إنها الحرب... السودانيون تحت رحمة الرصاص والقذائف

معارك طاحنة بين الجيش و«الدعم السريع» في الخرطوم ومدن أخرى وحرق طائرات وخسائر بين المدنيين

الدخان يتصاعد في أحد أحياء العاصمة السودانية نتيجة للمعارك (أ.ب)
الدخان يتصاعد في أحد أحياء العاصمة السودانية نتيجة للمعارك (أ.ب)
TT

إنها الحرب... السودانيون تحت رحمة الرصاص والقذائف

الدخان يتصاعد في أحد أحياء العاصمة السودانية نتيجة للمعارك (أ.ب)
الدخان يتصاعد في أحد أحياء العاصمة السودانية نتيجة للمعارك (أ.ب)

روع صفير الدانات وانفجارات القذائف وأزيز الطائرات الحربية سكان العاصمة السودانية، الخرطوم، وبعض مدن البلاد الأخرى، إثر اندلاع قتال عنيف بين القوات المسلحة (الجيش) وقوات «الدعم السريع»، وادعى كلا الجانبين أنه حقق انتصارات تكتيكية على الآخر، مطلقاً حرباً إعلامية.
وقالت «الدعم السريع»، في بيان، إنها سيطرت على عدة مناطق استراتيجية، بينها مسكن قائد الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم والقائد الأعلى للجيش، مع بقية القادة، والقصر الرئاسي وعدد من المطارات، بينها مطار مروي الذي اندلعت الاشتباكات بسببه.

أشخاص يمرون من أمام مركبة عسكرية في الخرطوم وسط اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع (ا.ف.ب)

كما أكد الجيش سيطرته على «جميع المواقع الاستراتيجية من بينها القصر الرئاسي ومقر القيادة العامة والمطار».
وشهدت العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث معارك كر وفر بالأسلحة الثقيلة، والدبابات، والطيران الحربي، وقتل 3 أشخاص في مدينة الأبيض، حاضرة ولاية كردفان.
انطلقت أولى الرصاصات قرب التاسعة صباحاً في جنوب الخرطوم، حيث تتمركز قوات من الدعم السريع في «المدينة الرياضية». وقالت قوات الدعم السريع، في بيان، إن قوات الجيش هاجمت مواقعها، وإنها اضطرت للدفاع عن النفس، فيما قال الجيش، في بيان صادر عن الناطق الرسمي باسمه، بأنه تصدى لهجوم «غادر» من قوات الدعم بالتزامن على كل مواقعه ومقاره في أنحاء البلاد، أحدث بها خسائر فادحة.

واستبقت «قوات الدعم السريع» التي يقودها الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وهو نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي الحاكم، الجيش بسلسلة بيانات أعلن فيها سيطرته على عدد من المناطق الحيوية في البلاد، بينها القصر الجمهوري، وبيت الضيافة حيث يقيم كل من قائدي الجيش والدعم السريع، ومطارات الخرطوم ومروي والأبيض، فضلاً عن القبض على القوة التي هاجمت موقعها جنوب الخرطوم. ورد الجيش ببيان صادر عن المتحدث باسمه، العقيد نبيل عبد الله، وصف فيه قوات الدعم بـ«الغدر والخيانة»، قائلاً إنها هاجمت قواته في المدينة الرياضية ومناطق أخرى، لكن الجيش يتصدى لها.
وقالت «الدعم السريع»، في البيان الذي يحمل الرقم 3 من سلسلة بياناتها التي صدرت عقب اندلاع القتال، إنها طردت من أطلقت عليهم «المعتدين» على مقراتها بأرض المعارض، جنوب الخرطوم. فيما تناقلت وسائط التواصل الاجتماعي فيديوهات تزعم أن «الدعم» سيطرت أيضاً على مطار جبل أولياء الحربي، لكن لم يؤكد أي من الطرفين صحة هذه المعلومة.

مركبة عسكرية في أحد شوارع الخرطوم يوم أمس (رويترز) 

واستمرت الاشتباكات بالأسلحة الخفيفة والثقيلة بين «الجيش» و«الدعم» في مدن العاصمة الخرطوم وبحري وأم درمان، وبعض ولايات البلاد الأخرى، بما في ذلك الفاشر ونيالا، فيما قال شهود إنهم شاهدوا قوات بأزياء «الدعم» في مدرج مطار الخرطوم. وتناقلت وسائل التواصل فيديوهات لجنود جالسين كأنهم «أسرى» أمامهم أشخاص بأزياء «الدعم» في مطار مروي.
وفقاً للشهود، فإن القوتين خاضتا معارك «كسر عظم» حول مقرات «الدعم» في حي الخرطوم 2 السكني العريق، ما اضطر بعض الأسر لمغادرته تحسباً لقتال شوارع، وسُمعت أصوات الرصاص تتردد في منطقة «بيت الضيافة» وحول القيادة العامة للجيش والقصر الرئاسي وشارعي النيل والبلدية، حيث توجد عادة قوات تابعة لكلا الفريقين. وقال شهود إن أعداداً كبيرة من قوات «الدعم» شوهدت في شارع النيل، قبالة القصر الرئاسي ومعظم الوزارات والهيئات الاستراتيجية في البلاد.
وكشف الجيش أن طيرانه الحربي نفذ ضربات جوية على معسكرين تابعين لـ«الدعم» في الخرطوم. وقال في بيان: «القوات الجوية تقوم بتدمير معسكر طيبة ومعسكر سوبا التابعين لميليشيا الدعم السريع في الخرطوم».
وسُمعت أصوات المقاتلات الحربية وهي تحلق على ارتفاعات منخفضة في سماء الخرطوم، تعقبها انفجارات، يرجح أنها نتيجة للقذائف الصاروخية التي أطلقتها على أهدافها، بيد أن أصوات الطائرات تراجع، ولا أحد يدري ما إن كانت معلومات «حميدتي» عن أن قواته سيطرت على المطارات، ما حال دون استخدام سلاح الجو مجدداً.

طائرة مقاتلة تحلق في سماء الخرطوم خلال اشتباكات بين قوات الدعم السريع والجيش في العاصمة (رويترز) 

وواصلت دائرة الاشتباكات اتساعها إلى مدن أم درمان والخرطوم بحري. ويسمع المواطنون باستمرار أصوات القذائف والرصاصات المنطلقة بالقرب من المناطق العسكرية، لا سيما حول المناطق التي تسيطر عليها «الدعم السريع». ويذكر مراسل «الصحيفة» أنه لا يزال يسمع أصوات إطلاق النار المتزايدة والقوية في الناحية الشرقية لمقر قيادة الجيش ومطار الخرطوم.
ولم تصدر إحصاءات رسمية عن الجانبين بحجم الخسائر المادية والبشرية، لكن نقابة أطباء السودان ذكرت في تعميم أن ثلاثة مدنيين على الأقل لقوا مصرعهم برصاصات عشوائية بسبب القتال، فضلاً عن عشرات الجرحى، فيما تداول النشطاء تقارير عن مقتل طبيبة وبنت أحد نجوم الكرة السودانية، إضافة لصور لعدد من الأبنية المهدمة، أو المصابة بقذائف.
وتناقلت التقارير معلومات عن تدمير عدد من الطائرات في مطار الخرطوم الدولي، بعد إغلاقه وإجبار المسافرين على مغادرته. ونُشرت صور لطائرات مدمرة تحمل علامات شركة طيران محلية وشركة طيران تركية، فيما أعلنت الخطوط السعودية عن إصابة إحدى طائراتها هناك.
وإلى جانب إغلاق الجسور والطرق الرئيسية، انقطع على نحو مفاجئ التيار الكهربائي في مناطق واسعة في الخرطوم، وسط خشية من قطع الاتصالات وخدمة الإنترنت، لا سيما أن العديد من الأسر تقطعت بها السبل؛ إما في مناطق العمل وإما في مدن العاصمة الثلاث، بسبب إغلاق الجسور.

دخان يتصاعد وسط العاصمة السودانية بعد اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع (رويترز) 

وتتداول وسائل التواصل الاجتماعي، وتقارير صحافية، معلومات عن نشوب قتال بين «الدعم» والجيش في مدن نيالا والفاشر بإقليم كردفان. ويزعم شهود أن «الدعم» سيطرت على بعض المرافق الحيوية في تلك المدن بما في ذلك مطاراتها.
وذكرت تقارير صحافية أن «حميدتي»، أكد المعلومات عن سيطرة قواته على قصر الضيافة والقصر الجمهوري وعلى جميع المطارات.
واتهم حميدتي صراحة البرهان بالرضوخ لمؤامرة دبرها «أنصار الرئيس المخلوع عمر البشير»، وقال إن قواته استطاعت تحييد كل المطارات التي يعتمد عليها الجيش في ضرب قواته، ووصفه بأنه «مجرم وكاذب سيدمر السودان»، وتعهد بتسليمه للعدالة، وفقاً لما نقلت عنه فضائية «الجزيرة».
وجدد حميدتي التأكيد على عدم وجود عداء بين قواته والجيش، وقال: «نحن لم نهاجم أحداً، وقتالنا كان رد فعل على حصارنا والاعتداء علينا... فوجئنا بقوات كبيرة حاصرت قواتنا في أرض المعسكرات». وأسف حميدتي لنشوب القتال، وقال: «المجرم هو من أجبرنا عليه»، مطالباً «شرفاء القوات المسلحة بالانضمام إلى خيار الشعب». بيد أن البرهان قال في تصريحات لوسائل إعلام عربية، إن القتال الذي يؤكد أهمية منع تكوين أي قوات خارج رحم القوات المسلحة، واتهم قوات الدعم بالهجوم على مقرات الجيش في بيت الضيافة حيث يقيم.
وقال البرهان إنه تفاجأ بهجوم قوات الدعم على منزله في الساعة التاسعة صباحاً، وأضاف: «قوات الدعم السريع تحرشت بالجيش في منطقة المدينة الرياضية جنوب العاصمة الخرطوم، وهي التي انطلقت منها شرارة اشتباكات اليوم».
وذكر البرهان أن قوات الدعم تسللت إلى مطار الخرطوم عبر صالة الحج والعمرة، وأحرقت بعض الطائرات، وأن القوات المسلحة تعاملت مع عناصر داخل المطار، وقال: «لم يستطيعوا دخول القيادة العامة للجيش»، مؤكداً أن المرافق الاستراتيجية كافة بما في ذلك القصر الجمهوري والقيادة العامة تحت السيطرة.
ودعا البرهان إلى إعادة قوات الدعم التي دخلت الخرطوم إلى أماكنها، وقال: «إذا استمرت حالة الحرب، فإن الجيش سيُدخل قواته للخرطوم من مناطق مختلفة... للجيش احتياطات جيدة، وقواعد لم يقم بتحريكها حتى الآن».
وشنت مجموعات موالية لنظام الرئيس المعزول عمر البشير حملات إعلامية تحريضية ضد قوات الدعم، لدفع الجيش للاصطدام بها، سيما بعد تأكيد «حميدتي» دعم عملية الانتقال المدني الديمقراطي، التي ستأتي بخصومهم في «الحرية والتغيير» للسلطة مجدداً، كما للحؤول دون التوقيع على اتفاق نهائي تنتقل بموجبه السلطة للمدنيين.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)
المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)
TT

«العليا للانتخابات» الليبية تعلن نتائج «المحليات» الأحد

المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)
المفوضية العليا للانتخابات حسمت الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية (أ.ف.ب)

حسمت المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا، السبت، الجدل حول موعد إعلانها نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية، في ردٍّ ضمني على اتهامات لها بإعادة فرز أصوات الانتخابات مجدداً في مدينة مصراتة (غرب)، وتأخير إعلان نتائجها الرسمية.

وحددت «المفوضية» في بيان مقتضب، غداً، موعداً لإعلان النتائج الأولية لهذه الانتخابات، عبر مؤتمر صحافي بمركزها الإعلامي في العاصمة طرابلس.

بلغت نسبة المشاركين في الانتخابات البلدية 74 % وجرت في 58 بلدية (أ.ف.ب)

وكان رئيس المفوضية، عماد السائح، قد أعلن في بيان، مساء الجمعة، أن الأحد سيكون موعد نشر نتائج المرحلة الأولى لانتخابات المجالس البلدية. وجاء هذا التأكيد بعد ساعات من إعلان عدد من ناخبي مصراتة، مساء الجمعة، أنهم فوجئوا بوقف عملية فرز الأصوات للانتخابات البلدية، وطالبوا مفوضية الانتخابات، في وقفة أمام مقرها في مصراته، بتسلم صناديق الاقتراع، وفرزها بدقة وشفافية وإعلان النتائج، التي أكدوا «قبول نتائجها عندما تكون نزيهة وواضحة». مطالبين المجتمع الدولي، ممثلاً في البعثة الأممية والبعثات الدبلوماسية الأخرى، بـ«حماية العملية الديمقراطية» مما وصفوه بـ«التدليس والتزوير».

وبلغت نسبة المشاركين في الانتخابات البلدية 74 في المائة، وجرت في 58 بلدية، عبر 352 مركز اقتراع في 77 محطة انتخابية، من بينها 419 محطة للرجال، و358 محطة للنساء.

مفوضية الانتخابات خصصت 352 مركز اقتراع في 77 محطة انتخابية (أ.ف.ب)

في غضون ذلك، أكد رئيس حكومة «الوحدة المؤقتة»، عبد الحميد الدبيبة، خلال حضوره مساء الجمعة، فعاليات «ملتقى شباب ليبيا الجامع» بمدينة مصراتة، الأهمية البالغة لدور الشباب في تحقيق التنمية، وبناء ليبيا الحديثة، وشدد على التزام حكومته بدعمهم في كل المناطق، واصفاً إياهم بالركيزة الأساسية لمستقبل مشرق، وموضحاً أن الحكومة تعمل على تنفيذ مبادرات لتعزيز قدراتهم، وتمكينهم من المشاركة بفاعلية في مختلف القطاعات.

الدبيبة خلال مشاركته في مؤتمر شبابي بمصراتة (حكومة الوحدة)

وقال الدبيبة إن هذا الدعم «تجسّد عبر خطوات، مثل تشكيل مجالس شبابية في البلديات، وإنشاء برلمان للشباب لإشراكهم في صنع القرار، وتطوير السياسات التي تخدم مصالحهم». داعياً الشباب إلى استثمار هذه اللقاءات لتطوير مهاراتهم وأفكارهم، وتعزيز الوحدة الوطنية، والإسهام في بناء دولة قوية ومستقرة.

إلى ذلك، قالت حكومة «الوحدة» إن وزيرها المكلف بالنفط والغاز، خليفة عبد الصادق، استعرض خلال حضوره فعاليات «منتدى إسطنبول الأول للطاقة»، الذي عرف بمشاركة دولية واسعة، رؤية ليبيا لتعزيز الشراكات الدولية في قطاع الطاقة، خصوصاً في مجالي النفط والغاز، وأهمية التعاون الإقليمي لتحقيق الاستدامة وتأمين مصادر الطاقة.

من جهة أخرى، أعلنت مديرية أمن طرابلس، مساء الجمعة، أن قسمها لشؤون المراكز فعَّل دور الشرطة النسائية لدعم رجال الأمن في التوقيفات الليلية بالعاصمة طرابلس، مشيرة إلى أن مهامها تتمثل في تحرير المخالفات المرورية، وضبط الشارع العام، مع التركيز على التعامل مع العنصر النسائي، في إطار ما وصفته بـ«تعزيز الوجود الأمني، وضمان خدمة المجتمع بكفاءة».

تفعيل الشرطة النسائية في العاصمة طرابلس (وزارة الداخلية بـ«الوحدة»)

إلى ذلك، أكد شهود عيان استمرار التوتر الأمني في مدينة الزاوية، التي تقع على بُعد 45 كيلومتراً غرب العاصمة طرابلس، وسماع أصوات رماية بالأسلحة، تزامناً مع استمرار إغلاق الطريق الساحلي عند بوابة الصمود، وذلك على خلفية مقتل اثنين من الوافدين الأفارقة بالمدينة، التي تشهد تحشيدات لميليشيات مسلحة، بعد اغتيال أحد عناصرها على يد مسلحين مجهولين.

وانتقدت وسائل إعلام محلية استمرار صمت حكومة «الوحدة» لليوم الثالث على التوالي على انفلات الوضع الأمني في المدينة، وإغلاق الطريق الساحلي بسواتر ترابية، وإشعال الإطارات في بعض التقاطعات.

جلسة مساءلة وزير خارجية «الاستقرار» (مجلس النواب)

في سياق آخر، أعلن مجلس النواب الليبي أن رئيس لجنته للشؤون الخارجية، يوسف العقوري، عقد السبت، ما سمَّاه جلسة مساءلة لوزير الخارجية المفوض بحكومة «الاستقرار»، عبد الهادي الحويج، بشأن واقعة انتحال شخص صفة المستشار الخاص لرئيس غينيا بيساو، ولقائه شخصيات رفيعة المستوى خلال زيارته شرق البلاد.

ووفقاً لبيان الناطق باسم المجلس، عبد الله بليحق، فقد ادّعى الحويج أن وزارته تتعرض لهجمة إعلامية من «جهات مشبوهة»، لم يحددها، في حين عدّ العقوري مساءلة الحويج «احتراماً لقيم الديمقراطية، ودور المجلس بصفته سلطة منتخبة، تُمثل الشعب الليبي»، كما أكد «مواصلة المساءلة، وحرصه على متابعة جلساتها، نظراً لأثرها على الأمن القومي، وسيادة الدولة وصورة ليبيا بالخارج».