سهل القليلة في جنوب لبنان: منصة لإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل

تحيط به المخيمات الفلسطينية وتستخدمه منظمات لتوجيه «رسائل أمنية»

لبنانيون يتفحصون الأضرار التي لحقت بأحد المواقع في بلدة القليلة الجنوبية بعد غارة إسرائيلية صباح أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يتفحصون الأضرار التي لحقت بأحد المواقع في بلدة القليلة الجنوبية بعد غارة إسرائيلية صباح أمس (أ.ف.ب)
TT

سهل القليلة في جنوب لبنان: منصة لإطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل

لبنانيون يتفحصون الأضرار التي لحقت بأحد المواقع في بلدة القليلة الجنوبية بعد غارة إسرائيلية صباح أمس (أ.ف.ب)
لبنانيون يتفحصون الأضرار التي لحقت بأحد المواقع في بلدة القليلة الجنوبية بعد غارة إسرائيلية صباح أمس (أ.ف.ب)

تحوَّل سهل القليلة - رأس العين الواقع في جنوب مدينة صور بجنوب لبنان، منذ عام 2009، إلى منصة إطلاق رسائل نارية باتجاه إسرائيل، عبارة عن «صواريخ لقيطة»، غالباً ما لا يتبنى أحد إطلاقها، رغم أن الجهات الأمنية اللبنانية تؤكد أن منظمات متشددة ومنظمات فلسطينية تقف وراء إطلاقها.
والقليلة، البلدة الساحلية التي تقع في نقطة وسطية تقريباً بين الحدود مع إسرائيل (تبعد 16 كيلومتراً إلى الشمال من الخط الحدودي، ونحو 12 كيلومتراً إلى جنوب مدينة صور)، تنتشر فيها بساتين الموز والمساحات الخضراء، وتمتد إلى وديان عميقة وطويلة تصل إلى وديان أخرى ممتدة إلى الحدود اللبنانية مع إسرائيل. وتشكل سهول القليلة نقاط اتصال جغرافي بين مدينة صور والقرى التابعة لها، وصولاً إلى الناقورة، ومخيم الرشيدية للاجئين الفلسطينيين، الواقع أيضاً على الشاطئ الجنوبي. وتعد البساتين القائمة هناك واحدة من أكبر الغطاءات النباتية على سواحل الجنوب.

وغالباً ما شهدت المنطقة الحدودية اللبنانية الإسرائيلية، منذ عام 2007، إطلاق عدد محدود من الصواريخ باتجاه الشمال الإسرائيلي، كان أولها في يونيو (حزيران) 2007، حين أعلنت جماعة متشددة، تطلق على نفسها «كتائب بدر الجهادية - فرع لبنان»، مسؤوليتها عن إطلاق صواريخ باتجاه كريات شمونة، انطلاقاً من جنوب شرقي لبنان.
وخلال مسار إطلاق الصواريخ، تبنّى «حزب الله» اللبناني مسؤوليته عن إطلاق بعضها، كما هي الحال في عام 2021، رداً على استهداف إسرائيلي، ونفى مسؤوليته عن أخرى، في حين أدرجت الصواريخ، التي لم يعلن أحد المسؤولية عن إطلاقها، ضمن خانة «الصواريخ اللقيطة».
وتصدرت سهول بلدة القليلة على الساحل الجنوبي، استضافة إطلاق «الصواريخ اللقيطة»، وبدأ اعتماد المنطقة باعتبارها منصة إطلاق، في يناير (كانون الثاني) 2009، بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على غزة، مما دفع المدفعية الإسرائيلية للرد، قبل أن يتكرر الأمر في فبراير (شباط) من العام نفسه، وأعيدت الكَرّة، في سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، حيث جرى إطلاق صاروخين أيضاً، قبل أن تردّ المدفعية الإسرائيلية.
وبالتزامن مع الحرب السورية، تبنّى تنظيم متشدد يحمل اسم «كتائب عبد الله عزام» إطلاق 4 مقذوفات باتجاه شمال إسرائيل، سقط صاروخان بالقرب من بلدتيْ بيرانيت ونيتوا في الجليل الغربي، على بُعد 700 متر من الحدود اللبنانية، وردّت القوات الإسرائيلية بالمدفعية. وكرر الفصيل المتشدد نفسه العملية، في أغسطس (آب) 2013، حيث أطلق 4 صواريخ كاتيوشا باتجاه المستوطنات الشمالية، واعترض نظام «القبة الحديدية» الإسرائيلي أحد الصواريخ.
وفي يوليو (تموز) 2014، رصدت قوات الأمم المتحدة، المؤقتة في جنوب لبنان «اليونيفيل»، حادثتي إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل بفارق يومين، وتحدثت عن إطلاق 3 صواريخ من محيط بلدة القليلة، جنوب لبنان، نحو إسرائيل. وأبلغت السلطات الإسرائيلية «اليونيفيل» بأن صاروخين سقطا في البحر، وسقط الثالث في شمال إسرائيل، جنوب الخط الأزرق. وردّ الجيش الإسرائيلي بإطلاق قذائف مدفعية نحو محيط زبقين.
وتكرر الأمر في ديسمبر (كانون الأول) 2015، وفي يوليو 2021، حين أعلن الجيش اللبناني عثور وحدة من عناصره، في محيط منطقة القليلة، على 3 منصات لإطلاق صواريخ من نوع «غراد 122 ملم»، أحدها صاروخ كان مُعداً للإطلاق جرى تعطيله من قِبل الوحدات المختصة، وأطلقت الأخرى باتجاه إسرائيل. وتكرر ذلك في أبريل (نيسان) 2022، بالتزامن مع تطورات عسكرية في غزة، حيث جرى إطلاق صاروخ من منطقة رأس العين - القليلة، جنوب مدينة صور، باتجاه إسرائيل.
ويسهم الموقع الجغرافي للمنطقة في تسهيل وصول أي أطراف تستعد لاستخدام المساحات غير المأهولة والبساتين، لإطلاق الصواريخ، فالمنطقة واقعة إلى جانب خط سريع يربط صور بالناقورة، ويحاذي شواطئ غير مأهولة أيضاً، وهو قريب من مخيمات فلسطينية موجودة في مدينة صور ومحيطها، بينها مخيم الباص، ومخيم برج الشمالي، ومخيم الرشيدية، وغيرها.
وتغيرت ديموغرافية المنطقة، في السنوات العشر الأخيرة، فبعدما كانت قرى بلا سكان، بالنظر إلى أنهم نزحوا منها، على خلفية الاحتلال الإسرائيلي للبنان، عاد سكانها بدءاً من عام 2000، وباتت منطقة حيوية بعد عام 2006، بالنظر إلى أنها الطريق الرئيسي الذي ينقل قوات «اليونيفيل» من مقرهم في الناقورة إلى بيروت. أما في السنوات الأخيرة، فقد نشطت المنتجعات السياحية بشكل كبير في المنطقة.


مقالات ذات صلة

توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

المشرق العربي توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

توتّر على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية بعد تظاهرة لأنصار «حزب الله»

دعت قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل)، مساء الجمعة، إلى الهدوء بعد توتر بين حرس الحدود الإسرائيليين وأنصار لـ«حزب الله» كانوا يتظاهرون إحياءً لـ«يوم القدس». ونظّم «حزب الله» تظاهرات في أماكن عدّة في لبنان الجمعة بمناسبة «يوم القدس»، وقد اقترب بعض من أنصاره في جنوب لبنان من الحدود مع إسرائيل. وقالت نائبة المتحدّث باسم يونيفيل كانديس أرديل لوكالة الصحافة الفرنسية إنّ عناصر القبعات الزرق «شاهدوا جمعاً من 50 أو 60 شخصاً يرمون الحجارة ويضعون علم حزب الله على السياج الحدودي».

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تباين بين «أمل» و«حزب الله» بشأن صواريخ الجنوب

تباين بين «أمل» و«حزب الله» بشأن صواريخ الجنوب

ذكرت أوساط سياسية لبنانية أنَّ «الصمت الشيعي» حيال إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان باتجاه منطقة الجليل في شمال إسرائيل لا يعني أنَّ «حزب الله» على توافق مع حركة «أمل» بهذا الشأن، بمقدار ما ينم عن تباين بينهما، إذ ارتأيا عدم إظهاره للعلن لقطع الطريق على الدخول في سجال يمكن أن ينعكس سلباً على الساحة الجنوبية. وقالت المصادر إنَّ حركة «أمل»، وإن كانت تتناغم بصمتها مع صمت حليفها «حزب الله»، فإنها لا تُبدي ارتياحاً للعب بأمن واستقرار الجنوب، ولا توفّر الغطاء السياسي للتوقيت الخاطئ الذي أملى على الجهة الفلسطينية إطلاق الصواريخ الذي يشكّل خرقاً للقرار 1701. وعلى صعيد الأزمة الرئاسية، ذكرت مصادر فرنسية مط

العالم العربي المطارنة الموارنة يستنكرون تحويل جنوب لبنان إلى «صندوق» في الصراعات الإقليمية

المطارنة الموارنة يستنكرون تحويل جنوب لبنان إلى «صندوق» في الصراعات الإقليمية

استنكر المطارنة الموارنة في لبنان، اليوم (الأربعاء)، بشدة المحاولات الهادفة إلى تحويل جنوب لبنان إلى صندوق لتبادل الرسائل في الصراعات الإقليمية. ووفق وكالة الأنباء الألمانية، طالب المطارنة الموارنة، في بيان أصدروه في ختام اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي شمال شرقي لبنان اليوم، الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية بالحزم في تطبيق القرار 1701، بما في ذلك تعزيز أجهزة الرصد والتتبُّع والملاحقة. وناشد المطارنة الموارنة، في اجتماعهم برئاسة البطريرك الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، «القوى الإقليمية والمجتمع الدولي مساعدة لبنان على تحمل أعباء لم تجلب عليه ماضياً سوى الخراب والدمار وتشتيت ا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي ميقاتي: عناصر غير لبنانية وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب على إسرائيل

ميقاتي: عناصر غير لبنانية وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب

أكد رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، اليوم الأحد، أن العدوان الإسرائيلي المستمر على لبنان والانتهاك المتمادي للسيادة اللبنانية أمر مرفوض، مؤكدا أن «عناصر غير لبنانية» وراء إطلاق الصواريخ من الجنوب. وقال ميقاتي إن «الهجوم الإسرائيلي على المصلّين في الأقصى وانتهاك حرمته أمر غير مقبول على الإطلاق، ويشكل تجاوزاً لكل القوانين والأعراف، ويتطلب وقفة عربية ودولية جامعة لوقف هذا العدوان السافر». وعن إطلاق الصواريخ من الجنوب والقصف الإسرائيلي على لبنان، وما يقال عن غياب وعجز الحكومة، قال ميقاتي إن «كل ما يقال في هذا السياق يندرج في إطار الحملات الإعلامية والاستهداف المجاني، إذ منذ اللحظة

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

لبنان لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن رفضاً لاعتداءات إسرائيل

قررت الحكومة اللبنانية تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ضد إسرائيل، على خلفية الغارات التي نفذتها على مناطق لبنانية بعد إطلاق صواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
TT

رئيس البرلمان العراقي: المنطقة قريبة من «نكبة ثانية»

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)
الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد متحدثاً أمام منتدى السلام في دهوك (شبكة روداو)

قدم مسؤولون عراقيون تصورات متشائمة عن مصير الحرب في منطقة الشرق الأوسط، لكنهم أكدوا أن الحكومة في بغداد لا تزال تشدد على دعمها لإحلال الأمن والسلم الدائمين.

وقال رئيس البرلمان، محمود المشهداني، في كلمة خلال «منتدى الجامعة الأميركية» بدهوك (شمال)، الجمعة، إن التحديات التي تواجه العراق بعد السابع من أكتوبر تغيّرت تماماً عما كانت عليه سابقاً.

وأشار المشهداني إلى أن «ما يحدث اليوم في منطقة الشرق الأوسط يمكن أن أسميه باجتهادي السياسي المجال الحيوي للنكبة الثانية».

وأكد المشهداني أن «الصراعات مست الجميع قبل وبعد السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن عقود السلام الهش القديم والسلام الجديد تناثرت برؤى (دونالد) ترمب في ولايته الأولى و(جو) بايدن في ولايته، وبانتظار ولاية ترمب الثانية».

ورأى رئيس البرلمان العراقي أن «التحديات في الشرق الأوسط يمكن إيجازها في محددات فشل النظام الدولي العالمي، فهو نظام هلامي».

وقال المشهداني: «أنا متشائم من إدارة أزمات التحديات التي تواجه الشرق الأوسط من حربي غزة ولبنان، إلى حروب سوريا المتعددة، إلى صراع أميركا وإسرائيل مع إيران، إلى البطالة والمناخ وتذبذب أسعار النفط، وصولاً لمنظومة السياسة الشرق أوسطية».

رئيس البرلمان العراقي خلال منتدى السلام في دهوك (إكس)

إبعاد العراق عن الحرب

من جانبه، أكد الرئيس العراقي، عبد اللطيف رشيد، أن العراق سيقوم بدوره من أجل السلام في الشرق الأوسط، معرباً عن دعمه «الكامل» لأي جهود تهدف إلى تحقيق «حل سلمي للقضية الكردية» داخل تركيا.

وفي كلمته في «منتدى دهوك»، قال رشيد إن العراق والمنطقة «يمران بوضع يتطلب من جميع الأطراف مراقبة الوضع بدقة وإيجاد الحلول المناسبة للقضايا والمشكلات وإحلال السلام والأمن الدائمين»، كما حثَّ دول العالم، خصوصاً الكبرى، على بذل «جهود جادة لحل هذه القضايا وإنهاء الحروب».

بدوره، دعا رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني إلى «إبعاد العراق عن الحرب»، وقال إن «الأزمات في المنطقة ومشاهد الحرب التي نراها في لبنان وغزة مؤسفة، ونتمنى أن تنتهي هذه المأساة».

وأضاف بارزاني: «كلنا نترقب أن يتغير الوضع بعد اختيار الرئيس الجديد عقب الانتخابات الأميركية، وكل التوقعات تشير إلى أن إدارة الرئيس الجديد ترمب ستكون مختلفة عن سياسة الرئيس بايدن».

رئيس «الحزب الديمقراطي الكردستاني» مسعود بارزاني خلال منتدى السلام في دهوك (إكس)

«إسرائيل لتوسيع الحرب»

أكد فادي الشمري، المستشار السياسي لرئيس الوزراء، رفض بغداد أن تكون «جزءاً من أي أجندة لزعزعة الاستقرار»، وأشار في هذا السياق إلى أن الحكومة الإسرائيلية «تعتمد اتهامات باطلة لتوسيع الحرب».

ونقلت شبكة «روداو» الكردية عن الشمري أن «إسرائيل تحاول في ظل الضغوط الداخليّة والخارجيّة المتزايدة عليها بسبب عدوانها المستمر على غزة ولبنان توسيع رقعة الصراع الإقليمي من خلال الزج بالعراق في دائرة المواجهة».

وقال الشمري: «تحركات إسرائيل ضد العراق محاولة يائسة لتصدير أزماتها الداخليّة وخلق حالة مستمرة من التوتر الإقليمي لتبرير استمرار عدوانها وجرائمها».

وذكر الشمري أن الأجهزة الأمنية العراقية «تعمل على تعزيز الانتشار الأمني، ومنع أي خرق أمني لا ينسجم وتوجهات السياسة الخارجيّة للعراق».

وأفادت الحكومة العراقية، في وقت سابق، بأن الولايات المتحدة، تتحمّل، وفقاً لاتفاقية الإطار الاستراتيجي والاتفاقية الأمنية، مسؤولية «الردع والرد على أي هجمات خارجية تمس الأمن الداخلي العراقي».

وقال الشمري إن «التهديدات الإسرائيلية ليست وليدة اللحظة، وإنها تأتي تكراراً، وهذا واضح من خلال الشكوى التي وجهتها إلى مجلس الأمن».

ووفقاً لتقارير إعلامية، أبلغت واشنطن، بغداد، أن الضربات التي سيشنها الجيش الإسرائيلي ضد العراق «وشيكة» ما لم تتمكن بغداد من منع الفصائل المدعومة من إيران من شن هجمات ضد إسرائيل.