الصين تحاكي هجوماً على تايوان... وأميركا تدعوها لضبط النفس

بكين تعزز قدرات السيطرة على البحر والمجال الجوي والمعلومات

جنود تايوانيون يشاركون في تدريب عسكري أمس (رويترز)
جنود تايوانيون يشاركون في تدريب عسكري أمس (رويترز)
TT

الصين تحاكي هجوماً على تايوان... وأميركا تدعوها لضبط النفس

جنود تايوانيون يشاركون في تدريب عسكري أمس (رويترز)
جنود تايوانيون يشاركون في تدريب عسكري أمس (رويترز)

أجرت الصين، أمس (الأحد)، محاكاة لضربات «دقيقة» ضد «أهداف رئيسية» في «تايوان والمياه المحيطة» بها، في اليوم الثاني من تدريبات «لتطويق كامل»، تستمر حتى اليوم الاثنين. وتؤكد بكين أن هذه المناورات تحذير «جدي» بعد لقاء الرئيسة تساي وينغ إين مع رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي.
ودانت تايوان بشدة العملية التي أطلق عليها اسم «السيف المشترك (جوينت سوورد)»، بينما دعت الولايات المتحدة بكين إلى «ضبط النفس»، مؤكدة أنها تبقي على قنوات اتصالها مع الصين «مفتوحة»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
وبدأت هذه المناورات بعد اجتماع الأربعاء في كاليفورنيا بين الرئيسة التايوانية ورئيس مجلس النواب الأميركي، وعدت بكين بالرد عليه بإجراءات «حازمة وقوية». وقال التلفزيون الصيني، السبت، إن المناورات تهدف إلى بناء قدرات صينية «للسيطرة على البحر والمجال الجوي والمعلومات (...) من أجل خلق ردع وتطويق كامل» لتايوان.
من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع التايوانية أمس أنها رصدت 9 سفن حربية، و58 طائرة صينية حول الجزيرة. وقالت الوزارة إنها تراقب «تحركات الجيش الصيني من خلال نظام رصد واستطلاع استخباراتي مشترك»، مؤكدة أن الطائرات الحربية التي رُصدت هي مقاتلات وقاذفات.
وأجرت الصين «محاكاة لضربات دقيقة مشتركة ضد أهداف رئيسية في الجزيرة والمياه المحيطة» بها، كما ذكرت وسائل إعلام رسمية صينية أمس.

زورق صيني في فوجيان قرب ساحل تايوان أمس (أ.ف.ب)

وقالت قناة التلفزيون العامة الصينية «سي سي تي في» إن القوات الجوية نشرت عشرات الطائرات «لتحلق في المجال الجوي المستهدف»، بينما نفذت القوات البرية تدريبات على «ضربات دقيقة متعددة الأهداف». كما ذكرت بكين أنها حشدت مدمرات وقاذفات صواريخ سريعة ومقاتلات وأجهزة تشويش في المناورات.
وعن المناورات المرتقبة اليوم، قالت السلطات البحريّة في فوجيان، شرق البلاد، إنّ مناورات بالذخيرة الحيّة ستُجرى في مضيق تايوان قرب ساحل هذه المقاطعة الواقعة مقابل الجزيرة. ويبلغ عرض أضيق جزء من مضيق تايوان بين الساحل الصيني والجزيرة نحو 130 كيلومتراً.
- تحذير جدي
وتعدّ بكين تايوان؛ البالغ عدد سكّانها 23 مليون نسمة، جزءاً لا يتجزّأ من أراضي الصين، ولم تتمكّن بعد من إعادة توحيدها مع بقيّة أراضيها منذ نهاية الحرب الأهليّة الصينيّة في 1949.
وأكد المتحدث باسم الجيش الصيني، شي يي، أن المناورات «تحذير جدي من التواطؤ بين القوى الانفصالية الساعية إلى استقلال تايوان والقوى الخارجية، فضلاً عن أنشطتها الاستفزازية».
وجددت واشنطن، السبت، دعوتها إلى «عدم تغيير الوضع القائم». وقالت وزارة الخارجية الأميركية: «نحن على ثقة بأن لدينا موارد وقدرات كافية في المنطقة لضمان السلام والاستقرار».
من جهتها، دانت رئيسة تايوان تساي وينغ وين، السبت، «النزعة التوسّعية الاستبداديّة» للصين، مؤكّدة أنّ الجزيرة «ستواصل العمل مع الولايات المتحدة ودول أخرى... دفاعاً عن قيم الحرية والديمقراطيّة». فيما قالت وزارة الدفاع التايوانيّة إنّها «تتابع الوضع»، وكلّفت الجيش «الردّ» على النشاطات العسكريّة الصينيّة.
وتنظر الصين باستياء إلى التقارب الجاري منذ سنوات بين السلطات التايوانيّة والولايات المتحدة التي تُقدّم للجزيرة دعماً عسكريّاً مهمّاً رغم عدم وجود علاقات رسميّة بينهما.
- تصعيد محدود
حذّر المحلل العسكري سونغ تشونغبينغ بأنّ التدريبات ذات البعد «العمليّاتي» تهدف إلى إثبات أنّه «إذا تكثّفت الاستفزازات» فسيكون الجيش الصيني مستعدّاً «لتسوية مسألة تايوان نهائيّاً». وقال إنّ المناورات تؤكّد «اعتماد بكين على الخطاب القومي في توجّهها لجمهورها المحلّي وتسجيلها نقاطاً سياسيّة في الداخل». وأضاف لوكالة الصحافة الفرنسية: «سيكون من الخطأ تجاهل أنّ الجيش بدأ تدريباته هذه المرّة بعد اختتام ماكرون زيارته الصين».
ورغم المناورات الحالية، يستبعد حدوث تصعيد بالشدة نفسها التي سجلت في أغسطس (آب) 2022، وفق جيمس شار، الباحث في «برنامج الصين» في «معهد الدراسات الدفاعيّة والاستراتيجيّة» في سنغافورة. ورأى شار أن بكين تحاول «إعادة الدفء» إلى علاقاتها مع أوروبا، وانتظرت «انتهاء» زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبدء تدريباتها.
وفي هذا الصدد، أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في مقابلة أُجريت قبل المناورات ونُشرت أمس، إلى ضرورة عدم «الدخول في منطق الكتلة مقابل الكتلة». وقال لصحيفة «ليزيكو (Les Echos)» الاقتصادية الفرنسية إنّ أوروبا يجب ألا تكون «تابعة» للولايات المتحدة أو للصين فيما يتعلّق بتايوان.
وكانت الصين قد أجرت الصيف الماضي مناورات عسكرية غير مسبوقة حول تايوان، وأطلقت صواريخ رداً على زيارة للجزيرة من قبل الديمقراطية نانسي بيلوسي التي كانت آنذاك رئيسة لمجلس النواب الأميركي قبل مكارثي. واعترفت الولايات المتّحدة بجمهوريّة الصين الشعبيّة في 1979، ويُفترض نظريّاً ألا يكون لها اتّصال رسمي مع جمهوريّة الصين (تايوان) بموجب «مبدأ الصين الواحدة» الذي تدافع عنه بكين.


مقالات ذات صلة

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم لندن تحذّر من عواقب مدمّرة لحرب في مضيق تايوان

لندن تحذّر من عواقب مدمّرة لحرب في مضيق تايوان

دافع وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي عن الوضع القائم في تايوان، محذرا من عواقب اقتصادية مدمرة لحرب، في خطاب تبنى فيه أيضًا نبرة أكثر تصالحا حيال بكين. وقال كليفرلي في خطاب ألقاه مساء الثلاثاء «لن تكون حرب عبر المضيق مأساة إنسانية فحسب بل ستدمر 2,6 تريليون دولار في التجارة العالمية حسب مؤشر نيكاي آسيا». وأضاف «لن تنجو أي دولة من التداعيات»، مشيرا إلى أن موقعها البعيد لا يؤمن أي حماية مما سيشكل ضربة «كارثية» للاقتصاد العالمي والصين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم الصين تحقق مع ناشر تايواني في جرائم متعلقة بالأمن القومي

الصين تحقق مع ناشر تايواني في جرائم متعلقة بالأمن القومي

أعلنت السلطات الصينية، الأربعاء، أن ناشراً تايوانياً، أُبلغ عن اختفائه، خلال زيارة قام بها إلى شنغهاي، يخضع لتحقيق في جرائم متعلقة بالأمن القومي. وقالت تشو فنغ ليان، المتحدثة باسم «المكتب الصيني للشؤون التايوانية»، إن لي يانهي، الذي يدير دار النشر «غوسا»، «يخضع للتحقيق من قِبل وكالات الأمن القومي، لشبهات الانخراط بأنشطة تعرِّض الأمن القومي للخطر». وأضافت: «الأطراف المعنية ستقوم بحماية حقوقه المشروعة ومصالحه، وفقاً للقانون». وكان ناشطون وصحافيون في تايوان قد أبلغوا عن اختفاء لي، الذي ذهب لزيارة عائلته في شنغهاي، الشهر الماضي. وكتب الشاعر الصيني المعارض باي لينغ، الأسبوع الماضي، عبر صفحته على «ف

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم رئيس غواتيمالا يبدأ زيارة لتايوان

رئيس غواتيمالا يبدأ زيارة لتايوان

وصل رئيس غواتيمالا أليخاندرو جاماتي الاثنين إلى تايوان في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية مع هذه الجزيرة التي تعتبر بلاده من الدول القليلة التي تعترف بها دبلوماسياً. وسيلقي جاماتي كلمة أمام البرلمان التايواني خلال الزيارة التي تستمر أربعة أيام.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
العالم بكين تحتج لدى سيول إثر «تصريحات خاطئة» حول تايوان

بكين تحتج لدى سيول إثر «تصريحات خاطئة» حول تايوان

أعلنت الصين أمس (الأحد)، أنها قدمت شكوى لدى سيول على خلفية تصريحات «خاطئة» للرئيس يون سوك يول، حول تايوان، في وقت يشتدّ فيه الخلاف الدبلوماسي بين الجارين الآسيويين. وتبادلت بكين وسيول انتقادات في أعقاب مقابلة أجرتها وكالة «رويترز» مع يون في وقت سابق الشهر الحالي، اعتبر فيها التوتر بين الصين وتايوان «مسألة دولية» على غرار كوريا الشمالية، ملقياً مسؤولية التوتر المتصاعد على «محاولات تغيير الوضع القائم بالقوة».

«الشرق الأوسط» (بكين)

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
TT

أستراليا تعتزم فرض ضريبة على المنصات الرقمية التي لا تدفع مقابل نشر الأخبار

شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)
شعار شركة «ميتا» الأميركية (أ.ف.ب)

أعلنت الحكومة الأسترالية اعتزامها فرض ضريبة كبيرة على المنصات ومحركات البحث التي ترفض تقاسم إيراداتها من المؤسسات الإعلامية الأسترالية مقابل نشر محتوى هذه المؤسسات.

وقال ستيفن جونز، مساعد وزير الخزانة، وميشيل رولاند وزيرة الاتصالات، إنه سيتم فرض الضريبة اعتباراً من أول يناير (كانون الثاني)، على الشركات التي تحقق إيرادات تزيد على 250 مليون دولار أسترالي (160 مليون دولار أميركي) سنوياً من السوق الأسترالية.

وتضم قائمة الشركات المستهدفة بالضريبة الجديدة «ميتا» مالكة منصات «فيسبوك»، و«واتساب» و«إنستغرام»، و«ألفابيت» مالكة شركة «غوغل»، وبايت دانس مالكة منصة «تيك توك». وستعوض هذه الضريبة الأموال التي لن تدفعها المنصات إلى وسائل الإعلام الأسترالية، في حين لم يتضح حتى الآن معدل الضريبة المنتظَرة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الأنباء الألمانية».

وقال جونز للصحافيين إن «الهدف الحقيقي ليس جمع الأموال... نتمنى ألا نحصل عائدات. الهدف الحقيقي هو التشجيع على عقد اتفاقيات بين المنصات ومؤسسات الإعلام في أستراليا».

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان «ميتا» عدم تجديد الاتفاقات التي عقدتها لمدة3 سنوات مع المؤسسات الإعلامية الأسترالية لدفع مقابل المحتوى الخاص بهذه المؤسسات.

كانت الحكومة الأسترالية السابقة قد أصدرت قانوناً في عام 2021 باسم «قانون تفاوض وسائل الإعلام الجديدة» يجبر شركات التكنولوجيا العملاقة على عقد اتفاقيات تقاسم الإيرادات مع شركات الإعلام الأسترالية وإلا تواجه غرامة تبلغ 10 في المائة من إجمالي إيراداتها في أستراليا.