طوارق ليبيا... رحلة البحث عن الهوية

طالبوا البعثة الأممية بـ«إنهاء تهميشهم»

نائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية رايزدون زينينغا مستقبلاً وجهاء الطوارق وممثلي المجتمع المدني في ليبيا (البعثة الأممية)
نائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية رايزدون زينينغا مستقبلاً وجهاء الطوارق وممثلي المجتمع المدني في ليبيا (البعثة الأممية)
TT

طوارق ليبيا... رحلة البحث عن الهوية

نائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية رايزدون زينينغا مستقبلاً وجهاء الطوارق وممثلي المجتمع المدني في ليبيا (البعثة الأممية)
نائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية رايزدون زينينغا مستقبلاً وجهاء الطوارق وممثلي المجتمع المدني في ليبيا (البعثة الأممية)

منذ رحيل الرئيس معمر القذافي وقبائل الطوارق في ليبيا تبحث عن حل لأزمتها المتعلقة بعدم حصول كثير من الأسر على الجنسية، بالإضافة إلى حقهم في الحياة السياسية بوصفهم جزءاً من النسيج الاجتماعي للبلاد.
وخلال لقاء جمع وجهاء الطوارق وممثلي المجتمع المدني بنائب الممثل الخاص للأمين العام للشؤون السياسية، رايزدون زينينغا، مساء (الأحد) في مقر البعثة الأممية، أعاد ممثلو الطوارق طرح قضيتهم من جديد، مطالبين الأمم المتحدة «بإنهاء تهميشهم الممتد منذ سنوات».
وإلى جانب التبو والأمازيغ، يعد الطوارق من المكونات الثقافية في ليبيا، وسط اختلاف حول جذور نسبهم، بين من يُرجعهم إلى قبائل «صنهاجة» الأمازيغية، أو «الجرمنتيين» الليبيين الذين سكنوا الصحراء الكبرى، لكنهم يبحثون عن استكمال «هويتهم المنقوصة».
وفي عهد القذافي، سُمح لبعض أُسر الطوارق في البلاد بالحصول على أوراق ثبوتية، لكن يظل الجزء الأكبر منهم من دونها لاعتبارات كثيرة، من بينها الاعتقاد بأنهم ليسوا ليبيين وينتمون إلى دول مثل مالي والنيجر، وعلى الرغم من أن بعضهم يحمل «أرقاماً إدارية» لكنها لا تمكّنهم من حقهم كمواطنين في المشاركة في أي انتخابات.
وقالت البعثة الأممية إنه «في إطار مبادرة الممثل الخاص للأمين العام عبد الله باتيلي، لتمكين الانتخابات، جاء استقبال وجهاء الطوارق وممثلي المجتمع المدني الذين عرضوا وجهات نظرهم وشواغلهم».
ونقلت البعثة عن ممثلي الطوارق «دعمهم الكامل لمبادرة الممثل الخاص للأمين العام». وبينما دعوا إلى إجراء انتخابات «دون مزيد من التأخير»، شددوا «على ضرورة إشراك المكونات الثقافية في العملية السياسية، والتمثيل المتساوي للجنوب في المؤسسات الليبية».
ومع كل مبعوث أممي جديد إلى ليبيا يعرض الطوارق أزمتهم عليه علّهم يجدون حلاً، وسبق لهم أن عرضوا شواغلهم على المستشارة الأممية السابقة ستيفاني ويليامز، وقالوا إن «هناك الآلاف من الطوارق لم يحصلوا على الرقم القومي، مما يَحول دون ممارستهم حقوقهم السياسية أو تسلم رواتب المتقاعدين منهم أو الحصول على جوازات سفر أو إمكانية الاستفادة من المرافق التعليمية والرعاية الصحية».
وكشفت البعثة أن وفد وجهاء الطوارق أكد «مجدداً على مطالبهم طويلة الأمد بشأن المحرومين من المكونات الثقافية في الجنوب بمنحهم الحقوق الكاملة كمواطنين، وضمان تمثيل المرأة في البرلمان من خلال حصة 30 في المائة».
وأكد نائب الممثل الخاص للأمين العام، للوفد، دعم بعثة الأمم المتحدة لإيصال رسائلهم إلى القادة الليبيين والمؤسسات ذات الصلة.
وفور إعلان المبعوث الأممي عن مبادرته للانتخابات الليبية، أبدت قبائل الطوارق تأييدها، ودعت إلى تمثيلهم في أي لجان سياسية لحل الأزمة في البلاد.
وقالوا في بيان حينها وقّعت عليه 15 شخصية، من بينهم عبد القادر يحيى وإبراهيم كرنفودة، عضوا مجلس النواب عن أوباري، ومحمد أوخه سيدي علي، عضو المجلس الأعلى للدولة: «لن نعترف بأي أجسام سياسية أو تشريعية أو تنفيذية بما فيها لجان الحوار السياسي لا نكون فيها ممثلين تمثيلاً حقيقياً نابعاً من إرادة حرة لمجتمعنا المحلي».
وزادوا: «صبرنا بما فيه الكفاية، وآن الأوان لإنهاء سياسات الإقصاء والتهميش والظلم الواقع على أبناء مجتمعنا؛ ولا بد من الشروع في إقامة تنمية مستدامة في مناطقنا، وإشراكنا في بناء وطننا ومؤسساته السيادية بشكل حقيقي وعادل».
ودعا الموقّعون على البيان إلى ضرورة تنفيذ ما جاء في الفقرتين (2) و(8) من المادة الأولى من الاتفاق السياسي المُوقَّع في جنيف على خريطة الطريق للحل الشامل في ليبيا بشأن معالجة مسألة الأرقام الوطنية قبل الانتخابات القادمة، رافضين تجاهل ما جاء في هذه الفقرة من الجهات التنفيذية، مطالبين أيضاً بإشراك أسرهم المقيدة في السجلات المؤقتة بمصلحة الأحوال المدنية كما شاركت في انتخابات «المؤتمر الوطني» سنة 2012.
كان عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة، قد تحدث عن حقوق الطوارق في الحصول على الأرقام الوطنية، وقال: «الأمازيغ مهمّون، ونعرف إخوتنا في الطوارق والتبو ماعندهمش أرقام وطنية، وهم ليبيون يعتزّون بليبيتهم، وشكَّلنا لجنة من أجل ذلك».


مقالات ذات صلة

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

شمال افريقيا «ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

«ملفات خلافية» تتصدر زيارة ليبيين إلى تونس

حلت نجلاء المنقوش، وزيرة الشؤون الخارجية الليبية، أمس بتونس في إطار زيارة عمل تقوم بها على رأس وفد كبير، يضم وزير المواصلات محمد سالم الشهوبي، وذلك بدعوة من نبيل عمار وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج. وشدد الرئيس التونسي أمس على موقف بلاده الداعي إلى حل الأزمة في ليبيا، وفق مقاربة قائمة على وحدتها ورفض التدخلات الخارجية في شؤونها الداخلية. وأكد في بيان نشرته رئاسة الجمهورية بعد استقباله نجلاء المنقوش ومحمد الشهوبي، وزير المواصلات في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، على ضرورة «التنسيق بين البلدين في كل المجالات، لا سيما قطاعات الاقتصاد والاستثمار والطاقة والأمن».

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

محادثات سعودية ـ أممية تتناول جهود الحل الليبي

أكدت السعودية أمس، دعمها لحل ليبي - ليبي برعاية الأمم المتحدة، وشددت على ضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، حسبما جاء خلال لقاء جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي، مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا ورئيس البعثة الأممية فيها. وتناول الأمير فيصل في مقر الخارجية السعودية بالرياض مع باتيلي سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، والجهود الأممية المبذولة لحل الأزمة. إلى ذلك، أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، فيما شهدت طرابلس توتراً أمنياً مفاجئاً.

شمال افريقيا ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

ليبيا: 12 عاماً من المعاناة في تفكيك «قنابل الموت»

فتحت الانشقاقات العسكرية والأمنية التي عايشتها ليبيا، منذ رحيل نظام العقيد معمر القذافي، «بوابة الموت»، وجعلت من مواطنيها خلال الـ12 عاماً الماضية «صيداً» لمخلَّفات الحروب المتنوعة من الألغام و«القنابل الموقوتة» المزروعة بالطرقات والمنازل، مما أوقع عشرات القتلى والجرحى. وباستثناء الجهود الأممية وبعض المساعدات الدولية التي خُصصت على مدار السنوات الماضية لمساعدة ليبيا في هذا الملف، لا تزال «قنابل الموت» تؤرق الليبيين، وهو ما يتطلب -حسب الدبلوماسي الليبي مروان أبو سريويل- من المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذا المجال، مساعدة ليبيا، لخطورته. ورصدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في تقر

جمال جوهر (القاهرة)
شمال افريقيا حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

حل الأزمة الليبية في مباحثات سعودية ـ أممية

أكدت السعودية دعمها للحل الليبي - الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة، وضرورة وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الليبية، وجاءت هذه التأكيدات خلال اللقاء الذي جمع الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع عبد الله باتيلي الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لدى ليبيا رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا. واستقبل الأمير فيصل بن فرحان في مقر وزارة الخارجية السعودية بالرياض أمس عبد الله باتيلي وجرى خلال اللقاء بحث سُبل دفع العملية السياسية في ليبيا، إضافة إلى استعراض الجهود الأممية المبذولة لحل هذه الأزمة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شمال افريقيا «الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

«الرئاسي» الليبي يدعم «حراك الزاوية» ضد «حاملي السلاح»

أعلن «المجلس الرئاسي» الليبي، عن دعمه للحراك الشبابي في مدينة الزاوية (غرب البلاد) في مواجهة «حاملي السلاح»، وضبط الخارجين عن القانون، وذلك في ظل توتر أمني مفاجئ بالعاصمة الليبية. وشهدت طرابلس حالة من الاستنفار الأمني مساء السبت في مناطق عدّة، بعد اعتقال «جهاز الردع» بقيادة عبد الرؤوف كارة، أحد المقربين من عبد الغني الككلي رئيس «جهاز دعم الاستقرار»، بالقرب من قصور الضيافة وسط طرابلس. ورصد شهود عيان مداهمة رتل من 40 آلية، تابع لـ«جهاز الردع»، المنطقة، ما أدى إلى «حالة طوارئ» في بعض مناطق طرابلس. ولم تعلق حكومة عبد الحميد الدبيبة على هذه التطورات التي يخشى مراقبون من اندلاع مواجهات جديدة بسببها،

خالد محمود (القاهرة)

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

واشنطن تعلن تقديم 200 مليون دولار مساعدات إنسانية للسودان

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يلقي كلمة أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بشأن السودان الخميس 19 ديسمبر 2024 (أ.ب)

أعلنت واشنطن، اليوم الخميس، عن تخصيصها مبلغاً إضافياً بقيمة 200 مليون دولار لمواجهة الأزمة الإنسانية في السودان، ليرتفع بذلك إجمالي المساعدات الأميركية إلى 2.3 مليار دولار.

وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال اجتماع حول السودان لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: «عملت الولايات المتحدة كثيراً مع الشركاء لتوفير المساعدة إلى السودان... ونحن اليوم نعلن عن مبلغ إضافي بنحو 200 مليون دولار».

والخميس، حذّر برنامج الأغذية العالمي من أن السودان قد يشهد أكبر مجاعة في التاريخ الحديث، مع 1.7 مليون شخص في البلد إما يعانون الجوع أو هم معرّضون له.

وبالإضافة إلى ذلك، يعاني نحو 26 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي في البلد، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

ومنذ أبريل (نيسان) 2023، يشهد السودان حرباً بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو الملقب بـ«حميدتي».

خلال عمليات الإنقاذ بعد الفيضانات المدمرة في جنوب طوكر بولاية البحر الأحمر بالسودان في 28 أغسطس 2024 (رويترز)

وتسيطر «قوات الدعم السريع» بشكل شبه كامل على إقليم دارفور ومساحات واسعة من منطقة جنوب كردفان ومعظم وسط السودان، بينما يسيطر الجيش على شمال وشرق البلاد.

وحتى الآن، لم يتمكّن أي من المعسكرين من السيطرة على كامل العاصمة الخرطوم التي تبعد ألف كيلومتر شرق مدينة الفاشر.

وأودت الحرب بحياة عشرات الآلاف، وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص، وتسببت بما تعتبره الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في الذاكرة الحديثة.

ويُتّهم الجيش و«قوات الدعم السريع» باستهداف المدنيين والمرافق الطبية بشكل عشوائي، وبقصف مناطق سكنية عمداً.

وفي المجموع، لا بدّ من توفير مساعدة بقيمة 4.2 مليار دولار لتلبية حاجات السودانيين في 2025، على ما قالت إيديم وسورنو مديرة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. كما صرّحت بأن «كمّية المساعدة الإنسانية التي تصل إلى السودانيين في العوز ليست سوى جزء ضئيل مما يحتاجونه».

وأردفت: «في نهاية المطاف، تبقى الوسيلة الوحيدة لإنهاء دوّامة العنف والقتل والدمار هذه هو تحدّي إرساء سلام دائم في السودان».