تقرير يؤكد استغلال إيران مهمة الإغاثة من الزلزال لنقل أسلحة إلى سوريا

إسرائيل كثّفت هجماتها بعد «معلومات بأن شيئاً ما يجري تطويره بسرعة»

دمار جراء زلزال 6 فبراير في ريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا (رويترز)
دمار جراء زلزال 6 فبراير في ريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا (رويترز)
TT

تقرير يؤكد استغلال إيران مهمة الإغاثة من الزلزال لنقل أسلحة إلى سوريا

دمار جراء زلزال 6 فبراير في ريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا (رويترز)
دمار جراء زلزال 6 فبراير في ريف محافظة إدلب شمال غربي سوريا (رويترز)

نقلت وكالة «رويترز»، الأربعاء، عن 9 مصادر سورية وإيرانية وإسرائيلية وغربية، أن إيران استخدمت رحلات الإغاثة من الزلزال لجلب أسلحة ومُعدات عسكرية إلى حليفتها الاستراتيجية سوريا.
وذكرت المصادر «أن الهدف هو تعزيز دفاعات إيران ضد إسرائيل في سوريا، ودعم الرئيس بشار الأسد». و«رويترز» هي أول من يعلن هذه المعلومات.
وقالت المصادر إنه، بعد زلزال السادس من فبراير (شباط)، في شمال سوريا وتركيا، بدأت مئات الرحلات الجوية، من إيران، الهبوط في مطارات حلب ودمشق واللاذقية؛ لتوصيل الإمدادات، واستمر ذلك 7 أسابيع.
وذكر مصدران إقليميان، ومصدر مخابرات غربي، «أن الإمدادات تضمنت مُعدات اتصالات متقدمة، وبطاريات رادار، وقِطع غيار مطلوبة لتحديث مزمع لنظام الدفاع الجوي السوري، الذي مدَّت به إيران، دمشق في حربها الأهلية».
وتحدثت «رويترز» إلى اثنين من مسؤولي المخابرات الغربية، ومصادر مقرَّبة من القيادتين الإيرانية والإسرائيلية، وكذلك منشق عسكري سوري، وضابط سوري، عن الرحلات الجوية المذكورة.

موقع استهدفته غارة إسرائيلية في العاصمة السورية يوم 19 فبراير الماضي (أ.ب)

وردّاً على سؤال حول ما إذا كانت إيران قد استخدمت طائرات الإغاثة الإنسانية، بعد الزلازل، لنقل معدات عسكرية إلى سوريا، بهدف تعزيز شبكتها هناك ومساعدة الأسد، قالت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك: «هذا غير صحيح»، في حين لم تردَّ الحكومة السورية على طلب للتعقيب.
وقالت مصادر إقليمية «إن إسرائيل سرعان ما علمت بتدفق الأسلحة إلى سوريا، وأطلقت حملة شرسة للتصدي لذلك». وقال البريغادير جنرال يوسي كوبرفاسر، أحد المصادر المطّلعة، ورئيس الأبحاث السابق في الجيش الإسرائيلي، والمدير العام السابق لوزارة الشؤون الاستراتيجية، «إن الضربات الجوية الإسرائيلية ضد الشحنات اعتمدت على معلومات مخابراتية دقيقة جداً، لدرجة أن الجيش الإسرائيلي كان يعلم أي شاحنة سيستهدفها في قافلة ممتدة من الشاحنات».
- «تحركات كبيرة»
وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي، طلب عدم ذكر اسمه: «تحت ستار شحنات مساعدات الزلزال إلى سوريا، رصدت إسرائيل تحركات كبيرة لمعدات عسكرية من إيران، يجري نقلها بشكل أساسي في أجزاء».
وأضاف أن «معظم المساعدات» سُلّمت إلى مطار حلب، في شمال سوريا، و«أن الوحدة السورية 18000، بقيادة حسن مهدوي، التابعة لفيلق القدس، وهو جهاز التجسس والذراع شبه العسكرية للحرس الثوري الإيراني، تولّت تنظيم الشحنات».
وأشار إلى «أن وحدة النقل 190، التابعة لفيلق القدس، بقيادة بهنام شهرياري، تولّت النقل البري». ولم يتسنَّ التواصل مع مهدوي وشهرياري، للتعليق. وأحجم «الحرس الثوري» عن التعقيب.
وقال المنشقّ العسكري السوري العقيد عبد الجبار عكيدي، الذي يحتفظ بصلات في الجيش السوري: «الاستهدافات (الإسرائيلية) الأخيرة كانت لاجتماعات لقادة مُهمين من الميليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى شحنات من الرقائق لتطوير الأسلحة».
وذكر مصدر إقليمي أن إسرائيل قصفت مدرج مطار حلب، بعد ساعات فقط من هبوط طائرتيْ شحن إيرانيتين بشحنات أسلحة، تحت ستار نقل مساعدات الإغاثة الإنسانية. وأكد مصدران، في مخابرات غربية، تلك المعلومات.
وكان الجنرال إسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس» بـ«الحرس الثوري»، أول مسؤول أجنبي تطأ قدماه منطقة الزلزال في سوريا، قبل أيام قليلة من وصول الأسد نفسه.
والمعروف أنه في حال وقوع كارثة إنسانية، يمكن لطائرات الإغاثة، التابعة للأمم المتحدة، أن تطلب الحصول على حقوق الهبوط من السلطات المحلية. وتُستثنى البضائع الإنسانية من العقوبات. وفي هذه الحالة، منحت السلطات السورية «حقوق» هبوط لرحلات جوية مباشرة، قادمة من روسيا وإيران.
وقال مصدر إقليمي، مقرَّب من القيادة الدينية الإيرانية: «كان الزلزال كارثة مؤسفة، ولكن، في الوقت نفسه، أعاننا الله لمساعدة إخواننا في سوريا، في قتالهم ضد أعدائهم. جرى إرسال كميات من الأسلحة إلى سوريا على الفور».
وتنفّذ إسرائيل، على مدى أعوام، هجمات ضد ما تصفها بأنها «أهداف مرتبطة بإيران في سوريا»، حيث نما نفوذ طهران، منذ أن بدأت دعم الأسد في الحرب الأهلية، التي اندلعت عام 2011.
وقال ضابط بالجيش السوري، طلب عدم ذكر اسمه، «إن الإسرائيليين يكثفون جهودهم لهزيمة إيران في سوريا».
وأضاف: «لماذا الآن؟ ببساطة لأن لديهم معلومات أن شيئاً ما يجري تطويره بسرعة. يجب أن يُوقفوه ويستهدفوه لإبطائه. خلق الزلزال الظروف المواتية، الفوضى التي أعقبته سمحت للطائرات الإيرانية بالهبوط بسهولة».
وقال مصدر أمني إقليمي ومصدرا مخابرات غربية، إنه، في الثالث من أبريل (نيسان)، في أعقاب المزيد من الزلازل، شملت الأهداف الإسرائيلية مستودعات أسلحة في جبل المانع، بالقرب من منطقة الكسوة الجبلية جنوب دمشق، حيث قامت القوات الإيرانية وجماعة (حزب الله) اللبنانية، بتشييد «ما قد يكون أكثر مواقعها العسكرية تحصيناً في سوريا».
وأضاف المصدر الإقليمي أنه جرى قصف محطة رادار تُستخدم للطائرات المسيَّرة، في الثالث من أبريل أيضاً، مؤكداً ما قاله مصدران في مخابرات غربية، لـ«رويترز».
وقال مصدر مخابراتي غربي: «نعتقد أن الميليشيات الإيرانية نقلت كميات ضخمة من الذخيرة، وأعادت تخزين الكميات التي فُقدت في ضربات سابقة نفّذتها طائرات إسرائيلية مسيَّرة»؛ في إشارة إلى الرحلات الجوية الإيرانية، منذ زلزال السادس من فبراير.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز «معاهدة حظر الانتشار»

إسلامي وغروسي على هامش معرض نووي بأصفهان في مطلع مايو الماضي (الذرية الإيرانية)
إسلامي وغروسي على هامش معرض نووي بأصفهان في مطلع مايو الماضي (الذرية الإيرانية)
TT

إيران ترفض تفتيشاً دولياً يتجاوز «معاهدة حظر الانتشار»

إسلامي وغروسي على هامش معرض نووي بأصفهان في مطلع مايو الماضي (الذرية الإيرانية)
إسلامي وغروسي على هامش معرض نووي بأصفهان في مطلع مايو الماضي (الذرية الإيرانية)

رفض رئيس «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية»، محمد إسلامي، القول بأن بلاده قلصت وصول مفتشي الأمم المتحدة إلى منشآتها، مشدداً على أن المراقبة الدولية تقتصر على التزامات «معاهدة حظر الانتشار»، وليس «الاتفاق النووي»، وذلك في وقت تزيد فيه طهران، على قدم وساق، مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجة قريبة من تلك المؤهلة لصنع الأسلحة، وسط أجواء جيوسياسية متوترة.

وانتقد إسلامي، في تصريحات للتلفزيون الرسمي، «إزعاج النظام الاستكباري للجمهورية الإسلامية»، في أول تعليق من مسؤول نووي إيراني على أحدث تقارير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» التابعة للأمم المتحدة الخميس الماضي.

وحذر تقرير سري أرسله مدير «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، رافاييل غروسي، إلى الدول الأعضاء، الخميس الماضي، بأن إيران تواصل إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب، وأنها لم تتعاون مع «الوكالة» بشكل أفضل رغم قرار يطالب بذلك صادر عن أحدث اجتماع لـ«مجلس إدارة الوكالة».

ورغم القرار الذي صدر في الاجتماع ربع السنوي الأخير لـ«مجلس محافظي الوكالة الدولية» المؤلف من 35 دولة، في يونيو (حزيران) الماضي، فإن الدبلوماسية النووية توقفت إلى حد كبير بسبب انتخاب الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان الشهر الماضي والانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

ومنذ زيارة غروسي طهران في مطلع مايو (أيار) الماضي، لم تحقق «الوكالة الدولية» أي تقدم في حل القضايا العالقة منذ فترة طويلة؛ منها منع إيران دخول مفتشي «الوكالة» المختصين في التخصيب، وعدم تقديمها تفسيراً لآثار اليورانيوم في مواقع غير معلنة. وأشار أحدث تقارير «الوكالة الدولية» إلى أن إيران في الوقت نفسه شغلت سلاسل أو مجموعات من أجهزة الطرد المركزي التي تنقي اليورانيوم، في مواقعها الرئيسية للتخصيب، مثل «نطنز» و«فوردو»، الواقعة تحت الجبال.

وتعليقاً على تقرير غروسي الجديد، رفض محمد إسلامي القول بأن بلاده قلصت وصول المفتشين.

وقال إسلامي إن «الوضع الحالي (من التعاون) يتبع (معاهدة حظر الانتشار النووي - إن بي تي) و(اتفاق الضمانات) المرتبط بالمعاهدة، وليس (الاتفاق النووي)»، وأضاف: «لإيران الحق في قبول أو رفض مفتشي الوكالة»، مشدداً على أن إشارة غروسي بشأن وقف إيران كاميرات المراقبة «جزء من (الاتفاق النووي) وليس (معاهدة حظر الانتشار)».

وأوضح إسلامي أن «العلاقة الحالية بين (الوكالة الدولية) وإيران لم تعد تتعلق بـ(الاتفاق النووي)؛ بل تستند إلى التزامات (معاهدة حظر الانتشار) و(اتفاق الضمانات)».

وأضاف إسلامي: «وفقاً لإطار (معاهدة حظر الانتشار)، لديّ سلطة قبول أو رفض مفتشي الوكالة، وهذا حق قانوني لنا، وليس مسألة ضغط سياسي أو قوة». وأضاف: «إذا كنتَ ملتزماً بـ(الاتفاق النووي)، فعليكَ الوفاء بالتزاماتك، وسنلتزم نحن أيضاً بتعهداتنا بالكامل».

صورة التقطها قمر «ماكسار» لمحطة «فوردو» لتخصيب اليورانيوم في يناير 2020 (أ.ف.ب)

زيارة طهران

وقال غروسي في تقريره الجديد إنه يأمل زيارة إيران من أجل خوض حوار سلس وبنّاء مع الرئيس الإيراني الجديد مسعود بزشكيان، بهدف الوصول إلى نتائج ملموسة بسرعة.

وقال إسلامي للتلفزيون الرسمي إنه لم يحدَّد موعد بعد، وأضاف: «سيحدَّد الموعد عندما ينظَّم البرنامج». وأشار إلى أن السفير الإيراني لدى «الوكالة الدولية»، التقى غروسي، واتُّفق على أن «يراجع الطرفان برنامج الزيارة معاً».

وأوقفت إيران كثيراً من التزاماتها النووية، بعد عام من انسحاب الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، من «الاتفاق النووي»، في مايو 2018. ولكن الخطوات الكبيرة ضمن تخلي طهران عن الالتزامات النووية، بدأت مع دخول جو بايدن إلى البيت الأبيض قبل نحو 4 سنوات.

وأقر البرلمان الإيراني قانون «الخطوة الاستراتيجية للرد على العقوبات الأميركية»، بعد تأكد فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية عام 2020، ورفعت طهران بموجب القانون تخصيب اليورانيوم إلى 20 و60 في المائة، كما قلصت مستوى التعاون مع المفتشين الدوليين مع وقف العمل بـ«البروتوكول الإضافي» في «معاهدة حظر الانتشار» خلال فبراير (شباط) 2021.

مفتش من «الطاقة الذرية» يركب كاميرات للمراقبة بمنشأة «نطنز» في أغسطس 2005 (أ.ب)

10قنابل

ووفق تقدير «الوكالة الدولية»، فإن إيران تمتلك حالياً مخزوناً من اليورانيوم المخصب بنسبة 20 و60 في المائة، يكفي لصنع 10 قنابل نووية.

وجاء في تقرير من «الوكالة الدولية» أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، يقدّر حالياً بـ164.7 كيلوغرام، بزيادة نحو 22.6 كيلوغرام على ما كان عليه قبل 4 أشهر. ووفقاً لمقياس «الوكالة»، تقل تلك الكمية بنحو كيلوغرامين عن الكمية التي تكفي من الناحية النظرية لصنع 4 قنابل نووية في حال زيادة درجة التخصيب.

وبالمقياس نفسه؛ تمتلك إيران الآن من اليورانيوم المخصب بنسبة نقاء تصل إلى 20 في المائة ما يكفي لصنع 6 قنابل، إذا رفعت درجة تخصيبه.

وعملياً؛ تمثل نسبة 60 في المائة، نحو 99 في المائة من مسار النسبة المطلوبة لصنع أسلحة نووية، أما نسبة 20 في المائة، فإنها تمثل نحو 90 في المائة من مسار امتلاك المواد الانشطارية القابلة للاستخدام في صنع السلاح.

بزشكيان بين كمال خرازي (يمين) رئيس «اللجنة الاستراتيجية للعلاقات الخارجية» وعراقجي وبجواره كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني الأربعاء الماضي (الخارجية الإيرانية)

عمل شاق

وتعهد وزير الخارجية الإيراني الجديد، عباس عراقجي، بـ«إنعاش المسار الدبلوماسي لرفع العقوبات» بموازاة «العمل على تنفيذ استراتيجية الالتفاف على العقوبات الدولية».

لكن عراقجي أدلى بتصريحات متباينة عن الاتفاق النووي لعام 2015، وهو الذي لعب دوراً محورياً في إبرامه. وقال خلال مقابلة تلفزيونية في 23 أغسطس (آب) الماضي؛ أي بعد 48 ساعة من توليه مهامه، إن إحياء «المفاوضات ليس سهلاً كما كان في الماضي، ويجب على الجميع أن يدرك ذلك. الظروف الدولية تغيّرت».

وأشار عراقجي إلى سببين أساسيين؛ أولهما تطورات الأوضاع الدولية والإقليمية؛ بما في ذلك حرب أوكرانيا، وتغيير النظرة الأمنية لدى الأوروبيين، فضلاً عن الحرب في قطاع غزة، وشدد على ضرورة بدء مفاوضات جديدة، لكنه قال: «في أوروبا (الأمور) صعبة، وفي الولايات المتحدة هم مشغولون بالانتخابات؛ لذا لن تكون المهمة سهلة».

أما عن السبب الثاني، فقد فقال: «الصورة الحالية تختلف عن الصورة السابقة، حتى في (الاتفاق النووي) نفسه... بعض التواريخ التي كانت موجودة قد انقضت، وبالتالي فإن (الاتفاق النووي) بالشكل الحالي لا يمكن إحياؤه، وبمعنى آخر، تجب إعادة فتح هذه الوثيقة وتعديل بعض أجزائها، وهذا ليس بالأمر السهل، فكما تعلمون عندما تُفتح وثيقة، فإن جمعها وترتيبها مرة أخرى يكون عملاً شاقاً».

وفسرت وسائل إعلام إيرانية تصريحات عراقجي بأنها إعلان نهاية «الاتفاق النووي» رغم مساعي إحيائه، لكن الأخير سارع إلى نفي ذلك، وقال إن أقواله المتلفزة لا تعني موت «الاتفاق النووي»، وأوضح: «سنواصل التفاوض... لن نتعجّل أو نتأخّر دون داعٍ في هذا المجال. سنتشاور مع الأطراف المختلفة؛ لكي نتمكّن من تحقيق مصالح الشعب الإيراني».