تزدهر حلقات تلاوة القرآن الكريم في العشر الأواخر من شهر رمضان، إلا أنها في المسجد الحرام في مكة المكرمة تكون كثيفة وممتلئة طوال الوقت، حيث تعمل «مقرأة الكتاب والسنّة» هذه الأيام على مدار 24 ساعة في مشروع سعودي ذي بعد عالمي، يبدأ من البقعة الطاهرة في المسجد ويمتد «إلكترونياً» ليتابع مع كل مستفيد في أي مكان حول العالم.
ولأن القرآن الكريم هو زاد الصائمين وأنيس القائمين، حيث سُمي رمضان باسمه «شهر القرآن»، فإن هذه الجهود تتضاعف حالياً لإضفاء أجواء روحانية وإيمانية مليئة بالخشوع والطمأنينة في الحلقات القرآنية التي تقدمها المقرأة، بشقيها الرجالي والنسائي.
تقول مديرة مقرأة الكتاب والسنّة النسائية بالمسجد الحرام بشائر برناوي، لـ«الشرق الأوسط»، إن مهام المقرأة تتمحور حول تفعيل حلقات قرآنية لمختلف الفئات من ضيوف الرحمن. مضيفة، أنه «يتم تعليم القاصدات التلاوة الصحيحة مع التجويد، وإعانتهن على تحسينها وإتقانها، ومراجعة الحفظ لهن».
بسؤال برناوي عن القائم على ذلك، توضح أن هذه المهام تقع على عاتق نخبة من الكفاءات النسائية لسيدات يحفظن القرآن الكريم، مبينة أنه يتزامن ذلك مع إقامة مجالس في شروحات السنّة النبوية الصحيحة والقراءات العشر، إضافة إلى الاهتمام بالقاصدات من ذوات الإعاقة وكبيرات السن، في تقديم الأنشطة والبرامج الميسرة لهم، وتعليمهن التلاوة الصحيحة لسورة الفاتحة وقصار السور.
قاصدات البيت العتيق يلتحقن بالحلقات القرآنية (الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي)
المقرأة الإلكترونية
وتسترسل برناوي في توضيح الآلية المعتمدة، قائلة «نعمل يومياً على أربع فترات، بمسارات عدة مختلفة، منها تثبيت القرآن خلال شهرين وسبعة أشهر، وحفظ القرآن خلال سنة ونصف السنة، وأخيراً تلقين حزب الأعلى وغيرها من المسارات، وهذا كله يأتي للارتقاء بالمنظومة التعليمية لمقرأة الكتاب والسنّة النسائية».
كما تؤكد مديرة مقرأة الكتاب والسنّة النسائية بالمسجد الحرام، أنه تتم متابعة كل سيدة مستفيدة في حفظها وتلاوتها للقرآن الكريم، حتى بعد مغادرتها المسجد الحرام إلى بلدها من خلال المقرأة الإلكترونية، التي تمكّن المستفيدة من التواصل مع المعلمات بكل يسر وسهولة.
24 ساعة يومياً
ويأتي شهر رمضان ليكون الموسم الأبرز للمقرأة، حيث تؤكد برناوي «أن عدد المستفيدات من المقرأة يتزايد خلال شهر رمضان المبارك، فتشهد الحلقات القرآنية إقبالاً كثيفاً، من مختلف الجنسيات والفئات العمرية». مشيرة إلى أن الحلقات القرآنية تُقدم في المصليات النسائية على مدار اليوم. وتُرجع برناوي زيادة عدد الحلقات القرآنية خلال شهر رمضان للرغبة في مساعدة كل زائرة للمسجد الحرام للالتحاق بركب مقرأة الكتاب والسنّة والاستفادة من وجود معلمات لتصحيح التلاوة والتسميع لكل مستفيدة.
نور وبيان
وبسؤال برناوي عن مبادرة «نور وبيان من أهل القرآن»، أشارت إلى أن هذه المبادرة أطلقت في شهر رمضان المبارك لهذا العام 2023، من قِبل الوكالة المساعدة للشؤون الإعلامية والعلاقات والمعارض النسائية، مضيفة «أن المبادرة تسلط الضوء على المكانة الرائدة للرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في خدمة كتاب الله تعالى من خلال عقد لقاءات مرئية مع معلمات مقرأة الكتاب والسنّة النسائية التي تعلم قاصدات بيت الله الحرام التلاوة الصحيحة والقراءات والسنّة النبوية المطهرة والعلوم الشرعية».
تجدر الإشارة إلى أن مقرأة الكتاب والسنّة النبوية تواصل تقديم خدماتها في القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة التي يستمد الدين الإسلامي منها تشريعاته وأحكامه وعقائده، ولا يخضع الالتحاق للمقرأة لأي شروط، بل يستلزم فقط التأكد من مواقع المقرأة للانضمام إليها والاستفادة من خدماتها.