حرب السودان تتفاقم ... ميدانياً وإنسانياً

أوضاع مزرية لسكان المدينة بعد 3 أيام من وقف الخدمات

الدخان يتصاعد في مواقع عدة من العاصمة السودانية الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في مواقع عدة من العاصمة السودانية الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT
20

حرب السودان تتفاقم ... ميدانياً وإنسانياً

الدخان يتصاعد في مواقع عدة من العاصمة السودانية الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
الدخان يتصاعد في مواقع عدة من العاصمة السودانية الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

تفاقم القتال في السودان بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو «حميدتي»، لليوم الثالث على التوالي، ما تسبب أيضاً في تفاقم الأوضاع الإنسانية في العاصمة الخرطوم التي يعيش أغلب سكانها في عزلة داخل المنازل من دون خدمات الكهرباء والماء، فضلاً عن شح المواد الغذائية والصحية.
واشتدت المعركة الرئيسية حول مقر القيادة العامة للجيش، الذي تهاجمه قوات «الدعم السريع» بينما يتحصن داخله قادة الجيش. واستمرت حرب البيانات بين الطرفين، إذا أعلنت «الدعم السريع» أنها سيطرت على أجزاء مهمة من مقر القيادة العامة للجيش، بما فيها مبنى الاستخبارات العسكرية ورئاسة القوات البرية. لكن إعلام الجيش نفى ذلك وأكد في بياناته أنه تمكن من دحر قوات «الدعم السريع» واستولى على عرباتها العسكرية التي شاركت في الهجوم.

ورغم أن المعارك تنتشر في عدة مناطق في العاصمة ومدن أخرى في أنحاء مختلفة من البلاد، فإن المعركة الأكثر احتداماً وأهمية لا تزال تدور حول مقر القيادة العامة للجيش، وذلك لأهميتها الاستراتيجية والتاريخية، إذ إن الجهة التي تسيطر عليها عادةً ما تعلن كسب المعركة. في الأثناء، أعلن البرهان حل قوات «الدعم السريع»، بينما توعد حميدتي بملاحقة البرهان. ونقلت شبكة «سي إن إن» أمس (الاثنين)، عن البرهان القول إن «الهجوم» الذي شنته قوات «الدعم السريع» في الأيام الأخيرة «محاولة انقلاب». وأضاف البرهان أن قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «تمرد ضد الدولة، وإذا تم القبض عليه، ستتم محاكمته أمام القضاء». وتتواصل المعارك بالأسلحة الثقيلة في مناطق عدة من البلاد، فيما تدخّل سلاح الجو بانتظام حتى داخل الخرطوم لقصف مقراتّ لقوات «الدعم السريع».
- بيانات متضاربة
وأعلن الجيش السوداني، أمس، السيطرة على معسكرات قوات «الدعم السريع» في مدينة الفاشر بغرب البلاد. وأضاف الجيش في صفحته على «فيسبوك» أن مجموعة من «الدعم السريع» سلمت نفسها، في حين أسرت القوات المسلحة مجموعة أخرى في الخرطوم بعد اشتباكات في محيط القيادة العامة والمطار. وكانت قوات «الدعم السريع» قد أعلنت في وقت سابق السيطرة على عدة مواقع عسكرية في الفاشر تشمل «سلاح الإشارة والسلاح الطبي ومطار الفاشر». لكنّ الجيش نفى ما يتم تداوله حول سيطرة قوات «الدعم السريع» على مقرات تابعة لها، قائلاً: «ندير المعركة كما هو مخطط لها ونتمسك بكل مواقعنا».
من جانبه، أعلن حميدتي أن الحرب التي تخوضها قواته الآن هي ثمن للديمقراطية، وقال في تصريحات نشرتها قوات «الدعم السريع» عبر صفحتها بموقع «فيسبوك»، أمس: «أفعالنا هي رد على حصار ومهاجمة قواتنا»، مضيفاً: «يجب على المجتمع الدولي الآن التدخل ضد جرائم الجنرال عبد الفتاح البرهان الإسلامي الراديكالي الذي يقصف المدنيين من الجو، وجيشه يشن حملة وحشية ضد الأبرياء، يقصفهم بالميغ». وتابع: «نحن نقاتل ضد الإسلاميين الراديكاليين الذين يأملون في بقاء السودان معزولاً وفي الظلام، وبعيداً عن الديمقراطية، سنواصل ملاحقة البرهان وتقديمه للعدالة». وأضاف: «نحن نتخذ كل التدابير الممكنة لضمان سلامة وأمن الشعب».
وكان الجيش السوداني قد أعلن، مساء الأحد، السيطرة على مطار مروي العسكري، وعلى قيادة قطاع كردفان ومعسكر «الري المصري» في ضاحية الشجرة، كما طمأن الشعب بأن القوات المسلحة متماسكة وستحسم الموقف قريباً، لكنه قال إن قوات «الدعم السريع» تستهدف الأفراد بالقناصة. في المقابل أكد «الدعم السريع» أمس، أنه استولى على مطار مروي الجوي الاستراتيجي. كما أعلنت قوات «الدعم السريع» في السودان أمس، السيطرة على مقر هيئة الإذاعة والتلفزيون في مدينة أم درمان، وأكدت في بيان عبر «فيسبوك» عدم وقوع أي اشتباكات مع قوات الجيش حول محيط المقر. لكنّ الجيش بدوره أعلن في بيان نشره عبر «تويتر» أمس (الاثنين)، استعادة السيطرة على مبنى الإذاعة والتلفزيون وإعادة البث.
- الحالة الإنسانية
في الأثناء، قُتل نحو مائة مدني في السودان حيث تواصلت المعارك، ولا سيّما في الخرطوم، وتم إخلاء مستشفيين على الأقلّ في العاصمة بعدما «اخترق الرصاص والقذائف جدرانهما»، حسبما أعلن أطباء قالوا إنه لم تعد لديهم كذلك أكياس دمّ ولا مستلزمات طبية لعلاج المصابين. وتنتشر رائحة البارود منذ (السبت) في العاصمة وترتفع أعمدة دخان أسود كثيف في سمائها. ولازم السكان منازلهم، وسط انقطاع التيار الكهربائي والمياه عن عدد كبير من المنازل.
وأعلنت نقابة أطباء السودان المستقلّة والمؤيدة للديمقراطية (الاثنين) مقتل ما لا يقلّ عن 97 مدنياً، سقط 56 منهم (السبت) و41 (الأحد)، نصفهم تقريباً في العاصمة.
وأوضحت النقابة في بيان أنّ «365 شخصاً أُصيبوا» بجروح. وسبق للنقابة أن أشارت إلى أن حصيلة القتلى في صفوف المقاتلين تعدّ بـ«العشرات»، لكنّ أياً من الطرفين لم يعلن عن خسائره البشرية. وينتشر مقاتلون باللباس العسكري مدجّجون بالأسلحة في شوارع العاصمة التي تملأها أيضاً الآليات العسكرية. كما تواجه المستشفيات وضعاً صعباً، إذ يصعب تشخيص الوضع على الأرض.
فقد أعلنت قوات «الدعم السريع» أنها سيطرت على مطار الخرطوم الدولي منذ السبت، الأمر الذي نفاه الجيش. وقالت إنها دخلت القصر الرئاسي، لكنّ الجيش ينفي ذلك أيضاً ويؤكد أنه يسيطر على المقرّ العام لقيادته العامة، أحد أكبر مجمّعات السلطة في الخرطوم. أما التلفزيون الرسمي فيؤكّد كلّ من الطرفين سيطرته عليه. لكنّ سكاناً في محيط مقرّ التلفزيون أكّدوا (الاثنين) أن القتال متواصل في المنطقة، فيما تكتفي المحطة ببث الأغاني الوطنية على غرار ما حصل خلال انقلاب 2021، وفيما لا يرتسم في الأفق أي وقف لإطلاق النار، دقّ الأطباء والعاملون في المجال الإنساني ناقوس الخطر. فبعض الأحياء في الخرطوم محرومة من التيار الكهربائي والمياه منذ (السبت).
- «الممرّات الإنسانية»
وحذّرت متاجر البقالة القليلة التي لا تزال مفتوحة من أنّها لن تصمد أكثر من أيام قليلة إذا لم تدخل شاحنات المؤن إلى العاصمة. وأكّد أطباء انقطاع التيار عن أقسام الجراحة، فيما أفادت منظمة الصحة العالمية بأنّ «عدداً من مستشفيات الخرطوم التسعة التي تستقبل المدنيين المصابين، تعاني من نفاد وحدات الدم ومعدات نقل الدم وسوائل الحقن الوريدي وغيرها من الإمدادات الحيوية». وقالت نقابة أطباء السودان إنّ المرضى وبينهم أطفال وأقاربهم لا يحصلون على المياه أو الأغذية، مشيرة إلى أنّه لا يمكن إخراج الجرحى الذين عولجوا من المستشفى بسبب الوضع الأمني، ما يؤدّي إلى اكتظاظ يعيق تقديم العناية للجميع.
وعجزت «الممرّات الإنسانية» التي أعلنها الطرفان المتحاربان لمدة ثلاث ساعات بعد ظُهر (الأحد) عن تغيير الوضع، فاستمرّ سماع إطلاق النار ودوي انفجارات في الخرطوم. وأعرب، أمس، موفد الأمم المتحدة إلى السودان فولكر بيرتس، عن «خيبة أمله الشديدة» من انتهاكات الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» للهدنة الإنسانية التي كانا قد وافقا عليها. وقال في بيان إنّ «وقف الأعمال العدائية لأغراض إنسانية الذي التزم به الجيش السوداني وقوات (الدعم السريع) لم يتم الوفاء به إلا جزئياً يوم الأحد. كما أن الاشتباكات اشتدت يوم الاثنين».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«النواب» المصري يقر «نقل المحكومين» مع الإمارات

أعضاء مجلس  النواب المصري خلال مناقشة الاتفاقية (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)
أعضاء مجلس النواب المصري خلال مناقشة الاتفاقية (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)
TT
20

«النواب» المصري يقر «نقل المحكومين» مع الإمارات

أعضاء مجلس  النواب المصري خلال مناقشة الاتفاقية (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)
أعضاء مجلس النواب المصري خلال مناقشة الاتفاقية (وزارة الشؤون النيابية والتواصل السياسي)

أقرّ مجلس النواب المصري (البرلمان) اتفاقية نقل المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية بين مصر والإمارات، حيث تقضي الاتفاقية بـ«نقل المدانين بأحكام قضائية إلى الوطن الأصلي لقضاء مدة العقوبة»، وسط جدل بشأن اشتراطها «موافقة السجين» قبل التبادل.

ووقّعت مصر والإمارات على الاتفاقية في يناير عام 2024، وأحال البرلمان المصري الاتفاقية للمناقشة، في إطار «علاقات التعاون بالمجال القضائي بين البلدين».

وجاءت موافقة البرلمان المصري على الاتفاقية، خلال انعقاد جلسته العامة، الأحد. وأشار رئيس «اللجنة التشريعية» بمجلس النواب، المستشار إبراهيم الهنيدي، إلى أن «الاتفاقية تهدف في مجملها إلى تهيئة السبل الكفيلة لإصلاح المحكوم عليه وإعادة تأهيله باعتباره الفرض الأساسي للجزاء الجنائي»، وقال إنها «إحدى اتفاقيات التعاون القانوني والقضائي، وتأتي في إطار احترام حقوق الإنسان والاتفاقيات الدولية».

وتضمنت الاتفاقية 19 مادة، مقسمة على 4 أبواب، تضمن الباب الأول أحكام نقل المحكوم عليهم، والثاني الإجراءات المتبعة الخاصة بنقل المدانين، فيما تضمن الباب الثالث اختصاصات السلطة المركزية، وسبل تسوية الخلافات التي تنشأ حول تطبيق وتفسير الاتفاقية، وتضمن الباب الرابع مدة ومجال سريان الاتفاقية، وكيفية تعديلها وإنهائها، وفق تقرير لجنة مشتركة من لجنتي «الدفاع والتشريعية» بـ«النواب».

وخلال مناقشات الاتفاقية، انتقد عضو مجلس النواب، ضياء داود، بند «اشتراط موافقة المحكوم عليه في إجراءات نقله»، وأرجع ذلك إلى أنه «يُفرغ الاتفاقية من مضمونها، ويجعلها غير قابلة للتطبيق».

إلا أن وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، المستشار محمود فوزي، أكّد خلال جلسة البرلمان، الأحد، أن «شرط موافقة المحكوم عليهم، معترف به دولياً في نصوص الاتفاقيات المماثلة»، وقال إن هذا الشرط «يعزز من تخفيف معاناة السجين وأسرته، ويسّهل زيارته ويخفف عبء الدولة التي جرى فيها الجريمة».

مناقشات «النواب» المصري لاتفاقية تبادل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات (مجلس النواب المصري)
مناقشات «النواب» المصري لاتفاقية تبادل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات (مجلس النواب المصري)

ووفق المادة الثالثة من الاتفاقية، يقدم طلب نقل السجين من «دولة الإدانة، ودولة التنفيذ، ومن المحكوم عليه، أو من ممثله القانوني، أو من زوجه، أو أحد أقاربه، حتى الدرجة الرابعة».

ويُرفض طلب نقل المحكوم عليه، في حالة «إذا رأت دولة الإدانة، في عملية النقل، مساساً بسيادتها أو أمنها أو نظامها العام، أو مصالحها»، أو «إذا قضي بالبراءة عن الأفعال نفسها في دولة التنفيذ»، أو «إذا انقضت وقائع الدعوى المدان فيها، في دولة التنفيذ»، وفق نص المادة الرابعة للاتفاقية.

وأثارت موافقة البرلمان على الاتفاقية تكهنات بشأن إمكانية طلب القاهرة استرداد الناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل الداعية الراحل يوسف القرضاوي، المحتجز في أبوظبي، والملاحق قضائياً في مصر.

وبينما كتب الإعلامي المصري، أحمد موسى، عبر صفحته على «إكس»، الأحد، إن «الاتفاقية خطوة مهمة لاسترداد عبد الرحمن يوسف القرضاوي».

إلا أن عضو مجلس النواب المصري، الإعلامي مصطفى بكري، استبعد أن تكون للاتفاقية علاقة بنقل نجل القرضاوي إلى مصر، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية جرى توقيعها بين القاهرة وأبوظبي، في يناير 2024، ما يعني قبل توقيفه في لبنان».

أيضاً قال عضو «لجنة الدفاع والأمن القومي» بالبرلمان المصري، يحيى كدواني، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاقية لا تستهدف حالات بعينها، مثل نجل القرضاوي، كونها تتضمن أحكاماً عامة، تسري على كل سجين لدى البلدين، تنطبق عليه شروط وأحكام التبادل».

وتسلمت الإمارات، عبد الرحمن القرضاوي، الذي يحمل الجنسية المصرية والتركية، من لبنان، في يناير الماضي. وكان عبد الرحمن، قد اعتُقل بلبنان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد عودته من سوريا، تنفيذاً لمذكرة توقيف معمَّمة عبر الإنتربول، بموجب حكم غيابي صادر بحقّه عن القضاء المصري، يقضي بسجنه 5 سنوات، لإدانته بـ«إذاعة أخبار كاذبة، والتحريض على العنف والإرهاب».

رئيس مجلس النواب المصري خلال مناقشة اتفاقية تبادل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات (مجلس النواب المصري)
رئيس مجلس النواب المصري خلال مناقشة اتفاقية تبادل المحكوم عليهم بين مصر والإمارات (مجلس النواب المصري)

عودة إلى بكري الذي قال إن الاتفاقية تستهدف «تخفيف معاناة المحكوم عليهم في قضايا سالبة للحرية»، وأشار إلى أن «الاتفاقية تتيح تبادل من صدرت بحقّهم أحكام قضائية قبل بدء تطبيقها وبعدها»، وأرجع ذلك أنه «سوف يخفف أعباء أسرية كثيرة للسجناء»، موضحاً أن «الاتفاقية قيّدت قرارات العفو على المحكوم عليهم، بموافقة الدولة التي وقعت فيها الجريمة».

وتخدم الاتفاقية المحكوم عليهم في «قضايا سالبة للحرية بالبلدين»، بحسب كدواني، الذي أشار إلى أن «الاتفاقية تحقق أهدافاً اجتماعية، بإتاحة قضاء السجين مدة العقوبة في بلده الأصلي»، مشيراً إلى أن هذه الأحكام «معمول بها في كثير من دول العالم».

وبحسب المادة العاشرة من الاتفاقية «تلتزم دولة التنفيذ بتطبيق العقوبة بحقّ السجين وفق قوانينها الداخلية، ولا يجوز تغليظها، من حيث طبيعتها أو مدتها، عن العقاب المحكوم به»، إلى جانب «عدم تحويل العقوبة السالبة للحرية، إلى الغرامة»، فيما قيّدت المادة الحادية عشرة، إجراءات العفو بـ«عدم صدور عفو خاص عن السجين، إلا بعد موافقة دولة الإدانة».