مخاوف بشأن تراجع اهتمام «فيسبوك» بالمحتوى الإخباري

شعار «فيسبوك»
شعار «فيسبوك»
TT

مخاوف بشأن تراجع اهتمام «فيسبوك» بالمحتوى الإخباري

شعار «فيسبوك»
شعار «فيسبوك»

القاهرة: إيمان مبروك

اعتبر مراقبون تقريراً أعد أخيراً لشركة «ميتا» وذكر أن «الأخبار ليست خدمة أساسية لدى (فيسبوك)»، مؤشراً يمكن أن يعكس تراجعاً في العلاقة بين منصة «فيسبوك» وصُناع الأخبار.
وفق التقرير، الذي أعدته شركة الاستشارات الاقتصادية «نيرا» لصالح «ميتا» (مالكة المنصة) في أبريل (نيسان) الحالي، فإن «القصص الإخبارية تُمثل أقل من 3 في المائة فقط من المحتوى المتداول على (فيسبوك)». وهو ما اعتبرته الشركة دوراً اقتصاديا محدوداً ويتوقع أن يتراجع أكثر. وبالتالي، ترى «ميتا» أن مشاركة القصص الإخبارية على «فيسبوك» لا جدوى لها، كما أعربت الشركة عن «تراجع نية الدفع مقابل نشر الأخبار إلى الصفر».
جدير بالذكر أنه قبل صدور توصيات التقرير، كانت «فيسبوك» قد تراجعت بالفعل في نشر المحتوى الإخباري من خلال تعديل خوارزميات أولويات النشر، كما ألغت المقالات الفورية التي كانت تحقق للمنصات الصحافية مزيداً من الزيارات. وفي هذا الشأن يقول هاني سيمو، خبير بالإعلام والمشاريع الرقمية في الإمارات، إنه حان الوقت لتقييم «العلاقة النفعية» بين «فيسبوك» والناشرين في إطار أوسع من المنظور الاقتصادي. وتابع في لقاء مع «الشرق الأوسط» إن «فيسبوك وشبكات التواصل الاجتماعي وسائل تسمح بالتواصل المباشر بين المؤسسات الإعلامية والجمهور، وهي أدوات تفاعلية يحتاجها الناشرون». وأضاف: «شبكات التواصل الاجتماعي تُؤمّن للناشرين فُرص التعرف على الجمهور واهتماماتهم وصفاتهم، فضلاً عن الأدوات التي توفرها المنصات، والتي تسمح بالتعرف على ما هو رائج، وتحديد توجهات الجمهور خارج صفحاتهم، وهذه الإحصائيات من شأنها أن تساعد الناشرين في تقديم المادة المناسبة في الوقت المناسب والشكل المناسب».
سيمو أرجع السبب وراء تراجع اهتمام «فيسبوك» بالمحتوى الإخباري إلى «تقلص عائدات الإعلانات الرقمية». وأوضح أنه «في ظل تخوف الكثير من المؤسسات حول العالم من الركود الاقتصادي، وكنتيجة للخطط الاحترازية والتقشفية، خفض العديد من المعلنين - في الاقتصاديات الغربية تحديداً - إنفاقهم، وتراجعت بالتبعية عائدات الإعلانات الرقمية عالمياً... وظهر هذا بشكل واضح في تقارير متتالية منذ منتصف عام 2022»، لافتاً إلى أن «هذا التراجع دفع شبكات التواصل الاجتماعي لإعادة حساباتها وتحديد أولوياتها».
وشرح سيمو أن «المؤسسات الإعلامية العربية الكبرى لا تنظر إلى منصات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيسي لعائداتها، لكنها بالتأكيد تعتبرها مصادر هامة للعائدات المتممة... ولا يُمكن أن تعتمد المؤسسات الإعلامية الكبرى على عائدات إعلانات شبكات التواصل فقط في تغطية نفقاتها، فعائدات شبكات التواصل - نظراً لحجم تكاليف العمل الإعلامي - لا يُمكن أن تكون كافية وحدها لضمان استمرارية عمل المؤسسات الإعلامية».
وهنا يرجح سيمو أن تتحرك المؤسسات الإعلامية في مسار موازٍ. فيوضح أن «الاستثمار المستدام للمؤسسات الإعلامية يشترط أن يكون محور عملها، ويدور حول استراتيجية نمو وتطوير المؤسسات نفسها سواء الموقع الإلكتروني للمؤسسة، أو التطبيقات بمختلف أنواعها، وبالتأكيد اهتمام المؤسسة الإعلامية بعلامتها التجارية وشهرتها ومعرفة الجمهور بها... ويشمل هذا، تطوير وثقة الجمهور بمحتوى المؤسسة، وتقديره لجودة منشوراتها وخدماتها لتحقيق تنويع مصادر دخل المؤسسة عبر التوسع في تقديم خدمات جديدة».
وحول ضمان استمرار علاقة المؤسسات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي. قال سيمو إن «الأمر يتوقف على القيمة المضافة التي تقدمها المؤسسة... وعلى المؤسسة الإعلامية الناجحة أن تستثمر فيما هو أبعد من حصد المشاهدات، عبر الحرص على توظيف فهمها خوارزميات وآليات عمل المنصات، وتقديم مادة ذات قيمة مضافة حقيقية للجمهور».
هذا، ويشار إلى أن التقرير السنوي حول اتجاهات وتوقعات الصحافة والإعلام والتكنولوجيا لعام 2023 الصادر عن معهد «رويترز لدراسة الصحافة» التابع لجامعة أكسفورد، ذكر أن «21 في المائة من مستخدمي (فيسبوك) يرون أن المحتوى الإخباري على المنصة أكثر مما يلزم، وهي النسبة الأعلى بين مستخدمي المنصات الأخرى». ولفت إلى أن المستخدمين اعتبروا هذا الاتجاه «غير ضروري». وبالفعل، حسب التقرير فإن «نسبة الأشخاص الذين يستخدمون (فيسبوك) للوصول إلى محتوى الأخبار آخذة في الانخفاض. وأن المنصة قد تقرر أن نجاحها في المستقبل يعتمد على أشكال بديلة من المحتوى، بما في ذلك الفيديو، بينما على المدى الطويل ستبرز تقنيات ميتافيرس والذكاء الصناعي».
من جهة ثانية، علق حاتم الشولي، مشرف تحرير إعلام رقمي في قناة «الشرق للأخبار»، على تقرير «ميتا» بشأن المحتوى الإخباري على «فيسبوك»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «ثمة اضطراباً طال علاقة منتجي الأخبار بالمنصة منذ قضية أثيرت في عام 2017... وبعدما طالبت بعض المؤسسات الصحافية في أستراليا المنصة بدفع مقابل لما تقدمه من خدمة إخبارية، ذهبت الشركة إلى إعادة تقييم المنافع من ذلك ومدى الأهمية الاقتصادية للخدمات الإخبارية، على منصة بالأساس معنية بالتواصل الاجتماعي». وأردف: «لقد تصاعدت الأزمة بين (فيسبوك) والناشرين على خلفية رغبة (فيسبوك) في توجيه القصص الإخبارية لخدمة بعض الأغراض السياسية، مما وضعها في مأزق تكرر في أكثر من حدث».
ويرى الشولي أن ثمة علاقة ذات مسارين ومنفعة متبادلة تربط صُناع الأخبار بمنصة «فيسبوك»، موضحاً: «كلاهما يغذي الآخر، فالمنصة لديها بعض المحددات والإمكانيات يستخدمها صُناع المحتوى لنشر أعمالهم، وكذلك، حين يُقدم صانع المحتوى مادة حصرية أو مميزة، فهو يقود المنصة في هذه اللحظة، مما يشير إلى أننا أمام مسارات متوازية تقودها استراتيجيات تتبدل وفقاً للاقتصاديات العالمية».
ويدلل الشولي على دور صانع المحتوى في توجيه المنصة بقوله: «عندما ظهرت (تيك توك) اتفق الجميع على أنها منصة ترفيهية فحسب، بينما الآن نتابع محتوى أكثر تنوعاً بسبب ما فرضه صُناع المحتوى... وحينما تلتقي رغبة صانع المحتوى مع إمكانيات المنصة تخلق علاقة تكاملية». وأضاف: «المؤسسات الإعلامية العربية لا تعتمد على (فيسبوك) كمصدر أصيل للدخل... وما يدره (فيسبوك) للمؤسسات جزء ضئيل للغاية، مقارنةً بالجهد المبذول لتقديم محتوى مميّز، بينما تعتمد المؤسسات على جمهور «فيسبوك» لتوجيه الإعلانات المدفوعة».
وهنا يعتبر الشولي أن «جميع منصات التواصل الاجتماعي المتوفرة راهناً لا تفي بما تتوق إليه المؤسسات الإعلامية والناشرين». وتابع: «نتطلع إلى منصة جديدة تأتي خصيصاً لتُعزز الخدمات الإخبارية بأشكالها المختلفة، وتحاكي احتياجات الجمهور، لا سيما أن القصص الإخبارية تحظى بجماهيرية، خاصة في وقت الأزمات مثل فترة جائحة (كوفيد - 19)، التي أثبتت حاجة الجمهور إلى مصادر موثوقة».
ويرى الشولي أن «المنافسة والاستثمار المستدام يتحققان فقط من تقديم محتوى جيد. والمحتوى التثقيفي والتعليمي القائم على معلومات دقيقة وموثوقة، هو ما يضمن البقاء، لأن القارئ ما زال يبحث عن المصدر الذي يُشكل آراءه ويقوده إلى متابعة المشهد الاجتماعي والسياسي من دون أي توجيه».


مقالات ذات صلة

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

آسيا خلال احتجاج نظمته حركة «طالبان» في أفغانستان (رويترز - أرشيفية)

إحصاء 336 اعتداءً ضد الصحافيين في 3 سنوات من حكم «طالبان» في أفغانستان

أفادت الأمم المتحدة، الثلاثاء، بأنها سجّلت 336 اعتداءً على صحافيين وعاملين في وسائل إعلام منذ عودة «طالبان» لحكم أفغانستان في أغسطس 2021.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا مبنى التلفزيون المصري في ماسبيرو (الهيئة الوطنية للإعلام)

تشكيلة جديدة للهيئات الإعلامية بمصر وسط ترقب لتغييرات

استقبلت الأوساط الإعلامية والصحافية المصرية، التشكيلة الجديدة للهيئات المنظمة لعملهم، آملين في أن تحمل معها تغييرات إيجابية.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
المشرق العربي المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب) play-circle 00:40

محمد عفيف... صوت «حزب الله» وحائك سياسته الإعلامية

باغتيال مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف تكون إسرائيل انتقلت من اغتيال القادة العسكريين في الحزب إلى المسؤولين والقياديين السياسيين والإعلاميين.

بولا أسطيح (بيروت)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مباحثات سعودية - صينية في بكين لتطوير التعاون الإعلامي

وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال لقائه مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي (واس)
وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال لقائه مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي (واس)
TT

مباحثات سعودية - صينية في بكين لتطوير التعاون الإعلامي

وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال لقائه مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي (واس)
وزير الإعلام سلمان الدوسري خلال لقائه مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي (واس)

التقى سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، مدير مكتب الإعلام بمجلس الدولة الصيني مو قاو يي. وجرى، خلال اللقاء الذي عُقد في العاصمة الصينية بكين، الخميس، بحث آفاق التعاون الإعلامي وسبل تطويره، وتبادل الخبرات بين الجانبين والاستفادة منها، إضافةً إلى تعزيز التعاون في مجال تكنولوجيا الإعلام وتفرعاتها المختلفة.

كما زار الوزير الدوسري إدارة جامعة بكين للغات والثقافة، والتقى رئيس مجلس إدارة الجامعة ني هايدونغ، وناقش، خلال الزيارة، أوجه تطوير العمل المشترك، وتبادل الخبرات بمجال الإعلام والنشر والترجمة واللغة، وذلك في بيان نشرته «الخارجية» السعودية على موقع سفارتها في بكين.


وزير الإعلام سلمان الدوسري يلتقي رئيس مجلس إدارة جامعة بكين للغات والثقافة ني هايدون (الخارجية السعودية)

والتقى الوزير الدوسري بالطلبة السعوديين في جامعة بكين، وتبادل معهم الحديث، كما جرى توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين منصة سعوديبيديا وجامعة بكين للغات والثقافة، وذلك بحضور السفير السعودي لدى الصين عبد الرحمن الحربي.

وأشاد وزير الإعلام السعودي بالنمو المميز للعلاقات الثنائية بين البلدين، خلال لقائه رئيسة الهيئة الوطنية للإذاعة والتلفزيون الصينية تساو شومين، وبحث معها سبل تعزيز التعاون المشترك بمجال الإذاعة والتلفزيون.


وزير الإعلام سلمان الدوسري يلتقي الطلبة السعوديين في جامعة بكين (الخارجية السعودية)