لماذا لا تتشكل الأعاصير عند خط الاستواء؟

لماذا لا تتشكل الأعاصير عند خط الاستواء؟
TT

لماذا لا تتشكل الأعاصير عند خط الاستواء؟

لماذا لا تتشكل الأعاصير عند خط الاستواء؟

هناك منطقة واحدة في المناطق الاستوائية لا تتشكل فيها الأعاصير تقريبًا وهي خط الاستواء. ويرجع السبب في ذلك لدوران الأعاصير المدارية الذي يعود لدوران الأرض.
يقول غاري بارنز عالم الأرصاد الجوية بجامعة هاواي «عند خط الاستواء، حتى عندما يكون الهواء هادئًا، فإن الكوكب والغلاف الجوي فوقه يتحركان فعليًا بسرعة تزيد على 1000 ميل في الساعة (1600 كم / ساعة). وتتبع هذه الحركة اتجاه دوران الأرض من الغرب إلى الشرق. إذ ان محيط الأرض هو الأكبر عند خط الاستواء. وهذا يعني أن أي شيء يقف على خط الاستواء يتحرك باتجاه الشرق أسرع من أي شيء يقع بعيدًا عن خط الاستواء؛ أي شيء على خط الاستواء يسافر لمسافة أكبر من أي شيء يقع شمالًا أو جنوبًا على سطح الأرض في نفس الفترة الزمنية. فإذا تحرك الهواء شمالًا من خط الاستواء، فسيظل يتدفق أيضًا بسرعة باتجاه الشرق مقارنة بمحيطه الجديد. وهذا يعني أن الهواء الذي ينتقل شمالًا من خط الاستواء سيظهر وكأنه يمينًا. وفي المقابل، سيظهر الهواء المتدفق جنوبًا من خط الاستواء وكأنه إلى اليسار. هذه الظاهرة، المعروفة باسم تأثير كوريوليس، تساعد في التحكم بالاتجاه الذي تدور فيه الأعاصير المدارية. بنصف الكرة الشمالي، حيث يخلق الهواء المتجه لليمين حركة تدور بعكس اتجاه عقارب الساعة، والعكس سيحدث في نصف الكرة الجنوبي»، وفق ما نقل «لايف ساينس» العلمي.
من جانبه، يقول بول راوند عالم الغلاف الجوي بجامعة ألباني في نيويورك «ان الأعاصير تجمع الدوران من البيئة المحيطة بها».
ويضيف بارنز أن هذا التحول الواضح للرياح «ضعيف للغاية بالقرب من خط الاستواء ولكنه يصبح أقوى بكثير مع زيادة خط العرض»؛ وهذا هو السبب في أن الأعاصير المدارية نادرًا ما تتشكل بالقرب من خط الاستواء؛ فخطوط العرض الأعلى لها رياح سريعة الدوران للمساعدة في دفع نمو الأعاصير المدارية.
ومع ذلك، أشار بارنز إلى «وجود استثناءات غريبة». على سبيل المثال، في عام 2001، تكثف إعصار فامي المداري في بحر الصين الجنوبي «بحدود درجتين من خط الاستواء، لكن الدورة الوليدة تشكلت بالفعل في وقت سابق، بعيدًا عن خط الاستواء». ويعتقد العلماء أن الرياح التي تتفاعل مع تضاريس الجزيرة في الأرخبيل الإندونيسي ربما تكون قد ولدت الدوران الذي أدى إلى ظهور فامي.
ويبيّن راوند أنه إذا عبر إعصار استوائي خط الاستواء «فإنه يبدأ في امتصاص الهواء الذي يدور بالاتجاه المعاكس». ويستدرك بارنز بالقول «ان هذا من المرجح أن يدفع بالعاصفة إلى الضعف والانهيار». ومع ذلك، «من المعقول أن تعبر العاصفة خط الاستواء مسافة صغيرة، لأن الدوران المقابل يظل صغيرًا إلى حد ما بالقرب من خط الاستواء». غير ان راوند يؤكد «ربما لا يكون من الممكن أن يعبر الإعصار المداري عدة درجات من خطوط العرض إلى نصف الكرة الأرضية المقابل». مشيرا الى ان «تغير المناخ لا يؤثر بشكل كبير على دوران الأرض، لذلك لن يؤثر بشكل مباشر على فرص حدوث إعصار يعبر خط الاستواء. ومع ذلك، إذا كانت العواصف النادرة على خطوط العرض المنخفضة قادرة على تحقيق شدة أعلى وإذا حدث أنها تحركت نحو المنطقة الاستوائية، فقد يؤدي تغير المناخ إلى زيادة قوة أقوى العواصف».


مقالات ذات صلة

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

العالم «النينا» هي ظاهرة طبيعية تحدث كل بضع سنوات (أرشيفية - رويترز)

خبراء الأرصاد الجوية يتوقعون ضعف ظاهرة «النينا»

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن هناك مؤشرات على أنه ربما تتشكل ظاهرة «النينا» المناخية، ولكن بشكل ضعيف للغاية.

«الشرق الأوسط» (جنيف )
الاقتصاد حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس) play-circle 00:30

البنك الدولي: موجات الجفاف تؤثر على نحو 70 مليون شخص سنوياً

قال البنك الدولي إن موجات الجفاف أصبحت، في ظل المناخ المتغير، أكثر تواتراً وشدة وانتشاراً، وهي تؤثر كل عام على نحو 70 مليون شخص في المتوسط.

عبير حمدي (الرياض)
بيئة مواطنون في حديقة بمدينة شوني بولاية أوكلاهوما الأميركية في نوفمبر 2024 (أ.ب)

2024 يتجه لتسجيل أعلى درجة حرارة في تاريخ الأرض

سجلت درجة حرارة الأرض خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ثاني أعلى درجة حرارة في مثل هذا الشهر من أي عام.

«الشرق الأوسط» (برلين )
العالم العربي برامج البنك الدولي تساهم في التوعية بمخاطر التغير المناخي في اليمن (البنك الدولي)

تدهور الأراضي الزراعية في اليمن... ونصف مليون نازح بسبب المناخ

حذّر اليمن من تدهور الأراضي الزراعية بمعدل مقلق، بالتوازي مع إعلان أممي عن نزوح نصف مليون شخص خلال العام الحالي بسبب الصراع والتغيّرات المناخية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
TT

التلسكوب «جيمس ويب» يلتقط «زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون»

ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)
ألوانُها كأنه العيد في الفضاء (ناسا)

التقط التلسكوب الفضائي «جيمس ويب» التابع لوكالة «ناسا»، للمرّة الأولى، صورة لِما بدت عليه مجرّتنا في الوقت الذي كانت تتشكَّل فيه؛ جعلت علماء الفضاء يشعرون بسعادة غامرة. وقالت عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، البروفيسورة كاثرين هيمانز، لـ«بي بي سي»: «أحبُّ المجرّة البراقة والمتألِّقة بأضواء عيد الميلاد، كأنّ هذه ما كان عليه الكون وهو يبلغ من العمر 600 مليون عام فقط». تُظهر الصورة 10 كرات من النجوم بألوان مختلفة، تبدو مثل زِينة شجرة ميلاد مُعلَّقة في الكون. وهذه المرّة الأولى التي شاهد فيها العلماء كتلاً من النجوم تتجمَّع لتُشكل مجرّة مثل «درب التبانة»، فأطلقوا على المجرّة البعيدة اسم «اليراعة المتألّقة»، لتشابُهها أيضاً مع سرب من اليراعات متعدِّد اللون.

من مداره في الفضاء، من دون عوائق من الغلاف الجوّي للأرض، أظهر لنا أقوى تلسكوب على الإطلاق، مزيداً من المجرّات الأبعد، وبالتالي الأقدم؛ لكنها ليست مثل مجرّتنا في المراحل المُبكرة من التشكيل. ووفق الدكتورة لاميا ماولا، من كلية «ويليسلي» في ماساتشوستس، المُشاركة في قيادة البحث، فإنّ «البيانات الخاصة بما حدث في هذه المرحلة من الكون ضئيلة جداً». وأضافت: «هنا نُشاهد مجرّة وهي تتشكَّل حجراً بحجر. فالمجرّات التي نراها عادة حولنا تشكَّلت بالفعل، لذا فإنها المرّة الأولى التي نشهد فيها هذه العملية».

ووصفت البروفيسورة هيمانز، عالِمة الفلك الملكية في اسكوتلندا، والمستقلّة عن فريق البحث، الاكتشاف بأنه «رائع، ومهمّ علمياً وبالغ الاحتفاء»؛ وقالت: «مدهش أن يبني البشر منظاراً يتيح التطلُّع إلى الماضي البعيد جداً، فنرى هذه المراحل الوليدة جداً من المجرّة بطريقة احتفالية جميلة كهذه».

لغز الكون وعجائبه (ناسا)

وتختلف ألوان العناقيد النجمية باختلاف مراحل تكوينها، وفقاً للدكتورة ماولا: «إنها جميلة لأنّ الحياة الباكرة للمجرّة نشطة جداً. نجوم جديدة تولد، ونجوم ضخمة تموت، وكثير من الغاز والغبار حولها، وكثير من النيتروجين والأكسجين... بسبب الحالة التي هي فيها، تتراءى هذه الألوان الجميلة». عندما صادفت ماولا المجرّة، لم ترَ قط كتلاً من النجوم بمثل هذه الألوان الزاهية والمتنوّعة. قادها ذلك للاعتقاد بأنّ ثمة شيئاً مختلفاً حول هذا النظام، لذا تحقّقت من مدى بُعد ذلك. لدهشتها تبيَّن أنه يبعد أكثر من 13 مليار سنة ضوئية.

النور الآتي من «اليراعة المتألّقة» استغرق أكثر من 13 مليار سنة ليصل إلينا. صغير جداً وبعيد جداً، حدَّ أنه لم يكن بإمكان تلسكوب «جيمس ويب» رؤيته، لولا حظوظ المصادفة الكونية. وكان هناك تجمّع من المجرّات بين «اليراعة المتألّقة» وتلسكوب «جيمس ويب»، شوَّهت الزمكان لتمدُّد الضوء من المجرّة البعيدة، وتعمل بفعالية مثل عدسة مكبرة عملاقة.

يٌسمّي علماء الفلك هذه العملية «عدسة الجاذبية»، التي، في هذه الحالة، مكَّنت الباحث المُشارك الدكتور كارثيك أيير من جامعة «كولومبيا» في نيويورك، وأعضاء آخرين من الفريق، من أن يروا للمرّة الأولى، تفاصيل مذهلة لكيفية تكوُّن المجرّات الأولى مثل مجرتنا «درب التبانة». وقال: «إنها تأخذ الضوء الآتي من اليراعة وتثنيه وتضخّمه حتى نتمكن من رؤيته بتفاصيل رائعة».