«قضية مخدرات» تثير الجدل حول الرئيس النيجيري المنتخب

وسط اتهامات للمعارضة بـ«ترويج ادعاءات»

بولا تينوبو (أرشيفية - رويترز)
بولا تينوبو (أرشيفية - رويترز)
TT

«قضية مخدرات» تثير الجدل حول الرئيس النيجيري المنتخب

بولا تينوبو (أرشيفية - رويترز)
بولا تينوبو (أرشيفية - رويترز)

أثارت تغريدات لمنصة إعلامية على موقع «تويتر» جدلاً في نيجيريا بعد أن نشرت أوراق قضية تتعلق باتهامات وُجهت من محكمة أميركية إلى الرئيس المنتخب حديثاً بولا أحمد تينوبو، بـ«الاتجار في المخدرات»، وهو ما اعتبره خبراء «ضمن حملة إعلامية تديرها المعارضة النيجيرية لجذب الانتباه الدولي لادعاءاتها ببطلان الانتخابات»، التي أُجريت في فبراير (شباط) الماضي.
والاثنين، نشرت منصة «أوبر فاكتس (UBerFacts»)، التي تعرّف نفسها على أنها «منصة لنشر الحقائق الموثقة»، وتُعرَف بجمهورها الكبير على موقع «تويتر»، الذي يقارب 13.5 مليون متابع، وثائق ذكرت أنها صادرة عن محكمة أميركية (متاحة للجمهور العام) في ولاية شيكاغو، تقول إنه «في عام 1993، سلم تينوبو 460.000 ألف دولار إلى الحكومة الأميركية بعد أن وجدت محكمة أن هذه المبالغ المالية جاءت دخلاً من تهريب مخدر الهيروين».
وبحسب تقارير صحافية فإن التغريدات شاهدها حتى الآن أكثر من 14 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم، وتمت ترجمتها إلى أكثر من 15 لغة.
وبينما نفى تينوبو مراراً أي تورط له في تهريب المخدرات، ظهرت على فترات وثائق لدعم الادعاء - معظمها من المحاكم الأميركية. وبينما التزم الفريق الإعلامي لحزب «كل التقدميين» الحاكم الذي ينتمي إليه تينوبو، الصمت مع انتشار التغريدات على نطاق واسع، ادعى المتحدث باسم الحملة الرئاسية للحزب الحاكم فيستوس كيامو، أن منصة «أوبر فاكتس»: «دُفعت لها أموال مقابل نشر التغريدات»، واصفاً الأمر كله بـ«المثير للسخرية والضحك».
وبحسب تقارير صحافية نيجيرية، تعد قضية تجارة المخدرات جزءاً من التهم التي رُفعت أمام محكمة الانتخابات الرئاسية من قبل مرشح حزب «العمال» للرئاسة بيتر أوبي، ومرشح حزب «الشعب الديمقراطي»، عتيق أبو بكر وآخرين، للطعن في نتيجة انتخابات 25 فبراير الماضي.
ولا تزال نتائج الانتخابات النيجيرية موضع نزاع، حيث يصر المعارضون الخاسرون على اللجوء للقضاء، زاعمين أنها غير قانونية وتم تزويرها، بينما تتهم الحكومة والحزب الحاكم المعارضين بالتخبط لإفساد تسليم السلطة
والشهر الماضي أعلن مسؤولون في جهاز الشرطة السرية النيجيرية «مخططاً لتعطيل تسليم السلطة»، وقال بيان صدر عن الجهاز إن «بعض السياسيين النيجيريين يخططون لتشكيل حكومة مؤقتة قبل 29 مايو (أيار) المقبل».
وأضاف البيان أن السياسيين الذين لم يسمّهم، «يحاولون الحشد لاحتجاجات كبرى، لا نهاية لها لتبرير إعلان حالة الطوارئ والحصول على أوامر قضائية لمنع تنصيب إدارات تنفيذية جديدة»، موضحاً أن «هؤلاء الساسة عقدوا اجتماعات في إطار خطتهم لتشكيل الحكومة المؤقتة المقترحة»، مؤكداً أن الجهاز «حدد هوية بعض الساسة المنخرطين في الخطة».
وكان تينوبو فاز بالانتخابات الرئاسية بعد حصوله على 37 في المائة من الأصوات، مقابل 29 في المائة لمرشح حزب «الشعب الديمقراطي» المعارض الرئيسي عتيق أبو بكر، بينما حصل بيتر أوبي على 25 في المائة، لكنّ عتيق وأوبي رفضا النتائج، واتخذا إجراءات ما زالت مستمرة للطعن في نتائجها.
وقلل المحلل السياسي النيجيري بكاري مجيد من احتمال أن يؤثر نشر وثائق المحكمة في الوضع القانوني للرئيس المنتخب تينوبو، أو على قرارات القضاء بشأن الانتخابات المتنازع عليها، حتى لو كانت الوثائق تعني إدانته.
ورأى مجيد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن المعارضة «تحاول استغلال تلك القضية القديمة لكسب التعاطف الدولي مع ادعاءاتها وقضيتها»، متوقعاً أن «يركز القضاء النيجيري على الادعاءات بالتزوير، وغيرها من ادعاءات المعارضة فيما يخص العملية نفسها». وأضاف أن «أنصار تينوبو لا يشكّون في نزاهته، حيث عمل في الحقل السياسي لأكثر من عقدين بعد صدور هذا الحكم (معارضاً ومحافظاً لولاية لاغوس)، ولا يأبهون للأمر ويرونه مؤامرة من المعارضة لتشويه سمعة تينوبو»، مشيراً إلى أن مفوضية الانتخابات «أقرت قبل إجراء الانتخابات أهلية تينوبو للترشح».
من جانبه، رأى أحمد رجب، الخبير في الشؤون الأفريقية المقيم في لندن، أن تلك القضية وغيرها تشير إلى أن الوضع في نيجيريا ما بعد الانتخابات «منقسم ومستقطب بشدة، وهو ما قد يفاقم المشكلات الكبرى التي تعاني منها البلاد».
وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ينبغي على «تينوبو محاولة التوصل إلى مصالحة شاملة ومواءمات سياسية واجتذاب المعارضة بمنحها أدواراً في حكم البلاد، لتجنب مزيد من الصراعات والانقسامات التي قد تعطل تنفيذ وعوده وأجندته الإصلاحية».


مقالات ذات صلة

المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

العالم المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

المعلومات المضللة حول الانتخابات تشوه سمعة المؤسسات في نيجيريا

كشفت موجة المعلومات المضللة التي تستهدف حاليا لجنة الانتخابات وقضاة المحكمة العليا في نيجيريا، وهما الجهتان المسؤولتان عن الفصل في الانتخابات الرئاسية، عن تشويه سمعة المؤسسات في أكبر بلد في إفريقيا من حيث عدد السكان، وفقا لخبراء. في حين أن الانتخابات في نيجيريا غالبا ما تتميز بشراء الأصوات والعنف، فإن الإخفاقات التقنية والتأخير في إعلان النتائج اللذين تخللا انتخابات 25 فبراير (شباط)، أديا هذه المرة إلى انتشار المعلومات المضللة. وقال كيمي بوساري مدير النشر في منظمة «دوبابا» لتقصّي الحقائق إن تلك «مشكلة كبيرة في نيجيريا... الناس يسخرون من تقصّي الحقائق.

«الشرق الأوسط» (لاغوس)
العالم 8 تلميذات مخطوفات يفلتن من خاطفيهن بنيجيريا

8 تلميذات مخطوفات يفلتن من خاطفيهن بنيجيريا

تمكنت 8 تلميذات خطفن على طريق مدرستهنّ الثانوية في شمال غربي نيجيريا من الإفلات من خاطفيهن بعد أسبوعين، على ما أعلنت السلطات المحلية الأربعاء. وأفاد صامويل أروان مفوض الأمن الداخلي بولاية كادونا، حيث تكثر عمليات الخطف لقاء فدية، بأن التلميذات خطفن في 3 أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (كانو)
الاقتصاد هل تنجح نيجيريا في القضاء على ظاهرة «سرقة النفط»؟

هل تنجح نيجيريا في القضاء على ظاهرة «سرقة النفط»؟

بينما يعاني الاقتصاد النيجيري على كل المستويات، يستمر كذلك في تكبد خسائر تقدر بمليارات الدولارات نتيجة سرقة النفط الخام.

العالم مخيمات انتقالية للمتطرفين السابقين وضحاياهم في نيجيريا

مخيمات انتقالية للمتطرفين السابقين وضحاياهم في نيجيريا

يبدو مخيم الحج للوهلة الأولى شبيهاً بسائر مخيمات النازحين في شمال نيجيريا؛ ففيه تنهمك نساء محجبات في الأعمال اليومية في حين يجلس رجال متعطّلون أمام صفوف لا تنتهي من الخيم، لكن الفرق أن سكان المخيم جهاديون سابقون أو أشخاص كانوا تحت سيطرتهم. أقنعت الحكومة العناصر السابقين في تنظيم «بوكو حرام» أو تنظيم «داعش» في غرب أفريقيا بتسليم أنفسهم لقاء بقائهم أحراراً، على أمل وضع حد لحركة تمرد أوقعت عشرات آلاف القتلى وتسببت بنزوح أكثر من مليوني شخص منذ 2009. غير أن تحقيقاً أجرته وكالة الصحافة الفرنسية كشف عن ثغرات كبرى في آلية فرز المقاتلين واستئصال التطرف التي باشرتها السلطات بعد مقتل الزعيم التاريخي لحرك

«الشرق الأوسط» (مايدوغوري)
العالم «العصابات المسلحة» تفاقم التردي الأمني في نيجيريا

«العصابات المسلحة» تفاقم التردي الأمني في نيجيريا

قُتل أكثر من 70 شخصاً، وخُطف نحو 80، في هجمات متفرقة بنيجيريا، على مدار الأيام الماضية؛ حيث تعاني الدولة الأكبر سكاناً في أفريقيا، انتشار «العصابات المسلحة» الساعية إلى الحصول على فدية مالية، أو القيام بعمليات نهب في القرى النائية. ووفق مسؤولين محليين ومتحدث أمني، فإن 74 شخصاً على الأقل قتلوا في ولاية بينوي النيجيرية بهجومين منفصلين، شنهما مسلحون في أحدث اشتباكات في منطقة تشهد أعمال عنف بين الرعاة والمزارعين. ونقلت وكالة «الصحافة الفرنسية» عن المتحدثة باسم شرطة ولاية بينوي، كاثرين أنيني، أنه تم العثور على 28 جثة في مخيم للنازحين في منطقة مغبان الحكومية المحلية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».