«ساعات وعجائب» يستعير من الماضي لكتابة المستقبل

معرض يستكشف الفضاء وأعلى القمم ويغوص في أعماق البحار

جناح «بانيراي» وفر للزوار رحلة في أعماق البحار (خاص)
جناح «بانيراي» وفر للزوار رحلة في أعماق البحار (خاص)
TT

«ساعات وعجائب» يستعير من الماضي لكتابة المستقبل

جناح «بانيراي» وفر للزوار رحلة في أعماق البحار (خاص)
جناح «بانيراي» وفر للزوار رحلة في أعماق البحار (خاص)

«نحن لا ننتج ساعات بل نبتكرها»، مقولة صرَح بها إيف بياجيه منذ عقود، مفتخراً بإنجازات دار «بياجيه» في هذا المجال، لكنها تُعبِر عن حاضر معرض «ساعات وعجائب» اليوم بشكل بليغ، وإن كان لا بد من القول إن بعض الابتكارات التي تم عرضها كانت أقرب إلى الاختراعات منها إلى أي شيء آخر. تنافس صناعها على ضخها بكل ما هو جديد وعجيب. أمر أثلج صدور المشرفين على المعرض، الذين لم يُخفوا سعادتهم بنجاحه في حفل الختام. فقد حقق نتائج لم تكن متوقعة، بدءاً من عدد الحضور الذي تعدى الـ43 ألف زائر إلى نوع الإصدارات التي تبارت شركات الساعات في عرضها وشرحها مروراً بالمشاركين الذي ارتفع عددهم من 38 شركة ساعات في العام الماضي إلى 48.
تشعر طوال الأسبوع أن جنيف كلها تحولت إلى معمل ساعات نظراً للاحتفالات والعروض والمعارض، التي احتضنتها في أماكن متفرقة على مدى سبعة أيام. أما في «باليكسبو»، حيث يقام معرض «ساعات وعجائب» فظل العجيب والثوري هما التيمة الغالبة. من ظهور أحجام جديدة غابت عن الساحة لعقود بسبب متطلبات السوق إلى التطلع إلى اختراق الفضاء وسبر أغوار الأفلاك والرغبة في تسلق أعلى القمم أو الغوص في أعماق البحار، مروراً بالبحث عن تلك النسبة الذهبية لتحديد الجمال وقانون الجاذبية. فالكل هنا يعرف أن الجوهر الكامن في التعقيدات والوظائف المتطورة لا يكتمل دون وجه يثير شغاف القلب. «كارتييه» و«شانيل» و«هيرميس» و«فاشرون كونستانتين» و«روليكس» و«مون بلان» و«بانيراي» و«آي دبليو سي» و«بارميجياني» و«فان كليف أند أربلز» وهلم جرا من الأسماء التي رسخت أسماءها في عالم الساعات والمجوهرات منذ قرون، إلى جانب أخرى دخلت المجال في السنوات الأخيرة من باب الشغف والرغبة في الاختراع، كلهم أطلقوا إصدارات إما جديدة أو متجددة. فالعديد من الشركات العريقة عادت إلى إرثها في بداية القرن العشرين أو من السبعينات والتسعينات لتضيف إليه نتائج اكتشافاتها وبحوثها الأخيرة، وتُزينه بشكل حوَل العُلب والموانئ إلى تحف تعكس قوة حرفييها وخبرائها. بالنظر إلى عدد المشاركين في المعرض هذا العام، كان لا بد أن يجد كل واحد مبتغاه أو على الأقل ما يُحرِك فضوله ويفتح جدالات فكرية وميتافيزقية. ما تستخلصه من هذه النقاشات والجدالات أن الأمل بتعافي قطاع الساعات الفاخرة تحديداً موجود.


فما رسَخه أسبوع الساعات لعام 2023 أنه رغم التغيرات السياسية والاجتماعية التي يمر بها العالم وتبُث القلق في النفوس، يبقى الترف في مأمن. الأرقام من جهتها تؤكد هذا الأمر، إذ إن مبيعات هذا القطاع تضاعفت في عام 2022 لتصل إلى 24.8 مليار فرنك سويسري.
أسعار الساعات التي طُرحت هذا العام هي الأخرى تُؤكد هذه النظرة التفاؤلية. فقد وصل سعر بعضها إلى 20 مليون دولار كما هو الحال بالنسبة لساعة «بيليونير تايملس تريجر» من شركة «جاكوب أند كو»، فيما ظلت نسبة عالية من الإصدارات المعروضة تتباين بين الـ100 ألف و500 ألف دولار. بيد أن هذا لا يعني أن كل ما صدر من معامل هذه الشركات وبيوت المجوهرات بعيد المنال يخاطب النخبة فحسب، فقد كان هناك أيضاً وعي بضرورة استقطاب جيل صاعد من الشباب، من خلال الألوان والأفكار المرحة والشقية أو الحركات والمواد الجديدة على أمل إدخاله نادي الكبار فيما بعد. «روليكس» مثلاً طرحت ساعة جديدة، «أويستر بيربيتوال» يبدو فيها الميناء وكأنه «PUZZLE». غريبة ومثيرة، لكن لا يختلف اثنان أنها ستُذيب الجليد وتفتح أبواب الحديث كلما وقعت العين عليها.
- «مون بلان»
شركة «مون بلان» أيضاً كان لها نصيب من هذه النقاشات بفضل مجموعة «صفر أكسجين». مجموعة رياضية تتوجه للمستكشفين ومتسلقي الجبال، والجديد فيها أنها تخلو من الأكسجين تماماً، وهو ما يُعتبر سبقاً وإنجازاً. من أربعة طرازات جديدة، تبرز ساعة «مون بلان 1858 - 8000 صفر أكسجين» التي انضمت إلى مجموعة «Zero Oxygen». يخلو هيكلها من الأكسجين تماماً، الأمر الذي يساعد في إزالة التكاثف الضبابي الذي يمكن أن يحدث مع التغيرات الشديدة في درجات الحرارة على الارتفاعات، كما يمنع عملية الأكسدة. وتضيف الشركة أن مكونات الساعة لا تدوم لفترة أطول من دون أكسجين فحسب، بل تحافظ على دقة ثابتة بمرور الوقت أيضاً. ما يزيد من خصوصية هذه الساعة أنها جُهِزَت بميناءٍ بالتأثير المدخن - Sfumato باللون الرمادي الداكن، وهو تقنية إيطالية قديمة تُتيح للدّرجات اللونية والألوان بدخول الظلال تدريجياً في بعضها بعضاً، مما ينتج عنه خطوط خارجية ناعمة وتشكيلاتٍ ضبابية. لإضفاء النمط الجليدي المرتبط بها، فاستخدم صانعو الميناء تقنية «كشط الخشب» - gratté - boisé كقاعدة، لتحقيقه، وهي عملية تستغرق وقتاً أطول ثلاث مرات مما يقتضيهِ أي ميناء معياري وتتطلب أكثر من 20 خطوة منفصلة.
- {شانيل}
منذ نحو 36 عاماً قطعت دار «شانيل» على نفسها عهداً أن تظل وفية لجذورها، وأن تكتب الوقت بلغتها الأنيقة والسلسة. ففي عام 1987 أطلقت أول مجموعة ساعات لها، كانت لمساتها الراقية واضحة فيها، لكنها لم تنس أبداً أن تضخها بالتقنيات المتطورة، معتمدة على مهارة حرفييها وصناعها حتى تنافس الكبار. وبالنتيجة جاءت إصداراتها مزيجاً بين المجوهرات والساعات المعقدة.
في جنيف احتفلت بمجموعة أطلقت عليها «شانيل إنترستيلر» CHANEL INTERSTELLAR تضمنت مجموعاتها الأيقونية مثل «بروميير» PREMIERE و«بوي فراند» BOY.FRIEND و«كود كوكو» CODE COCO و«جي12» J12. وفيها التقت عوالم الخيال العلمي والفضاء والسفر عبر الزمن. كان بُعدها مستقبلياً أكثر منه عودة إلى الماضي أو حنيناً إليه، علماً بأن النجوم والأفلاك والمذنبات وكل ما يدور في السماء خيط من الخيوط التي تربط كل أقسام الدار بالمؤسِسة غابرييل شانيل. فالقصة تقول إنها منذ أن كانت طفلة تعيش في ملجأ للأيتام بعد وفاة والدتها، كانت تسهر لتراقب حركة النجوم في السماء بعيون مفتوحة وفضول حولته فيما بعد إلى إبداعات. ساعات «سبايشل تامبوريل» من مجموعة «جي 12» مثلاً من التصاميم الاستثنائية التي تلعب على الأسود والأبيض، من خلال الذهب الأبيض والماس. جمال وجهها يُخفي تعقيدات تقنية عالية، بدءاً من هيكل السيراميك شديد الصلابة إلى ميناء من الذهب الأبيض عيار 18 قيراطاً مرصّعاً بـ41 ماسة قطع باغيت.
- «آي دبليو سي شافهاوزن»
من جهتها، قدمت دار آي دبليو سي شافهاوزن إصدار توب غان «Oceana»، أول ساعة بايلوت كرونوغراف من سيراميك أكسيد الزركونيوم الأسود بقُطر يبلغ 41 مم. استلهمت السيراميك الأسود الداكن الذي استعملته فيها من الأجزاء التقنية للطائرات النفاثة الأسرع من الصوت، فضلاً عن أنها تعتبر من المواد المميزة لساعات توب غان منذ إطلاق المجموعة في عام 2007. أكثر ما يلفت النظر إليها إلى جانب موادها، لونها الذي جاء نتيجة تعاونها مع شركة RPantone وتم استلهامه من زي البحرية الأميركية، وزي الطيارين الذين يستعملونه عند قيامهم بمهام شاقة على متن حاملات الطائرات. اصطبغ كل من الكرونوغراف والميناء بالأزرق كذلك السوار المطاطي المكسو ببطانة قماشية مع تشطيب دينيم، بينما جاءت الأزرار الانضغاطية وخلفية العلبة من التيتانيوم خفيف الوزن لتكمل شخصيتها الرياضية.
- {بارميجياني فلورييه}
في جناح «بارميجياني فلورييه» لم تختلف القصة. هنا أيضاً كان الجديد: من ساعة «توندا بي إف مينيت راترابانت» - «Tonda PF Minute Rattrapante» إلى ساعة «توندا بي إف جي إم تي راترابانت روز جولد» - «TONDA PF GMT RATTRAPANTE ROSE GOLD»، التي تعود في عام 2023 بإصدار متكامل من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً، مزينةً بميناء بلون أزرق ميلانو يظهر عليه تضفير «غيوشيه» دقيق بنمط حبة الشعير.
تبدو الساعة متواضعةً للوهلة الأولى، مع عقربين، للساعات والدقائق يطوفان حول الميناء، ولكنها سرعان ما تكشف عن تعقيد ميكانيكي يقوم بتشغيل عقربَين متراكِبَين، أحدهما من الذهب المطلي بالروديوم والآخر من الذهب الوردي. يؤدي الضغط على الزر الضاغط الواقع عند موضِع الساعة 7 إلى أداء العقرب المصنوع من الذهب الوردي عيار 18 قيراطاً والمخصص للتوقيت المحلي لقفزةٍ مدتها ساعة واحدة كاشفاً عن العقرب الذهبي المطلي بالروديوم، الذي يعرض وقت الموطِن. بمجرد عدم الحاجة إلى معلومات الوقت المزدوج، يؤدي الضغط على الزرّ الضاغط المدمج في التاج إلى عودة العقرب إلى مكانه. تتوجه الساعة للرحّالة وعشاق السفر والمغامرات.


- {فاشرون كونستانتين}
«لي كابينوتييه ديوال مون غراند كومبليكايشن» حركة جديدة من صنع «فاشرون كونستانتين» تحتضن 11 تعقيداً، مما يجعلها من أكثر التعقيدات تطوراً في صناعة الساعات. كان الهدف المبدئي من ابتكار هذه الساعة هو تكريم القمر الأصلي. فغالباً ما يتم إنزال عرض القمر إلى الخلفية، لكنه هنا يتموضع في المُقدمة ويؤكد حضوره اللافت للنظر بفضل اللون والحجم. ونظراً لأن الفكرة كانت أيضاً تقديم رؤية للقمر الصناعي للأرض كما يظهر في نصفي الكرة الشمالي والجنوبي، فإن مؤشر طور القمر المركزي، يتميز بشاشة عرض مزدوجة تستعرض أطوار القمر المختلفة وسط الميناء وتكمله الساعات والدقائق ومؤشرات التقويم الدائم، فيما تظهر المؤشرات الفلكية على الجانب الخلفي مع توقيت اليوم الفلكي - وهو أقصر بأربع دقائق من اليوم المدني - ومع مخطط سماء يوضح موقع الأبراج في الوقت الفعلي. أما الجزء الخلفي من الساعة فيتميَز بفتحة تكشف عن التوربيون وعربة النقل المالطية على شكل صليب.
- «بانيراي»
ساعة «راديومير آنيوال كالندر»: تعقيد جديد لبانيراي من مجموعتها «راديومير» Radiomir. جديدها هنا يتمثل في تعقيد التقويم السنوي. من مؤشرات للثواني والدقائق إلى الساعات والأيام. كل هذا واضح للغاية ليساعد على قراءتها بسهولة وعلى الفور. يظهر التاريخ واليوم قرب موضع الساعة 3، من خلال فتحتين في القرص. أمّا الشهر الحالي فيظهر على قرص خارجي متحرّك، يُشار إليه بواسطة سهم ثابت عند موضع الساعة 3. مع تغيّر كلّ شهر، تتيح كامة في الآلية تحرّك القرص الخارجي على مرة واحدة، بحيث تتغيّر المعلومة على الفور. كما أنّ التغيير بين الأشهر البالغة مدتها 30 يوماً و31 يوماً يتمّ أوتوماتيكياً على مستوى الآلية. وثمّة حاجة إلى إعادة ضبطها مرّة في السنة، في نهاية شهر فبراير (شباط). ونظراً لحرص «بانيراي» على سهولة القراءة والطابع العملي، فإنّ مصححاً موجوداً على الجانب الأيسر من العلبة يسمح بتغيير اليوم، مع كلّ تحريك له، بعد ضبط الشهر والتاريخ.


مقالات ذات صلة

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

لمسات الموضة حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق في عقدها الثامن اختار إريك جدّته «مانيكان» تعرض تصاميمه (حساب المُصمّم على إنستغرام)

إريك ماتيو ريتر وجدّته هدى زيادة... جيلان يلتقيان على أجنحة الموضة

معاً؛ زوّدا عالم الأزياء بلمسة سبّاقة لم يشهدها العالم العربي من قبل. التناغُم بينهما لوّن عالم الموضة في لبنان بنفحة الأصالة والشباب.

فيفيان حداد (بيروت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
TT

4 فنانات يحتفلن بميلاد حقيبة «أوريغامي»

سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)
سارة أوريارتي أكثر من ركّزت على تقنية «الأوريغامي» نظراً لعشقها وتخصصها في تنسيق الزهور (بيوريفكايشن غارسيا)

عشر سنوات فقط مرت على إطلاق علامة «بيوريفيكايشن غارسيا» حقيبتها الأيقونية «أوريغامي». بتصميمها الهندسي وشكلها ثلاثي الأبعاد لفتت الأنظار منذ أول ظهور لها. واحتفالاً بمكانتها وسنواتها العشر، تعاونت العلامة الإسبانية مؤخرا، مع أربع مُبدعات في الفنون البلاستيكية لترجمتها حسب رؤيتهن الفنية وأسلوبهن، لكن بلغة تعكس قِيم الدار الجوهرية. هذه القيم تتلخص في الألوان اللافتة والخطوط البسيطة التي لا تفتقر إلى الابتكار، أو تبتعد عن فن قديم لا يزال يُلهم المصممين في شتى المجالات، قائم على طيّ الورق من دون استخدام المقص أو الغراء، ألا وهو «الأوريغامي». فن ياباني تكون فيه البداية دائماً قاعدة مربّعة أو مكعّبة.

المكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميم الحقيبة إلى جانب جلد النابا الناعم والمرن (بيوريفكايشن غارسيا)

ولأن يوم 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، صادف اليوم العالمي لفن «الأوريغامي»، فإنه كان فرصة ذهبية لتسليط الضوء على حقيبة وُلدت من رحم هذا الفن ولا تزال تتنفس منه تفاصيلها.

فالمكعّب يُشكّل نقطة البداية في تصميمها؛ إذ تبدأ العملية باختيار جلد النابا تحديداً لنعومته، وبالتالي سهولة طيّه ومرونته في الحفاظ على شكله. بعد تمديد الجلد، يتم تحديد النمط وإضافة دعامات مثلثة للحفاظ على هيكله، لتُضاف بعد ذلك المُسنّنات يدوياً لخلق حركة انسيابية على الجلد.

للاحتفال بميلاد الحقيبة العاشر وفن «الأوريغامي» في الوقت ذاته، منحت «Purificacion Garcia» أربع مُبدعات، وهن: ألبا غالوتشا وكلارا سيبريان وصوفي أغويو وسارة أوريارتي، حرية ترجمتها حسب رؤية كل واحدة منهن، مع الحفاظ على أساسياتها.

ألبا غالوتشا، وهي ممثلة وعارضة أزياء وفنانة، تعتمد على الأنسجة والخزف كوسيلة للتعبير عن نفسها، وتستقي إلهامها من الحياة اليومية، والاحتفال بتضاريس الجسد. استوحَت الحقيبة التي ابتكرتها من عشقها للأنماط والهياكل والبناء. تقول: «حرصت على الجمع بين ما يُعجبني في شكل هذه الحقيبة وما يستهويني في جسم الإنسان، لأبتكر تصميماً فريداً يعكس هذَين المفهومَين بشكلٍ أنا راضية عنه تماماً».

حرصت ألبا على الجمع بين تضاريس الجسد وأنماط وهياكل البناء (بيوريفكايشن غارسيا)

أما كلارا سيبريان، فرسّامة تحبّ العمل على مواضيع مستوحاة من جوانب الحياة اليومية ويمكن للجميع فهمها والتماسها. تقول عن تجربتها: «أنا وفيّة لأكسسواراتي، فأنا أحمل الحقيبة نفسها منذ 5 سنوات. وعندما طُلب مني ابتكار نسختي الخاصة من هذه الحقيبة، تبادرت فكرة إلى ذهني على الفور، وهي إضفاء لمستي الشخصية على حقيبة (Origami) لتحاكي الحقيبة التي أحملها عادةً بتصميمٍ بسيطٍ تتخلّله نقشة مزيّنة بمربّعات».

من جهتها، تستمد سارة أوريارتي، وهي فنانة متخصصة في تنسيق الأزهار والمديرة الإبداعية في «Cordero Atelier»، إلهامها من الطبيعة، ولهذا كان من الطبيعي أن تُجسّد في نسختها من حقيبة «أوريغامي»، السلام والهدوء والجمال. تشرح: «لقد ركّزت على تقنية (الأوريغامي) التي أقدّرها وأحترمها. فكل طيّة لها هدف ودور، وهو ما يعكس أسلوبي في العمل؛ إذ كل خطوة لها أهميتها لتحقيق النتيجة المرجوة. لذلك، يُعتبر الانضباط والصبر ركيزتَين أساسيتَين في هذَين العملَين. وأنا أسعى إلى إيجاد التوازن المثالي بين الجانب التقني والجانب الإبداعي، وهذا ما يلهمني لمواصلة استكشاف الجمال الكامن في البساطة».

كلارا رسّامة... لهذا عبّرت نسختها عن رؤيتها الفنية البسيطة التي أضافت إليها نقشة مزيّنة بمربّعات (بيوريفكايشن غارسيا)

وأخيراً وليس آخراً، كانت نسخة صوفي أغويو، وهي مستكشفة أشكال ومؤسِّسة «Clandestine Ceramique»، التي تشيد فيها كما تقول بـ«تصميم يتداخل فيه العملي بجمال الطبيعة، وبالتالي حرصت على أن تعكس التناغم بين جوهر دار (بيوريفكايشن غارسيا) القائمة على الأشكال الهندسية وأسلوبي الخاص الذي أعتمد فيه على المكوّنات العضوية. بالنتيجة، جاءت الحقيبة بحلّة جديدة وكأنّها تمثال منحوت بأعلى درجات الدقة والعناية».