حميدتي يتحدث عن هدنة بعد مكالمة مع بلينكن

قال إنها لضمان المرور الآمن للمدنيين وإجلاء الجرحى

حميدتي (رويترز)
حميدتي (رويترز)
TT

حميدتي يتحدث عن هدنة بعد مكالمة مع بلينكن

حميدتي (رويترز)
حميدتي (رويترز)

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن اليوم (الثلاثاء)، أن قافلة دبلوماسية أميركية تعرضت لإطلاق نار في السودان، فيما يبدو أنه هجوم شنته عناصر مرتبطة بقوات الدعم السريع شبه العسكرية، واصفاً الحادثة بأنها «طائشة» و«غير مسؤولة».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1648268705296711680
وقال مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس، إن القتال الذي اندلع يوم السبت بين الجيش وقوات الدعم السريع، أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 185 وإصابة أكثر من 1800. وأخرج الصراع على السلطة في السودان جهود الانتقال للحكم المدني عن مسارها، كما أثار مخاوف من صراع أوسع. وقال بلينكن في كلمة باليابان، إن القافلة الدبلوماسية التي تعرضت لإطلاق النار أمس (الاثنين)، كانت ترفع العلم الأميركي، وأوضح أن جميع أفرادها بخير.
ودفعت الواقعة بلينكن إلى إطلاق تحذير مباشر، فأجرى اتصالين هاتفيين منفصلين في ساعة مبكرة من صباح اليوم، مع قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي»، ليبلغهما بأن أي خطر على الدبلوماسيين الأميركيين أمر غير مقبول. وقال بلينكن في مؤتمر صحافي باليابان، حيث شارك في اجتماع لوزراء خارجية مجموعة السبع: «لدينا مخاوف عميقة بشأن الوضع الأمني ككل». وذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن بلينكن حث الطرفين على الاتفاق على وقف لإطلاق النار، وقال إن مسؤولية «ضمان سلامة ورعاية المدنيين والموظفين الدبلوماسيين وأفراد فرق المساعدات الإنسانية»، تقع على عاتقهما.
من جهته، قال حميدتي إنه ناقش مع بلينكن عبر الهاتف «القضايا الملحة»، وإن هناك مزيداً من المحادثات. وأضاف حميدتي في تغريدة على «تويتر»: «سنجري اتصالاً آخر لمواصلة الحوار والعمل يداً بيد من أجل بناء مستقبل أكثر إشراقاً لشعوبنا». ووافق حميدتي على هدنة لمدة 24 ساعة لفتح مسارات آمنة لعبور المدنيين وإجلاء الجرحى. وأوضح أن ذلك جاء بعد «اتصال مع بلينكن وجهود الدول الشقيقة والصديقة التي أجرت اتصالات مماثلة دعتنا خلالها إلى وقف مؤقت لإطلاق النار».
وأشار قائد قوات الدعم السريع إلى «عدم التزام الطرف الآخر (الجيش السوداني) بالهدنة، فيما لا تزال طائراته توجه ضرباتها داخل المناطق المأهولة بالسكان في تجاوز سافر لأسس ومبادئ القانونين الدولي والإنساني». وأضاف: «ننتظر رداً من بلينكن لحسم خروقات الطرف الآخر».

ولم يتم الكشف عن مكان وجود حميدتي منذ اندلع القتال. وقال كل من طرفي الصراع في السودان إنه حقق مكاسب، وسط ضربات جوية واشتباكات في العاصمة الخرطوم وحالة غضب في أنحاء البلاد.
واستمر انقطاع الكهرباء والمياه في الخرطوم بسبب العنف، كما تصاعد الدخان في المدينة، وأفاد السكان بسماع دوي الضربات الجوية ونيران المدفعية وإطلاق النار. وأشار مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، إلى أن الجانبين لم يبديا أي استعداد للتفاوض. وقال بيرتس في تصريحات للصحافيين عبر رابط فيديو من الخرطوم: «الطرفان المتقاتلان لا يعطيان انطباعاً بأنهما يريدان وساطة من أجل سلام بينهما على الفور».
وفيما أوضح أن الجانبين اتفقا على هدنة إنسانية لمدة 3 ساعات، استمر القتال لليوم الثاني على التوالي رغم وعود التهدئة. والقتال في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري المجاورتين لها منذ يوم السبت، هو الأسوأ منذ عقود وينذر بتمزيق السودان بين فصيلين عسكريين تقاسما السلطة خلال فترة انتقالية سياسية صعبة.
ويرأس البرهان مجلس السيادة الحاكم الذي تم تشكيله بعد انقلاب عام 2021 والإطاحة بعمر البشير في 2019 خلال احتجاجات حاشدة. ويشغل حميدتي منصب نائب رئيس المجلس.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1648273551965978625

عرض عفو من الجيش

وفي كلمة بثها التلفزيون المصري في ساعة متأخرة من مساء أمس (الاثنين)، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن بلاده تجري «اتصالات لا تنتهي مع الجيش السوداني وقوات الدعم السريع لتشجيعهما وحثهما على إيقاف إطلاق النار وحقن دماء السودانيين واستعادة الاستقرار».
وقال المكتب الإعلامي للجيش إن البرهان سيعفو عن ضباط وجنود قوات الدعم السريع الذين يستسلمون و«يلقون أسلحتهم». وقال إنه سيتم استيعاب من يفعلون ذلك في الجيش. ووصف البرهان أمس، قوات الدعم السريع، بأنها جماعة متمردة وأمر بحلها. ووصف حميدتي، البرهان، بأنه «متطرف يقصف المدنيين من الجو».
واندلع القتال بعد تصاعد التوترات على خلفية خطة لدمج قوات الدعم السريع في الجيش. وبموجب خطة انتقالية مدعومة دولياً، كان من المقرر قريباً دمج قوات الدعم السريع مع الجيش.
وفي تصريحات لشبكة «سكاي نيوز»، قال البرهان إنه آمن في دار ضيافة رئاسية داخل مجمع لوزارة الدفاع.
وفي حين أن الجيش أكبر عدداً ويمتلك قوة جوية، تنتشر قوات الدعم السريع على نطاق واسع في أحياء الخرطوم ومدن أخرى، مما يجعل كلا الجانبين لديه الفرصة لتحقيق انتصار سريع.
ومن شأن استمرار العنف أن يؤدي إلى زعزعة استقرار منطقة مضطربة، وأن يلعب دوراً في التنافس على النفوذ هناك بين روسيا والولايات المتحدة وقوى أخرى في المنطقة تتودد إلى جهات فاعلة مختلفة في السودان.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، بتفجر القتال وحث على العودة إلى الهدوء، قائلاً إن الوضع الإنساني غير المستقر بالفعل أصبح كارثياً الآن. وقال مارتن غريفيث منسق المساعدات بالأمم المتحدة، إن القتال أدى إلى توقف كثير من برامج المساعدات.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.