قصفت القوات الروسية المدن الواقعة على خط الجبهة في شرق أوكرانيا بضربات جوية ومدفعية، في حين قللت كييف من شأن تقرير أفاد بأنها تجري تعديلات على بعض خططها لهجوم مضاد نتيجة لتسرب وثائق سرية أميركية، وفقاً لوكالة «رويترز».
وقال قائد عسكري أوكراني كبير أمس (الاثنين)، إن الروس يستخدمون أسلوب «الأرض المحروقة» في باخموت، مع تعرض المدينة الواقعة في منطقة دونيتسك بشرق البلاد ومدن وبلدات أخرى لقصف عنيف.
وقال الكولونيل جنرال أولكسندر سيرسكي قائد القوات البرية الأوكرانية، متحدثاً عن باخموت، «تحول العدو إلى ما تُسمى بتكتيكات الأرض المحروقة كما في سوريا. إنه يدمر المباني والمواقع بالضربات الجوية ونيران المدفعية».
والمعركة من أجل السيطرة على المدينة الصغيرة التي دُمرت إلى حد كبير والمتاخمة لمجموعة من المناطق الخاضعة لسيطرة روسيا في دونيتسك هي الأكثر دموية في الحرب المستمرة منذ 13 شهراً، إذ تحاول موسكو إعادة الزخم لحملتها بعد عدة انتكاسات في الآونة الأخيرة. وتكبد الجانبان خسائر كبيرة في معركة باخموت، إلا أن سيرسكي قال: «الوضع صعب لكن يمكن إخضاعه للسيطرة».
وقال دنيس بوشيلين رئيس الجزء الذي تسيطر عليه موسكو من دونيتسك، إن القوات الروسية تسيطر الآن على 75 في المائة من المدينة، لكنه أضاف أن من السابق لأوانه الحديث عن سقوط باخموت.
ويستهدف أيضاً الجيش الروسي مدينة أفدييفكا. وقال بافلو كيريلينكو الحاكم الإقليمي لدونيتسك، إن «الروس حولوا أفدييفكا إلى دمار كامل»، مشيراً إلى ضربة جوية أمس (الاثنين) دمرت مبنى يتكون من عدة طوابق. وأضاف: «لا يزال في أفدييفكا حوالي 1800 شخص إجمالاً، جميعهم يخاطر بحياته في كل يوم».
وفي تشاسيف يار، وهي أول بلدة كبيرة إلى الغرب من باخموت، لم يبق الكثير من المباني على حاله، ولم يعد المصطفون للحصول على الغذاء والمساعدات الأخرى يهتز لهم جفن بسبب صوت القصف المدفعي.
وقال متطوع في جهود المساعدات الإنسانية يدعى ماكسيم (50 عاماً)، «كان الوضع مرعباً في الماضي لكننا اعتدنا عليه الآن». وأضاف بصوت لا يكاد يُسمع بسبب صوت الانفجارات: «لم نعد حتى نلقي له بالاً».
ومع استمرار المعارك، أفادت شبكة «سي إن إن» الأميركية بأن أوكرانيا مضطرة لتعديل بعض خططها العسكرية قبل هجومها المضاد الذي طال انتظاره بسبب تسرب العشرات من الوثائق السرية. ويحاول المسؤولون الأميركيون تعقب مصدر التسريب مع مراجعتهم لإجراءات مشاركة المعلومات السرية داخلياً، والتعامل مع التداعيات الدبلوماسية. وتتضمن الوثائق تفاصيل منها معلومات حول الصراع في أوكرانيا الذي قدمت واشنطن لكييف خلاله كميات ضخمة من الأسلحة، وقادت حملة تنديد دولية بالغزو الروسي.
ورداً على سؤال حول التقرير، قال ميخائيلو بودولياك مساعد الرئيس الأوكراني، إن خطط كييف الاستراتيجية لم يطرأ عليها أي تغيير، لكن أسلوب التنفيذ قابل دائماً للتعديل. وقال أوليكسي دانيلوف سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع لـ«رويترز»، «لا نهتم بآراء من لا دخل لهم بهذا الأمر... دائرة الأشخاص الذين يملكون المعلومات محدودة للغاية».
وقال بعض خبراء الأمن القومي والمسؤولين الأميركيين إنهم يشتبهون في أن يكون مصدر التسريب أميركياً، لكنهم لم يستبعدوا احتمال أن يكون أحد المؤيدين لروسيا. ورفض ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين التعليق على التسريب، لكنه قال: «هناك ميل في الواقع لتحميل روسيا المسؤولية عن كل شيء. هذه عموماً حالة مرضية».
https://twitter.com/aawsat_News/status/1645683864172388353?s=20
الجبهة الشرقية مشتعلة
من المنتظر منذ فترة طويلة أن تشن أوكرانيا هجوماً مضاداً بعد حرب استنزاف استمرت شهوراً في الشرق. وفشل هجوم روسي في الشتاء في إحراز تقدم يذكر، ولم تحقق القوات الروسية سوى مكاسب ضئيلة بتكلفة باهظة. وتكبدت قوات الدفاع الأوكرانية خسائر فادحة هي الأخرى.
وقال سيرسكي إن موسكو ترسل قوات خاصة ووحدات محمولة جواً للمساعدة في هجومها على باخموت بعد إنهاك قوى عناصر شركة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة، وهم القوة الضاربة في الهجوم على باخموت. ولم يتسن لـ«رويترز» التحقق من الروايات المتعلقة بساحات المعركة.
وقالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية إن القوات الروسية قامت بمحاولات فاشلة للتقدم في مناطق إلى الغرب من باخموت، وإن عشر مدن وقرى على الأقل تعرضت للقصف الروسي من بينها باخموت وتشاسيف يار. ودونيتسك واحدة من أربع مناطق في شرق أوكرانيا وجنوبها أعلنت روسيا ضمها العام الماضي، وتسعى موسكو لاحتلال دونيتسك بالكامل في تحول على ما يبدو لهدفها من الحرب بعدما فشلت في اجتياح البلاد عقب غزوها في فبراير (شباط) 2022.
ومن شأن السيطرة على باخموت أن تتيح لروسيا استهداف خطوط الدفاع الأوكرانية في تشاسيف يار بشكل مباشر، وأن تمهد الطريق أمام قواتها للتقدم تجاه مدينتين أكبر بمنطقة دونيتسك، وهما كراماتورسك وسلوفيانسك.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأسبوع الماضي، إنه ربما يتم سحب القوات إذا واجهت خطر الوقوع في حصار من جانب القوات الروسية. وتقول كييف وحلفاؤها الغربيون إن مدينة باخموت المدمرة أهميتها رمزية فحسب.