تطبيقات الذكاء الصناعي تدخل ساحة النزاع بين بكين وواشنطن

«بايدو» الصينية تقاضي «أبل» الأميركية وسط استمرار أزمة «تيك توك»

رجال يتفاعلون مع روبوت الذكاء الصناعي التابع لشركة «بايدو» الصينية (رويترز)
رجال يتفاعلون مع روبوت الذكاء الصناعي التابع لشركة «بايدو» الصينية (رويترز)
TT

تطبيقات الذكاء الصناعي تدخل ساحة النزاع بين بكين وواشنطن

رجال يتفاعلون مع روبوت الذكاء الصناعي التابع لشركة «بايدو» الصينية (رويترز)
رجال يتفاعلون مع روبوت الذكاء الصناعي التابع لشركة «بايدو» الصينية (رويترز)

انتقل النزاع التقني الأميركي - الصيني إلى ساحة جديدة، وهي تطبيقات «الذكاء الصناعي»، على خلفية مقاضاة شركة «بايدو» الصينية لـ«أبل» الأميركية. وأخذ النزاع التقني بين الدولتين خلال السنوات الأخيرة أشكالاً مختلفة، من بينها المنع المتبادل لشبكات التواصل الاجتماعي، ومنع أدوات مهمة في الإنتاج، ثم نقلته الثورة التي أحدثها روبوت الدردشة «تشات جي بي تي»، إلى ساحة «تطبيقات الذكاء الصناعي».
ورفعت شركة محرك البحث الصينية العملاقة «بايدو» دعاوى قضائية أمام محكمة الشعب العليا الصينية ضد شركة «أبل» الأميركية ومطوري التطبيقات «ذوي الصلة»، بشأن ما قالت إنها «نسخ مزيفة من تطبيق الذكاء الصناعي الخاص بها (إيرني بوت)، متاحة في متجر تطبيقات (أبل)».
وتم إطلاق برنامج «إيرني بوت» الذي يعمل بالذكاء الصناعي من «بايدو» الشهر الماضي، وتم تصنيفه بأنه الرد الصيني على «تشات جي بي تي» الذي طورته شركة «أوبن إيه آي» الأميركية. وتدعي «بايدو» أن التطبيقات المزيفة لـ«إيرني بوت» تنتهك حقوق الملكية الفكرية الخاصة بها.
وبينما يعتبر خبراء أن ما أقدمت عليه «بايدو»، هو حق أصيل لها، طالما ترى أن النسخ المتاحة على متجر «أبل» تنتهك حقوق ملكيتها الفكرية، فإنهم أكدوا أنه لا يمكن فصلها عن سياق «سباق التسلح التقني» بين الدولتين، الذي وصل في سياقات أخرى إلى ساحات القضاء أيضاً.
ويؤرخ زاك بالين، الباحث المتخصص في الشأن الصيني بمؤسسة بروكينغز الأميركية، لتاريخ احتدام هذا السباق التقني بين الدولتين في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب؛ حيث أصبحت المنافسة بين القوى العظمى هي المبدأ المنظم للسياسة الخارجية الأميركية، وأدى ذلك إلى استدعاءات شبه يومية للحرب الباردة لوصف التنافس المتصاعد بين الولايات المتحدة والصين، وإلى مقارنات متكررة بـ«سباق التسلح»، لوصف المنافسة الثنائية في التقنيات المتقدمة، بما في ذلك الحوسبة الكمومية والذكاء الصناعي.
يقول بالين في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمؤسسة 10 يناير (كانون الثاني) 2019 إن «البداية كانت مع استعراض أميركا عضلاتها التقنية في مارس (آذار) عام 2016، عندما تم إطلاق برنامج (ألفا غو) من (غوغل)، المدعوم بخوارزمية الذكاء الصناعي، ليمارس لعبة (غو) المعقدة، ضد الكوري الجنوبي (لي سيدول)، بطل العالم 18 مرة في اللعبة، وأمام جمهور يزيد على 280 مليون مشاهد معظمهم من الصينيين، انتصر برنامج (غوغل) ما أشعل (حمى الذكاء الصناعي) في مجتمع التكنولوجيا الصيني».
وتجسدت تلك الحمى في أنه بعد أكثر من عام بقليل، وتحديداً في يوليو (تموز) 2017، كشفت الصين عن خطتها الوطنية للاستيلاء على غنائم الذكاء الصناعي؛ حيث حددت «خطة تطوير الجيل الجديد للذكاء الصناعي» الأهداف وتعهدت بالموارد الوطنية، ودعت الصين إلى اللحاق بتكنولوجيا الذكاء الصناعي وتطبيقاته بحلول عام 2020، وتحقيق اختراقات كبيرة بحلول عام 2025، وأن تصبح رائدة عالمياً في المجال بحلول عام 2030. وأكد الرئيس شي جينبينغ هذه الأهداف، في خطابه التاسع عشر بالمؤتمر الحزبي في أكتوبر (تشرين الأول) 2017.
يقول كارلوس لويز، الباحث المتخصص في الذكاء الصناعي بجامعة جزر البليار بإسبانيا لـ«الشرق الأوسط» إن «ما أعلنت عنه الصين في 2017، تحول إلى خطط واقعية، لتصبح الصين ضمن أفضل دولتين من حيث (حيوية الذكاء الصناعي). فإلى جانب أنها أنتجت ثلث الأوراق الأكاديمية العالمية في مجال الذكاء الصناعي، تتوقع شركة الاستشارات الإدارية الأميركية (ماكنزي)، أن الذكاء الصناعي يمكن أن يضيف نحو 600 مليار دولار إلى الاقتصاد الصيني بحلول عام 2030».
ومع هذا التقدم الملحوظ الذي جاء استجابة لاستعراض العضلات التقنية الأميركية في 2016، ظهرت محاولات أميركية لتعطيل التقدم الصيني، وأثارت بعض هذه المحاولات نزاعات قضائية، أحدها لا يزال مستمراً، ويتعلق بتطبيق «تيك توك» الصيني، ومؤخراً كان النزاع الجديد المتعلق بتطبيق «إيرني بوت» الصيني.
ويوضح جويز أن من بين محاولات التعطيل، كان القرار الأميركي بمنع تصدير الرقائق الإلكترونية المستخدمة في تطبيقات الذكاء الصناعي إلى الصين، وهو القرار الذي انضمت إليه هولندا واليابان أيضاً بتوجيه أميركي، كما تم التقييد على شركات الاتصال الصينية، مثل شركة «هواوي»؛ حيث منعت أميركا عنها معدات اتصالات الجيل الخامس العالية السرعة (5G) وتكنولوجيا الذكاء الصناعي، كما يواجه تطبيق «تيك توك» الصيني قيوداً في الاستخدام.
وخاض التطبيق في 2020 معركة قضائية في أميركا، لوقف قرار أصدره الرئيس السابق دونالد ترمب بحظر تحميل التطبيق في الولايات المتحدة، ونجح في وقف دخول هذا القرار حيز التنفيذ، غير أن محاربة التطبيق أخذت أشكالاً أخرى مؤخراً؛ فأعلنت جامعات ولاية فلوريدا الأربعاء الماضي حظر استخدام التطبيق على الأجهزة المملوكة للجامعة نظراً لمخاوفها من التهديدات الإلكترونية.
يقول لويز: «في ظل هذا التوتر التقني بين الدولتين، لا تبدو الخطوة التي اتخذتها شركة (بايدو) الصينية غريبة، فحتى وإن كانت غير محقة في وجود انتهاك لملكيتها الفكرية، فليس هناك ما يمنع من مضايقة الشركات الأميركية، كما تفعل أميركا مع الشركات الصينية».


مقالات ذات صلة

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

الولايات المتحدة​ بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

بايدن يستضيف رئيس الفلبين لمواجهة تصاعد التوترات مع الصين

في تحول كبير نحو تعزيز العلاقات الأميركية - الفلبينية، يستضيف الرئيس الأميركي جو بايدن، الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور، في البيت الأبيض مساء الاثنين، في بداية أسبوع من اللقاءات رفيعة المستوى، تمثل تحولاً في العلاقة بين البلدين التي ظلت في حالة من الجمود لفترة طويلة. زيارة ماركوس لواشنطن التي تمتد 4 أيام، هي الأولى لرئيس فلبيني منذ أكثر من 10 سنوات.

هبة القدسي (واشنطن)
العالم الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

الحرب الباردة بين أميركا والصين... هل تتغيّر حرارتها؟

من التداعيات المباشرة والأساسية للحرب في أوكرانيا عودة أجواء الحرب الباردة وبروز العقلية «التناحرية» التي تسود حالياً العلاقة بين الولايات المتحدة والصين. ومع كل ما يجري في العالم، نلمح الكثير من الشرارات المحتملة التي قد تؤدي إلى صدام بين القوتين الكبريين اللتين تتسابقان على احتلال المركز الأول وقيادة سفينة الكوكب في العقود المقبلة... كان لافتاً جداً ما قالته قبل أيام وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين وشكّل انعطافة كبيرة في مقاربة علاقات واشنطن مع بكين، من حيّز المصالح الاقتصادية الأميركية إلى حيّز الأمن القومي.

أنطوان الحاج
الاقتصاد الشركات الأميركية في الصين  تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

الشركات الأميركية في الصين تخشى مزيداً من تدهور علاقات البلدين

تخشى الشركات الأميركية في الصين بشكل متزايد من مزيد من التدهور في العلاقات بين البلدين، وفقاً لدراسة استقصائية أجرتها غرفة التجارة الأميركية في الصين. وأعرب 87 في المائة من المشاركين في الدراسة عن تشاؤمهم بشأن توقعات العلاقة بين أكبر الاقتصادات في العالم، مقارنة بنسبة 73 في المائة في استطلاع ثقة الأعمال الأخير. ويفكر ما يقرب من ربع هؤلاء الأشخاص، أو بدأوا بالفعل، في نقل سلاسل التوريد الخاصة بهم إلى دول أخرى.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

دعوات أميركية للحد من اعتماد الدول الغنية على السلع الصينية

من المتوقع أن يبحث قادة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى في قمتهم المقررة باليابان الشهر المقبل، الاتفاق على تحديد رد على التنمر الاقتصادي من جانب الصين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

الصين تنتقد «الإكراه الاقتصادي» الأميركي

انتقدت بكين الجمعة، عزم واشنطن فرض قيود جديدة على استثمارات الشركات الأميركية في نظيرتها الصينية، معتبرة أن خطوة كهذه هي أقرب ما يكون إلى «إكراه اقتصادي فاضح وتنمّر تكنولوجي». وتدرس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، برنامجاً لتقييد استثمارات خارجية أميركية، بما يشمل بعض التقنيات الحسّاسة التي قد تكون لها آثار على الأمن القومي. وتعاني طموحات الصين التكنولوجية أساساً من قيود تفرضها الولايات المتحدة ودول حليفة لها، ما دفع السلطات الصينية إلى إيلاء أهمية للجهود الرامية للاستغناء عن الاستيراد في قطاعات محورية مثل أشباه الموصلات. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ ونبين، إن «الولايات المتحد

«الشرق الأوسط» (بكين)

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)
TT

ترمب يرد على مزاعم تشكك بإصابته برصاصة في أذنه

الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب بضمادة على أذنه بعد محاولة اغتياله (رويترز)

ردّ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، (الجمعة)، على ما أثير من شكوك بشأن الجرح الذي أصاب أذنه خلال محاولة اغتياله بأن أعاد نشر بيان لطبيبه السابق يؤكد فيه أنّ الجرح ناجم عن رصاصة وليس «شظية»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكتب روني جاكسون، طبيب ترمب السابق الذي بات الآن عضواً جمهورياً في الكونغرس عن ولاية تكساس، على منصة «تروث سوشال» الاجتماعية التي يملكها الرئيس السابق: «لا يوجد دليل على الإطلاق على أنه كان أيّ شيء آخر غير رصاصة»، وأعاد ترمب نشر البيان.

صورة قريبة لأذن ترمب المصابة بمحاولة الاغتيال بعد إزالته الضمادة (أ.ب)

والجمعة نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي بياناً أكّد فيه أنّ «أذن ترمب أصيبت برصاصة سواء أكانت كاملة أو مجزّأة إلى أجزاء صغيرة».

وكان مدير الـ«إف بي آي» كريستوفر راي قال لمشرعين أميركيين، الأربعاء، إنّ هناك بعض الشكوك إن كانت رصاصة أو شظية، كما تعلمون، ما أصاب أذنه».

وأصيب ترمب في أذنه اليمنى خلال تجمّع انتخابي في 13 يوليو (تموز) في بنسلفانيا، ونجا ممّا وصفه مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه محاولة اغتيال، عندما أطلق مسلّح ثماني رصاصات عليه في أثناء إلقائه خطاباً.

ولم يصدر أيّ تأكيد لطبيعة جرح ترمب من أي جهة طبية أو من سلطات إنفاذ القانون، وكانت تعليقات راي هي أول تفصيل رسمي مدوّن بهذا الشأن من مسؤول كبير.

ترمب يتحدث في تجمع انتخابي يوم الأربعاء 24 يوليو بعد إزالة الضمادة الكبيرة البيضاء (أ.ب)

وردّاً على بيان مكتب التحقيقات الفيدرالي، قال ترمب في منشور على منصّته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال»: إنّ «هذا على ما يبدو لي أفضل اعتذار سنحصل عليه من المدير راي، لكنّه اعتذار مقبول بالكامل».

وأصيب اثنان من المشاركين في التجمّع بجروح خطيرة في الهجوم، كما قُتل رجل إطفاء يبلغ 50 عاماً من ولاية بنسلفانيا برصاصة، وفقاً لمسؤولين. وقُتل مطلق النار برصاصة قناص من جهاز «الخدمة السرية»، الحرس الرئاسي الأميركي.

وجعل ترمب من محاولة اغتياله مدماكاً رئيسياً في حملته الانتخابية؛ إذ قال أمام حشد في ميشيغان إنّه «تلقى رصاصة من أجل الديمقراطية».

وفي تجمعاته الانتخابية، لجأ العديد من أنصاره إلى وضع ضمّادات على آذانهم اليمنى، في إشارة إلى الهجوم.

والخميس، نفى ترمب تعليقات راي واتّهمه بالانحياز السياسي.

يرتدي بليك فونج ضمادة فوق أذنه تكريماً لترمب في أثناء حضوره حملة المرشح الجمهوري (رويترز)

وقال: «لقد كانت، للأسف، رصاصة أصابت أذني بقوة. لم يكن هناك زجاج، ولم تكن هناك شظايا».

وأورد تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، نُشر الجمعة، أنّ «تحليلاً تفصيلياً لمسارات الرصاصات واللقطات المصورة والصور والصوت (...) يشير بقوة إلى أن ترمب أصيب بأول رصاصة من ثمانٍ أطلقها المسلّح».

ولم تنشر حملة ترمب أيّ تقارير طبية، بل نقلت أقوالاً عن جاكسون، طبيب البيت الأبيض السابق والحليف الوثيق للرئيس السابق.

تظهر صورة لترمب التقطها مصور وكالة «أسوشييتد برس» إيفان فوتشي بينما تدلي مديرة جهاز الخدمة السرية للولايات المتحدة كيمبرلي شيتل بشهادتها أمام لجنة الرقابة والمساءلة بمجلس النواب (أ.ف.ب)

وكان جاكسون موضع جدل في الماضي، إذ توصل تحقيق أجرته وزارة الدفاع الأميركية عام 2021 إلى أنه «استخفّ بمرؤوسيه وتنمّر عليهم وأذلّهم» في أثناء خدمته في البيت الأبيض.

كما قال التحقيق إنه «أدلى بتصريحات جنسية ومهينة حول إحدى مرؤوساته»، إضافة إلى مخاوف بشأن تناوله حبوباً منومة في أثناء الخدمة.

وذكرت وسائل إعلام أميركية في مارس (آذار)، أنّ البحرية الأميركية خفضت رتبة جاكسون من رتبة نائب أميرال إلى نقيب عقب التحقيق.