احتدام المعركة حول مقر القيادة العامة للجيش السوداني

نداء استغاثة لعلاج مئات المصابين جرَّاء الرصاص العشوائي

عدد من سكان الخرطوم يسعون للخروج منها (أ.ف.ب)
عدد من سكان الخرطوم يسعون للخروج منها (أ.ف.ب)
TT

احتدام المعركة حول مقر القيادة العامة للجيش السوداني

عدد من سكان الخرطوم يسعون للخروج منها (أ.ف.ب)
عدد من سكان الخرطوم يسعون للخروج منها (أ.ف.ب)

تواصلت معارك الكر والفر بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع»، لليوم الثاني، أمس، في مناطق استراتيجية متفرقة في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، بينما تشير المصادر إلى أن المعركة الأكثر أهمية واحتداماً تلك التي تدور حول مقر القيادة العامة للجيش في وسط العاصمة، والتي تعني -تاريخياً- السيطرة عليها انتصاراً كبيراً قد يحسم بقية المعارك في المواقع الأخرى.
وفي الأثناء، قتل عشرات وأصيب مئات من المدنيين بعد إصابتهم بالرصاص العشوائي الذي يخترق مخابئهم ومنازلهم في العاصمة الخرطوم، وأطلقت نقابة الأطباء نداء استغاثة حثت فيه الأطباء للالتحاق بالمستشفيات لتقديم الخدمة للجرحى. وعادت أصوات الرصاص تعلو في العاصمة السودانية الخرطوم لليوم الثاني من أيام القتال بين الجيش وقوات «الدعم السريع» الذي اندلع صبيحة السبت، بعد صمت قصير خلال الليل لم تسمع فيه سوى طلقات متفرقة؛ لكن الاشتباكات تجددت في عدد من المناطق، ما إن أفاق المتقاتلين من غفوتهم القصيرة التي أعقبت أحد أشد أيام المدينة عسراً منذ سنين.
وفي فجر أمس (الأحد)، تجدد القتال بين القوتين، واشتعلت النيران، وعلت أصوات إطلاق الرصاص ودانات المدافع وانفجارات القنابل، وهسيس الطائرات، لتصم آذان الخرطوم عن أي شيء سوى أصوات الحرب وصيحات الجنود وآهات المصابين، فقد أُجبرت على ما لا ترغب فيه على غفلة من زمانها.

القيادة العامة للجيش
ووجَّهت نقابة أطباء السودان «نداء استغاثة» للأطباء من كافة التخصصات للالتحاق بعدد من المستشفيات، لتقديم الخدمة الطبية الضرورية للمصابين، وقالت: «نرجو من جميع القادرين على تلبية النداء التوجه فوراً للمستشفيات المذكورة، نظراً لوجود أعداد كبيرة من المصابين والحالات الحرجة التي تتطلب تدخلاً جراحياً بصورة عاجلة»، وقد بلغ عدد قتلى الأحداث 56، مع 600 جريح، معظمهم قتلوا وأصيبوا جراء إطلاق النار العشوائي والرصاصات والقذائف الضالة.
وفي محيط القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم، على الرغم من أن أصوات القتال لم تسكت؛ فإنها ازدادت حدة عند الصباح، واستُخدمت فيها الرشاشات الخفيفة والمدفعية الثقيلة والمدرعات؛ بل رجح كثير من المصادر أن بعض أبراج السيطرة والتحكم التي دُمرت استُخدم في تدميرها سلاح الطيران. وقال شهود كثر إنهم سمعوا أزيز الطائرات الحربية وهي تحوم فوق المكان.

سجن «كوبر»
وشهدت المنطقة حول سجن «كوبر» المركزي الشهير؛ حيث يوجد قادة النظام السابق، بمن فيها الرئيس المعزول عمر البشير، معركة صباحية كبيرة، استُخدمت فيها الأسلحة الخفيفة والثقيلة كافة. وبحكم حظر التجوال القسري، فإن أصوات المعركة هي التي يمكن للشهود سماعها، ولا يعرف أحد ما إن كانت تلك العمليات الغرض منها السيطرة على السجن الذي يضم كبار «قادة نظام الإسلاميين» المقبوض عليهم منذ إسقاط نظامهم في أبريل (نيسان) 2019، والاستيلاء عليه من قوات «الدعم السريع» التي كانت تتولى تأمينه قبل اندلاع الحرب.
وبالقرب من السجن، يقع منزل النائب الأول للرئيس؛ حيث كانت تقيم إحدى أسر قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وكانت هناك محاولة للسيطرة عليه لرمزيته، فاصطدمت القوة المهاجمة بقوات «الدعم السريع» التي كانت تحرس المكان، وبالطبع لم يكن حميدتي داخله ولا أحد أفراد أسرته.
وذكر متابعون أن معركة شرسة دارت بين القوتين حول مقر «جهاز هيئة العمليات» السابق، والذي سيطرت عليه قوات «الدعم السريع»، بعد أن دحرت القوة التابعة لجهاز الأمن وقتها، وقيل إنها تمردت. ونقل الشهود أن القوة المتمركزة من «الدعم السريع» تكبدت خسائر كبيرة، بيد أن المعلومات لم تذكر ما إن كان الجيش قد سيطر على المقر أم لم يسيطر عليه. وقال مواطنون إنهم سمعوا أصوات الطائرات وشاهدوها تحلق في منطقة شرق النيل بالخرطوم بحري، وشارع الستين بشرق الخرطوم، ابتداء من وقت مبكر من صباح أمس، وشوهدت مضادات أرضية تطلق أسلحتها باتجاه تلك الطائرات المغيرة.

مدن متفرقة
ومثلما في الخرطوم، لم تتوقف الاشتباكات في كل من مدن بورتسودان والقضارف شرقاً، واتهمت قوات «الدعم السريع» طيراناً حربياً أجنبياً، لم تسمِّه، بالضلوع في الهجوم على مواقعها في مدينة بورتسودان، وهو ما يعضد رواية متداولة بكثافة في الخرطوم أيضاً، بأن طيراناً أجنبياً شارك في العمليات الحربية لصالح الجيش، وهو الأمر الذي لم ينفه متحدثه الرسمي ولم يؤكده؛ لكنه قال في مقابلة تلفزيونية إن لجيشه علاقات مع كثير من الجيوش الصديقة في الإقليم والعالم، مؤكداً عدم وصول قواته لمرحلة الحاجة للاستنجاد بالأصدقاء.
وقال شاهد تحدث لـ«الشرق الأوسط» من مدينة بورتسودان، إن الاشتباكات توقفت في المدينة، وأن الجيش تسلم مقرات قوات «الدعم السريع» بعد استسلامها في كل من القضارف وبورتسودان، بينما انتشرت معلومات عن معارك ضارية بين القوتين في كل من الفاشر ونيالا وزالنجي في غرب السودان.
وتضاربت المعلومات حول الأوضاع في قاعدة مروي الجوية شمال البلاد، فبعد أن سيطرت عليها قوات «الدعم السريع» منذ اليوم الأول، تناقلت وسائط تواصل اجتماعي مؤيدة للجيش أنه استردها، بينما تمسكت قوات «الدعم السريع» بمواصلة سيطرته على القاعدة، وأن محاولات استردادها فشلت.

برج القوات البحرية
وفي إطار الحرب الإعلامية، قالت قوات «الدعم السريع» إنها استولت على «برج القوات البحرية» داخل القيادة العامة للجيش السوداني، مشيرة إلى أنها تقاتل في كل المحاور. من جانبه، قال الجيش السوداني على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، إن قائد قوات «الدعم السريع» الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) هرب من مخبئه، بعد هروب طاقم حراسته والجنود المكلفين بتأمينه، دون أن يذكر معلومات إضافية أو يحدد الجهة التي قصدها الرجل، وما إن كانت القوات قد استولت على المقر الذي كان يختبئ فيه.
وفي المقابل، قال الإعلام الرسمي لقوات «الدعم السريع»، في تصريحات إعلامية، إن أفرادها يقاتلون في كل المحاور، وإن قائدها محمد حمدان دقلو يقود المعارك بنفسه وفق خطة مجازة سلفاً، نافياً بشكل قاطع ما زعمه الجيش، وقال إنهم يقاتلون داخل القيادة العامة، وانضم إليهم كثير من الضباط.
ولم تتوقف المعارك حول القيادة منذ اندلاع النزاع، وظلت أصوات القتال والدانات والقذائف تُسمع في أنحاء واسعة من محيط القيادة العامة والأحياء المجاورة لها، بينما قالت قوات «الدعم السريع» إنها سيطرت على «برج قيادة القوات البحرية» داخل القيادة العامة للجيش السوداني، وهي المنطقة التي تدور حولها المعارك منذ البداية، ولم يتوقف القتال منذ اندلاعه، وتبادل الطرفان مزاعم السيطرة عليها، فبينما قال دقلو إن قواته تسيطر عليها، نفى الجيش مؤكداً أن قيادته تحت سيطرته.

البيانات المتباينة
وتقع القيادة العامة للقوات المسلحة وسط الخرطوم، وتضم عدة إدارات عسكرية على شكل أبراج، ومن بينها برج قيادة القوات البحرية الذي زعمت قوات «الدعم السريع» السيطرة عليه، وقد حصن الجيش القيادة بسور خرساني ضخم من الجهة الشمالية والغربية، يصعب اختراقه بالآليات الثقيلة، ووصفه دقلو بأنه لحماية البرهان؛ لكن المعارك دارت في الجهة الجنوبية والشرقية المقابلة لمطار الخرطوم.
ودرجت القوتان المتقاتلتان على تقديم أخبار لا يمكن التحقق منها، تؤكد سيطرتها على الأوضاع، فمرة يؤكد الجيش أنه يسيطر على الموقف، بينما تعلن قوات «الدعم السريع» السيطرة على عدد كبير من مراكز القيادة والسيطرة والمطارات، ثم يسارع الجيش لينفي ذلك، ثم يعلن استرداده المقر.
وحسب صحافيين، فإن الطرفين يشنان حملات «تضليل» وحرب نفسية واسعة، تهدف لتقديم الدعم النفسي للقوات، وإلحاق الهزيمة النفسية بقوات الخصوم، وتستخدم فيها أعداد كبيرة من مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية. ويعاني الصحافيون صعوبة التقصي حول الأخبار المتداولة. وقالت صحافية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يعد لدينا ما نفعل سوى أن ننقل تصريحات الطرفين، على الرغم من معرفتنا بأنها قد تكون مضللة، فبسبب الحرب يصبح إيجاد مصدر مستقل يؤكد تلك المعلومات أمراً صعباً».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
TT

الجيش السوداني يعلن استعادة مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار

أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)
أفراد من الجيش السوداني كما ظهروا في مقطع فيديو للإعلان عن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من عناصر «قوات الدعم السريع» (الناطق باسم القوات المسلحة السودانية عبر «إكس»)

استعادت قوات الجيش السوداني، السبت، مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار في جنوب شرقي البلاد، ما يسهل على الجيش السيطرة على كامل الولاية. وأظهرت مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، مئات الأشخاص يخرجون إلى الشوارع احتفالاً باستعادة المدينة التي ظلت لأكثر من 5 أشهر تحت سيطرة «قوات الدعم السريع».

وقال مكتب المتحدث الرسمي باسم الجيش، في بيان نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، إن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى دخلت رئاسة الفرقة 17 مشاة بمدينة سنجة». ولم يصدر أي تعليق من «قوات الدعم السريع» التي كانت استولت في مطلع يوليو (حزيران) الماضي، على مقر «الفرقة 17 مشاة» في مدينة سنجة بعد انسحاب قوات الجيش منها دون خوض أي معارك. ونشر الجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر عناصره برتب مختلفة أمام مقر الفرقة العسكرية الرئيسة.

بدوره، أعلن الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الثقافة والإعلام، خالد الأعيسر، عودة مدينة سنجة إلى سيطرة الجيش. وقال في منشور على صفحته في «فيسبوك»، نقلته وكالة أنباء السودان الرسمية، إن «العدالة والمحاسبة مقبلتان وستطولان كل من أسهم في جرائم، وستتم معاقبة المجرمين بما يتناسب مع أفعالهم».

وأضاف أن «الشعب السوداني وقواته على موعد مع تحقيق مزيد من الانتصارات التي ستعيد للبلاد أمنها واستقرارها، وتطهرها من الفتن التي زرعها المتمردون والعملاء ومن يقف خلفهم من دول وأطراف متورطة».

وفي وقت سابق، تحدث شهود عيان عن تقدم لقوات الجيش خلال الأيام الماضية في أكثر من محور صوب المدينة، بعد أن استعادت مدينتي الدندر والسوكي الشهر الماضي، إثر انسحاب «قوات الدعم السريع». وقال سكان في المدينة لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات الجيش وعناصر المقاومة الشعبية انتشروا بكثافة في شوارع سنجة، وإنهم فرحون بذلك الانتصار.

مسلّحون من «قوات الدعم السريع» في ولاية سنار بوسط السودان (أرشيفية - مواقع التواصل)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، خاض الجيش معارك ضارية ضد «قوات الدعم السريع»، نجح من خلالها في استعادة السيطرة على منطقة «جبل موية» ذات الموقع الاستراتيجي التي تربط بين ولايات سنار والجزيرة والنيل الأبيض. وبفقدان سنجة تكون «قوات الدعم السريع» قد خسرت أكثر من 80 في المائة من سيطرتها على ولاية سنار الاستراتيجية، حيث تتركز بقية قواتها في بعض البلدات الصغيرة.

يذكر أن ولاية سنار المتاخمة لولاية الجزيرة في وسط البلاد، لا تزال تحت سيطرة «قوات الدعم السريع»، التي تسيطر أيضاً على معظم أنحاء العاصمة الخرطوم ومنطقة غرب دارفور الشاسعة، إضافة إلى جزء كبير من ولاية كردفان في جنوب البلاد.

ووفقاً للأمم المتحدة نزح أكثر من نحو 200 ألف من سكان ولاية سنار بعد اجتياحها من قبل «قوات الدعم السريع».

واندلعت الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في الجيش خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في العاصمة الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى. وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء البلاد.