مظاهرة بالكوفية الفلسطينية احتجاجًا على «يوم تل أبيب» في باريس

استنكار للاحتفاء بعاصمة إسرائيل ضيفة شرف لمهرجان نهر السين

لافتات وأعلام تروج للبلد الضيف على ضفاف السين
لافتات وأعلام تروج للبلد الضيف على ضفاف السين
TT

مظاهرة بالكوفية الفلسطينية احتجاجًا على «يوم تل أبيب» في باريس

لافتات وأعلام تروج للبلد الضيف على ضفاف السين
لافتات وأعلام تروج للبلد الضيف على ضفاف السين

تستعد عدة جمعيات ومنظمات إنسانية لمظاهرة واسعة في العاصمة الفرنسية، غدًا الخميس، احتجاجًا على قرار بلدية باريس تنظيم فعالية باسم «تل أبيب على نهر السين». وتأتي الفعالية في إطار مهرجان صيفي يقام سنويًا لتحويل ضفاف النهر إلى منطقة رملية تشبه شواطئ البحر. ودعا منظمو المظاهرة إلى أن يرتدي المشاركون فيها الكوفية كرمز للقضية الفلسطينية.
وجاء في نداء وجهته وكالة «ميديا فلسطين» أن قرار بلدية باريس يأتي بعد سنة من آخر مجزرة إسرائيلية في غزة، الأمر الذي يبعث على الاستهجان ويثير الاستفزاز. كما دعت الوكالة التي تهتم بنشر ما تهمله وسائل الإعلام من تفاصيل الصراع العربي الإسرائيلي، إلى التحرك لرفض قرار البلدية. وطالبت المتعاطفين مع الحق الفلسطيني بالكتابة إلى نواب البرلمان المنتخبين عن باريس للتدخل وإلغاء هذا الاحتفاء بدولة معتدية.
ومنذ الإعلان عنه ورفع لافتاته وراياته على ضفتي نهر السين، وسط باريس، يثير اختيار تل أبيب ضيفة شرف لهذا المهرجان الباريسي السنوي الذي يقام في أغسطس (آب)، رفضًا واسعًا في الكثير من الأوساط السياسية والشعبية. وتمكن المعترضون من جمع آلاف التواقيع خلال اليوم الأول من حملة بعنوان «لا للدعاية لتل أبيب على السين». وجاء في الرسالة التي حملت التواقيع «إن من غير المقبول الترويج لشواطئ تل أبيب في الوقت الذي يحتاج فيه فلسطينيو الضفة الغربية إلى تصاريح للوصول إلى شواطئ بلادهم، وحيث لا يمكن لأهالي غزة أن يصطادوا سوى لمسافة 11 كيلومترًا من سواحلهم». وشارك سياسيون فرنسيون في حملة الرفض، حيث جاءت أقوى التصريحات من النائبة دانييل سيمونيه التي نددت بما وصفته بـ«بذاءة» هذا الاحتفاء الذي يأتي بعد عام بالتمام على المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة واستمرار السياسة الاستيطانية وما تجره من مآس معروفة. وأضافت النائبة اليسارية أن قرار بلدية باريس يوجه رسالة «سيئة جدًا» وسيكون يوم الثالث عشر من هذا الشهر، موعد الاحتفال، يومًا سيئًا لأن تل أبيب ليست شاطئ «كوبا كابانا» بل هي عاصمة إسرائيل. وأشارت إلى أن اختيارها ضيفة شرف يعني أن تقدم باريس لتل أبيب دعاية على طبق من فضة.
ونشط الكثير من مواقع التواصل الاجتماعي ضد القرار وطالب بإلغائه. وأيد نشطاء الدعوة للخروج بالكوفية الفلسطينية إلى ضفاف نهر السين وسط العاصمة ومقاطعة الفعالية. كما دشنوا صفحات على «فيسبوك» و«تويتر» تستنكر ما سموه «الفصل العنصري على ضفة السين». ومن الجهات التي نددت باستضافة تل أبيب، المنظمة الفرنسية غير الحكومية «بي دي إس فرانس»، المناهضة لإسرائيل التي تدعو لمقاطعة وسحب الاستثمارات الفرنسية من هناك.
يذكر أن بلدية العاصمة أطلقت، منذ 14 عامًا، فعالية «باري بلاج» التي توفر لسكان باريس غير القادرين على الذهاب في إجازة صيفية، فرصة التمتع بأجواء شواطئ البحر. ويقع الاختيار، كل عام، على مدينة تكون ضيفة شرف للمهرجان، وتدعى لتقديم فنونها وثقافتها بين مرتادي الضفاف التي تفرش بالرمل.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».