تكهنات تخفيض قيمة الجنيه تشغل المصريين

وسط دعوات من مؤسسات دولية لسعر صرف مرن

فتيات مصريات يعبرن أمام إحدى شركات الصرافة بالقاهرة في يناير الماضي (أ.ب)
فتيات مصريات يعبرن أمام إحدى شركات الصرافة بالقاهرة في يناير الماضي (أ.ب)
TT
20

تكهنات تخفيض قيمة الجنيه تشغل المصريين

فتيات مصريات يعبرن أمام إحدى شركات الصرافة بالقاهرة في يناير الماضي (أ.ب)
فتيات مصريات يعبرن أمام إحدى شركات الصرافة بالقاهرة في يناير الماضي (أ.ب)

يترقب المصريون تقارير دولية وتصريحات لمسؤولين اقتصاديين، يعدّها مراقبون مؤشراً محتملاً على إقدام البلاد على خفض جديد لقيمة الجنيه خلال الفترة المقبلة. وتزامنت تصريحات لمحافظ «البنك المركزي المصري»، بشأن «توخي الحذر الشديد في اتخاذ إجراءات لكبح التضخم» مع تقارير دولية تشير إلى أن السلطات النقدية في مصر تتجه نحو إحداث خفض جديد لقيمة الجنيه، استجابةً لمتطلبات التسعير المرن التي تضمنها اتفاقها الأخير مع «صندوق النقد الدولي».
ووقّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، للحصول بموجبه على قرض بقيمة ثلاثة مليارات دولار، لمواجهة الضغوط الحادة التي يعانيها الاقتصاد المصري.
ويُلزم الاتفاق مصر، ضمن مجموعة من البنود الأخرى، باتباع سياسة مرنة في تحديد سعر الصرف، كما يخضع صرف الحزمة التمويلية الجديدة لمصر لبرنامج مدته 46 شهراً، ويتضمن ثماني مراجعات، كان تاريخ أولها 15 مارس (آذار) الماضي، حسبما ورد في تقرير خبراء الصندوق الذي نُشر عند توقيع الاتفاق.
ونقلت وكالة «بلومبرغ» (في وقت متأخر من يوم الخميس) عن حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، قوله إن ارتفاع أسعار الفائدة «لا يمكن أن يفعل شيئاً يُذكر لاحتواء التضخم»، الذي وصفه بأنه «مدفوع بشكل رئيسي بقضايا الإمدادات».
وأضاف عبد الله، في تصريحات خلال اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي: «لن نتردد في فعل المزيد، لكننا بحاجة إلى توخّي الحذر الشديد»، وإن «سعر الفائدة ليس الأداة الوحيدة». كانت مصر قد شهدت ثلاثة تخفيضات في قيمة العملة كانت عاملاً رئيسياً في زيادة تكلفة المنتجات الاستهلاكية، وتخطي سعر تداول الدولار في البنوك الرسمية مستوى 30 جنيهاً خلال الأيام الماضية، مقارنةً بمستوى 15 جنيهاً بداية العام.
وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر خلال شهر مارس الماضي ليصل إلى 33.9 في المائة، وهو أسرع معدل تضخم تشهده البلاد منذ أزمة تعويم العملة في عام 2016.
ويستهدف البنك المركزي المصري تضخماً «بنسبة 7 في المائة بزيادة أو نقصان نقطتين مئويتين بحلول الربع الرابع من العام المقبل»، وفق محافظ المركزي المصري.
وتزامنت تصريحات عبد الله مع مؤشرات وتقارير لمصارف دولية ألمحت إلى إمكانية حدوث خفض جديد لقيمة الجنيه، إذ أشار تقرير لوكالة «بلومبرغ» إلى أنه يجري تداول شهادات الإيداع الخاصة بالبنك التجاري الدولي (CIB) في بورصة لندن بخصم 31 في المائة مقارنةً بسعر سهمه في بورصة القاهرة، بما يمثل أعلى فارق منذ أغسطس (آب) 2016، وهو ما عدّه مراقبون «يعكس التوقعات بأن مصر ستتيح لسعر صرف الجنيه التراجع مجدداً».
وكان بنك «إتش إس بي سي» قد توقع في أواخر مارس الماضي تراجعاً أكبر للجنيه المصري، وأصدر تقريراً أشار فيه إلى أن التطورات التي كان يتنبأ بحدوثها بشأن تدفقات النقد الأجنبي «لم تتحقق في الوقت الذي اشتدت فيه الضغوط مرة أخرى على العملة».
وبعد أن كان البنك يتوقع في يناير (كانون الثاني) الماضي أن يصل متوسط سعر صرف الدولار إلى 32.5 جنيه، عدل توقعاته ليتراوح السعر بين 35 و40 جنيهاً مقابل الدولار.
وأبدى الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي، وعضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي، «اتفاقاً إلى حد كبير» مع التقارير المتداولة بشأن إمكانية خفض قيمة الجنيه مجدداً خلال الآونة القادمة، لكنه استدرك مؤكداً أن «بعض التقارير تبالغ في النظرة التشاؤمية للاقتصاد والبعض يخطئ في تقديراته». وأوضح شوقي لـ«الشرق الأوسط»، أن «تقارير سابقة لمؤسسات ووكالات اقتصادية دولية كبنوك ومؤسسات تصنيفية أفادت بأنه عندما يصل سعر الدولار إلى 21 أو 22 جنيهاً سيكون ذلك هو السعر العادل لقيمة الجنيه، وقد وصل سعر الدولار حالياً إلى 30.95 جنيه، ومع ذلك ترى نفس المؤسسات أن السعر الحالي ليس عادلاً».
وتابع الخبير الاقتصادي أن تعهد مصر بالتحول إلى سعر صرف «مرن بشكل دائم»، يعني وفقاً لمفاهيم صندوق النقد الدولي أنه إذا كانت هناك فجوة بين السعر الرسمي في البنوك المصرية والسعر في السوق الموازية (السوق السوداء) فإنه يجب أن يكون المستهدف هو سعر السوق السوداء للوصول إلى القيمة العادلة للجنيه، دون التنبه إلى أن هناك «أيادي خفية في السوق السوداء تعمل على المضاربات من أجل رفع قيمة الدولار أمام الجنيه لتحقيق مكاسب شخصية والتربح من وراء ذلك». وتوقع عضو الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي أن يؤدي أي خفض جديد لقيمة الجنيه في الآونة المقبلة إلى تحفيز تدفقات العملات الأجنبية، وجذب المستثمرين الذين ينتظرون وصول الجنيه إلى أدنى مستوى له، ولكن توقع أيضاً أن يؤثر أي تخفيض جديد سلباً على معدلات التضخم.
وشدد شوقي على أهمية الحد من الاقتراض الخارجي وضرورة الإنفاق الحكومي على الأولويات فقط لكبح جماح انخفاض الجنيه، والعمل على تشجيع المنتج المحلي وتوطين الصناعات، وتنافسية الصادرات المصرية في الأسواق العالمية، وبالتالي ترتفع الصادرات ويزيد تدفق العملات الصعبة وموارد الدولة الدولارية وتنشط قطاعات مثل السياحة وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمار المباشر.


مقالات ذات صلة

مصر: الاقتصادات الناشئة تحتاج لأدوات تمويلية جديدة

الاقتصاد وزير المالية المصري خلال لقائه مع أعضاء غرفة التجارة الأميركية بواشنطن (وزارة المالية المصرية)

مصر: الاقتصادات الناشئة تحتاج لأدوات تمويلية جديدة

أكد وزير المالية المصري، أحمد كجوك، انفتاح بلاده على كل الخبرات والتجارب الدولية لاستكشاف أدوات تمويل مبتكرة تساعد في خفض المديونية وتكلفة خدمتها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سفينة شحن تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (الموقع الإلكتروني لقناة السويس)

ترمب يطالب بالسماح للسفن الأميركية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما

قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إنه ينبغي السماح للسفن العسكرية والتجارية التابعة للولايات المتحدة بالمرور عبر قناتي السويس وبنما دون دفع أي رسوم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد شباب يعملون في إحدى الأسواق بوسط القاهرة قبل شهر رمضان (رويترز)

معدل البطالة في مصر يتراجع إلى 6.6 % عام 2024

قال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، السبت، إن معدل البطالة بلغ 6.6 في المائة في عام 2024 بانخفاض قدره 0.4 في المائة عن العام السابق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج 83 % خلال يناير

أعلن البنك المركزي المصري، أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج، استمرت في تحقيق قفزات متتالية للشهر الحادي عشر على التوالي خلال شهر يناير الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد محمد جاد الرئيس التنفيذي لبنك ستاندرد تشارترد مصر (الثاني من اليسار) وعلى يمينه كارلا سليم مسؤولة منطقة الشرق الأوسط ووسيم بن خضراء رئيس الاتصال المؤسسي بالبنك خلال المائدة المستديرة مع الصحافيين (الشرق الأوسط)

«ستاندرد تشارترد» يتوقع تراجع اقتصاد أميركا 0.5 % مع ارتفاع التضخم بسبب الرسوم

توقع بنك «ستاندرد تشارترد» البريطاني تباطؤ النمو الاقتصادي الأميركي بنحو 0.5 في المائة خلال العام الجاري بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي.

صبري ناجح (القاهرة)

ما سبب تراجع الذهب بأكثر من 1%؟

مجوهرات معروضة للبيع بمتجر تشاو تاي فوك في شنغهاي (رويترز)
مجوهرات معروضة للبيع بمتجر تشاو تاي فوك في شنغهاي (رويترز)
TT
20

ما سبب تراجع الذهب بأكثر من 1%؟

مجوهرات معروضة للبيع بمتجر تشاو تاي فوك في شنغهاي (رويترز)
مجوهرات معروضة للبيع بمتجر تشاو تاي فوك في شنغهاي (رويترز)

تراجعت أسعار الذهب يوم الاثنين، حيث وفّر ذوبان الجليد في التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعض الراحة للمستثمرين، بينما زاد ارتفاع الدولار من الضغط على الأسعار.

وانخفض سعر الذهب الفوري بنسبة 1.4 في المائة ليصل إلى 3272.89 دولار للأوقية (الأونصة). وسجّلت السبائك أعلى مستوى قياسي لها عند 3500.05 دولار في 22 أبريل (نيسان).

وانخفضت أيضاً العقود الآجلة للذهب الأميركي بنسبة 0.4 في المائة لتصل إلى 3283.70 دولار للأوقية.

وارتفع الدولار الأميركي بنسبة 0.2 في المائة مقابل سلة من العملات، مما جعل السبائك أكثر تكلفة للمشترين الأجانب.

وأبدت إدارة ترمب انفتاحها الأسبوع الماضي على تهدئة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، والتي أثارت مخاوف من الركود. وصرح ترمب بأن محادثات بشأن الرسوم الجمركية جارية مع الصين.

ويوم الجمعة، أعفت الصين بعض الواردات الأميركية من رسومها الجمركية الباهظة، في إشارة إلى احتمال انحسار الحرب التجارية بين البلدين، على الرغم من أن الصين سارعت إلى دحض تأكيد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأن المفاوضات جارية.

يُعد الذهب، الذي يُنظر إليه تقليدياً على أنه وسيلة للتحوط من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي، مزدهراً في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة.

وعلى الصعيد المادي، قفزت خصومات الذهب في الهند الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى لها منذ ما يقرب من تسع سنوات، حيث ردعت الأسعار القياسية المشترين، بينما ارتفعت أقساط التأمين في الصين إلى أعلى مستوى لها في أكثر من عام، مما أدى إلى زيادة الشحنات إلى أكبر مستهلك للسبائك في العالم.

من بين المعادن الأخرى، انخفض سعر الفضة الفوري بنسبة 0.6 في المائة إلى 32.87 دولار للأوقية، وانخفض البلاتين بنسبة 0.1 في المائة إلى 970.80 دولار، وخسر البلاديوم 0.6 في المائة إلى 942.71 دولار.