في ظل أنباء متضاربة ومعلومات متناقضة تدل على عمق التعقيدات في «القضية اليهودية»، أحيت إسرائيل ذكرى مقتل 6 ملايين يهودي على يد النازيين خلال الحرب العالمية الثانية، ونشرت فيها معطيات عن زيادة في عدد الاعتداءات على اليهود في الولايات المتحدة ودول أوروبا التي تقع تحت حكم اليمين، وانخفاض هذه الاعتداءات في دول الغرب الأساسية. ونشر في الوقت ذاته كتاب في تل أبيب يتحدث عن الفلسطينيين بصفتهم «ضحية للضحية»؛ إذ جرى طردهم من وطنهم وتوطين يهود مكانهم، من الناجين من المحرقة.
وشهدت إسرائيل منذ مساء الاثنين وطيلة يوم الثلاثاء، عشرات النشاطات لإحياء ذكرى ضحايا المحرقة النازية، بلغت أوجها في الوقوف دقيقتين حداداً وإقامة مهرجان المشاعل الرسمي، في متحف «يد فاشيم (يد واسم)» للهولوكوست في القدس الغربية، ومهرجان آخر في متحف المقاتلين ضد النازية (المقاتلون في الغيتوات) بمنطقة عكا. حضر المراسم كل من الرئيس يتسحاق هيرتسوغ، ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس الكنيست (البرلمان) أمير أوحانا، ورئيسة المحكمة العليا إستر حيوت، وعدد من الناجين من الهولوكوست الباقين على قيد الحياة. وقد وضعت أكاليل الزهور على النصب التذكاري لـ«ثورة غيتو وارسو» عام 1943.
ووفق التقليد السنوي؛ عقد كثير من الإسرائيليين تجمعات صغيرة في البيوت بمختلف أنحاء البلاد (مساء الاثنين) للاستماع إلى شهادات من الهولوكوست، عرضها عدد من الناجين الذين يعيشون في إسرائيل حتى اليوم؛ 147.199 شخص، يعيش نحو ربعهم تحت خط الفقر ولا يجدون المال لشراء الدواء.
وقد غادر إسرائيل إلى بولندا (الثلاثاء) وفد ضخم من المواطنين وطلبة المدارس، للمشاركة في «مسيرة الحياة» الدولية الخامسة والثلاثين، التي تجرى بمشاركة آلاف الطلاب من جميع أنحاء العالم، وتنطلق من معسكر الاعتقال «أوشفيتز» إلى معسكر الإبادة «بيركيناو»، حيث جرت إبادة الملايين؛ بينهم 1.5 مليون يهودي. وقد انضم إلى المسيرة السنوية هذا العام السفير الأميركي لدى إسرائيل توم نايدس وسلفه ديفيد فريدمان.
وفي ضوء الشرخ القائم في المجتمع الإسرائيلي بسبب خطة الحكومة الانقلابية ضد منظومة الحكم وإضعاف القضاء، كرس هيرتسوغ خطابه للموضوع، وحث الإسرائيليين على وضع التوتر والخلافات جانباً. وقال: «هذه السنة غير عادية. وهذا اليوم التذكاري لا مثيل له. لكن المشاعر قاسية والأكتاف منحنية وكأنها تشهد على ثقل الخلاف الذي يثقل كاهلنا. دعونا نترك هذه الأيام المقدسة، التي تبدأ الليلة وتنتهي في يوم الاستقلال، فوق كل الخلافات. دعونا نجتمع جميعاً، كما هي الحال دائماً، في شراكة، في حزن، في ذكرى».
يذكر أن كتاباً صدر في تل أبيب مؤخراً عن كيبوتس (تعاونية) «لوحمي هغتؤوت»، الذي أقيم في سنة 1949، على أنقاض قرية السميرية الفلسطينية بعد أن تم تهجير سكانها، وكان عددهم يومها 880 نسمة. والكتاب من تأليف المؤرخة الدكتورة شارون غيبع، التي جمعت شهادات من الأعضاء يؤكدون فيها الرواية الفلسطينية، التي تقول إن المواطنين طردوا من بيوتهم وقراهم وجرى توطين يهود مكانهم. واليهود بغالبيتهم كانوا من الناجين من المحرقة. وتقول غيبع في كتابها: «مسألة من كان يملك الأرض سابقاً لم تُطرح للنقاش مطلقاً، وأعضاء الكيبوتس لم يهتموا بمعرفة الأمر. كان أمامهم خيار وحيد: إما هذه الأرض وإما لا شيء، فقد كانت أرضاً خالية، وبمساحة ملائمة، وفيها موارد. وقد تبين أن الأراضي التي خُصصت للاجئين (الناجين) من الهولوكوست وكانت تابعة للألمان، لم تكن كافية، وكان ينبغي إيجاد منطقة جديدة لضرب جذور فيها: وحدث هذا في أراضي الفلسطينيين، الذين تحولوا للتو بأنفسهم إلى لاجئين».
من جهة ثانية؛ نشر في تل أبيب تقرير يفيد بأن الاعتداءات على اليهود ارتفعت إلى رقم قياسي جديد في الولايات المتحدة؛ إذ بلغت 3700 حادثة في سنة 2022، مقارنة بـ2717 في عام 2021، وهو عام قياسي بحد ذاته. وأفاد «التقرير العالمي لمعاداة السامية»، الذي أعده «مركز دراسة يهود أوروبا المعاصرين» في جامعة تل أبيب بالتعاون مع «رابطة مكافحة التشهير»، بأن الاعتداءات ارتفعت في دول أوروبية مثل هنغاريا ذات الحكم اليميني، وكذلك في إيطاليا وبلجيكا، بينما انخفضت في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
وقال رئيس المركز في جامعة تل أبيب، البروفسور أوريا شافيت، إن «مكافحة معاداة السامية تتطلب عمليات شرطة هادفة، وملاحقة قضائية، وحملات تثقيفية في المناطق التي تنتشر فيها الهجمات». وتابع أن «البحث عن النفس مطلوب في إسرائيل أيضاً. فقد استمعنا هنا إلى تصريحات عنصرية مروعة أدلى بها المشرعون الإسرائيليون. من المحزن أن يقال هذا عشية يوم ذكرى المحرقة، لكن العنصرية اليهودية ليست أفضل من أي نوع آخر من العنصرية... تجب إدانتها وحظرها والقضاء عليها».
ارتفاع الاعتداءات على اليهود في أميركا والدول المنضوية تحت حكم اليمين
تقرير نشر بذكرى ضحايا الهولوكوست و«ضحايا الضحايا»
ارتفاع الاعتداءات على اليهود في أميركا والدول المنضوية تحت حكم اليمين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة