البرهان و{حميدتي}... نهاية عنيفة لصداقة قديمة

علاقة الرجلين وأسباب الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب)  -  قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
TT

البرهان و{حميدتي}... نهاية عنيفة لصداقة قديمة

قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب)  -  قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)
قائد الجيش الفريق البرهان (أ.ف.ب) - قائد قوات {الدعم السريع} محمد دقلو {حميدتي} (أ.ف.ب)

أنهى النزاع المسلح الذي وقع أمس بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات «الدعم السريع» بقيادة الفريق محمد دقلو «حميدتي»، علاقة صداقة وتعاون قديمة بين الرجلين، التي بدأت مع بداية النزاع في إقليم دارفور في عام 2003 إبان حكم الرئيس المخلوع عمر البشير. فكوّن حميدتي وقتذاك مجموعة صغيرة مسلحة تتصدى لحركات مسلحة أخرى في الإقليم تقاوم نظام البشير. لذا فاختار البشير دعم جماعة حميدتي، فيما كان البرهان ينسق عمليات الجيش في دارفور حيث نشأت العلاقة بين الرجلين. ومع الوقت كبر حجم قوات حميدتي التي أصبحت مع الوقت تابعة للجيش، لكنها احتفظت دائماً بنوع من الاستقلالية في قيادتها وعملياتها.
ثم تعززت هذه العلاقة في أبريل (نيسان) 2019، تحت ضغط الثورة الشعبية الكبيرة التي طالبت بسقوط نظام البشير، فاتفق الرجلان على إسقاط البشير المدعوم من «الإخوان المسلمين»، وتشكيل مجلس عسكري لحكم البلاد ترأسه البرهان، بينما احتل حميدتي منصب نائب رئيس المجلس العسكري. ومنذ سقوط البشير مرت العلاقة بتوترات محدودة بين الرجلين بين الحين والآخر، لكنها كانت قصيرة وتُحل دائماً سريعاً وتعود الثقة بينهما.
- المرحلة الثالثة في الخلاف
أما المرحلة الثالثة في العلاقة فقد بدأت بعد فترة بسيطة من الانقلاب الذي دبره الرجلان على الحكومة المدنية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، حين أعاد البرهان عناصر نظام البشير إلى مواقع حساسة في السلطة، وهو ما اعترض عليه حميدتي الذي يعتبره الإسلاميون خائناً؛ لأنه طعن البشير من الخلف، ويبادلهم حميدتي إحساس العداء. وراح الخلاف في المواقف السياسية يتطور تدريجياً بين الرجلين ويظهر أحياناً إلى السطح في تصريحات تلميحية أحياناً، ومباشرة في أحيان أخرى.

غير أن فشل انقلاب أكتوبر في تشكيل حكومة طوال أكثر من عام، وتردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في البلاد، دفع الأطراف المختلفة من عسكريين ومدنيين إلى توقيع اتفاق إطاري في ديسمبر (كانون الأول) 2022 الذي لقي قبولاً واسعاً بين المدنيين وأطراف مهمة ومؤثرة من المجتمع الدولي والإقليمي. ورغم أن البرهان وحميدتي وقعا هذا الاتفاق، الذي يقضي بنقل السلطة إلى المدنيين وعودة العسكريين إلى ثكناتهم، فقد ظهر خلاف جديد هو الأقوى بين الجيش والدعم السريع حول تنفيذ أحد بنود الاتفاق الإطاري المتعلق بالإصلاح العسكري ودمج قوات الدعم السريع في الجيش.
- تباين المواقف
واختلف الطرفان حول عدة قضايا في هذا الأمر، أهمها من يتولى هيئة القيادة الجديدة الموحدة. فبينما طالب حميدتي أن يرأس الهيئة رئيس الدولة المدني المرتقب، طالب البرهان بأن يرأسها قائد الجيش. كما طالب حميدتي بالتخلص من الضباط الموالين للإسلاميين في الجيش بالتزامن مع دمج قواته فيه. ورغم الوساطات الأممية والإقليمية والمحلية لخفض التوتر بين القوتين العسكريتين، فقد تطور الصراع بشكل متسارع خلال الأسابيع الأخيرة حتى وصل حد الصدام المسلح الذي وقع أمس (السبت)، والذي وصف فيه حميدتي صديقه القديم البرهان بأنه «مجرم وكاذب»، بينما وصف الجيش قوات الدعم السريع بأنها ميليشيا متمردة، بعد أن كان يصفها بأنها جزء لا يتجزأ من القوات المسلحة، بل هي «وُلدت من رحم الجيش».
وفي آخر حلقات التصعيد خلال الأسابيع الماضية، تصاعدت حدة التصريحات والحرب الكلامية بين الطرفين، التي كان من ضمنها ما صرح به نائب قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو (أخو حميدتي) حين وجه حديثاً مباشراً إلى قادة الجيش المسيطرين على مفاصل السلطة في البلاد، قائلاً: «رسالتنا إلى إخواننا في السلطة، تسليم السلطة للشعب من دون لف ولا دوران». وأضاف: «من اليوم فصاعداً لن نسمح بقتل الشباب المتظاهرين أو اعتقال السياسيين. ففي صدورنا الكثير وصمتنا كثيراً، ولا نريد أن نصبح سبباً فيما يحدث، لكن لن نتزحزح أو نرجع من المبادئ الأساسية التي تجمع وتنصف الشعب السوداني».
من جانبه، قال البرهان، في خضم التصعيد الكلامي: «نحن كعسكريين يهمنا دمج الدعم السريع... وبغير هذا لن يذهب أي شخص في الاتفاق للأمام»، ما فهمه الكثيرون أنه يشترط دمج الدعم السريع في الجيش أولاً قبل المواصلة في تنفيذ بقية الاتفاق الإطاري. وأبدى الكثيرون استغرابهم من تصريح البرهان نظراً إلى أن الدمج منصوص عليه أصلاً في الاتفاق، وفق جدول زمني يتم الاتفاق عليه بين الطرفين.
- الخلاف حول «الاتفاق الإطاري»
وتفاقم الخلاف على الاتفاق الإطاري وتحول إلى ملاسنات بين الرجلين، وإلى اتهامات تستبطن تهديدات، لتبلغ ذروتها بانسحاب الجيش السوداني والقوات العسكرية من «ورشة» الإصلاح الأمني والعسكري التي انسحب منها ممثلو الجيش. ثم أصبح التراشق الكلامي بين الرجلين علنياً وأكثر وضوحاً إثر فشل اللجان الفنية المشكلة من الطرفين للاتفاق على الفترة الزمنية اللازمة لإدماج قوات الدعم السريع، ويرى الجيش أن تتم في حدود 3 سنوات، فيما يصر الدعم السريع على ألا تقل عن 10 سنوات، كما فشلت اللجان في الاتفاق على رئاسة هيئة القيادة والسيطرة على القوات، فبينما يتمسك الجيش بقائده العام البرهان رئيساً للقيادة، تتمسك الدعم السريع بأن تؤول قيادة القوات العسكرية إلى رأس الدولة المدني الذي ينتظر تسميته بعد توقيع الاتفاق النهائي.
واعتبر حميدتي ما يقوم به الجيش محاولة وضع العربة أمام الحصان للحيلولة دون تكوين حكومة مدنية، وأن قيادات الجيش يخططون للبقاء في السلطة، مستخدماً مفردة «مكنكشين» الشعبية قوية الدلالة على التشبث بالسلطة. ثم بدأت عمليات تحشيد وتحشيد مضاد للقوات، فالجيش السوداني حذر «الدعم السريع» واتهمها بتحشيد أعداد كبيرة في العاصمة الخرطوم وبعض المدن، وهو ما يؤكده شهود عيان. لكن حميدتي، بموازاة ذلك قال إنه متمسك بالاتفاق الإطاري وتسليم السلطة للمدنيين، وإن قواته حريصة على تعزيز الاستقرار في البلاد.
- التحشيد العسكري
وقبل اندلاع الصدام العسكري بين الطرفين تواصل التحشيد العسكري بين الجانبين في الأيام القليلة الماضية، والتي توجت بتمركز قوة من «الدعم السريع» قرب القاعدة الجوية في مدينة مروي شمال البلاد.
بلغت الأزمة ذروتها في مطار مدينة مروي شمال البلاد، بالقرب من القاعدة الجوية التابعة للجيش السوداني، بنشر قوات «الدعم السريع» لعدد كبير من الآليات والجنود بالقرب من القاعدة العسكرية، زاعماً أنه حشد تلك القوات للدفاع عن قواته حتى لا تستخدم الطائرات ضدها.
وكانت مصادر قد أبلغت «الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن اجتماعاً ضم كلاً من البرهان وحميدتي والقوى الدولية الداعمة للانتقال المدني، والقوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، توصل إلى اتفاق على نزع فتيل الأزمة بتقديم تطمينات للدعم السريع، وإخلاء القاعدة الجوية من الطيران الذي يتهدد قوات «الدعم السريع»، لكن قوات الجيش لم تلتزم به، فأصدر حميدتي تعليماته لقواته القادمة من الغرب بمواصلة المسير إلى كل من مروي والخرطوم والارتكاز فيهما.
وظلت الأوضاع متوترة بحدة طوال الأسبوع الفائت، بيد أن وساطات قادتها أطراف متعددة أعلنت فلاحها في نزع الفتيل، وأعلنت عن اجتماع بين الرجلين كان مقرراً أن ينعقد صباح أمس (السبت)، ولكن بدلاً من ذلك وقع الصدام المسلح بين الطرفين، وهو ما كان يخشاه السودانيون رغم علمهم أنه قد أصبح وشيكاً. وتقول مصادر إنه بوقوع الحرب بين الطرفين فقد انتهت الصداقة القديمة بين البرهان وحميدتي، والتي شكلت كثيراً من المشاهد السياسية والعسكرية في السودان منذ عام 2013. فحتى لو انتهت هذه الحرب في أي لحظة، فمن المستبعد أن تعود علاقة الصداقة التي تحولت إلى عداء كبير.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
TT

السودان: توغل «الدعم السريع» في النيل الأزرق والجيش يستعيد بلدة

النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)
النيران تلتهم سوقاً للماشية نتيجة معارك سابقة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (أ.ف.ب)

توغلت «قوات الدعم السريع» على نحو مفاجئ في ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي السودان، وفرضت سيطرتها على بلدتي (جريوة ورورو) بمحلية التضامن، فيما استعاد الجيش بلدة اللنكدي بولاية سنار المجاورة.

وبثت عناصر من «قوات الدعم» مقاطع فيديو على منصة «إكس»، يؤكدون فيها وجودهم داخل المناطق التي تبعد نحو 70 كيلومتراً من مدينة الدمازين عاصمة الولاية، التي تضم مقر الفرقة الرابعة للجيش السوداني.

من آثار القصف في الفاشر (مواقع التواصل)

وكانت «قوات الدعم السريع» تقدمت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وبسطت سيطرتها على بلدة رورو، إلا أنها انسحبت، وعادت أدراجها لتنضم إلى قواتها الرئيسية المتمركزة في الدالي والمزوم داخل ولاية سنار.

ومن جهة ثانية، أعلنت منصات إعلامية استعادة الجيش بلدة اللكندي التي تقع على بُعد نحو 60 كيلومتراً من عاصمة ولاية سنار سنجة.

وكانت قوات الجيش استعادت، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مدينتي الدندر والسوكي بسنار، بالإضافة إلى عدد من البلدات الصغيرة المحيطة بهما.

وتشير أنباء متداولة إلى أن الجيش أحرز تقدماً كبيراً نحو مدينة سنجة التي سيطرت عليها «قوات الدعم السريع»، يونيو (حزيران) الماضي.

وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، تبدد الهدوء بتجدد المواجهات بين الجيش والقوة المشتركة للفصائل المسلحة المتحالفة معه من جهة، و«قوات الدعم السريع» من جهة أخرى. وأفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط» بأن «قوات الدعم» قصفت بالمدفعية الثقيلة عدداً من الأحياء السكنية باتجاه قيادة الفرقة السادسة العسكرية.

الدمار الذي حل بمستشفى الفاشر في إقليم دارفور (صفحة حاكم الإقليم في «فيسبوك»)

وأضافت: «القصف جاء بعد أيام من حالة الهدوء التي شهدتها المدينة، وتراجع المواجهات البرية التي كانت تجري بين الأطراف المتحاربة».

وقالت الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش بالفاشر إن المدينة تشهد حالة من الهدوء بنسبة 80 في المائة مقارنة بالأيام الماضية.

وبحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية، فإن «ميليشيات (الدعم السريع) قصفت عشوائياً عدداً من الأحياء المتفرقة»، دون وقوع أي أضرار بالمدينة.

وقالت الفرقة إن الطيران الحربي شن ثلاث غارات جوية «استهدفت معاقل العدو، وحققت نجاحات كبيرة، وتراجعت الميليشيات إلى شرق المدينة».

وأكد الجيش «أن الأوضاع تحت السيطرة، وأن قواته متقدمة في كل المحاور القتالية».

بدورها قالت القوة المشتركة للفصائل المسلحة إنها «أحبطت خلال الأيام الماضية هجمات عنيفة شنتها (قوات الدعم السريع) من عدة محاور على الفاشر»، في حين تقول مصادر محلية إن «(قوات الدعم السريع) توغلت وأحكمت سيطرتها على المستشفى الرئيسي بالمدينة. وتحاول التقدم إلى داخل الفاشر، بعد أن تمكنت خلال المعارك الماضية من التوغل في الأحياء الطرفية، ونصبت خنادق دفاعية على مسافة قريبة من قيادة الفرقة لكنها تجد مقاومة شديدة من الجيش وقوات الفصائل المسلحة».

تسبب اندلاع القتال في الفاشر في نزوح مئات الآلاف إلى المحليات الآمنة شمال الولاية (أ.ف.ب)

وقال مقيمون في الفاشر إن آلاف الأسر يواصلون النزوح من المدينة؛ بسبب القصف المدفعي والصاروخي العشوائي الذي يستهدف المناطق المأهولة بالمدنيين.

وتشير الإحصاءات الرسمية إلى مقتل وإصابة أكثر من 1000 شخص على الأقل في صفوف المدنيين في القتال الدائر بالمدينة منذ العام الماضي.

ووفقاً لحصر الأمم المتحدة وشركاء العمل الإنساني في السودان، فقد قُتِل أكثر من 188 ألف شخص، وأصيب أكثر من 33 ألفاً منذ اندلاع الصراع في أبريل (نيسان) 2023.