خلافات ألمانية حول مقاربة أوروبا تجاه الصين

المستشار الألماني ووزيرة خارجيته في 29 مارس ببرلين (أ.ف.ب)
المستشار الألماني ووزيرة خارجيته في 29 مارس ببرلين (أ.ف.ب)
TT

خلافات ألمانية حول مقاربة أوروبا تجاه الصين

المستشار الألماني ووزيرة خارجيته في 29 مارس ببرلين (أ.ف.ب)
المستشار الألماني ووزيرة خارجيته في 29 مارس ببرلين (أ.ف.ب)

تبدأ وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيروبوك زيارة إلى بكين اليوم وسط خلافات متزايدة حول مقاربة أوروبا للصين، سلّط عليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الضوء عندما زار البلاد قبل أيام مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
وتسبب ماكرون في انتقادات لاذعة داخل ألمانيا وخارجها، بسبب تصريحات أدلى بها لمجلة «بوليتيكو» في الطائرة في أثناء عودته من بكين، وكررها في مقابلة لصحيفة «ليزيكو» الفرنسية، حذّر فيها من أن تصبح أوروبا «تابعة» للولايات المتحدة في سياستها مع الصين، خاصة فيما يتعلق بالتوترات حول تايوان. ومن غير المعروف ما إذا كانت بيروبوك ستتحدث مع المسؤولين الصينيين حول تايوان تحديدا، أم أنها تكتفي بالتركيز على الحرب في أوكرانيا والعلاقات الألمانية - الصينية. وتلتقي بيروبوك نظيرها الصيني تشين جانغ إضافة إلى المسؤول الصيني الرفيع وانغ يي المسؤول عن السياسة الخارجية في الحزب الشيوعي الصيني، وكذلك رئيس الوزراء لي كيانغ في لقاء «خلف الأبواب»، كما كتب معهد «كونراد أدناور» في تحليل عن الزيارة.
وعلى خلاف ماكرون وقبله المستشار الألماني أولاف شولتز في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، اللذين اصطحبا معهما وفدا كبيرا من رجال الأعمال الفرنسيين والألمان، تصل بيروبوك بكين بمفردها. وتعتمد وزيرة الخارجية لهجة أشد حدّة تجاه الصين من المستشار الألماني، وسبق أن حذرته من الزيارة وتوقيتها في نوفمبر، خاصة أنها جاءت بعد أيام من إعادة انتخاب الرئيس الصيني تشي جينبينغ لولاية ثالثة جديدة فسّرها المراقبون بأنها تمكين لسلطته على الحكم. وتسببت تصريحات أدلت بها وزيرة الخارجية الألمانية في الصيف الماضي حول تايوان في غضب بكين، التي اتهمتها بـ«تشويه الحقائق». وكانت بيروبوك قالت آنذاك إنه «من غير المقبول أن يتم انتهاك القانون الدولي ويغزو جار أكبر جاره الأصغر»، مضيفة أن «هذا ينطبق أيضا على الصين».
ورغم الجدل الذي تسببت به تصريحاتها آنذاك، فإن الضغوط الداخلية تتزايد عليها لبحث مسألة تايوان في زيارتها إلى الصين و«توضيح» موقف ألمانيا بعد تصريحات ماكرون. وقال النائب عن الحزب الاشتراكي الحاكم في ألمانيا نيلس شميت، إن على بيروبوك «تصحيح الانطباع الذي تركه ماكرون في الصين». وأضاف الخبير في الشؤون الخارجية داخل حزبه، أن على وزيرة الخارجية أن تبعت برسالة للصين توضح فيها أن «الاتحاد الأوروبي لا يمكنه أن ينفصل عن الولايات المتحدة». وحثّ الحزب الليبرالي المشارك في الحكومة، وزيرة الخارجية الألمانية على التواصل مع فرنسا قبل سفرها إلى بكين «والتوصل إلى موقف موحد حول تايوان»، مضيفا أن «أوروبا بوحدتها فقط يمكنها أن تدافع عن موقفها في الصين». ووجه النائب عن الحزب المسيحي الديمقراطي المعارض نوربرت روتغن، انتقادات لاذعة لماكرون. وقال السياسي الذي ترأس في الماضي لجنة الشؤون الخارجية في البوندستاغ، إنه «بينما تؤمن الولايات المتحدة وليس فرنسا أو ألمانيا، دعما عسكريا كبيرا لأوكرانيا للدفاع عن أوروبا، فإن ماكرون يدعو إلى الانفصال عن واشنطن». وأضاف أنه «بينما تتمرن الصين حاليا على تنفيذ هجوم على تايوان، يدعو ماكرون للتقارب مع الصين». ووصف روتغن زيارة ماكرون إلى الصين بأنها «كارثة للسياسة الخارجية الأوروبية».
ويعتقد خبراء بأن بيروبوك يمكن أن تعرج على التوترات المتزايدة مع تايوان من زاوية إظهار تأثير هذه التوترات على العلاقات الاقتصادية مع أوروبا. وكتب خبراء في العلاقات الألمانية - الصينية في معهد «كونراد أديناور» أن بيروبوك يمكن أن تستغل الزيارة كذلك للضغط مجدّدا على الصين لاستخدام نفوذها على روسيا للضغط على الرئيس فلاديمير بوتين لوقف الحرب في أوكرانيا. وأشار الخبراء في الورقة التي أعدوها حول زيارة بيروبوك، إلى أن فون دير لاين أكدت بعد زيارتها بكين أن الرئيس الصيني أبدى استعداده للحديث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «عندما يكون الوقت مناسبا». وأضاف الخبراء أن لدى بيروبوك الآن فرصة للضغط على بكين لاستخدام نفوذها لدى روسيا للمساعدة على وقف الحرب.
ونقلت ورقة الخبراء عن صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية رؤيتها لزيارة بيروبوك، وكتب الخبراء الألمان أن بكين ترى في الزيارة تأكيدا على أهمية العلاقات الثنائية، وأن برلين «قادرة على لعب دور مركزي في الترويج لتطوير العلاقات الثنائية بين الصين وأوروبا». واستنتج الخبراء الألمان من تعليق الصحيفة الصينية أن بكين تحاول منع ألمانيا والاتحاد الأوروبي من الانجراف أكثر باتجاه الولايات المتحدة. وأضافوا أن «بكين تعي أن موقفها المتردد تجاه الحرب في أوكرانيا، واعتمادها بروباغندا معادية للولايات المتحدة، أضرا بسمعتها في أوروبا، ولكن عوضا عن انتقاد النفس فإن بكين تلقي اللوم على واشنطن».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

العالم الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

الاتحاد الأوروبي يحذّر موسكو من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين

حذّر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل روسيا، اليوم الخميس، من استغلال الهجوم المفترض على الكرملين الذي اتهمت موسكو كييف بشنّه، لتكثيف هجماتها في أوكرانيا. وقال بوريل خلال اجتماع لوزراء من دول الاتحاد مكلفين شؤون التنمي«ندعو روسيا الى عدم استخدام هذا الهجوم المفترض ذريعة لمواصلة التصعيد» في الحرب التي بدأتها مطلع العام 2022. وأشار الى أن «هذا الأمر يثير قلقنا... لأنه يمكن استخدامه لتبرير تعبئة مزيد من الجنود و(شنّ) مزيد من الهجمات ضد أوكرانيا». وأضاف «رأيت صورا واستمعت الى الرئيس (الأوكراني فولوديمير) زيلينسكي.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم الاتحاد الأوروبي يخطّط لإنتاج مليون قذيفة سنوياً وأوكرانيا تستنزف الذخيرة

الاتحاد الأوروبي يخطّط لإنتاج مليون قذيفة سنوياً وأوكرانيا تستنزف الذخيرة

سيطرح الاتحاد الأوروبي خطة لتعزيز قدرته الإنتاجية للذخائر المدفعية إلى مليون قذيفة سنوياً، في الوقت الذي يندفع فيه إلى تسليح أوكرانيا وإعادة ملء مخزوناته. وبعد عقد من انخفاض الاستثمار، تُكافح الصناعة الدفاعية في أوروبا للتكيّف مع زيادة الطلب، التي نتجت من الحرب الروسية على أوكرانيا الموالية للغرب. وتقترح خطّة المفوضية الأوروبية، التي سيتم الكشف عنها (الأربعاء)، استخدام 500 مليون يورو من ميزانية الاتحاد الأوروبي لتعزيز إنتاج الذخيرة في التكتّل. وقال مفوّض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية، تييري بريتون: «عندما يتعلّق الأمر بالدفاع، يجب أن تتحوّل صناعتنا الآن إلى وضع اقتصاد الحرب». وأضاف: «أنا واث

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

الاتحاد الأوروبي يطالب طهران بإلغاء عقوبة الإعدام بحق مواطن ألماني - إيراني

قال الاتحاد الأوروبي إنه «يدين بشدة» قرار القضاء الإيراني فرض عقوبة الإعدام بحق المواطن الألماني - الإيراني السجين جمشيد شارمهد، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وأيدت المحكمة العليا الإيرانية يوم الأربعاء حكم الإعدام الصادر بحق شارمهد.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الاقتصاد الاتحاد الأوروبي يمدد لمدة عام تعليق الرسوم الجمركية على الواردات الأوكرانية

الاتحاد الأوروبي يمدد لمدة عام تعليق الرسوم الجمركية على الواردات الأوكرانية

أعطت حكومات الدول الـ27 موافقتها اليوم (الجمعة)، على تجديد تعليق جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الأوكرانية الصادرة إلى الاتحاد الأوروبي لمدة عام، حسبما أعلنت الرئاسة السويدية لمجلس الاتحاد الأوروبي. كان الاتحاد الأوروبي قد قرر في مايو (أيار) 2022، تعليق جميع الرسوم الجمركية على الواردات الأوكرانية إلى الاتحاد الأوروبي لمدة عام، لدعم النشاط الاقتصادي للبلاد في مواجهة الغزو الروسي. وتبنى سفراء الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي في بروكسل قرار تمديد هذا الإعفاء «بالإجماع».

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
العالم الكرملين يهدّد بمصادرة أصول مزيد من الشركات الأجنبية في روسيا

الكرملين يهدّد بمصادرة أصول مزيد من الشركات الأجنبية في روسيا

حذّر الكرملين اليوم (الأربعاء)، من أن روسيا قد توسّع قائمة الشركات الأجنبية المستهدفة بمصادرة مؤقتة لأصولها في روسيا، غداة توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمرسوم وافق فيه على الاستيلاء على مجموعتَي «فورتوم» و«يونيبر». وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، قال الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف لصحافيين: «إذا لزم الأمر، قد توسّع قائمة الشركات. الهدف من المرسوم هو إنشاء صندوق تعويضات للتطبيق المحتمل لإجراءات انتقامية ضد المصادرة غير القانونية للأصول الروسية في الخارج».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
TT

واشنطن: القوات الكورية الشمالية ستدخل الحرب ضد أوكرانيا «قريباً»

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يسير أمام عدد كبير من جنود بلاده (د.ب.أ)

أعلن وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن اليوم (السبت) أن بلاده تتوقع أن آلافاً من القوات الكورية الشمالية المحتشدة في روسيا ستشارك «قريباً» في القتال ضد القوات الأوكرانية، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

ويقدّر وزير الدفاع الأميركي أن هناك نحو 10 آلاف عنصر من الجيش الكوري الشمالي موجودين في منطقة كورسك الروسية المتاخمة لأوكرانيا والمحتلة جزئياً من جانب قوات كييف، وقد تم «دمجهم في التشكيلات الروسية» هناك.

وقال أوستن للصحافة خلال توقفه في فيجي بالمحيط الهادئ «بناءً على ما تم تدريبهم عليه، والطريقة التي تم دمجهم بها في التشكيلات الروسية، أتوقع تماماً أن أراهم يشاركون في القتال قريباً» في إشارة منه إلى القوات الكورية الشمالية.

وذكر أوستن أنه «لم ير أي تقارير مهمة» عن جنود كوريين شماليين «يشاركون بنشاط في القتال» حتى الآن.

وقال مسؤولون حكوميون في كوريا الجنوبية ومنظمة بحثية هذا الأسبوع إن موسكو تقدم الوقود وصواريخ مضادة للطائرات ومساعدة اقتصادية لبيونغ يانغ في مقابل القوات التي تتهم سيول وواشنطن كوريا الشمالية بإرسالها إلى روسيا.

ورداً على سؤال حول نشر القوات الكورية الشمالية الشهر الماضي، لم ينكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ذلك، وعمد إلى تحويل السؤال إلى انتقاد دعم الغرب لأوكرانيا.

وقالت كوريا الشمالية الشهر الماضي إن أي نشر لقوات في روسيا سيكون «عملاً يتوافق مع قواعد القانون الدولي» لكنها لم تؤكد إرسال قوات.