال مهاجرين في صبراتة قبل تهريبهم إلى أوروبا (مديرية أمن صبراتة)

في شأن آخر، قالت وزارة الداخلية بحكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة إن دورية أمنية تابعة للقاطع الأمني الصحراوي القريات تمكنت من إنقاذ 13 مهاجراً غير نظامي من جنسيات أفريقية مختلفة، مشيرةً إلى أنهم كانوا تائهين في منطقة (الحمادة الحمراء)، بعد أن تقطّعت بهم السبل.

ونوهت الوزارة إلى أنه تم تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم، ونقلهم إلى مقر القاطع الأمني بالقريات، حيث سيتم إحالتهم إلى جهات الاختصاص لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وسبق أن عثرت السلطات الليبية غير مرة على جثث لعابري الحدود تقطعت بهم السبل في الصحراء، بعد أن ضلوا طريقهم. ويمثل المهاجرون غير النظاميين العدد الأكبر في هؤلاء الضحايا، نظراً لإقدامهم على الهروب إلى ليبيا عبر الصحراء المترامية.