إدانة أميركي من أصل أردني بتهمة دعم «داعش»

كان يخطط لتشكيل جيش صغير

الأميركي الأردني نادر سعادة أثناء مثوله أمام محكمة فيدرالية أول من أمس («الشرق الأوسط»)
الأميركي الأردني نادر سعادة أثناء مثوله أمام محكمة فيدرالية أول من أمس («الشرق الأوسط»)
TT

إدانة أميركي من أصل أردني بتهمة دعم «داعش»

الأميركي الأردني نادر سعادة أثناء مثوله أمام محكمة فيدرالية أول من أمس («الشرق الأوسط»)
الأميركي الأردني نادر سعادة أثناء مثوله أمام محكمة فيدرالية أول من أمس («الشرق الأوسط»)

قالت شرطة راذرفورد (ولاية نيوجيرسي)، أمس، إن والدي الأميركي الأردني نادر سعادة (20 عامًا)، الذي تورط في اتصالات ونشاطات لصالح «داعش»، كانا حذراه من ذلك عندما زارهما، في مايو (أيار)، في الأردن، حيث يقيمان بعد أن أبعد الوالد من الولايات المتحدة بتهمة الاشتراك في نشاطات منظمة حماس الفلسطينية. وأول من أمس، أصدرت محكمة فيدرالية في ولاية نيوجيرسي اتهامًا رسميًا ضد نادر سعادة، كما كانت فعلت مع شقيقه علاء سعادة في وقت سابق. ورفض القاضي إطلاق سراح الشقيقين حتى تبدأ محاكمتها. وقال متحدث باسم الشرطة المحلية إن سعادة «كان غارقًا في دعايات (داعش) في الإنترنت. وفعلاً، سافر إلى خارج الولايات المتحدة ليقاتل مع مقاتليها».
وحسب تقرير الشرطة الذي قدمته، أول من أمس، إلى المحكمة، في مايو الماضي، سافر نادر سعادة إلى الأردن، «وكان هدفه هو الانضمام إلى (داعش)، وكان يخطط لتشكيل جيش صغير مع أصدقائه»، وإنه، في ذلك الوقت، اشترى تذكرة بواسطة بطاقة ائتمان شقيقه، علاء سعادة (23 عامًا)، وإن علاء رافقه إلى المطار، مع آخرين، هما: صمويل رحمن توباز (21 عامًا) ومنذر عمر صالح (20 عامًا).
وحسب تقرير الشرطة، اعتقل سعادة في الأردن، ثم نقل إلى الولايات المتحدة، واعتقل شقيقه في الولايات المتحدة، وأيضًا توباز وصالح.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، تجسس على الشقيقين، وعلى الآخرين، عميل لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي). وفي أبريل (نيسان) الماضي، قدم الجاسوس معلومات أدت إلى الاعتقالات.
ومنذ سنوات، كان الشقيقان يسكنان في شقة واحدة، بعد أن اعتقلت شرطة «إف بي آي» والدهما بتهمة الإرهاب باسم منظمة «حماس»، وبعد أن أبعدته من الولايات المتحدة (وسافرت معه أمهما).
وحسب تقرير الجاسوس «تغير نادر، وصار يصلي خمس مرات في اليوم. ويلبس ملابس عربية، ويكثر من الحديث عن الإسلام. وبرر حرق داعش لطيار أردني، وبرر الهجوم القاتل على مقر المجلة الفرنسية (شارلي إيبدو) وتحول من الحديث باللغة الإنجليزية، التي هي لغته الأصلية، إلى الحديث باللغة العربية».
وأضاف الجاسوس أن والدي نادر حذراه، عندما زارهما في الأردن، من الانضمام إلى «داعش»، وأنهما اشتكياه إلى شقيقه علاء الذي كان يقيم في الولايات المتحدة. ولم يكونا يعرفان أن علاء متورط معه.
وفي نفس شهر يونيو (حزيران) الماضي، عندما اعتقلت شرطة نيوجيرسي علاء سعادة وزميليه، اعتقلت شرطة نيويورك فريد مومني (21 عامًا) بتهمة الانتماء لـ«داعش»، وذلك عندما حاول طعن شرطي أثناء مداهمة الشرطة لمنزله في حي ستين إيلاند في نيويورك.
وأصيب الشرطي بجروح طفيفة، بعد أن حاول مومني قتله بسكين مطبخ، لكن «لم تنجح محاولاته المتكررة في جعل السكين تخترق السترة الواقية من الرصاص التي كان الشرطي يرتديها»، حسب تقرير الشرطة الذي قدمته، في ذلك الوقت، إلى قاضي محكمة فدرالية في نيويورك. في نفس الشهر، اعتقلت الشرطة شابًا أميركيًا آخر يدعي منذر عمر صالح، ويبلغ من العمر 20 عامًا. وقالت إنها تبحث عن آخرين متورطين معه.
حسب تقرير الشرطة الذي قدمته إلى قاضٍ اتحادي في نيويورك، اعترف صالح للشرطة بأنه بايع «داعش»، وأنه ينتمي لهذا التنظيم «انتماء قاطعًا»، وأن صالح، وهو من سكان حي كوينز نيويورك، قضى ساعات في الإنترنت، وبحث «بحثًا جادًا» عن كيفية صناعة قنبلة في إناء طهي بالضغط، وأنه عبر في كثير من التعليقات في الإنترنت عن تأييده لتنظيم داعش. ومرة كتب في موقع «تويتر»: «أخشى أن تكون القاعدة آخذة في الاعتدال». وتعتبر هذه إشارة إلى أن منظمة القاعدة، في رأيه، لم تعد متشددة في مواجهة الولايات المتحدة. ويعتبر التفجير عن طريق إناء طهي بالضغط الهوائي تقليدًا لما كان فعل مهاجران من الشيشان في بوسطن قبل عامين.
وحسب تقرير الشرطة، أشاد صالح بهجمات الإسلاميين المتشددين، بما في ذلك الهجوم على مقر مجلة «شارلي إيبدو» في فرنسا.
وراقبت الشرطة صالح في شهر مارس (آذار) الماضي، وهو يمشي عند كوبري جورج واشنطن الذي يربط ولاية نيوجيرسي بمدينة نيويورك. ويبدو أنه كان يتفحص الجسر. وإن سلوك صالح دفع الشرطة إلى مقابلته، وإنه نفى تعاطفه مع «داعش»، وسمح للشرطة بفحص كومبيوتره، لكن عثرت الشرطة على مواد دعائية لتنظيم داعش في الكومبيوتر.
وحسب تصريحات أدلى بها في ذلك الوقت متحدث باسم شرطة نيويورك، تتابع الشرطة «عددًا غير قليل» من المتآمرين الذين حاولوا شن هجمات فردية في الأشهر الأخيرة.
وتعتقد الشرطة أنهم فعلوا ذلك بإلهام من «داعش»، والشرطة «تتابع قضايا مماثلة في جميع الولايات الأميركية». وبحسب الوثائق في يد المحكمة أيضًا فإن «سعادة ازداد عنفًا وعزلة ودعاء وسرية مع اقتراب موعد سفره من نيويورك إلى العاصمة الأردنية عمان في الخامس من مايو».
وعشية مغادرته، يشتبه بأنه بحث مع شخصين آخرين خطتهم المشتركة للسفر إلى تركيا ومنها الانضمام إلى متطرفي «داعش» إلا أن سعادة اعتقل بعد وقت قصير على وصوله إلى الأردن ومن ثم تم ترحيله إلى الولايات المتحدة ليمثل أمام القضاء.
وفي نيوجيرسي، اعتقل شقيقه علاء سعادة (23 عامًا) في 29 يوليو (تموز) واتهم أيضًا بالتآمر لتأمين دعم وتجنيد أشخاص لصالح تنظيم داعش.
وسكن الشقيقان في شقة واحدة بعد ترحيل والديهما من الولايات المتحدة بأمر قضائي، ويعيش والدهما حاليًا في سلطنة عمان.
والشهر الماضي وجهت أيضًا التهم لسامويل توباز (21 عامًا) من فورت لي في نيوجيرسي بالتآمر لتأمين الدعم المادي لتنظيم داعش.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.