«تشات جي بي تي» يتفوق على «بارد» في المساعدة الذكية

برامج آلية دُرّبت على توليد الجمل اللغوية بتلقائية مثل البشر

«تشات جي بي تي» يتفوق على «بارد» في المساعدة الذكية
TT

«تشات جي بي تي» يتفوق على «بارد» في المساعدة الذكية

«تشات جي بي تي» يتفوق على «بارد» في المساعدة الذكية

بات الجميع يعلم أنّ المساعدين الافتراضيين المدعومين بالذكاء الصناعي كـ«تشات جي بي تي»، (من تطوير شركة «أوبن إي آي».)، و«بارد» (من تطوير «غوغل») قادران على أداء مهام مبهرة، كالفوز في مسابقات الترميز، وتجاوز امتحانات نقابة المحامين، والاعتراف بالحبّ لصحافي متخصص بالتقنية.
ولكنّني تساءلت: ما هي درجة المساعدة التي قد تقدّمها هذه الروبوتات حقاً كمساعد تنفيذيّ؟
كان أمام «سيري» من «أبل» و«أليكسا» من «أمازون» أكثر من عقدٍ من الزمن للتطوّر والتحسّن، ولكنّهما تحوّلا أخيراً إلى مساعدين خمولين يُستخدمان لضبط المؤقتات وتشغيل الموسيقى.

- مساعدان تنفيذيان
في المقابل، يستخدم كلّ من «تشات جي بي تي»، و«بارد» ما يُسمّى بالنماذج اللغوية الكبيرة التي تتعرّف على النصوص وتولدها بالاعتماد على نسقات بيانية هائلة جُمعت من شبكة الإنترنت. وقد دُرّبت هذه البوتات (البرامج الآلية) لتشكيل الجمل بتلقائية مثل البشر؛ ما يوسّع على الأرجح مجالات استخدامهما كمساعد.
لاختبار هذه النظرية، وضعتُ لائحة بالمهام التي قد يطلب النّاس من المساعد البشري تأديتها.
وأخيراً، حدّدتُ المسؤوليات الأربع الأكثر شيوعاً للمساعد التنفيذي:
> المساعدة في التحضير للاجتماعات عبر البحث والتحقّق من خلفيات الأشخاص الذين يلتقي بهم المسؤول التنفيذي.
> وضع محاضر للاجتماعات وتدوين الملاحظات بصيغة منظّمة وسهلة المسح.
> التخطيط لرحلات العمل وتنظيم مسارات السفر.
> تنظيم جدول أعمال المسؤول التنفيذي عبر حجز أماكن الاجتماعات وإعادة جدولة المواعيد.
وأخيراً، توجّهت بالحديث لـ«تشات جي بي تي» ChatGPT و«بارد» Bard وطلبتُ منهما الافتراض أنني الرئيس التنفيذي لشركة ناشئة متخصصة بالذكاء الصناعي اسمها «أرتيفشل إنتلجنس» وأنّهما، أي البرنامجين، مساعداي التنفيذيان، وطلبتُ منهما المساعدة في المهام التالية:

- تحضير وإدارة الاجتماعات
> تحضير الاجتماع. بدأتُ بإعلام «تشات جي بي تي»، و«بارد» بأنّني سألتقي أحد المستثمرين المحتملين الأسبوع المقبل. اخترتُ بعشوائية سكوت فورستال، وهو تنفيذي سابق شهير في «أبل» سيرته المهنية متوفرة على شبكة الإنترنت. بعدها، طلبتُ من الروبوتين التحقّق من خلفية الرجل والمساعدة في جمع الأفكار لإقناعه بالاستثمار في شركتي الناشئة.
أدّى «تشات جي بي تي» وظيفته بشكلٍ مبهر، فقد عمد إلى تلخيص المعلومات التي جمعها عن فورستال من صفحة «ويكيبيديا»، حتّى أنّه اقترح عليّ استراتيجيات مساعدة لكسبه كمستثمر.
وقال «تشات جي بي تي»: «يجب أن تستعرضوا كيف أنّ شركتكم تجمع الذكاء الصناعي مع مجالات أخرى كعلم النفس الإدراكي، واللغويات أو علم الأعصاب، للخروج بحلول مبتكرة. هذه المقاربة المتعدّدة الاختصاصات قد تلقى صدى لدى سكوت على اعتبار أنّه يملك خلفية أكاديمية في اللغويات الحاسوبية». وأوصاني «تشات جي بي تي». أيضاً بمناقشة المخاوف الأخلاقية التي تحيط بالذكاء الصناعي وكيف أنّ شركتي ملتزمة باستخدام نظمه بشكلٍ مسؤول.
في المقابل، قدّم «بارد» تفاصيل أقلّ عن تاريخ عمل فورستال، فضلاً عن أنّ نصائحه المتعلّقة بإقناعه بالاستثمار لم تكن واضحة. الشيء الوحيد الواضح الذي قاله والذي لم يكن محفّزاً أصلاً هو التالي «لديك خطّة عمل قوية ورؤية واضحة لمستقبل شركتك».
وقد ناقشتُ هذا الاختبار ونتائجه مع فورستال في رسالة إلكترونية. وفي ردّه، وصف الأخير استجابة «بارد» بـ«المضحكة والعمومية»، بينما اعتبر أنّ توصيات «تشات جي بي تي»، كانت «مفصّلة ومقنعة بشكلٍ مذهل»، خصوصاً أنه تحدّث باستفاضة عن المخاوف الأخلاقية التي تحيط بنظم الذكاء الصناعي. وكتب فورستال «بشكلٍ عام، قدّم (تشات جي بي تي) خريطة طريق لكيفية بناء طرحٍ مخصص ومقنع يستهدفني أنا».
من جهتها، قالت شركة «غوغل»: إنّ مقاربة «بارد» المتواضعة في جمع المعلومات عن الأشخاص متعمّدة. وشرح جاك كراوكزيك، مدير المنتج في «بارد»، أنّ «غوغل» لا تزال تختبر بحذر مسألة تقديم معلومات عن النّاس.
> وضع محاضر للاجتماعات. في الخطوة التالية، طلبت من برنامجَي المحادثة تلخيص فحوى اجتماع تمّت خلاله مناقشة أزمة علاقات عامّة متخيّلة اعتقد فيها مستخدمو تقنية شركتي أنّ الروبوت واعٍ ويشعر.
في هذا السيناريو، تظاهرتُ أنّني التقيتُ كارن، رئيسة قسم التقنية، وهنري، المسؤول الإعلامي، وناقشتُ معهما إصدار بيان يشرح كيف أنّ نظام الذكاء الصناعي ليس واعياً لما يدور حوله.
في الاستجابة، قدّم «تشات جي بي تي» محضراً ذكر الأشخاص المتواجدين خلال الاجتماع وما الذي نوقش خلاله، ومن ثمّ وضع خطّة للتحرّك: اقترح أن يحضّر هنري البيان، وأن تراجعه كارن معي ونوافق عليه، على أن ينشر هنري التصريح في صباح اليوم التالي.
بدوره، وضع «بارد» محضراً مشابهاً للاجتماع ولكنّ خطّة العمل التي اقترحها كانت غريبة، فقد اعتبر أن الرئيس التنفيذي هو المسؤول عن تحضير التصريح رغم أنّ هذه الوظيفة تُسند عادة للمسؤول الإعلامي.

- الرحلات وجدول الأعمال
> تخطيط الرحلات. أخبرتُ «تشات جي بي تي»، و«بارد» أنّني مسافرٌ إلى تايبيه عاصمة تايوان، الشهر المقبل في رحلة عمل، وطلبتُ منهما أن يضعا مساراً يساعدني في الحصول على قسط كافٍ من الراحة قبل الاجتماع. وطلبتُ منهما أيضاً أن يختارا فندقاً في موقعٍ مركزي وأن يقترحا أماكن لتناول الطعام خلال الأسبوع. وأخيراً، قلتُ لهما إنّني أريد تمضية عطلة نهاية الأسبوع في تايبيه قبل العودة.
مرّة أخرى، قام «تشات جي بي تي»، بعملٍ رائع. فقد اقترح فندقاً في وسط المدينة، وعشاءً سريعاً في شارع «يونغ كانغ» الشهير بكثرة المطاعم. بعدها، قال لي إنّني أستطيع الاستراحة من لحظة الوصول وطوال يوم الاثنين من إرهاق الرحلة قبل اجتماعي يوم الثلاثاء. ملاحظتي الوحيدة على عمله كانت اقتراحه تناول الطعام في الشارع المذكور والذي يبعد ثلاثة أميال عن الفندق، رغم وجود أماكن أخرى أقرب.
أمّا «بارد»، فقد اقترح عليّ أن أستريح في اليوم الأوّل وأن أعقد اجتماعي في اليوم التالي؛ ما سيسبب لي الانهاك، فضلاً عن أنّه لم يكلّف نفسه عناء اقتراح فندق. كما فشل أيضاً في اقتراح أماكن لتناول الطعام. وعادت «غوغل» وقالت في تصريح: إنّ «بارد» لا يزال في مرحلة الاختبار.
> جدول الأعمال. عجز البرنامجان عن أداء أهمّ وظيفة للمساعد التنفيذي وهي التحقّق من التقويم والعثور على وقتٍ في جدول أعمالي لزيارة طبيب الأسنان. ويعود هذا العجز إلى عدم قدرة الروبوتات على الوصول إلى تقاويم النّاس، ولكنّها على الأرجح ستستطيع عمل ذلك في وقتٍ قريب.
>خلاصة غير مريحة. أوصلتني هذه الاختبارات إلى خلاصة غير مريحة حول نطاق تأثير هذه التقنية على الوظائف، لا سيّما تلك التي تشهد تكراراً في الأعمال ويمكن أتمتتها بسهولة.
يعدّ البشر اليوم مساعدين تنفيذيين أفضل من بوتات المحادثة – أفضل من «بارد» طبعاً – ولكنّ نظام الذكاء الصناعي بات قادراً على أداء عملٍ مبهر في الكثير من المهام الإدارية. هذا الانتشار الواسع لروبوتات المساعدة قد يؤدّي أخيراً إلى تغيير وجهة وظائف المساعدين التنفيذيين نحو حلّ المشاكل الاستراتيجية بدل القيام بالمهام المكتبية، أو حتّى إلى حلول هذه الروبوتات محلّ البشر بشكلٍ كامل.
وأخيراً، لا بدّ من القول إنّ وتيرة تطوّر وتقدّم هذه التقنيات تنذر بأنّنا قد نشهد قريباً على هذه المرحلة.
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

صحتك قضاء ساعات طويلة في تصفح الإنترنت قد يصيبك بـ«تعفن الدماغ» (رويترز)

«تعفن الدماغ»... ما علاقته باستخدام الإنترنت ومواقع التواصل؟

تُعرف «أكسفورد» تعفن الدماغ بأنه «التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص»

ماري وجدي (القاهرة)
يوميات الشرق التدهور المفترض للحالة العقلية أو الفكرية للشخص في العصر الحديث يحدث نتيجة الإفراط في استهلاك الإنترنت وفقاً لـ«أكسفورد» (أ.ب)

«تعفن الدماغ»... كلمة عام 2024 من جامعة أكسفورد

اختيرت كلمة «تعفن الدماغ» لتكون كلمة عام 2024 في «أكسفورد».

«الشرق الأوسط» (لندن)
أوروبا كابل الاتصالات البحري «سي ليون 1» أثناء وضعه في قاع بحر البلطيق عام 2015 (أ.ف.ب)

بدء إصلاح كابل بيانات متضرر في بحر البلطيق

 بدأ إصلاح كابل اتصالات بحري متضرر بين هلسنكي وميناء روستوك الألماني في بحر البلطيق، الاثنين.  

«الشرق الأوسط» (كوبنهاغن)
المشرق العربي أطفال انفصلوا عن شقيقهم بعد فراره من شمال غزة ينظرون إلى صورته على هاتف جوال (رويترز)

انقطاع كامل للإنترنت في شمال غزة

أعلنت شركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل)، اليوم (السبت)، عن انقطاع كامل لخدمات الإنترنت في محافظة شمال قطاع غزة، بسبب «عدوان الاحتلال المتواصل».

«الشرق الأوسط» (غزة)
يوميات الشرق حبُّ براد بيت سهَّل الوقوع في الفخ (رويترز)

«براد بيت زائف» يحتال بـ325 ألف يورو على امرأتين «مكتئبتين»

أوقفت الشرطة الإسبانية 5 أشخاص لاستحصالهم على 325 ألف يورو من امرأتين «ضعيفتين ومكتئبتين»... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

«أبل» تطلق تحديثات على نظامها «أبل إنتلدجنس»... ماذا تتضمن؟

عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
TT

«أبل» تطلق تحديثات على نظامها «أبل إنتلدجنس»... ماذا تتضمن؟

عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)
عملاء يمرون أمام شعار شركة «أبل» داخل متجرها في محطة غراند سنترال بنيويورك (رويترز)

أطلقت شركة «أبل» الأربعاء تحديثات لنظام الذكاء الاصطناعي التوليدي الخاص بها، «أبل إنتلدجنس»، الذي يدمج وظائف من «تشات جي بي تي» في تطبيقاتها، بما في ذلك المساعد الصوتي «سيري»، في هواتف «آيفون».

وستُتاح لمستخدمي هواتف «أبل» الذكية وأجهزتها اللوحية الحديثة، أدوات جديدة لإنشاء رموز تعبيرية مشابهة لصورهم أو تحسين طريقة كتابتهم للرسائل مثلاً.

أما مَن يملكون هواتف «آيفون 16»، فسيتمكنون من توجيه كاميرا أجهزتهم نحو الأماكن المحيطة بهم، وطرح أسئلة على الهاتف مرتبطة بها.

وكانت «أبل» كشفت عن «أبل إنتلدجنس» في يونيو (حزيران)، وبدأت راهناً نشره بعد عامين من إطلاق شركة «أوبن إيه آي» برنامجها القائم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، «تشات جي بي تي».

وفي تغيير ملحوظ لـ«أبل» الملتزمة جداً خصوصية البيانات، تعاونت الشركة الأميركية مع «أوبن إيه آي» لدمج «تشات جي بي تي» في وظائف معينة، وفي مساعدها «سيري».

وبات بإمكان مستخدمي الأجهزة الوصول إلى نموذج الذكاء الاصطناعي من دون مغادرة نظام «أبل».

وترغب المجموعة الأميركية في تدارك تأخرها عن جيرانها في «سيليكون فالي» بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وعن شركات أخرى مصنّعة للهواتف الذكية مثل «سامسونغ» و«غوغل» اللتين سبق لهما أن دمجا وظائف ذكاء اصطناعي مماثلة في هواتفهما الجوالة التي تعمل بنظام «أندرويد».

وتطرح «أبل» في مرحلة أولى تحديثاتها في 6 دول ناطقة باللغة الإنجليزية، بينها الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والمملكة المتحدة.

وتعتزم الشركة إضافة التحديثات بـ11 لغة أخرى على مدار العام المقبل.