يتجه أعضاء «مجلس الأمة»، الغرفة الثانية للبرلمان الجزائري، غدا الخميس، إلى المصادقة على قانون جديد للإعلام يشدد الرقابة على وسائل الإعلام، ويقطع الطريق أمام رجال أعمال محل شبهة فساد لتأسيس قنوات تلفزيونية وصحف، وذلك بعد أن أقرت غرفة التشريع «المجلس الشعبي الوطني» المسودة نهاية الشهر الماضي، وسط غياب استشارة أهل المهنة حول هذا النص، الذي رفضه النواب الإسلاميون.
ويتضمن «مشروع القانون العضوي للإعلام» 55 مادة، تنص على عقوبات مالية تصل إلى 14 ألف يورو لمن يتلقى تمويلاً أو إعانة من «جهة أجنبية»، مع إلزامية إثبات مصدر أموال الاستثمار في مجال الإعلام والاتصال.
وكان أعضاء الغرفة الأولى قد طرحوا عند مناقشة المسودة الأولية إشكالية مشاركة الجزائريين مزدوجي الجنسية بالاستثمار في قطاع الإعلام، بما أن القانون يتحدث عن «الحاملين للجنسية الجزائرية حصرا». وقد تراجع البرلمان عن تعديلٍ كان سيسمح لمزدوجي الجنسية بالحق في إنشاء مؤسسات إعلامية في الجزائر، إذ ضغطت الحكومة على اللجنة البرلمانية المكلفة دراسة القانون لإلغائه، وإعادة المادة الرابعة، كما وردت في المسودة الحكومية، التي تمنع مزدوجي الجنسية من إنشاء مؤسسات إعلامية.
وعرفت بعض المواد شداً وجذباً، منها ما تعلق بالمقترح الذي يشترط على الصحافي الذي يعمل بالجزائر لحساب وسيلة إعلام أجنبية، أن يكون بحوزته اعتماد، ويتعرض في حال العمل من دون ترخيص لغرامة مالية تصل إلى مليون دينار جزائري، أي نحو 6 آلاف دولار. وجاء في النص أيضا أنه يكفي التصريح بإنشاء الصحف والمجلات، دون انتظار اعتماد من وزارة الاتصال. وسيتم بموجب القانون الجديد إنشاء «سلطة ضبط الصحافة المكتوبة والصحافة الإلكترونية»، إلى جانب سلطة ضبط النشاط السمعي والبصري، الموجودة حاليا والمكلفة مراقبة عمل القنوات التلفزيونية.
وأكد وزير الاتصال محمد بوسليماني، خلال عرضه مشروع القانون على أعضاء «مجالس الأمة»، مساء أول من أمس على «ضرورة إرساء قواعد قانونية جديدة للمشهد الإعلامي، توازن بين الحرية والمسؤولية، وتتطابق مع أحكام الدستور والمعاهدات الدولية، التي صادقت عليها الجزائر». مشيرا إلى أنه «يتضمن مقترحات تكرس حرية الصحافة وتعدديتها واستقلالها، وضمان احترام قواعد الاحترافية وأخلاقيات المهنة، وجعلها عمادا للممارسة الديمقراطية، وحمايتها من جميع أشكال الانحراف».
كما يتناول النص الجديد منع أصحاب الأموال محل شبهة فساد من إطلاق مؤسسات إعلامية، ما يعكس خوفاً من تكرار تجارب سابقة لرجال أعمال يملكون قنوات تلفزيونية وصحفاً، تمت إدانتهم بالسجن بتهم فساد، مرتبطة بفترة حكم الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة (1999 - 2019).
وتعد الوثيقة أول قانون إعلام في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، منذ وصوله للحكم نهاية 2019، وجرى تعديل القانون مرات كثيرة منذ صدوره أول مرة عام 1990، على خلفية انتفاضة شعبية وقعت في 1988، أفرزت تعددية حزبية وإعلامية. وكان التعديل الأبرز سنة 2012 بإلغاء عقوبة الحبس بسبب جنح الصحافة، لكن الحكومة تابعت كثيراً من الصحافيين ووسائل الإعلام، وفق قانون العقوبات، ما أثار حفيظة مهنيي القطاع.
واللافت، هو صمت الصحافيين الذين يتجاوز عددهم 8 آلاف وفق الحكومة، أمام القانون الجديد، فيما كان البرلمان قد طلب رأي بعض مسؤولي وسائل الإعلام في الموضوع. أما نقاباتهم الثلاث، فلم تدل بموقفها من المشروع، وهي تعاني من ضعف التمثيل منذ سنين طويلة.
«الأمة» الجزائري لتشديد المراقبة على وسائل الإعلام
منع أصحاب الأموال المشتبه بفسادهم من إطلاق مؤسسات صحافية
«الأمة» الجزائري لتشديد المراقبة على وسائل الإعلام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة