مصر على خط منع التصعيد في فلسطين ولبنان

القاهرة تُجري اتصالات مع تل أبيب وواشنطن لاحتواء التوتر

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تتفقد جسرا دمرته غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تتفقد جسرا دمرته غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ب)
TT

مصر على خط منع التصعيد في فلسطين ولبنان

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تتفقد جسرا دمرته غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ب)
قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تتفقد جسرا دمرته غارة إسرائيلية على جنوب لبنان (أ.ب)

أعربت مصر رسمياً عن قلقها البالغ نتيجة التصعيد المتسارع والخطير الذي تشهده المنطقة على مدار اليومين الماضيين، فيما قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن القاهرة «بدأت اتصالات مكثفة مع أطراف فلسطينية وإسرائيلية، وأخرى ودولية وإقليمية عدة في محاولة لاستعادة التهدئة، وعدم انهيار الموقف كلياً»، إضافةً إلى «مشاركة القاهرة في مشاورات عربية لتنسيق المواقف من أجل تحرك أوسع على الساحة الدولية إذا ما استدعت تطورات الموقف ذلك».
وأعرب السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، عن قلق مصر البالغ إزاء تطورات الأحداث خلال الساعات الماضية، إثر اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى واعتدائها على المصلين والمعتكفين، وما تلا ذلك من إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل، وضربات جوية إسرائيلية استهدفت مناطق في جنوب لبنان وقطاع غزة، مع استمرار المواجهات والعنف بأشكال وصور مختلفة.
وطالب المتحدث باسم الخارجية المصرية، في بيان (الجمعة)، جميع الأطراف بممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والتجاوب مع الجهود المبذولة للتهدئة وحقن الدماء وحماية الأرواح، محذراً من المخاطر البالغة التي تحيق بالمنطقة إذا استمرت موجة العنف الحالية.
في غضون ذلك، قالت مصادر مصرية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن القاهرة بدأت فور اندلاع المواجهات في المسجد الأقصى اتصالات مكثفة على أكثر من مستوى، وإن اتصالات «رفيعة المستوى» جرت مع أطراف فلسطينية في السلطة، ومع قادة فصائل فلسطينية بارزة «لضمان عدم انهيار الموقف برمته».
وأوضحت المصادر التي اشترطت عدم الكشف عن هويتها، أن اتصالات مصرية جرت كذلك مع مسؤولي الإدارة الأميركية، في مسعى لوقف تدهور الموقف، ودفع الأميركيين إلى ممارسة ضغط أكبر على الحكومة الإسرائيلية من أجل تنفيذ التزاماتها في اجتماعَي العقبة وشرم الشيخ، خصوصاً أن الاجتماع الأخير الذي عُقد الشهر الماضي شهد التوصل إلى تفاهمات واضحة لعدم التصعيد خلال شهر رمضان المبارك.
وأضافت المصادر أن القاهرة أجرت اتصالات كذلك مع عدد من دول عربية فاعلة لـ«تنسيق المواقف في حالة استدعت تطورات الأحداث تحركاً عربياً أوسع» على مستوى مجلس الأمن والمنظمات الدولية.
وأشارت المصادر إلى أن هناك أفكاراً متداولة حالياً من بينها «مقترح عربي يُعرض على مجلس الأمن لتشكيل قوة دولية رمزية ولو مؤقتة لمراقبة الموقف في القدس»، على غرار ما تم إقراره بعد مذبحة الحرم الإبراهيمي، التي نفّذها أحد المتطرفين الإسرائيليين بحق مصلين في رمضان عام 1994.
واستضافت مصر والأردن على مدى الشهرين الماضيين اجتماعين أمنيين بحضور مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين، وبمشاركة وفود أميركية ومصرية وأردنية، عُقد الأول في مدينة العقبة الأردنية في فبراير (شباط) الماضي، بينما استضافت مدينة شرم الشيخ المصرية الاجتماع الثاني الشهر الماضي.
وبذلت مصر منذ مطلع العام جهوداً مكثفة لخفض حدة التصعيد في الأراضي المحتلة عقب وصول الحكومة الإسرائيلية التي توصف بأنها «الأكثر تطرفاً» إلى سدة الحكم. واستضافت القاهرة، خلال شهر فبراير الماضي، اجتماعات تشاورية لوفود منفصلة من حركتَي «الجهاد» و«حماس» على التوالي، ناقش فيها قادة من الحركتين مع مسؤولين أمنيين مصريين الموقف في الأراضي المحتلة، وضمانات عدم امتداد التصعيد الأخير إلى قطاع غزة.
كما أجرى المسؤولون المصريون محادثات مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، خلال زيارته للقاهرة في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، ركزت على سبل الحد من التصعيد الجاري في الأراضي المحتلة.
من جانبه، رأى الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة القدس والقيادي في حركة «فتح» الفلسطينية، أن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الأخيرة مثلّت «انقلاباً على كل التفاهمات التي أقرّتها اجتماعات العقبة وشرم الشيخ»، مشيراً إلى أن تلك الممارسات استهدفت «قياس ردة الفعل الفلسطينية والعربية والإسلامية إزاء تصعيد الاعتداءات على المقدسات الإسلامية في القدس».
وأوضح الرقب لـ«الشرق الأوسط» أن الاتصالات المصرية التي تجري حالياً مع مختلف الأطراف «بالغة الأهمية»، مشيراً إلى أن مصر دولة وازنة في المنطقة ولها ثقل كبير على الساحة الدولية، وبخاصة في ما يتعلق بالملف الفلسطيني.


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

قصر بعبدا ينفض عنه غبار الشغور... كيف يتسلّم الرئيس عون السلطة؟ ومتى يكلف رئيس حكومة؟

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون (أ.ف.ب)
TT

قصر بعبدا ينفض عنه غبار الشغور... كيف يتسلّم الرئيس عون السلطة؟ ومتى يكلف رئيس حكومة؟

الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني المنتخب جوزيف عون (أ.ف.ب)

بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي، فتح قصر بعبدا الجمهوري أبوابه لاستقبال الرئيس اللبناني الجديد جوزيف عون، وتزينت باحاته بأبهى حلة، ونفض عنه غبار الشغور، وافترش السجاد الأحمر لاستقبال الرئيس المنتخب.

كيف تكون مراسم تسلّم الرئيس المنتخب سلطاته الدستورية؟

عادة تجري عملية التسليم والتسلم بين الرئيس المنتخب والرئيس السابق، لكن مع عدم وجود رئيس منذ أكثر من عامين، قصد الرئيس عون القصر الجمهوري منفرداً، وقام الحرس الجمهوري وبروتوكول القصر بما يجب القيام به.

ويوضح الخبير الدستوري سعيد مالك لـ«الشرق الأوسط»، أنه في هذه الحالة وفور إعلان فوز عون، يتوجه رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى الرئيس عون بموكب رئاسي من أجل اصطحابه إلى مجلس النواب، ومن ثم إلى القصر الجمهوري وفق البروتوكولات المتبعة.

ولدى وصول الرئيس المنتخب إلى مدخل القصر الجمهوري ، آتياً من مجلس النواب في موكب رسمي، عزفت موسيقى الجيش لحن التعظيم ثم النشيد الوطني اللبناني. وحيّا الرئيس العلم اللبناني الذي ارتفع مجدداً على سارية القصر الجمهوري.

بعدها استعرض رئيس الجمهورية كتيبة تشريفات من لواء الحرس الجمهوري. وأطلقت المدفعية إحدى وعشرين طلقة ترحيباً بالرئيس، بينما أطلقت البواخر الراسية في مرفأ بيروت صفاراتها للمناسبة. بعد ذلك، صافح الرئيس المنتخب المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير والمديرين العامين في الرئاسة وقائد لواء الحرس الجمهوري، ثم انتقل إلى صالون السفراء وسط صفّين من رماحة الحرس الجمهوري، والتقطت له الصور الرسمية على كرسي الرئاسة، لينتقل بعدها إلى مكتبه، حيث تسلّم وسام الاستحقاق اللبناني، الوشاح الأكبر من الدرجة الاستثنائية، والقلادة الكبرى لوسام الأرز الوطني، والتقطت له الصور مرتدياً الوشاح، ومتقلّداً القلادة.

والتقى الرئيس المنتخب بعد ذلك اللبنانية الأولى وأفراد العائلة، حيث التقطت الصور التذكارية.

متى يكلف رئيس حكومة؟

ويشير مالك إلى أنه بعد ذلك يجب خلال «المهلة المعقولة» وفق الدستور أن يدعو الرئيس الكتل والنواب من أجل المشاورات النيابية الملزمة لتسمية رئيس حكومة مكلف». ولم يحدد الدستور اللبناني مدة «المهلة المعقولة»، لكنها وبحسب مالك، لا تتجاوز الأسبوع أو أكثر أو أقل بقليل.

ماذا بعد ذلك؟

وبعد تسمية رئيس الحكومة المكلف، يلفت مالك إلى أن الرئيس المكلف يقوم بإجراء مشاورات مع الكتل النيابية والقوى من أجل وضع تصور لحكومة لبنان الأولى بعد الانتخابات الرئاسية، وعلى ضوء ذلك يتم عرض التشكيلة على رئيس الجمهورية الذي له حق الموافقة عليها أو رفضها أو طلب تعديلها. ويضيف: «ثم بالاتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف يتم توقيع مرسوم تشكيل الحكومة التي تتسلم مهام البلاد والعباد، حسب الأصول والأنظمة والقوانين المرعية الإجراء».

متى يتم تعيين قائد جيش جديد؟

ويوضح مصدر عسكري لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الأركان حسان عودة تسلّم بالإنابة مهام قائد الجيش؛ لأنه ثاني أعلى منصب بعد قائد الجيش، إلى أن يتم تعيين قائد جيش جديد بعد تشكيل الحكومة الجديدة. ويقول: «تجتمع الحكومة برئاسة رئيس الجمهورية، حيث من المفترض أن تكون السلطة التنفيذية كلها مجتمعة لتعيين قائد جيش جديد».