القاهرة وجوبا تعربان عن استعدادهما لوساطة بين «الأطراف السودانية»

السيسي وسيلفا كير تشاورا هاتفياً بشأن التطورات

دخان في مساء الخرطوم نتيجة المعارك بين الدعم السريع والجيش السوداني (أ ف ب)
دخان في مساء الخرطوم نتيجة المعارك بين الدعم السريع والجيش السوداني (أ ف ب)
TT

القاهرة وجوبا تعربان عن استعدادهما لوساطة بين «الأطراف السودانية»

دخان في مساء الخرطوم نتيجة المعارك بين الدعم السريع والجيش السوداني (أ ف ب)
دخان في مساء الخرطوم نتيجة المعارك بين الدعم السريع والجيش السوداني (أ ف ب)

عرضت مصر وجنوب السودان «الوساطة بين الأطراف السودانية»، لحل النزاع الدائر حالياً، الأمر الذي عدَّه خبراء، تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، مبادرة «جيدة» تتطلب دعماً من الجهات العربية والدولية، راهنين نجاحها بـ«قبولها» من الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع»، ومدى استعداد طرفي النزاع لحقن الدماء.
وأعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ونظيره رئيس دولة جنوب السودان سيلفا كير ميارديت، اليوم الأحد، عن استعداد البلدين لـ«القيام بالوساطة بين الأطراف السودانية».
وأشار الرئيسان، خلال اتصال هاتفي بينهما، إلى أن «تصاعد العنف لن يؤدي سوى إلى مزيد من تدهور الوضع، بما قد يخرج به عن السيطرة».
كما أكدا أن ترسيخ الأمن والاستقرار هو الركيزة الضامنة لاستكمال المسار الانتقالي السياسي، وتحقيق البناء والتنمية في السودان.
وقال المستشار أحمد فهمي، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن السيسي تلقّى، الأحد، اتصالاً هاتفياً من رئيس دولة جنوب السودان، لـ«التباحث بشأن مستجدّات الأوضاع الأخيرة في السودان، في ضوء الروابط التاريخية والعلاقات الأخوية المتميزة بين الدول الثلاث، ودور القاهرة وجوبا في دعم استقرار وسلامة السودان».
وأفاد البيان المصري بأن الرئيسين شددا على «خطورة الأوضاع الحالية والاشتباكات العسكرية الجارية، مؤكدين كامل الدعم للشعب السوداني الشقيق في تطلعاته نحو تحقيق الأمن والاستقرار والسلام».
وقال المتحدث الرئاسي المصري إن «الرئيسين وجّها نداء للوقف الفوري لإطلاق النار في السودان، مناشدين الأطراف كافة، التهدئة وتغليب صوت الحكمة والحوار السلمي، وإعلاء المصلحة العليا للشعب السوداني».
رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير الخارجية المصري الأسبق محمد العرابي أكد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «أي جهود للوساطة مطلوبة حالياً»، مشيراً إلى أن «القاهرة وجوبا تربطهما علاقات جيدة مع الخرطوم، ونياتهما صادقة، ولا تسعيان لتأييد طرف على حساب الآخر، ودافعهما الوحيد هو مصلحة الشعب السوداني».
لكن العرابي يرى أن «الأوضاع الحالية داخل السودان لا تتقبل فكرة الوساطة»، وقال إن «نجاح جهود الوساطة المصرية - الجنوب سودانية مرهون بالأطراف السودانية نفسها، ومدى تقبلهم لها، ومدى استعدادهم لحقن الدماء». 
وطالب وزير الخارجية المصري الأسبق الأطراف السودانية بـ«الاستماع لصوت العقل»، وقال إن «الشعب السوداني هو المتضرر مما يحدث، وفي النهاية لا يستطيع أحد أن يدَّعي تحقيق شيء على الأرض».
بدوره، وصف خبير الأمن القومي والشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد مبادرة الوساطة المصرية - الجنوب سودانية بـ«الجيدة».
وأوضح عبد الواحد، في تصريحات، لـ«الشرق الأوسط»، أن «اتصالاً هاتفياً بين سيلفا كير، وطرفي الأزمة في السودان، مساء السبت، ناقش عدة موضوعات، قد يكون من بينها إمكانية التفاوض». 
وقال خبير الشؤون الأفريقية إن «مصر وجنوب السودان مؤهلتان للعب دور الوسيط، ولا سيما أنهما دولتا جوار مباشر، وليس لديهما مصالح مع طرف ضد آخر».
لكن خبير الشؤون الأفريقية، الذي شغل سابقاً منصب وكيل جهاز المخابرات المصرية، أكد أن «نجاح أي جهود للوساطة مرهون بمبادرات لديها أدوات ضغط وتفاوض قوية قادرة على إجبار طرفي النزاع في السودان على الجلوس على مائدة المفاوضات، وتسوية الأمر بطرق سلمية». 
وقال إنه «يجب أن تكون مبادرات الوساطة مدعومة من أطراف أخرى، ولا سيما أن الأطراف السودانية، في الفترة الحالية، لا يبدو أنها مستعدة لقبول الوساطة».
وأشار عبد الواحد إلى «أهمية دور الرباعية الدولية، والتي تضم الولايات المتحدة، وبريطانيا، والسعودية، والإمارات، في دفع جهود الوساطة، والوصول إلى تسوية سلمية للأزمة الحالية في السودان».
بدورها قالت الدكتورة أماني الطويل، مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، والخبيرة في الشؤون الأفريقية، إن «الأطراف السودانية ستقبل الوساطة المصرية - الجنوب سودانية». 
لكنها أوضحت، في تصريحاتها، لـ«الشرق الأوسط»، أن «قبول الوساطة لن يؤدي إلى وقف إطلاق النار، في وقت مبكر، لكن ربما بعد الاطمئنان لتموضعات عسكرية بعينها، ولا سيما في مدينة الخرطوم». 
وأكدت الطويل أن «الإعلان عن مبادرة الوساطة المصرية - الجنوب سودانية، لم يكن ليحدث دون تنسيق دولي، ولا سيما أن البلدين مؤهلان للعب هذا الدور»، مشيرة، في هذا السياق، إلى الاتصال الهاتفي بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مساء السبت.
وبحث السيسي وغوتيريش، في اتصال هاتفي، مساء السبت، مستجدّات الأوضاع في السودان، إذ أعرب الأمين العام للأمم المتحدة عن تقديره لـ«الدور الفاعل والمحوري لمصر في صون الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصاً ما يتعلق بدعم المسار الانتقالي في السودان»، وفق إفادة من الرئاسة المصرية. 
إلى ذلك، أكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، لنظيره السوداني علي الصادق، في اتصال هاتفي، «قلق بلاده البالغ من استمرار المواجهات المسلحة الحالية».
وأشار بيان لوزارة الخارجية المصرية، اليوم الأحد، إلى تأكيد شكري أن «الموقف المصري سيظل دائماً يدافع عن وحدة وسلامة السودان». 
وتطرّق الاتصال إلى «أهمية الحفاظ على أمن وسلامة جميع المصريين الموجودين في السودان، في ظل الأوضاع الأمنية المتدهورة».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الجيش السوداني يعلن «تحرير» مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار من «قوات الدعم السريع»

عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)
عناصر من الجيش السوداني خلال عرض عسكري (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلن الجيش السوداني، اليوم السبت، «تحرير» مدينة سنجة، عاصمة ولاية سنار، من عناصر «قوات الدعم السريع».

وأكد الناطق باسم الجيش السوداني على منصة «إكس» أن «القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى نجحت في تحرير سنجة... وسنستمر في التحرير، وقريباً سننتصر على كل المتمردين في أي مكان».

وفي وقت لاحق، قال رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، إن «الانتصار الكبير والعظيم سيكون له ما بعده».

وأضاف المجلس، في حسابه على «تلغرام»، أن البرهان أكد عزم القوات المسلحة على تحرير كل شبر من البلاد «ودحر الميليشيا التي تستهدف وحدة السودان».

واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»، في منتصف أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى.

وأدى الصراع إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد، وتسبب في أزمة نزوح ضخمة، كما أشعل موجات من العنف العرقي في أنحاء السودان.