حضت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الأربعاء)، بكين على عدم المبالغة بأي رد فعل حيال الزيارة العابرة للرئيسة التايوانية، تساي إينغ وين، للولايات المتحدة، داعية إلى عدم اتخاذها ذريعة لتصعيد التوتر في المنطقة. بينما استعد وزيرا الخارجية والدفاع الأميركيان أنتوني بلينكن ولويد أوستن للاجتماع مع نظيريهما الفلبينيين أنريكي مانالو وكارليتو غالفيز، سعياً إلى تعزيز استراتيجية «الدفاع الجماعي» عن المنطقة المحيطة ببحر الصين الجنوبي.
وكان مقرراً أن تلتقي الرئيسة التايوانية رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي، اليوم، في أول اجتماع من نوعه في الولايات المتحدة، بعد أشهر من زيارة رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي لتايوان. وكان بلينكن يتحدث من بروكسل؛ إذ حض السلطات الصينية على عدم القيام بأي رد فعل على اجتماع الرئيس التايوانية مع أحد كبار المشرعين الأميركيين في كاليفورنيا. ورأى أنه «على بكين ألا تستخدمه ذريعةً لاتخاذ أي إجراء أو تصعيد التوترات».
وسيكون هذا الاجتماع على أعلى مستوى مع رئيس تايواني على الأراضي الأميركية منذ أن حولت واشنطن الاعتراف الدبلوماسي من تايبيه إلى بكين، في عام 1979. وأثارت زيارة بيلوسي لتايبيه في أغسطس (آب) الماضي رد فعل غاضباً من الصين، التي أطلقت صواريخ فوق تايوان، وقطعت الاتصالات العسكرية مع واشنطن.
وعبرت تساي، نيويورك، الأسبوع الماضي، في طريقها إلى أميركا الوسطى لزيارة اثنين من الشركاء الدبلوماسيين القلائل المتبقين لتايوان، وهما غواتيمالا وبيليز. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة الملزمة بموجب القانون بتزويد تايوان بوسائل الدفاع عن نفسها، كثفت من تفاعلاتها مع تايبيه في السنوات الأخيرة مع زيادة ضغط بكين على الجزيرة.
وقالت الناطقة باسم البيت الأبيض، كارين جان بيار، أمس، إن عبور تساي «خاص» و«غير رسمي»، مضيفة أن «الرئيسة تساي نفسها قامت بهذا العبور نحو 6 مرات من قبل. ومرة أخرى ينبغي ألا يكون هناك سبب للمبالغة في رد فعل الصين». وأكدت أنه لم يطرأ أي تغيير على سياسة «الصين الواحدة» الأميركية التي تعترف ببكين دبلوماسياً، وليس تايبيه.
العلاقات مع الفلبين
إلى ذلك، تأتي زيارة المسؤولين الفلبينيين لواشنطن في سياق سعي مانيلا إلى تعزيز أمن الطاقة والعلاقات التجارية لديها، غداة منحها واشنطن قدراً أكبر من الوصول العسكري في الأرخبيل المترامي الأطراف، مع تصاعد التوترات مع الصين.
وأفادت وزارة الخارجية الفلبينية، في بيان، بأن وزراء الخارجية والدفاع من البلدين سيجتمعون للمرة الأولى منذ عام 2016 في واشنطن لمعالجة مجالات التعاون الرئيسية، معتبرة أن هذه «ستكون أيضاً فرصة مهمة لإحراز تقدم جوهري في التعاون في المجالات الرئيسية عبر نطاق العلاقة، بما في ذلك تحديد مبادرات ملموسة لتعزيز الأمن الإقليمي، ومكافحة الإرهاب والجرائم الأخرى العابرة للحدود».
وأعلن غالفيز أن الفلبين ستواصل العمل مع الولايات المتحدة والدول الأخرى ذات التفكير المماثل للدفاع عن المنطقة، بعدما أعلنت الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا إضافة 4 مواقع أخرى مشتركة بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي المعزز بين البلدين. وتشمل المواقع قاعدة بحرية ومطاراً في مقاطعة كاغايان، ومعسكراً في مقاطعة إيزابيلا، علماً بأن كل هذه المواقع قريبة من تايوان، بالإضافة إلى جزيرة بالاباك في مقاطعة بالاوان التي تواجه بحر الصين الجنوبي.
ورأى أن التنفيذ السريع لبنود الاتفاقية سيحمي طرق التجارة في المياه المتنازَع عليها مع الصين. وتقع في المنطقة جزر سبراتلي التي تطالب بها الصين وتايوان وفيتنام وماليزيا والفلبين كلياً أو جزئياً.
وقال إنه «بصرف النظر عن تعزيز موقفنا من القوات لمواجهة التهديدات والتحديات الأمنية الخارجية والداخلية، نتوقع أن يساعد بناء المرافق وتحديثات البنية التحتية بشكل أكبر في ضمان رفاهية شعبنا». وسترفع المواقع الجديدة عدد المواقع العسكرية الفلبينية التي يمكن للولايات المتحدة الوصول إليها إلى 9، بما في ذلك 5 مواقع موجودة، بموجب اتفاقية الدفاع الموقَّعة عام 2014، التي تسمح للولايات المتحدة بتناوب قواتها لفترات طويلة، وكذلك بناء منشآت على تلك القواعد في الدولة الواقعة في جنوب شرقي آسيا، وتشغيلها.
حصلت الولايات المتحدة على حق الوصول إلى المواقع الإضافية في فبراير (شباط) الماضي، وسط التوترات المستمرة مع بكين بشأن تايوان وبحر الصين الجنوبي. وكانت بكين حذرت، أمس، من أن هذه الخطوة «ستؤدي إلى مزيد من التوترات وتقليل السلام والاستقرار في المنطقة». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إن الولايات المتحدة تعزز انتشارها العسكري في المنطقة «سعياً وراء المصالح الأنانية».
وفي سياق تعزيز الولايات المتحدة شراكاتها وتحالفاتها في المنطقة، اجتمع بلينكن في بروكسل مع وزيرة الخارجية النيوزيلندية نانايا ماهوتا. وأفاد نائب الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركي فيدانت باتيل بأن الوزيرين ناقشا «أهمية ضمان حرية وانفتاح وازدهار منطقة المحيطين الهندي والهادي»، بالإضافة إلى «جهودنا المشتركة للمساعدة في تلبية حاجات دول جزر المحيط الهادي».
وكذلك التقى بلينكن، في مقر «الناتو»، وزراء خارجية دول «مجلس الأطلسي الرباعي»، الذي يضم وزراء الخارجية الفرنسي كاترين كولونا، والألماني أنالينا بايربوك، والبريطاني جيمس كليفرلي.
وأشار باتيل إلى أن المسؤولين الأربعة ناقشوا قضايا عديدة، ومنها «استمرار التعاون الوثيق لتعزيز الأهداف المشتركة للسلام والاستقرار والازدهار في منطقة المحيطين الهندي والهادي وخارجها، بما يتمشى والنظام الدولي القائم على القواعد».