تواصل المعارك في السودان لليوم الثاني

«الدعم السريع» أعلنت تعرضها لهجوم من «طيران أجنبي» في بورتسودان

دخان فوق سماء الخرطوم جراء الاشتباكات المسلحة (رويترز)
دخان فوق سماء الخرطوم جراء الاشتباكات المسلحة (رويترز)
TT

تواصل المعارك في السودان لليوم الثاني

دخان فوق سماء الخرطوم جراء الاشتباكات المسلحة (رويترز)
دخان فوق سماء الخرطوم جراء الاشتباكات المسلحة (رويترز)

شنَّ الجيش السوداني ضربات جوية على معسكر لقوات الدعم السريع شبه العسكرية بالقرب من العاصمة في محاولة لاستعادة السيطرة على البلاد اليوم الأحد، وذلك بعدما تسبب صراع الطرفين على السلطة في نشوب اشتباكات أسفرت عن مقتل العشرات من العسكريين و56 مدنياً على الأقل.
والاشتباكات التي اندلعت أمس السبت هي الأولى بين وحدات الجيش وقوات الدعم السريع.  وقال شهود في ساعة متأخرة من مساء السبت إن الجيش قصف معسكراً تابعاً لقوات الدعم السريع شبه العسكرية في مدينة أم درمان التي تقع على الضفة الأخرى لنيل العاصمة الخرطوم، وذلك في نهاية يوم من القتال العنيف.
وادعى كل طرف سيطرته على المطار ومنشآت حيوية أخرى في الخرطوم، التي احتدم فيها القتال أثناء الليل.
وأعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة السيطرة والاستيلاء على قواعد ومقرات لقوات الدعم السريع، التي تحدثت عن تعرضها لهجوم من «طيران أجنبي». وأفاد مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة في منشور بموقع «فيسبوك» اليوم، بـ«السيطرة والاستيلاء على قواعد ومقرات (الميليشيا المتمردة) بمدن بورتسودان وكسلا والقضارف، والدمازين وكوستي وكادوقلي ومعسكر كرري بشمال أم درمان».
وأشار المكتب إلى «سقوط أكبر قاعدة لقوات الدعم السريع في كرري (جبل سركاب) تحت يد القوات المسلحة، والاستيلاء على كل آليات وأسلحة وعتاد (الميليشيا المتمردة)».
ولفت النظر إلى أن «الفرقة الرابعة مشاة (الدماذين) تتسلم عدد 35 عربة من قوات الدعم السريع المتمردة بكامل أسلحتها وعتادها»، وفقاً لما ذكرته وكالة «الأنباء الألمانية».
بدورها، قالت قوات الدعم السريع إنها «أسقطت طائرة سوخوي روعت المواطنين منذ الصباح»، لافتة النظر إلى الاستيلاء على برج القوات البحرية بالقيادة العامة.
وأشارت قوات الدعم السريع، في منشور عبر صفحتها بموقع «فيسبوك»، إلى تعرض قوات الدعم السريع في بورتسودان إلى «هجوم من طيران أجنبي»، محذرة من التدخل الأجنبي، وأهابت بالرأي العام الإقليمي والدولي وقف «العدوان».
كما ناشدت لجنة أطباء السودان المركزية المنظمات الإنسانية والهيئات الصحية الدولية والإقليمية بتقديم العون وتوفير الإمداد الطبي لجميع المستشفيات والمرافق الصحية بالخرطوم ومناطق الاشتباكات بالولايات المختلفة. وطالبت المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية والدبلوماسية بضرورة الضغط لإلزام طرفي الصراع المسلح بوقف الاقتتال وتوفير ممرات آمنة للمدنيين، والسماح بالمرور الآمن لعربات الإسعاف والكوادر الطبية وتوفير التأمين اللازم للمرافق الصحية والمستشفيات.
https://twitter.com/aawsat_News/status/1647531895826300928?s=20
وفي الساعات الأولى اليوم الأحد، قال سكان إنهم سمعوا دوي أعيرة نارية وانفجارات قذائف مدفعية ثقيلة خلال الليل. وبثت قناة العربية لقطات تظهر تصاعداً للدخان الكثيف من بعض الأحياء في الخرطوم.
وقالت هدى، وهي من سكان حي في جنوب الخرطوم: «نحن خائفون ولم نذق طعم النوم منذ 24 ساعة بسبب الأصوات المدوية واهتزاز المنازل. نحن قلقون من نفاد الماء والغذاء والأدوية من أجل أبي فهو مريض بالسكري».
وأضافت: «هناك الكثير من المعلومات المضللة والجميع يكذبون. لا نعلم متى ينتهي ذلك وكيف سينتهي».
وقالت تغريد عابدين، وهي مهندسة معمارية تعيش في الخرطوم إن التيار الكهربائي انقطع ويحاول الناس ترشيد استهلاك بطاريات الهواتف المحمولة. وأضافت: «يمكننا سماع دوي ضربات جوية وقصف وأعيرة نارية».
وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن من الصعب على المسعفين والمرضى الوصول من وإلى المستشفيات، ودعت الجيش وقوات الدعم السريع لتوفير ممرات آمنة.
وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي طائرات عسكرية تحلق على ارتفاع منخفض فوق المدينة، وبدا أن واحدة منها على الأقل تطلق صاروخاً.
ويتنافس الجيش مع قوات الدعم السريع، التي يقدر محللون قوامها بنحو 100 ألف جندي، على السلطة بينما تتفاوض الفصائل السياسية على تشكيل حكومة انتقالية منذ إطاحة الحكومة المدنية في 2021.
وتأتي الاشتباكات في أعقاب تصاعد التوتر بين الجيش وقوات الدعم السريع بشأن دمج تلك القوات شبه العسكرية في الجيش. وأدى الخلاف إلى تأجيل توقيع اتفاق تدعمه أطراف دولية مع القوى السياسية بشأن الانتقال إلى الديمقراطية.
ومن شأن حدوث مواجهة طويلة الأمد بين الجانبين أن تؤدي إلى انزلاق السودان إلى صراع واسع النطاق في وقت يعاني فيه بالفعل من انهيار الاقتصاد واشتعال العنف القبلي، ويمكن أيضاً أن تعرقل الجهود المبذولة للمضي نحو إجراء انتخابات.
«ساعة النصر»
قال الجيش في بيان اليوم الأحد: «اقتربت ساعة النصر». وأضاف البيان: «نترحم على الأرواح البريئة، التي أزهقتها هذه المغامرة المتهورة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع المتمردة ودعواتنا للمصابين، ونبشر شعبنا الصابر الأبي بأخبار سارة قريباً بإذن الله».
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن 56 على الأقل قتلوا وأصيب 595 بينها إصابات لعسكريين منذ اندلاع المواجهات أمس السبت.
وأضافت أن العشرات من العسكريين قتلوا أيضاً، وذلك دون أن تذكر عدداً محدداً بسبب قلة المعلومات المباشرة من العديد من المستشفيات التي نقل إليها هؤلاء الضحايا.
وقالت قوات الدعم السريع صباح أمس السبت إنها سيطرت على القصر الرئاسي ومقر إقامة قائد الجيش ومقر التلفزيون الرسمي ومطارات في الخرطوم ومدينة مروي في الشمال وفي الفاشر وولاية غرب دارفور. ونفى الجيش هذه التأكيدات.
ودعت القوات الجوية السودانية في وقت متأخر من مساء أمس السبت المواطنين إلى البقاء في منازلهم لأنها ستقوم بعملية مسح كامل لأماكن وجود قوات الدعم السريع وتحركاتها، وأمرت الحكومة بإغلاق المدارس والبنوك والمكاتب الحكومية اليوم الأحد.
ودعت قوى دولية هي الولايات المتحدة والصين وروسيا ومصر والسعودية والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي إلى إنهاء فوري للأعمال القتالية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس السبت إنه تشاور مع وزيري خارجية السعودية والإمارات، وإنهم اتفقوا على ضرورة أن تنهي الأطراف في السودان أعمال القتال على الفور دون أي شروط مسبقة.
وذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنه بعد مكالمة هاتفية، دعا وزراء خارجية السعودية والولايات المتحدة والإمارات إلى العودة لاتفاق سياسي إطاري بين القوى السياسية المدنية والجيش في السودان.
وقالت القوات المسلحة على صفحتها على «فيسبوك»: «لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة»، وطلب الجيش من الجنود المنتدبين لدى قوات الدعم السريع أن يحضروا لوحدات الجيش القريبة، مما قد يؤدي إلى استنزاف صفوف قوات الدعم السريع إذا امتثلوا للأمر. ووصف حميدتي البرهان بأنه «مجرم وكاذب».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ليبيا لحصر عقارات وأصول تابعة لأسرة القذافي

معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)
معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)
TT

ليبيا لحصر عقارات وأصول تابعة لأسرة القذافي

معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)
معمر القذافي (أرشيفية من «رويترز»)

تتجه السلطات الليبية لحصر عقارات وأصول تابعة لأسرة الرئيس الراحل معمر القذافي، وذلك على خلفية رسالة رسمية طالبت بحصرها داخل البلاد، في وقت تم فيه توجيه اتهامات للميليشيات المسلحة في غرب ليبيا بـ«محاولة سيطرة بعض عناصرها على تلك الأصول».

وعدّ أنصار النظام السابق الحديث عن حصر هذه العقارات والأصول «محاولة تشويه»، فيما انتقد سياسيون غياب الشفافية في الكشف عن تفاصيل هذا الملف، خصوصاً بعد رفع الحراسة عن أسرة القذافي منذ عام 2021.

تجاهل رسمي

حسب نصّ الرسالة المتداولة، فقد طلب الحارس العام المكلف، التابع للنائب العام الليبي، عثمان الذيب، من رئيس مصلحة السجل العقاري، رضوان السني، حصر العقارات المملوكة للرئيس السابق وأبنائه: سيف الإسلام، والمعتصم، وهانيبال، وخميس، وسيف العرب، وهناء.

هانيبال القذافي (الشرق الأوسط)

لكن الجهات الرسمية التزمت الصمت حيال هذا الطلب، غير أن «الشرق الأوسط» علمت من مصادر متطابقة، بعضها موالٍ للنظام السابق، أن هذا الطلب جاء على خلفية اعتداءات متكررة لأفراد وميليشيات على مزرعة، وربما على قطع أرضية تؤول ملكيتها لأسرة القذافي، علماً أن بعض تلك الأصول العقارية أخليت، فيما زال بعضها الآخر تحت سيطرة ميليشيات.

والملاحظ أن تاريخ هذه الرسالة المتداولة جاء بعد نحو شهر من إعلان وزير الداخلية في «حكومة الوحدة» المؤقتة، عماد الطرابلسي، عن رصد حالات استيلاء على أملاك خاصة بأسرة القذافي، مثل منزل نجله المعتصم، متعهداً بتسليمها للعائلة، أو لوكلائهم عن طريق مكتب النائب العام، وفق تسجيل مصور في أغسطس (آب) الماضي.

سيف الإسلام القذافي (صفحته على «تويتر»)

وضمن التصريحات نفسها، كانت إشارة وزير الداخلية المكلف إلى أن عائشة القذافي حصلت على حكم محكمة، وأنه سيُسلم لها بيتها، وقال الطرابلسي حينها: «بغضّ النظر عن الاختلافات، جميعهم مواطنون ليبيون، وأملاك الدولة ستذهب إلى الدولة، وأي مواطن سيستعيد حقّه بعد الحصول على حكم من المحكمة... هذا وعد منا كلجنة».

وكان الطرابلسي يشير فيما يبدو إلى لجنة استرجاع أملاك الدولة والمواطنين بالعاصمة طرابلس، يشرف على أعمالها. وحاولت «الشرق الأوسط» التواصل مع خالد الزايدي، محامي أسرة القذافي، لكن لم يتسنَّ الحصول على ردّ.

يشار إلى أن الحارس العام المكلف طلب من مصلحة التسجيل العقاري، في رسالته المؤرخة بتاريخ 30 سبتمبر (أيلول) الماضي، تقريراً عن أنواع عقارات القذافي وأسرته، ومكانها ومساحتها وحدودها بشكل دقيق، مرفقة به دلائل الملكية العقارية، فيما لم تشمل قائمة الأسماء عائشة القذافي.

صورة أرشيفية للرئيس الراحل معمر القذافي مع بعض أفراد عائلته (الشرق الأوسط)

ومع ذلك، فإن فريقاً من أنصار النظام السابق ينظر بعين الشكّ إلى طلب حصر أملاك عائلة القذافي، وأدرجها ضمن ما عدّه «محاولة الإيحاء بأن القذافي كان يمتلك أرصدة ضخمة؛ وهذا غير صحيح». ومن بين هؤلاء، المتحدث الرسمي باسم الحركة الوطنية الشعبية، ناصر سعيد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن عقارات بعض أبناء القذافي في طرابلس «ليست قصوراً، لكنها بيوت عادية جداً»، موضحاً أن الرئيس السابق «أمر بتسجيل مقره في العزيزية، وكل الهدايا العقارية من أراضي واستراحات بالمدن الليبية باسم هيئة الأوقاف».

أسباب رفع الحراسة

يلحظ متابعون أن طلب حصر ممتلكات عائلة القذافي جاء بعد 3 أعوام من صدور قرار الدبيبة في سبتمبر (أيلول) 2021 برفع الحراسة عن 260 اسماً، من بينهم معمر القذافي وزوجته وأبنائه، وأغلب أركان النظام السابق. وهو ما بررته حكومة الدبيبة وقتها بأنه قرار جاء في إطار مساعي «رفع الظلم وجبر الضرر، وتحقيق العدالة الانتقالية، خصوصاً أن قوائم الخاضعين للحراسة وضعت دون ذكر سبب واضح، وإنما بشكل عمومي بسبب انتماءات مختلفة»، وفق الناطق الحكومي، آنذاك، محمد حمودة.

وكان «المجلس الوطني الانتقالي» الليبي، الذي تولى إدارة أمور البلاد بعد الإطاحة بنظام القذافي، قد أقرّ في مايو (أيار) عام 2012 قانوناً يمنع بموجبه نحو 300 شخص من التصرف في أموالهم وممتلكاتهم، بمن فيهم زوجة وأبناء القذافي ورموز نظامه، ويضعها في المقابل تحت إدارة الحارس العام.

عائشة القذافي (رويترز)

لكن يبدو أن قرار حكومة «الوحدة» في غرب ليبيا برفع الحراسة عن أموال القذافي وعائلته، أعقب محاولات حكومات ليبية سابقة على هذا المسار، إذ سبق أن أعلنت حكومة عبد الله الثني، الانتقالية السابقة، في عام 2017 رفع الحراسة القضائية المفروضة على بعض الليبيين، ومن بينهم زوجة القذافي وأبنائه.

وفي هذا السياق، تقول الاختصاصية القانونية ووكيلة وزارة العدل السابقة بحكومة الثني، سحر بانون، إن «قرارات رفع الحراسة صدرت بعد المراجعة القانونية لصحة ومشروعية تلك القرارات، حيث تبين أن قرار المنع السابق جاء مخالفة لصحيح القانون الليبي»، واصفة قرار الحراسة وقتها بأنه «سياسي، للحيلولة دون استخدام هذه الأموال والأصول في تمويل أي أنشطة مناهضة لثورة 17 فبراير».

وكشفت بانون لـ«الشرق الأوسط» أن مراجعة قوائم رفع الحراسة بدأ منذ عام 2014، وجرى تدارسها وإقرارها من قبل حكومة الثني، وإرسالها إلى النائب العام في طرابلس، بعد الموافقة عليها من قبل مجلس النواب.

في المقابل، انتقدت بانون قرار حكومة عبد الحميد الدبيبة منح الإذن لمصلحة التسجيل العقاري العام الماضي بـ«إعادة تفعيل تسجيل الممتلكات على نحو جزئي»، وعدّت هذا القرار «باباً مفتوحاً أمام فرصة التلاعب، وشرعنة نقل عقارات تؤول ملكيتها لأسرة القذافي وأنصار النظام السابق، الذين هاجروا أو ماتوا بالمنفى، أو هاجر أغلب ورثتهم، وذلك عبر إقامة بعض الأفراد والجهات دعاوى قضائية للحصول على أحكام نهائية، تختص بتلك العقود».

يشار إلى أن التسجيلات العقارية توقفت منذ عام 2011، قبل أن يعيد الدبيبة فتحها بشكل جزئي في 2022، وهو القرار الذي قوبل بجدل كبير، وألغته محكمة استئناف بنغازي، علماً أن القرار أجاز منح الشهادات والخرائط العقارية والشهادات الدالة على حالة العقار في السجلات العقارية.

ووسط غياب أي إشعارات رسمية من جانب حكومة الدبيبة، أو مكتب النائب العام، فإن رئيس «الحزب المدني الديمقراطي» الدكتور محمد سعد أمبارك، لفت إلى الغموض الذي يهيمن على ملف أملاك وعقارات أسرة القذافي، وقال إن مسألة «الشفافية وإظهار الحقائق للشعب قضية مهمة».