مجلس الوزراء العراقي يقر إصلاحات جديدة ردًا على احتجاجات الشارع

تتضمن إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية

مجلس الوزراء العراقي يقر إصلاحات جديدة ردًا على احتجاجات الشارع
TT

مجلس الوزراء العراقي يقر إصلاحات جديدة ردًا على احتجاجات الشارع

مجلس الوزراء العراقي يقر إصلاحات جديدة ردًا على احتجاجات الشارع

أقر مجلس الوزراء العراقي، في جلسة استثنائية اليوم (الأحد)، إصلاحات جديدة أعلنها رئيس الحكومة حيدر العبادي، ردًا على احتجاجات ضد الفساد والنقص في الخدمات، تتضمن إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية التي يشغل أحدها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وجاء الإعلان عن الإصلاحات بعدما دعا آية الله علي السيستاني الحكومة إلى اتخاذ خطوات إصلاحية تبرهن على «جرأة وشجاعة».
ووافق مجلس الوزراء العراقي بالإجماع على تلك الحزمة الأولى من الإصلاحات قبل إحالتها إلى مجلس النواب للمصادقة عليها، إذ إن بعضها قد يتطلب تعديلا دستوريا، وبالتالي من المرجح أن يستغرق تطبيقها بعض الوقت.
وعلى الرغم من الضغط الشعبي ودعم السيستاني له، تبقى جهود الإصلاح في العراق صعبة جدًا نتيجة الفساد المنتشر في المؤسسات واستفادة كل الأطراف السياسية منه فعليا. ومن أبرز الإصلاحات التي أعلنها العبادي «إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء فورا».
ويشغل مناصب نواب رئيس الجمهورية الثلاثة، وهي فخرية أكثر منها تنفيذية، زعماء الأحزاب السياسية التي تحكم البلاد، أي المالكي (دولة القانون) ورئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي (متحدون) ورئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي (الوطنية).
وتشغل ثلاث شخصيات سياسية مناصب نواب رئيس مجلس الوزراء، وهم كل من بهاء الأعرجي عن التيار الصدري، وصالح المطلك زعيم الكتلة العربية (أحد التيارات السنية)، وروش نوري ساويش القيادي في التحالف الكردستاني.
وفي بيان نشر مساء أمس، أي قبل إعلان العبادي، أكد المالكي دعمه للإصلاحات، في إشارة إلى أنّه قد يكون جزءا من اتفاق.
وتنص الإصلاحات أيضا على «تقليص شامل وفوري في إعداد الحمايات لكل المسؤولين في الدولة وضمنهم الرئاسات الثلاث (...) ويتم تحويل الفائض إلى وزارتي الدفاع والداخلية حسب التبعية لتدريبهم وتأهيلهم».
إلى ذلك، تتضمن الإصلاحات «إبعاد جميع المناصب العليا من هيئات مستقلة ووكلاء وزارات ومستشارين ومديرين عامين عن المحاصصة الحزبية والطائفية»، على أن «تتولى لجنة مهنية يعينها رئيس مجلس الوزراء اختيار المرشحين على ضوء معايير الكفاءة والنزاهة».
كما تشمل «إلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات والهيئات ومؤسسات الدولة والمتقاعدين منهم»، و«فتح ملفات الفساد السابقة والحالية تحت إشراف لجنة عليا لمكافحة الفساد تتشكل من المختصين (...) ودعوة القضاء إلى اعتماد عدد من القضاة المختصين المعروفين بالنزاهة التامة للتحقيق فيها ومحاكمة الفاسدين».
ولم يوضح البيان ما هي «المخصصات الاستثنائية»، إلا أن الموظفين الحكوميين يتمتعون برواتب مرتفعة فضلا عن سيارات توفرها الحكومة بالإضافة إلى مخصصات تقاعد مرتفعة. وكان السيستاني دعا العبادي الجمعة إلى أن «يكون أكثر جرأة وشجاعة في خطواته الإصلاحية».
وقال ممثل السيستاني أحمد الصافي، نيابة عنه، إنّه على العبادي «ألا يكتفي ببعض الخطوات الثانوية التي أعلن عنها مؤخرا، بل يسعى إلى أن تتخذ الحكومة قرارات مهمة وإجراءات صارمة في مجال مكافحة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية».
وعلى الرغم من الإعلان عن الإصلاحات، سيواجه العبادي تحديات كثيرة خصوصًا في ظل الفساد المنتشر في المؤسسات العراقية.
وفي هذا الصدد، يقول زيد العلي، مؤلف كتاب «الصراع من أجل مستقبل العراق»، إنّ «نظام الحكومة فاسد بالكامل، والدستوري بال، والإطار القانوني غير ملائم، كما أنّ الطبقة السياسية فاسدة بالكامل وغير مؤهلة». ويضيف هذا الخبير الدستوري أنّ «كل الأحزاب السياسية التي تشارك في الحكومة تستفيد مباشرة من النظام الحالي، ولذلك فهو لم يتغير منذ عام 2005».
وتشهد العديد من مدن العراق موجة احتجاجات للأسبوع الثاني على التوالي على نقص الخدمات خصوصا انقطاع التيار الكهربائي، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من ارتفاع حرارة غير مسبوق. ويعاني البلد من نقص حاد في إنتاج الطاقة الكهربائية على الرغم من المبالغ الطائلة التي صرفت على ملف الطاقة منذ عام 2003. ويعتبر المتظاهرون أنّ النقص في الخدمات يعود إلى الفساد وغياب الكفاءة لدى الطبقة السياسية.
من ناحية أخرى، أعربت كتل وتيارات سياسية لديها تمثيل في الحكومة عن تأييدها نظريا على الأقل للمظاهرات.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.