تكهنات حول تخفيض قيمة الجنيه تشغل المصريين

وسط دعوات من مؤسسات دولية لسعر صرف مرن

فتيات مصريات أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
فتيات مصريات أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
TT

تكهنات حول تخفيض قيمة الجنيه تشغل المصريين

فتيات مصريات أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)
فتيات مصريات أمام إحدى شركات الصرافة في القاهرة (أ.ب)

يترقب المصريون تقارير دولية وتصريحات لمسؤولين اقتصاديين، يعتبرها مراقبون مؤشراً محتملاً على إقدام البلاد على خفض جديد لقيمة الجنيه، خلال الفترة المقبلة. وتزامنت تصريحات لمحافظ البنك المركزي المصري بشأن «توخي الحذر الشديد في اتخاذ إجراءات لكبح التضخم»، مع تقارير دولية تشير إلى أن السلطات النقدية في مصر تتجه نحو إحداث خفض جديد لقيمة الجنيه؛ استجابة لمتطلبات التسعير المرن التي تضمَّنها اتفاقها الأخير مع صندوق النقد الدولي.
ووقّعت مصر اتفاقاً مع الصندوق، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار؛ لمواجهة الضغوط الحادة التي يعانيها الاقتصاد المصري.
ويُلزِم الاتفاق مصر، ضمن مجموعة من البنود الأخرى، باتباع سياسة مرنة في تحديد سعر الصرف، كما يخضع صرف الحزمة التمويلية الجديدة لبرنامج مدته 46 شهراً، ويتضمن 8 مراجعات، كان تاريخ أوّلها 15 مارس (آذار) الماضي، وفقاً لما ورد في تقرير خبراء الصندوق الذي نُشر عند توقيع الاتفاق.
ونقلت وكالة «بلومبيرغ»، في وقت متأخر من يوم الخميس، عن حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، قوله إن ارتفاع أسعار الفائدة «لا يمكن أن يفعل شيئاً يُذكَر لاحتواء التضخم»، الذي وصفه بأنه مدفوع، بشكل رئيسي، بقضايا الإمدادات.
وأضاف عبد الله خلال «اجتماعات الربيع للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي»: «لن نتردد في فعل المزيد، لكننا بحاجة إلى توخّي الحذر الشديد»، و«سعر الفائدة ليس الأداة الوحيدة».
كانت مصر قد شهدت 3 تخفيضات لقيمة العملة كانت عاملاً رئيسياً في ارتفاع تكلفة المنتجات الاستهلاكية، وتخطّي سعر تداول الدولار، في البنوك الرسمية، مستوى 30 جنيهاً، خلال الأيام الماضية.
وارتفع معدل التضخم السنوي في مصر، خلال مارس الماضي، ليصل إلى 33.9 في المائة، وهو أسرع معدل تضخم تشهده البلاد منذ أزمة تعويم العملة عام 2016.
ويستهدف البنك المركزي المصري تضخماً «بنسبة 7 في المائة، بزيادة أو نقصان نقطتين مئويتين بحلول الربع الرابع من العام المقبل»، وفق محافظ «المركزي».
وتزامنت تصريحات عبد الله مع مؤشرات وتقارير لمصارف دولية لمّحت إلى إمكان حدوث خفض جديد لقيمة الجنيه، إذ أشار تقرير لوكالة «بلومبيرغ» إلى أنه يجري تداول شهادات الإيداع الخاصة بالبنك التجاري الدولي «CIB» في بورصة لندن، بخصم 31 في المائة، مقارنة بسعر سهمه في بورصة القاهرة، بما يمثل أعلى فارق منذ أغسطس (آب) 2016، وهو ما اعتبر مراقبون أنه «يعكس التوقعات بأن مصر ستتيح لسعر صرف الجنيه التراجع مجدداً».
وكان بنك «إتش إس بي سي» قد توقّع، أواخر مارس الماضي، تراجعاً أكبر للجنيه المصري، وأصدر تقريراً أشار فيه إلى أن التطورات التي كان يتوقع حدوثها بشأن تدفقات النقد الأجنبي، «لم تتحقق، في الوقت الذي اشتدت فيه الضغوط مجدداً على العملة».
وبعد أن كان البنك يتوقع، في يناير (كانون الثاني) الماضي، أن يصل متوسط سعر صرف الدولار إلى 32.5 جنيه، عدَّل توقعاته ليتراوح السعر بين 35 و40 جنيهاً مقابل الدولار.
وأبدى الدكتور إسلام جمال الدين شوقي، الخبير الاقتصادي، وعضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي»، «توافقاً إلى حد كبير» مع التقارير المتداولة بشأن إمكان خفض قيمة الجنيه مجدداً، خلال الآونة المقبلة، لكنه استدرك مؤكداً أن «بعض التقارير تبالغ في النظرة التشاؤمية للاقتصاد، والبعض يخطئ في تقديراته».
وأوضح شوقي، لـ«الشرق الأوسط»، أن تقارير سابقة لمؤسسات ووكالات اقتصادية دولية كبنوك ومؤسسات تصنيفية، أفادت بأنه عندما يصل سعر الدولار إلى 21 أو 22 جنيهاً، سيكون ذلك هو السعر العادل لقيمة الجنيه، وقد وصل سعر الدولار حالياً إلى 30.95 جنيه، ومع ذلك ترى المؤسسات نفسها أن السعر الحالي ليس عادلاً.
وتابع الخبير الاقتصادي أن تعهُّد مصر بالتحول إلى سعر صرف «مرن بشكل دائم» يعني، وفقاً لمفاهيم «صندوق النقد الدولي»، أنه إذا كانت هناك فجوة بين السعر الرسمي في البنوك المصرية والسعر في السوق الموازية (السوق السوداء)، فإنه يجب أن يكون المستهدف هو سعر السوق السوداء للوصول إلى القيمة العادلة للجنيه، دون التنبه إلى أن هناك «أيادي خفية في السوق السوداء تعمل على المضاربات؛ من أجل رفع قيمة الدولار أمام الجنيه؛ لتحقيق مكاسب شخصية والتربح من وراء ذلك».
وتوقّع عضو «الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي» أن يؤدي أي خفض جديد لقيمة الجنيه، في الآونة المقبلة، إلى تحفيز تدفقات العملات الأجنبية، وجذب المستثمرين الذين ينتظرون وصول الجنيه إلى أدنى مستوى له، ولكنه توقّع أيضاً أن يؤثر أي تخفيض جديد سلباً على معدلات التضخم.
وشدد شوقي على أهمية الحد من الاقتراض الخارجي، وضرورة الإنفاق الحكومي على الأولويات فقط؛ لكبح جماح انخفاض الجنيه، والعمل على تشجيع المنتج المحلي، وتوطين الصناعات، وتنافسية الصادرات المصرية في الأسواق العالمية، ومن ثم ترتفع الصادرات، ويزيد تدفق العملات الصعبة، وتزيد موارد الدولة الدولارية وتنشط قطاعات مثل السياحة، وتحويلات المصريين في الخارج، والاستثمار المباشر.


مقالات ذات صلة

انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

شؤون إقليمية انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

انخفاض معدل التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي

انخفض معدل التضخّم في تركيا مجدداً في أبريل (نيسان) للشهر السادس على التوالي ليصل الى 43,68% خلال سنة، قبل أقل من أسبوعين على الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقررة في البلاد.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد «النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

«النقد الدولي» يدعو البنوك المركزية الأوروبية لعدم التوقف عن رفع أسعار الفائدة

قال مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة أوروبا اليوم (الجمعة)، إنه يتعين على البنوك المركزية الأوروبية أن تقضي على التضخم، وعدم «التوقف» عن رفع أسعار الفائدة، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأوضح ألفريد كامر، خلال إفادة صحافية حول الاقتصاد الأوروبي في استوكهولم، «يجب قتل هذا الوحش (التضخم).

«الشرق الأوسط» (استوكهولم)
الاقتصاد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»: على البريطانيين القبول بصعوباتهم المالية

أكد كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، اليوم (الثلاثاء)، أنه يتعين على البريطانيين القبول بتراجع قدرتهم الشرائية في مواجهة أزمة تكاليف المعيشة التاريخية من أجل عدم تغذية التضخم. وقال هيو بيل، في «بودكاست»، إنه مع أن التضخم نجم عن الصدمات خارج المملكة المتحدة من وباء «كوفيد19» والحرب في أوكرانيا، فإن «ما يعززه أيضاً جهود يبذلها البريطانيون للحفاظ على مستوى معيشتهم، فيما تزيد الشركات أسعارها ويطالب الموظفون بزيادات في الرواتب». ووفق بيل؛ فإنه «بطريقة ما في المملكة المتحدة، يجب أن يقبل الناس بأن وضعهم ساء، والكف عن محاولة الحفاظ على قدرتهم الشرائية الحقيقية».

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

أعلن كل من «حزب التقدم والاشتراكية» المغربي (معارضة برلمانية)»، و«الاتحاد المغربي للشغل»؛ أعرق اتحاد عمالي في المغرب، التنسيق بينهما في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها المواطنون في ظل موجة الغلاء. وقال بيان مشترك للهيئتين، صدر الثلاثاء إثر اجتماع بين قيادتيهما، إنه جرى الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بينهما لتتبع «التنسيق الثنائي في جميع المبادرات المستقبلية» التي تروم الدفاع عن قضايا الطبقة العاملة المغربية وعموم المواطنات والمواطنين. واتفق الطرفان أيضاً على التنسيق داخل البرلمان بغرفتيه في جميع القضايا «دفاعاً عن مصالح العمال وكافة الجماهير الشعبية».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا المغرب: قادة الغالبية الحكومية لمواجهة الغلاء

المغرب: قادة الغالبية الحكومية لمواجهة الغلاء

أكد قادة أحزاب الغالبية الحكومية في المغرب، خلال لقاء بالرباط مساء أمس (الخميس)، أنهم عازمون على مواصلة العمل معاً لتنفيذ البرنامج الحكومي، رغم التحديات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، وشددوا على أنهم يعملون في انسجام تام، نافين وجود خلافات. وقال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار (متزعم الائتلاف الحكومي)، إن ارتفاع أسعار المنتجات الفلاحية في المغرب يعود للجفاف وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات، التي تضاعف ثمنها ما زاد كلفة الإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرباط)

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
TT

نوفاك: سوق النفط متوازنة بفضل تحركات «أوبك بلس»

مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)
مضخات نفطية في حقل بمدينة ميدلاند في ولاية تكساس الأميركية (رويترز)

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك يوم الجمعة، عقب اجتماع روسيا و«أوبك»، إن سوق النفط العالمية متوازنة بفضل تحركات دول «أوبك بلس» والالتزام بالحصص المقررة.

وأضاف نوفاك بعد اجتماعه مع الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص في موسكو، إن دول «أوبك بلس»، التي تضخ نحو نصف إنتاج النفط العالمي، تتخذ كل القرارات اللازمة للحفاظ على استقرار السوق.

وقال نوفاك: «بينما نناقش الوضع والتوقعات اليوم، يخلص تقييمنا إلى أن السوق في الوقت الحالي متوازنة. يرجع الفضل في ذلك في الأساس إلى تحركات دول (أوبك بلس)، والإجراءات المشتركة للامتثال للحصص والتعهدات الطوعية من دول في (أوبك بلس)».

ويأتي ذلك في وقت تستعد فيه «أوبك بلس»، التي تضم منظمة البلدان المُصدّرة للبترول (أوبك) وحلفاء من بينهم روسيا، لعقد اجتماع في الأول من ديسمبر (كانون الأول).

وفي الأسواق، تراجعت أسعار النفط قليلا يوم الجمعة، لكنها اتجهت إلى تسجيل زيادة أسبوعية بنحو أربعة في المائة مع احتدام الحرب الأوكرانية، بعد تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أنها قد تتحول إلى صراع عالمي.

وبحلول الساعة 12:39 بتوقيت غرينتش، انخفضت العقود الآجلة لخام برنت 34 سنتا أو 0.46 في المائة إلى 73.89 دولار للبرميل. وتراجعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 36 سنتا أو 0.51 في المائة إلى 69.74 دولار للبرميل. وزاد الخامان اثنين في المائة يوم الخميس، وكان من المتوقع أن يسجلا مكاسب أسبوعية بنحو أربعة في المائة، وذلك في أفضل أداء من نوعه منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وقال بوتين يوم الخميس إن الحرب في أوكرانيا تتحول إلى صراع عالمي بعدما سمحت الولايات المتحدة وبريطانيا لأوكرانيا بضرب العمق الروسي بأسلحة مقدمة من البلدين. وأضاف أن روسيا ردت بإطلاق نوع جديد من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى على منشأة عسكرية أوكرانية، محذرا الغرب من أن موسكو قد تتخذ مزيدا من الإجراءات.

وتعد روسيا من بين أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم، حتى مع انخفاض الإنتاج بعد حظر الاستيراد المرتبط بغزوها لأوكرانيا وقيود الإمدادات التي تفرضها مجموعة «أوبك بلس». وقالت روسيا هذا الشهر إنها أنتجت حوالي تسعة ملايين برميل من الخام يوميا.

لكن بيانات مخزونات الخام الأميركية حدت من المكاسب. فقد تأثرت الأسعار بارتفاع مخزونات الخام الأميركية 545 ألف برميل إلى 430.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة توقعات المحللين.

وأعلنت الصين يوم الخميس عن إجراءات في السياسات لتعزيز التجارة منها دعم واردات منتجات الطاقة وسط مخاوف بشأن تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية.

ومن جانبه، قال بنك غولدمان ساكس في مذكرة إنه يتوقع أن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت نحو 80 دولارا للبرميل هذا العام، رغم العجز في المعروض في 2024 والغموض الجيوسياسي، مشيرا إلى فائض متوقع قدره 0.4 مليون برميل يوميا العام المقبل.

وأضاف في المذكرة مساء الخميس: «توقعنا الرئيسي هو أن يظل برنت في نطاق 70 إلى 85 دولارا، مع قدرة إنتاج فائضة عالية تحد من ارتفاع الأسعار، فيما تحد مرونة أسعار (أوبك) وإمدادات النفط الصخري من انخفاض الأسعار».

ويتوقع البنك مخاطر قد تدفع أسعار برنت للصعود على المدى القريب، مع احتمال ارتفاع الأسعار إلى نطاق 85 دولارا في النصف الأول من عام 2025 إذا انخفض المعروض من إيران بمقدار مليون برميل يوميا بسبب فرض عقوبات أكثر صرامة.

وأوضح البنك أن مخاطر الأسعار على المدى المتوسط تميل إلى الجانب السلبي نظرا للطاقة الإنتاجية الاحتياطية المرتفعة. وقال: «في حين أن هناك طاقة احتياطية وفيرة في إنتاج النفط، فإننا نتوقع أن يظل التكرير قليلا للغاية، وأن تتعافى هوامش البنزين والديزل بشكل أكبر».

وأبقى البنك على توقعاته بأن يبلغ متوسط ​​سعر خام برنت 76 دولارا للبرميل في عام 2025، لكنه خفض توقعاته لعام 2026 إلى 71 دولارا للبرميل في ظل فائض قدره 0.9 مليون برميل يوميا.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يستمر الطلب على النفط في النمو لعقد آخر، مدفوعا بارتفاع الطلب الإجمالي على الطاقة إلى جانب نمو الناتج المحلي الإجمالي واستمرار وجود تحديات في إزالة الكربون من قطاعي الطيران والمنتجات البتروكيماوية.