«داعش».. ورقة ابتزاز بيد بوش في انتخابات الرئاسة الأميركية

استطلاع رأي: 46 % من الشعب يؤيد إرسال قوات برية إلى مناطق النزاع

«داعش».. ورقة ابتزاز بيد بوش في انتخابات الرئاسة الأميركية
TT

«داعش».. ورقة ابتزاز بيد بوش في انتخابات الرئاسة الأميركية

«داعش».. ورقة ابتزاز بيد بوش في انتخابات الرئاسة الأميركية

في أول خطاب رسمي للمرشح الجمهوري جيب بوش حول برنامجه الانتخابي، هاجم، وبحدة، هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية السابقة والمرشحة الأوفر حظًا عن الحزب الديمقراطي. حيث وجه الابن الثاني للرئيس الأميركي السابق جورج بوش الأب، أصابع الاتهام نحو كلينتون وحكومة الرئيس الحالي باراك أوباما محملاً إياهم مسؤولية ظهور ونمو تنظيم «داعش» المتطرف. ففي كلمة له في مكتبة الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغن في ولاية كاليفورنيا، قال بوش: «إن كلينتون وأوباما كانا متحرقين لكي يكونا صانعي تاريخ لدرجة تحول دون قدرتهما على صنع السلام».
وبعد 12 عامًا على قرار الرئيس جورج بوش الابن بشن الولايات المتحدة حربًا مثيرة للجدل في العراق، اتهم شقيقه الديمقراطيين بالتخلي عن العراق قبل انتهاء المهمة.
إذ قال إن إدارة أوباما، ومن ضمنها وزيرة الخارجية كلينتون، آنذاك، سمحت بقيام ونمو تنظيم داعش من خلال سحب القوات الأميركية من العراق قبل حلول الأوان المناسب. واستطرد مؤكدًا، «كان خطأ مميتًا (...) وتسرعًا أعمى». وأضاف أن «التسرع في الابتعاد عن الخطر وفي التوجه نحوه قد يتوازيان في قلة الحكمة».
من جهته، اتهم جيك ساليفان، المستشار السياسي لهيلاري كلينتون للشؤون الخارجية منذ فترة طويلة، الذي قد يصبح مستشارها لشؤون الأمن القومي، في حال انتخابها، جيب بوش بالقيام بـ«محاولة فجة لإعادة كتابة التاريخ وإعادة تحميل المسؤوليات». وأضاف ساليفان: «لا يمكن السماح للجمهوريين بأن يتهربوا من المسؤولية عن الخطأ الفعلي هنا». وأضاف أن تنظيم داعش انبثق من القاعدة في العراق وتوسع خلال الاحتلال الأميركي، بحسب قوله.
وهنا، تساءل جيب بوش بسخرية عن «مكان ودور السيدة كلينتون كل هذا الوقت»، مشيرًا إلى أنها لم تزر العراق بصفة رسمية أو سرية إلا مرة واحدة خلال توليها منصب رئاسة الخارجية الأميركية.
ويشير محللون أن جيب بوش قرر اتباع استراتيجية هجومية ضد تنظيم داعش في حملته الانتخابية، وذلك في محاولة لكسب الأصوات والفوز بترشيح الحزب الجمهوري في انتخابات 2016؛ إذ تشير إحصائيات إلى أن ملفي الأمن القومي والإرهاب هما الأهم في عيون الناخبين الجمهوريين. كما كشف استطلاع رأي أخير أجرته شبكة «سي بي إس» التلفزيونية الأميركية مؤخرًا إلى أن نحو 60 في المائة من الشعب الأميركي يرون أن الجهود الأميركية في القضاء على «داعش» المتطرف باءت بالفشل، واستخلصت أن 46 في المائة من الشعب بات يؤيد تدخل الولايات المتحدة عسكرية بإرسال قوات برية إلى مناطق النزاع.
وحول ذلك، قال بوش في الخطاب ذاته، أمس: «حاليًا هناك 3500 من الجنود والمارينز (مشاة البحرية الأميركية) في العراق، وقد يتطلب الأمر إرسال المزيد». وأضاف «ينبغي أن نبرهن على جديتنا وتصميمنا على مساعدة القوات المحلية في استعادة بلادها». واقترح إرسال أميركيين للعمل مع القوات العراقية.
كما تعهد بوش بموقف أميركي أكثر «صرامة» في كل من سوريا والعراق. مشيرًا إلى أنه في حال انتخابه، سوف يعزز الدعم للقوات العراقية والكردية ويوسع نطاق استخدام القوة الجوية الأميركية والسماح بتضمين قوات أميركية مع وحدات عراقية.
وفيما يخص الملف السوري، دعا بوش إلى إعلان منطقة حظر طيران وإقامة مناطق آمنة لحماية السوريين من «داعش»، وكذلك حكومة الرئيس بشار الأسد وتوسيع الدعم للمعارضة السورية «المعتدلة».
كما تعهد بالتراجع عن الاتفاق الأخير الذي تم التوصل إليه بين القوى العالمية وإيران، والذي يهدف لمنع طهران من الحصول على سلاح نووي. وقال إنه «اتفاق غير حكيم بالمرة، مع نظام لا يستحق الثقة فيه بالمرة».
يذكر أن حروب الماضي تعود دائمًا لتطفو على سطح السجالات السياسية الأميركية، خصوصًا خلال الحملات الانتخابية. وحرب العراق ليست استثناء بل تفرض نفسها بعد مرور اثني عشر عامًا على الاجتياح الأميركي لهذا البلد. إذ كانت هيلاري كلينتون صرحت خلال هذه الحملة أثناء زيارة إلى أيوا «قلت بوضوح إنني أخطأت»، في إشارة إلى تصويتها في 2002 عندما كانت سناتورة، مع الاجتياح.
ويشار إلى أن بوش يسعى للترشح في انتخابات الرئاسة 2016 عن الحزب الجمهوري، بجانب 17 مرشحًا. وطالما اعتبر مرشحًا مفضلاً للحزب، ولكن خلال الأسابيع الماضية، هيمن على حملة الحزب الجمهوري رجل الأعمال الشهير دونالد ترامب.
بدورها، تعد وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون هي الأكثر ترجيحًا بالفوز بترشيح الحزب الديمقراطي، ولكن بوش سرعان من ربط بينها وما وصفه بإخفاقات إدارة أوباما.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.