أميركا تسابق الوقت لتحديد مصدر تسريب الوثائق الأوكرانية

TT

أميركا تسابق الوقت لتحديد مصدر تسريب الوثائق الأوكرانية

فتحت وزارة العدل الأميركية، تحقيقاً في تسريب الوثائق السرية من البنتاغون، التي بدا أنها تكشف بالتفصيل القدرات القتالية لأوكرانيا، ونقاط الضعف المحتملة، وجهود حلف شمال الأطلسي (الناتو) الواسعة، لمساعدة كييف على صد الهجوم الروسي المتوقع. ومع اعتراف السلطات الأميركية بتلك التسريبات، قال محللون إن نشرها، قد يكون رداً روسياً مباشراً، على تسريبات استخبارية أميركية مماثلة، لطالما أشادت بها واشنطن في كشف خطط الجيش الروسي قبل وبعد وخلال الهجوم المستمر على أوكرانيا منذ 24 فبراير (شباط) العام الماضي.
وفيما اتهم مسؤولون أميركيون روسيا، أو عناصر موالية لها، بالوقوف وراء تلك التسريبات، قال محللون آخرون، إن تلك التسريبات، ليست سوى عناصر قياسية في اللعبة العملياتية للاستخبارات الروسية، وقد لا تكون أكثر من ذلك، وليست لها علاقة بخطط أوكرانيا الحقيقية. كما نقلت قناة «غراي زون»، وهي قناة مشهورة لدى مجموعة «فاغنر» الروسية المرتزقة، تشكيكاً مماثلاً، قائلة إنه من المحتمل أن تكون الوثائق: «معلومات مضللة، من أجل تضليل قيادتنا لتحديد استراتيجية العدو في الهجوم المضاد المقبل».
ورغم ذلك، تسابق الحكومة الأميركية الوقت، وتسعى سريعاً لتحديد كيفية ظهور هذه الوثائق، على الإنترنت، وتبحث أيضاً في تحديد القيمة التي قد تقدمها لجهود روسيا في صد الهجوم الأوكراني المضاد. وقالت وزارة العدل في بيان إنها على اتصال بالبنتاغون وبدأت تحقيقاً، من دون تقديم تعليقات إضافية.
وجاءت تأكيدات وزارة العدل عن فتح التحقيق، بعدما تبين للمسؤولين الأميركيين أن نطاق المواد المسربة، أكبر مما كشف عنه في وقت سابق، ليشمل، حسب وثائق حصلت عليها صحيفة «واشنطن بوست»، العشرات مما يبدو أنه صور تظهر وثائق سرية، يعود تاريخها إلى نهاية فبراير وبداية مارس (آذار)، تتراوح من إحاطات استخباراتية في جميع أنحاء العالم، إلى تحديثات ميدانية على المستوى التكتيكي، وتقييمات القدرات الدفاعية لأوكرانيا، ومعلومات حول الجيوش الأوكرانية والروسية، وتحليلات أميركية شديدة الحساسية حول الصين ودول أخرى في منطقة الشرق الأوسط.
وتشير المواد أيضاً إلى مصادر وأساليب سرية للغاية تستخدمها الولايات المتحدة لجمع مثل هذه المعلومات، ما يثير قلق مسؤولي الأمن القومي الأميركيين. وقالت المتحدثة باسم البنتاغون، سابرينا سينغ، في بيان مقتضب إن الأمر قيد المراجعة، لكنها رفضت الكشف عن التاريخ الذي علم فيه المسؤولون لأول مرة بالتسريبات، ومدى الضرر الذي أحدثته. وأضافت أن البنتاغون أحال الأمر إلى وزارة العدل.
وقال مسؤول دفاعي أميركي، إن الكثير من الوثائق يبدو أنه جرى إعدادها خلال فصل الشتاء للجنرال مارك ميلي ورؤساء الأركان، وغيرهم من كبار المسؤولين العسكريين، لكنها كانت متاحة للكثير من الأفراد الأميركيين والموظفين المتعاقدين الحاصلين على تصاريح أمنية مناسبة. وقال: إنه لم يتضح من الذي ربما نشر المواد على الإنترنت، مضيفاً أن المئات، إن لم يكن الآلاف، من الأشخاص تمكنوا من الوصول إليها، ومصدر التسريب «يمكن أن يكون أي شخص». يتزامن التسريب، الذي أوردته صحيفة «نيويورك تايمز» للمرة الأولى، الخميس، مع جهد موسع من قبل الولايات المتحدة وحلف «الناتو»، لتسليح وتدريب الوحدات الأوكرانية استعداداً لهجوم الربيع المتوقع، لاستعادة الأراضي التي تحتلها روسيا في الشرق والجنوب. وكانت هناك مخاوف فورية من أن الكشف عن المعلومات قد يعقّد تلك الخطة، حيث يبدو أن الوثائق تكشف عن كمية الأسلحة العسكرية الغربية وغيرها من المعدات التي وصلت إلى ساحة المعركة، وعدد الجنود الأوكرانيين الذين جرى تدريبهم على استخدامها، وكيف نظّمت أوكرانيا طائراتها ودفاعاتها الجوية لوقف هجوم بالصواريخ الروسية. كما قدمت معلومات قد تكون حساسة، عن معدل إطلاق قذائف مدافع «هاوتزر»، وسرعة نفادها، وتدفق الشحنات، وتقييمات عن ساحة المعركة، بما في ذلك في مدينة باخموت الأوكرانية، حيث تخوض القوات الروسية والأوكرانية معارك قاسية منذ شهور.
ورغم أن الوثائق لا تحتوي على خطط قتالية محددة، حسب ما كشف منها، فإنها قد تكون «مفيدة بشكل لا يصدق» للكرملين، حسب معلقين كثر. كما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول بارز لم تكشف هويته، قوله إن التسريب الجديد الذي نشر الجمعة، يشكل «كابوسا للعيون الخمس»، في إشارة إلى شراكة المعلومات الاستخباراتية، بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا، في مواجهة الصين؛ إذ بالإضافة إلى المعلومات الخاصة بأوكرانيا، احتوت الوثائق أيضاً على معلومات سرية بشأن الصين والموقف العسكري في منطقة المحيطين الهندي والهادئ والإرهاب في الشرق الأوسط. ونشرت الوثائق الجديدة على تطبيق الدردشة «ديسكورد»، وعلى تطبيقي «تلغرام» و«تويتر» أيضاً. وبدا أن الوثائق مأخوذة من تقارير ووكالات متعددة، إذ على سبيل المثال، نُشرت صفحتان عن «تحديث استخباراتي لمركز عمليات وكالة المخابرات المركزية» (سي آي إيه)، وتتضمن معلومات حول الأحداث المتعلقة بروسيا والمجر وإيران. وقال متحدث باسم «سي آي إيه»، في بيان: «نحن على علم بالمنشورات، ونبحث في المزاعم».


مقالات ذات صلة

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أوروبا جندي أوكراني على خط المواجهة مع القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

روسيا تسيطر على بلدات استراتيجية في شرق أوكرانيا

أعلنت روسيا، الأحد، أن قواتها سيطرت على بلدات في منطقتين رئيسيتين تقعان على خط الجبهة في شرق أوكرانيا، فيما يتقدم جيشها باتجاه مدينتين استراتيجيتين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا أرشيفية لأحد مباني مدينة بيلغورود الروسية عقب استهدافها بمسيرة أوكرانية (إ.ب.أ)

 روسيا تعلن تدمير 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل

قالت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، إن أنظمة الدفاع الجوي الروسية دمرت 15 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أميركا اللاتينية قوات روسية بمنطقة كورسك على الحدود مع أوكرانيا (أ.ب)

زيلينسكي: هناك مزيد من الجنود الكوريين الشماليين يقاتلون في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الجيش الروسي بدأ في نشر المزيد من الجنود الكوريين الشماليين خلال الهجمات على كورسك بالقرب من الحدود الأوكرانية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (قناته عبر «تلغرام»)

زيلينسكي يصدر تعليمات لإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إنه أصدر تعليمات لحكومته بإنشاء آليات لتوريد الغذاء إلى سوريا بالتعاون مع المنظمات الدولية في أعقاب سقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا عربة عسكرية أوكرانية تحمل أسرى يرتدون الزي العسكري الروسي بالقرب من الحدود مع روسيا (أ.ف.ب) play-circle 00:45

زيلينسكي: روسيا تنشر مزيداً من القوات الكورية الشمالية في كورسك

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، السبت، إن موسكو بدأت إشراك «عدد ملحوظ» من القوات الكورية الشمالية.

«الشرق الأوسط» (كييف)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.