مع حلول فصل الربيع، تتزايد الشائعات حول هجوم مضاد أوكراني مرتقب. ويبدو أن منطقة زابوريجيا المكان المثالي لهذا الهجوم، لكن الأوكرانيين باتوا سادة في فن الضربة «العسكرية»، حيث لا يُتوقع منهم ذلك، حسب تقرير نشرته، اليوم (الجمعة)، صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.
وبينما تزداد التكهنات عن موقع الهجوم المضاد وزمانه، فإن الهجوم المضاد الذي أعلنته أوكرانيا منذ أسابيع عدة بات وشيكاً، وفقاً لروسيا، حيث يتوقع الكتاب والسياسيون المحليون وقوع هجوم خلال شهر أبريل (نيسان). وعلى الجانب الأوكراني، يستحضر بشكل غامض تاريخ مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) لهذا الهجوم.
وبينما تتعدد السيناريوهات المتوقعة للمنطقة التي سيستهدفها هذا الهجوم، يبدو أن منطقة زابوريجيا، باتجاه ميليتوبول وبيرديانسك وبحر آزوف خيار تتم دراسته بشكل خاص من قِبَل مراقبي الصراع.
اختراق نحو بحر آزوف
يظهر الروس أنفسهم يقظة خاصة في هذه المنطقة، وفق التقرير، حيث تحدثت سلطات الاحتلال الروسية في نهاية مارس (آذار) عن «زيادة حادة في حدة» القتال بالمنطقة، ووصول «ما لا يقل عن 75 ألف جندي أوكراني إليها». قال ديفيد لويس، المتخصص في دراسات الصراع في جامعة إكستر: «هذا هو الاتجاه الأكثر ترجيحاً (أي من زابوريجيا نحو بحر آزوف)، لأنه هنا يمكن أن يكون لأوكرانيا أكبر تأثير على مسار الحرب». هذه المنطقة بلا شك ستوفر للأوكرانيين المكاسب الاستراتيجية.
قطع تواصل القوات الروسية
أشار التقرير إلى أن للهجوم في منطقة زابوريجيا مزايا عديدة لأوكرانيا. الهجوم المضاد على محور ميليتوبول - بيرديانسك، إذا تم الانتصار، سيسمح لكييف بقطع الوجود الروسي في أوكرانيا نصفين؛ بين خيرسون ودونباس. مثل هذه العملية «من شأنها أن تضعف الوجود الروسي (في أوكرانيا) بشكل دائم، بعد أن كان الروس قد حققوا أكبر إنجازاتهم باستعادة التواصل الإقليمي (البري) بين شبه جزيرة القرم ودونباس (مع بداية الغزو)». كما أنه «يبدو أن الجيش الروسي (في منطقة زابوريجيا) هو الأقل عدداً (مقارنة بالمناطق الأخرى التي يحتلها)».
يلاحظ إدوار جولي، الباحث في نظرية النزاعات المسلحة في «معهد الدراسات الاستراتيجية الفرنسي» (إرسيم)؛ أنه من خلال الإبقاء على جبهة باخموت نشطة، خفضت موسكو، بلا شك، أعداد جنودها في هذه المنطقة.
اعتبر التقرير أنه من خلال قطع الوجود الروسي في أوكرانيا إلى قسمين، ستوجه أوكرانيا ضربة مزدوجة: ستستعيد موطئ قدمها على شواطئ بحر آزوف الاستراتيجي للغاية، وستعزل شبه جزيرة القرم وجنوب إقليم خيرسون عن طريق الإمداد البري الروسي. وسيكون المسار اللوجيستي الوحيد بالتالي بالنسبة لروسيا لإمداد جنوب الجبهة هو «جسر كيرتش» (الذي يصل القرم بالبر الروسي)، وسبق أن ضربته أوكرانيا بالفعل في مرة سابقة، ويمكن أن يكون تحت تهديد مدفعية كييف.
منطقة معدة بشكل دفاعي
لفت التقرير إلى أن خيار الهجوم في منطقة زابوريجيا يحمل صعوبات أيضاً بالنسبة للأوكرانيين؛ إذ إن المنطقة محتلة منذ أكثر من عام من الجيش الروسي، حيث تمكن الروس من تعزيز نظامهم الدفاعي في المنطقة وزرع كميات كبيرة من الألغام. كما أن الدفاع يتمتع بميزة عددية على الهجوم حيث يحتاج الهجوم إلى تفوق واضح بأعداد المهاجمين مقابل عدد المدافعين، إضافة إلى كون الجانب الروسي سيتجنب عامل المفاجأة؛ إذ يستعد لسيناريوهات الهجوم المضاد.