ماغي بدوي لـ«الشرق الأوسط»: حالة إبداع يسجلها اليوم جيل الشباب

بعد مواكبتها مسرح روميو لحود تعود في «ينعاد علينا»

تجسد بدوي دور تيريز الأم المهووسة بممارسة طقوسها الدينية    -   مع أنطوان كرباج في مسرحية «بنت الجبل» (خاص: ماغي بدوي)
تجسد بدوي دور تيريز الأم المهووسة بممارسة طقوسها الدينية - مع أنطوان كرباج في مسرحية «بنت الجبل» (خاص: ماغي بدوي)
TT

ماغي بدوي لـ«الشرق الأوسط»: حالة إبداع يسجلها اليوم جيل الشباب

تجسد بدوي دور تيريز الأم المهووسة بممارسة طقوسها الدينية    -   مع أنطوان كرباج في مسرحية «بنت الجبل» (خاص: ماغي بدوي)
تجسد بدوي دور تيريز الأم المهووسة بممارسة طقوسها الدينية - مع أنطوان كرباج في مسرحية «بنت الجبل» (خاص: ماغي بدوي)

شكّلت ماغي بدوي عنصراً فنياً أساسياً على مسرح الراحل روميو لحود عندما كان يستعان بها في أدوار كوميدية وساخرة، فعاصرت العصر الذهبي للمسرح الاستعراضي الفني الرائج في حقبة الثمانينات. وها هي اليوم تعود إلى المسرح ولكن من باب جيل الشباب مع عمل بعنوان «ينعاد علينا» على مسرح «مونو» في بيروت. وقد كان لها مشاركات في أعمال درامية كـ«أدهم بيك» و«الكاتب»، بعدها أطلّت على المسرح في عام 2017 في عمل بعنوان «عريس تحت الطلب». وفي عودتها إلى المسرح الذي تصفه بملعبها تقول لـ«الشرق الأوسط»: «أجد أن العمل الدرامي متعب فيما أشعر بأني أحلّق وأنا على الخشبة، فأرقص وأغني وأمثل على مساحة لا حدود لها وكأنني أمتلكها برمتها».
في مسرحية «ينعاد علينا» تجسد بدوي شخصية الأم التي تبالغ في ممارسة طقوسها الدينية، فمنزلها يعبق بأيقونات القديسين وتصدح فيه الصلوات والتراتيل، وهو الأمر الذي دفع بزوجها إلى مغادرة المنزل والاستقرار عند شقيقه. وتوضح بدوي: «العمل من نوع الـ(ميوزيكال) نستمع خلاله إلى موسيقى وأغان على البال، ويتشابك فيه الخيال مع الواقع. فبشخصية تيريز الوالدة المهووسة بالصلوات أحلم بأن أولادي وعلى عكس الواقع يجارونني بأفكاري. هذا التخيل يستمر حتى يوم كامل، ومن ثم أعود إلى الواقع الذي أعيشه مع رفض أولادي لهوسي».

اشتهرت بدوي في مسرح روميو لحود بأدوار فكاهية (خاص: ماغي بدوي)

تقول بدوي إنها درست دورها بتأن، ويتألف من نحو 75 صفحة ويتخلله 3 أغنيات. «أحضّر له منذ ثلاثة أشهر، وسأغني إلى جانب بعض الرقصات. الأغنية الأولى تشير بوضوح إلى هاجسي الإيماني، عنوانها (يتمجد اسمك يا رب)، وبها نفتتح المسرحية. وأغنية ثانية أؤديها على موسيقى إسبانية. والثالثة أتوجه بها إلى زوجي الذي يقرر أن يتركني».
وتتناول المسرحية التي تستمر حتى 30 أبريل (نيسان) (الحالي)، علاقة الأهل بأولادهم وما يواجههم من مشكلات وتعقيدات وتفاوت بالآراء. وتجري أحداثها في مناسبة عيد ميلاد ابن الأم تيريز فتجتمع العائلة تحت سقف واحد. ومن هنا تنطلق المسرحية التي يستغرق عرضها نحو ساعة و40 دقيقة من الوقت.
تؤكد بدوي أن المسرح يسهم في التخفيف من همومها. «إنه بمثابة علاج نفسي لي، ومهما كنت أشعر بالحزن أتخلص منه في ثوانٍ وأتجدد مع العرض».
كانت بدايات ماغي بدوي مع الراحلة إيفيت سرسق التي أطلقت «مسرح الساعة العاشرة» الساخر في لبنان، بعدها عملت مذيعة عبر الأثير وكاتبة برامج إذاعية. وجاء مسرح روميو لحود الاستعراضي فيما بعد ليسرقها من أي مهنة أخرى مارستها. وتصف المسرح في تلك الفترة بأنه كان بعيداً عن الاستخفاف والاستسهال. «مع الراحل روميو لحود كان ممنوع الغلط، فكنا نحترم الخشبة التي تحملنا مسؤولية كبيرة، واليوم أيضاً مع مخرج العمل سامر حنا ابن الـ30 عاماً ألحظ هذه الجدية».
وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «أحترم زمن الفن الجميل من دون شك، عشت خلاله كما غيري من الفنانين عصره الذهبي في لبنان. وقتها لم نكن نئن تحت وطأة مشكلات سياسية واقتصادية كما اليوم. وفي المقابل وبعد مرور كل تلك السنوات أعود إلى المسرح، مواكبة لجيل الشباب المبدع والنابض بأفكار حديثة».
اعتادت بدوي مواكبة جيل الشباب منذ ممارستها مهنة التعليم المسرحي في عدد من المدارس. «أنا أستاذة علوم طبيعية في الأساس، ولكن إدارة بعض المدارس التي كنت أعلّم فيها طالبتني بإعطاء دروس في المسرح. هذا الأمر وضعني على تواصل مباشر معهم. اليوم أواكب الشباب أيضاً من خلال المسرح ويلفتني لديهم هذا الكم من الإبداع الذي يتمتعون به».
وتختم الفنانة ماغي بدوي متوجهة إلى جمهور المسرح: «أدعو الجميع إلى مشاهدة (ينعاد علينا) لأنها تعكس وجهات نظر الشباب تجاه أهاليهم. ومع المواهب الواعدة، سيستمع الحضور بهذه المسرحية الموسيقية والترفيهية معاً».


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
TT

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

حين أطلق صُنّاع أغنية «ودارت الأيام» تحفتَهم الغنائية الخالدة عام 1970 لتصبح واحدة من روائع «كوكب الشرق» أمّ كُلثوم، ربما لم يخطر على بالهم أنها سوف تصبح اسماً لواحد من العروض المسرحية بعد مرور أكثر من نصف قرن.

وبينما تحفل الأغنية الشهيرة التي كتبها مأمون الشناوي، ولحّنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالتفاؤل والنهاية السعيدة لجفوة قديمة بين حبيبَين التقيا بعد سنوات من الفراق، فإن المسرحية التي تحمل الاسم نفسه، وتُعرَض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما الدّولي»، تحمل أجواءً حزينة مِلؤها الحسرة والأسى لزوجة تكتشف بعد فوات الأوان أنها خسرت كل شيء، وأن تضحياتها الزوجية عبر أحلى سنوات العمر ذهبت أدراج الرياح.

حالات متناقضة من المشاعر والانفعالات (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تروي المسرحية قصة زوجة تستيقظ فجأةً على نبأ وفاة زوجها، بيد أن المصيبة هذه لم تأتِ بمفردها، بل جرّت معها مصائب متلاحقة، ليُصبح الأمر كابوساً متكامل الأركان، فالزوج لم يَمُت في بيت الزوجية، بل في بيت آخر مع زوجة أخرى اقترن بها سراً قبل نحو 15 عاماً، لتكتشف البطلة أنها عاشت مخدوعة لسنوات طوال.

محاولة لاستعادة الماضي بلا جدوى (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تلك الصّدمة العاطفية الكُبرى شكّلت نقطة الانطلاق الحقيقية للعرض المسرحي الذي أخرجه فادي فوكيه، حين تأخذ البطلة التي جسّدت شخصيتها الفنانة وفاء الحكيم، في استرجاع ذكريات رحلتها الزوجية التي اتّسمت بتنازلها عن كثيرٍ من حقوقها بصفتها زوجة وأنثى، كما تروي مواقف عدّة، تقبّلت فيها معاملة زوجها المهينة ونظرته الدُّونية لها، وأنانيته وتغطرسه؛ إذ لم يكن يفكر إلا في نفسه، وكان يتعامل مع زوجته كأنها خادمة مسخّرة لتلبية رغباته، وليست شريكة حياة لها حقوق كما أن عليها واجبات.

عدّ الناقد المسرحي د. عبد الكريم الحجراوي، مسرح المونودراما الذي ينتمي إليه العمل «من أصعب أنواع القوالب الفنية؛ لأنه يعتمد على ممثّل واحد في مواجهة الجمهور، مطلوب منه أن يكون شديدَ البراعة ومتعددَ المواهب من حيث التّشخيص، والمرونة الجسدية، والاستعراض، والتحكم في طبقات صوته»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الممثل مُطالَب بالسيطرة على المتفرج، والإبقاء عليه في حالة انتباه وتفاعل طوال الوقت، ومن هنا تكمن الصعوبة، حيث لا وجود لشخصيات أخرى أو حوار.

ويضيف الحجراوي: «وجد ممثل المونودراما نفسه مطالَباً بالتعبير عن الصراع الدرامي بينه وبين الآخرين الغائبين، أو بينه وبين نفسه، فضلاً عن أهمية امتلاكه مرونة التعبير عن حالات مختلفة من المشاعر، والانفعالات، والعواطف المتضاربة التي تتدرّج من الأسى والحزن والشّجَن إلى المرح والكوميديا والسُّخرية، وهو ما نجحت فيه وفاء الحكيم في هذا العمل».

أداء تمثيلي اتّسم بالإجادة (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

ويُبرِز العمل الذي يُعدّ التجربة الأولى للمؤلفة أمل فوزي، كثيراً من محطات الخذلان والإحباط التي عاشتها الزوجة؛ فقد رفضت والدتها ذات الشخصية القوية، فكرة انفصالها عن زوجها في السنوات الأولى لحياتهما معاً، ومن ثَمّ رفضت الزوجة نفسها فكرة الانفصال بعد إنجاب أكثر من طفل، وتلوم البطلة نفسها بسبب قبولها لموضوع الزواج في سنٍّ صغيرة وهي لا تزال في بداية دراستها الجامعية، وعجزها عن التمرد بوجه زوجها حين رفض بإصرارٍ أن تُكمل دراستها، مخالِفاً بذلك وعدَه لها ولأسرتها أثناء فترة الخطوبة.

واللافت أن الزوجة لا تغار من الزوجة الثانية التي أنجبت هي الأخرى طفلاً من زوجهما المشترك، بل تلومُ نفسها على ضعف شخصيتها حيناً، وثقتها غير المبرّرة في زوجها أحياناً.