في حين انشغلت الولايات المتحدة، هذا الأسبوع، بالانقسامات الحزبية العميقة التي ولّدها مثول الرئيس السابق دونالد ترمب أمام القضاء في نيويورك، عكست ولاية كاليفورنيا صورة مختلفة للتكاتف بين الحزبين.
فقد سلّط لقاء رئيس مجلس النواب الأميركي كيفين مكارثي، برئيسة تايوان تساي إنغ-ون، الضوء على التقارب النادر بين الجمهوريين والديمقراطيين في ملف دعم تايوان بمواجهة الصين. وبدا ذلك واضحاً من خلال تصريحات المسؤولين في الحزبين، في اللقاء الذي جمعهم مع تساي من جهة، وبتوجه وفد من «الكونغرس» لتايوان، في زيارة جديدة للبلاد. ورغم تلويح بكين بإجراءات صارمة، أكّد مشرّعون من الحزبين حرصهم على استمرار تزويد تايوان بالسلاح، آملين في أن يسهم ذلك في ردع أي هجوم صيني محتمل.
- انتشار عسكري بحري
تحدّى رئيس مجلس النواب، الذي أعلن، في بداية عهده، نيته زيارة تايوان، الصين بشكل واضح، عندما قرر المضي قدماً بلقاء الرئيسة التايوانية، رغم التهديدات الصينية، ووصْف بكين اللقاء بالاستفزازي.
ولم يتأخر ردّ بكين؛ فقد أرسلت، على مدى يومين، سفناً حربية ومروحية ومقاتلة، إلى محيط تايوان، التي تعتبرها «جزءاً لا يتجزأ» من أراضيها. وجابت 3 سفن حربية صينية، الجمعة، المياه المحيطة بالجزيرة، كما أفادت وزارة الدفاع التايوانية، مضيفة أن طائرة مقاتلة ومروحية مضادة للغواصات عبَرتا منطقة الدفاع الجوي في تايوان. وكانت تايوان قد رصدت، الخميس، 3 سفن حربية ومروحية صينية مضادة للغواصات. وقبل ساعات على اللقاء في كاليفورنيا بين رئيسة تايوان ورئيس مجلس النواب الأميركي، الأربعاء، عبَرت حاملة الطائرات الصينية «شاندونغ» مياه جنوب شرقي تايوان، باتجاه غرب المحيط الهادئ.
ولطالما هددت بكين بالرد، في حال حصل اللقاء بين تساي ومكارثي؛ عملاً بمبدأ «الصين واحدة»، الذي تعتبر، في إطاره، أنه لا يمكن إقامة علاقات رسمية مع بكين وتايبيه في آن واحد. وتعتبر الصين جزيرة تايوان، البالغ عدد سكانها 23 مليون نسمة، جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، ولا تستبعد استعادتها بالقوة، إن لزم الأمر.
- توافق حزبي نادر
قاوم مكارثي، على غير عادته، توجيه انتقادات لإدارة جو بايدن في إدارتها الملف الصيني، رغم محاولات الصحافيين المتكررة دفعه بهذا الاتجاه، فكان تركيزه منصبّاً على الهدف: إظهار وحدة الصف الأميركي بوجه الصين. وهذا ما تحدّث عنه رئيس مجلس النواب، وهو يقف أمام قطعة من حائط برلين في مكتبة رونالد ريغان؛ موقع لقائه مع تساي، فقال: «من النادر أن يرى العالم تكاتفاً ديمقراطياً وجمهورياً على قضية واحدة، لكن ما أفتخر به بصفتي أميركياً، اليوم، هو وقوف المشرّعين من الحزبين معاً لدعم الديمقراطية، مع خطة للمساعدة على تجنب حرب في المستقبل».
وأضاف مكارثي، في إشادة نادرة الحدوث بالإدارة الأميركية: «إن تواصلي مع الإدارة أظهر توافقاً على أهمية تسليم الأسلحة لتايوان في الوقت المناسب، لذا أنا لا أشعر بأي اختلاف في مواقفنا».
وشهدت تصريحات الحزبين، خلال لقاء تساي، توافقاً على نقطة «الردع»، من خلال تعزيز أمن تايوان. وتحدّث النائب الديمقراطي سث مولتون، الذي حضر الاجتماع، عن هذه النقطة، فقال إن «هناك 3 أطراف في هذه القضية: الحزب الشيوعي الصيني، وتايوان، والولايات المتحدة. طرفان من هذه الأطراف الثلاثة لا يريدان الحرب، وطرف واحد قال إنه يريد بدء الحرب. إذن، هدفنا المشترك مع تايوان، اليوم، هو الردع».
ويعتبر الجمهوريون أن قرار الصين ضمّ تايوان إليها مسألة وقت فقط، لهذا فهم لا يترددون في اتخاذ خطوات لإظهار دعمهم لتايبيه، رغم التهديدات الصينية من اللقاء مع تساي، مروراً بالزيارات المتكررة لتايوان، ووصولاً إلى المساعدات العسكرية التي أقرها «الكونغرس» لدعم الجزيرة.
- التزام «التسليح والتدريب»
نقل مشرِّعون عن تساي تشديدها على ضرورة أن تبني تايوان مخزوناً أكبر من الأسلحة، في حال اندلاع صراع مع الصين، إضافة إلى حاجة الجيش التايواني للمزيد من التدريب. وقالت النائبة الجمهورية آشلي هينسون، بعد لقائها بتساي: «إنها تقود بلادها وتجهزها لأي صراع محتمل، فقد رأوا ما حصل في أوكرانيا، وهناك نوع من القومية المشابهة الموجودة في تايوان». وهذا ما أشار إليه مكارثي، الذي كرر المقارنة بأوكرانيا، قائلاً: «ينبغي للعالم أن يتعلم من دروس أوكرانيا؛ كي لا نعود لهذه النقطة مجدداً في بلد آخر بعد بضعة أعوام».
وتعهّد مكارثي بالاستمرار في دعم تايوان، من خلال مبيعات الأسلحة، فقال: «يجب أن نستمر في بيع الأسلحة لتايوان، والحرص على وصولها إليهم في الوقت المناسب، وعلينا أن نعزز تعاوننا الاقتصادي، خصوصاً في مجالي التجارة والتكنولوجيا».
ولعلّ خير دليل على إجماع الحزبين على هذا الدعم هو إشادة نادرة بمكارثي من رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، التي سبق أن ولّدت موجة من التوترات مع الصين، خلال زيارتها التاريخية لتايوان، في آب (أغسطس) من عام 2022، فقالت، عن اجتماعه مع تساي: «يجب أن نشيد به وبقيادته وبالمشاركة من الحزبين في موقع تاريخي ومميز».
ولم يكتف المشرعون بإظهار الدعم من خلال هذا اللقاء في كاليفورنيا فحسب، بل توجّه وفد من الحزبين إلى تايوان، برئاسة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الجمهوري مايك مكول، الذي قال، لدى وصوله إلى الجزيرة: «نحن هنا لإيصال رسالة إلى الحزب الشيوعي الصيني، مفادها أن الولايات المتحدة تدعم تايوان. نريدهم أن يفكروا كثيراً قبل اجتياح تايوان». وأضاف مكول: «أريد أن أكون واضحاً: الولايات المتحدة تدعم تايوان، وستدافع عنها»، ليعود ويوضح: «سوف ندافع عنها من خلال التسليح والتدريب… ومن خلال الاستعداد للدفاع عنها في حال الضرورة».
تمسّك أميركي بتسليح تايوان رغم تهديدات بكين
انتشار سفن حربية صينية في محيط الجزيرة لليوم الثاني
تمسّك أميركي بتسليح تايوان رغم تهديدات بكين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة