خوجه: اليابان بلد صديق وشريك مهم للمملكة.. والتعاون الثقافي بين البلدين يسير بخطى حثيثة

«لقاء الإعلاميين السعودي الياباني» يؤكد أهمية تبادل الزيارات والخبرات

وزير الثقافة والإعلام السعودي د. عبد العزيز خوجه يفتتح  «لقاء الإعلاميين السعودي الياباني» في طوكيو أمس (واس)
وزير الثقافة والإعلام السعودي د. عبد العزيز خوجه يفتتح «لقاء الإعلاميين السعودي الياباني» في طوكيو أمس (واس)
TT

خوجه: اليابان بلد صديق وشريك مهم للمملكة.. والتعاون الثقافي بين البلدين يسير بخطى حثيثة

وزير الثقافة والإعلام السعودي د. عبد العزيز خوجه يفتتح  «لقاء الإعلاميين السعودي الياباني» في طوكيو أمس (واس)
وزير الثقافة والإعلام السعودي د. عبد العزيز خوجه يفتتح «لقاء الإعلاميين السعودي الياباني» في طوكيو أمس (واس)

تزامنا مع الزيارة الرسمية للأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع في المملكة العربية السعودية لليابان، افتتح وزير الثقافة والإعلام الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه، أمس بفندق «البلص» في العاصمة اليابانية طوكيو «لقاء الإعلاميين السعودي الياباني» بحضور رئيس وكالة الأنباء السعودية عبد الله بن فهد الحسين، ووكيل وزارة الثقافة والإعلام للإعلام الخارجي الدكتور عبد العزيز بن سلمة، وسفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان الدكتور عبد العزيز تركستاني.
وألقى الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه كلمة في بداية اللقاء رحب فيها بالحضور، ناقلا لهم تحيات وتقدير الأمير سلمان بن عبد العزيز، الذي يزور اليابان حاليا، معبرا عن سعادته بما لقيه والوفد السعودي المرافق لولي العهد من حفاوة وكرم ضيافة وبالمستوى المتميز للقاءات التي عقدها الأمير سلمان بن عبد العزيز مع إمبراطور اليابان أكهيتو، وولي عهده، ورئيس الوزراء شينزو آبي، والوزراء ونظرائهم في اليابان.
ونوه خوجه بزيارة وفد رجال الأعمال والصناعيين السعوديين برئاسة رئيس الهيئة العامة للاستثمار المهندس عبد اللطيف العثمان إلى اليابان، وما تمخض عنها من اتفاقيات وقعت قبل يومين برعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز ورئيس الوزراء الياباني.
وأكد الأهمية الكبيرة التي توليها حكومتا البلدين بتوجيه من قيادتيهما الحكيمتين لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتبادل التجاري والشركات الصناعية.
وأوضح وزير الثقافة والإعلام السعودي أن التعاون بين البلدين قد تخطى المجال الاقتصادي والصناعي والاستثماري ليشمل التعاون العلمي والمعرفي والبحثي بما في ذلك إقبال الطلاب السعوديين المتزايد على الدراسة في الجامعات اليابانية ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، إضافة إلى مبتعثي الشركات السعودية الكبرى مثل: «أرامكو»، و«سابك»، وغيرهما.
وبين خوجه أن التعاون الثقافي بين السعودية واليابان يسير بخطى حثيثة، معربا عن أمله في أن تتكثف في المستقبل القريب النشاطات الثقافية في كلا البلدين إيمانا من الجانبين بأن الثقافة تمثل جسرا مهما يتيح لكل شعب معرفة مختلف جوانب فكر وتراث وعادات كل بلد، وكذلك معرفة عقلية المجتمع ومظاهر الإبداع والسمو الإنساني لديه.
وأضاف، أنه يرتبط بكل تلك المجالات التبادل والتعاون الإعلامي الذي يتيح للجمهور والمؤسسات الرسمية والأهلية معرفة ما يتحقق في إطار هذه العلاقة الوثيقة بين البلدين من منجزات وإجراءات ونشاطات ملموسة تعمق هذه العلاقة وتزيدها قوة ورسوخا، حيث إنها علاقات تميزت منذ ما يقرب من ستين عاما أي منذ إنشاء سفارة سعودية في اليابان وتعيين سفير للمملكة لديها، بالنمو المتسارع والثبات على أسس متينة من التقدير والثقة المتبادلة. واستشهد خوجه بالزيارات المتبادلة بين قادة وكبار المسؤولين في البلدين منذ أواسط سبعينات القرن الماضي وحتى اليوم، كزيارة الملك فيصل بن عبد العزيز - رحمه الله - لليابان عام 1971م، وزيارة إمبراطور اليابان الحالي وزوجته للمملكة عام 1981 حينما كان وليا للعهد آنذاك، ثم زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لليابان عام 1998 التي وقع خلالها «اتفاق التعاون السعودي الياباني مع رئيس الوزراء الياباني آنذاك كييزو أوبتشي، إضافة إلى زيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - لليابان عام 2006، حتى وقتنا الحالي الذي يقوم فيه الأمير سلمان بن عبد العزيز بهذه الزيارة الرسمية لهذا البلد الصديق، التي سبق أن زارها عام 1998 حينما كان أميرا لمنطقة الرياض.
وأكد الدكتور عبد العزيز خوجه في ختام كلمته أن السعودية تعد اليابان بلدا صديقا وشريكا مهما وأن ما تحقق حتى اليوم في إطار العلاقة بين البلدين أمر يبعث على التفاؤل الذي ستترجمه قيادتا البلدين والمؤسسات الرسمية والقطاع الخاص والقوى الحية في المجتمعين السعودي والياباني إلى منجزات ملموسة تفيد الشعبين وتزيد من قوة الروابط بينهما.
من جانبه عد سفير خادم الحرمين الشريفين لدى اليابان الدكتور عبد العزيز تركستاني لقاء الإعلاميين السعوديين واليابانيين بأنه لقاء تاريخي جمع بين مختلف وكالات الأنباء ووسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية والرقمية.
وأشار الدكتور تركستاني إلى أن السفارة تعتمد في استراتيجيتها على أربعة محاور أحدها: التعاون مع الجانب الياباني في المجالات الإعلامية والثقافية والشبابية والرياضية إضافة إلى الالتقاء والتحاور للوصول إلى تطوير العلاقة الحالية والمستقبلية بين البلدين.
بدوره أعرب عبد الله بن فهد الحسين رئيس وكالة الأنباء السعودية عن سعادته بالالتقاء بالإعلاميين اليابانيين والتعرف عليهم، مبينا أن متانة العلاقة بين المملكة واليابان على المستويات السياسية والاقتصادية يؤمل منها تعزيز العلاقات الإعلامية القوية لتغطية أخبار البلدين.
وعرض عبد الله الحسين على وكالات الأنباء اليابانية ككيود وجيجي وغيرهما توقيع اتفاقية تبادل إخباري بينهما لتغطية نشاطات كل بلد وتكون مصدرا ثريا للصحافة والقنوات الإخبارية لكليهما، مقدما لهم ومن خلال توجيه وزير الثقافة والإعلام رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء السعودية الدكتور عبد العزيز بن محيي الدين خوجه نسخة من الاتفاقية المقترحة لتجري دراستها من قبلهم، مبديا ترحيبه باقتراحاتهم.
من جانبه دعا وكيل وزارة الثقافة للإعلام الخارجي، وسائل الإعلام اليابانية إلى أن يكون لها مراسلون في السعودية، وفي المقابل يكون لوسائل الإعلام السعودية مراسلون في اليابان، من أجل زيادة التعاون والتبادل الإعلامي والثقافي بين البلدين.
بعد ذلك دار حوار بين الجانبين الإعلامي السعودي والإعلامي الياباني تركز على أهمية تقوية التواصل الإعلامي بين البلدين وتبادل الزيارات بينهما وتنظيم برامج تدريبية وورش عمل في كلا البلدين وأن تكون اللقاءات بينهما سنوية.
وأطلع الإعلاميون السعوديون نظراءهم اليابانيين على ما تشهده المملكة من تطور في كثير من المجالات في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.
وفي ختام اللقاء، وجه وزير الثقافة والإعلام السعودي دعوة للإعلاميين اليابانيين إلى زيارة المملكة العربية السعودية والتعرف عليها عن كثب والالتقاء بالمسؤولين فيها، مؤكدا أهمية الحوار بين الطرفين من خلال عقد اللقاءات المستمرة بينهما.
حضر اللقاء رؤساء تحرير الصحف المحلية، وعدد من الكتاب والإعلاميين.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)