المقاومة تحرر الضالع.. وتعزز مكاسبها الميدانية في الجنوب اليمني

الجيش الموالي للشرعية يطلق «عملية تحرير أبين».. وصالح يوفد مجموعات «هدفها زرع الفوضى في عدن»

قوات من المقاومة الشعبية الجنوبية الموالية للشرعية في مواقع لها قرب منطقة سناح (رويترز)
قوات من المقاومة الشعبية الجنوبية الموالية للشرعية في مواقع لها قرب منطقة سناح (رويترز)
TT

المقاومة تحرر الضالع.. وتعزز مكاسبها الميدانية في الجنوب اليمني

قوات من المقاومة الشعبية الجنوبية الموالية للشرعية في مواقع لها قرب منطقة سناح (رويترز)
قوات من المقاومة الشعبية الجنوبية الموالية للشرعية في مواقع لها قرب منطقة سناح (رويترز)

واصلت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية الموالية للشرعية في اليمن تحقيق مكاسب في المحافظات الجنوبية، وأعلنت عن تحرير محافظة الضالع بالكامل أمس. فقد أعلنت «المقاومة الجنوبية» في بيان أصدره قائدها عيدروس قاسم أمس أن «الضالع أصبحت محررة الكامل». وأوضحت مصادر المقاومة أن قواتها دخلت مدينة دمت الواقعة على 60 كيلومترا شمال مدينة الضالع عصر أمس دون حدوث أي مواجهات مع ميليشيات الحوثي وأتباع الرئيس السابق علي عبد الله صلاح. وجاء هذا التطور عقب دخول عناصر المقاومة صباح أمس إلى منطقتي قعطبة ومريس التابعتين أيضًا إلى الضالع، بينما تم تسجيل فرار للمتمردين.
واستولت المقاومة أمس على معسرات الجيش والأمن في مديرية قعطبة «بطريقة دراماتيكية لم تكن بحسبان الميليشيات ولا المقاومين أنفسهم»، حسبما أفادت مصادر المقاومة لـ«الشرق الأوسط». وقال مسؤول في السلطة المحلية في مدينة قعطبة إن معسكرات الأمن المركزي والنجدة والسجن المركزي، وكذلك معسكر الصدرين، باتت كلها بيد المقاومة. وأضاف أن المقاومة الشعبية في مدينة قعطبة سيطرت أمس على معسكر الصدرين آخر معاقل اللواء 33 مدرع، بينما البحث لا يزال جاريًا عن قادة المعسكر وأبرزهم قائد اللواء العميد عبد الله ضبعان، الذي رجح فراره إلى وادي قرية الحميري المتاخمة للمعسكر. كما أحكمت المقاومة الجنوبية سيطرتها على أهم مواقع الحوثيين في منطقة سناح، وهي آخر مدينة تتبع محافظة الضالع. وأضافت المصادر ﺃﻥ بعض مقاتلي المتمردين سلموا أنفسهم في مديريتي قعطبة والحصين التابعتين لمحافظة الضالع.
وجاءت هذه التطورات في الضالع تزامنا مع إطلاق المقاومة عملية عسكرية واسعة لاستكمال تحرير المدن لتابعة لمحافظة أبين، الواقعة جنوب البلاد وإلى الشرق من محافظة عدن. وغداة دخول المقاومة لمدينة زنجبار، عاصمة أبين، قالت مصادر مطلعة في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن اشتباكات عنيفة تجري في مناطق أخرى من المحافظة، وإن قوات التحالف تدخلت بشكل أكبر لصالح الجيش الوطني والمقاومة.
وأضافت المصادر الخاصة أن سفنًا حربية بدأت في الاقتراب من سواحل خليج عدن، في اتجاه أبين، وأن طائرات التحالف استهدفت آليات عسكرية في نقيل العرقوب كانت متوجهة إلى مدينة شقرة كتعزيز لميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، إضافة إلى استهداف البوارج الحربية وطائرات التحالف لآليات عسكرية تابعة للواء 15 كانت تقصف مناطق مختلفة في منطقة الكود وزنجبار وأطراف جعار. كما تحدثت المصادر عن «ضربات مكثفة نفذتها طائرات التحالف وبوارج البحرية لمواقع تتمركز فيها ميليشيات الحوثي وقوات صالح في الخطوط الساحلية لمنطقة الكود وزنجبار وشقرة في محافظة أبين»، وأكدت المصادر أن «ساعات الحسم اقتربت، بشكل كبير»، في أبين.
وقال مصدر عسكري بقيادة المنطقة العسكرية الرابعة بعدن إن عملية تحرير محافظة أبين من قبضة القوات الموالية للحوثيين وصالح انطلقت، فجر أمس، مضيفا أن العملية ستشارك فيها عشرات الدبابات والمدرعات والآلاف من جنود الجيش الوطني والمقاومة. وأكد المصدر أن عملية تحرير أبين لن تتوقف حتى إخراج جميع عناصر ميليشيات الحوثي وصالح.
بدوره، قال المتحدث باسم المجلس العسكري للمقاومة الجنوبية بالمنطقة الوسطى في محافظة أبين منصور سالم العلهي لـ«الشرق الأوسط» إنه «في ظل تقهقر الميليشيات المسلحة التي مُنيَت بهزائم وبناء على معلومات مؤكدة، فإن المجلس العسكري نبه المقاومين إلى عدم التقدم إلى مواقع فرت منها الميليشيات وتحديدا في جبال العرقوب، خشية زرعها ألغاما هناك». ولفت إلى أن فرق سلاح المهندسين هي التي ستتعامل مع الألغام التي زرعتها الميليشيات المنهزمة في أبين.
وفي محافظة عدن الجنوبية، قال الخضر لصور مدير عام الصحة والسكان لـ«الشرق الأوسط» إن الألغام الأرضية التي زرعتها الميليشيات الحوثية وقوات صالح قبل انسحابها حصدت خلال الأيام الثلاثة الماضية أرواح 29 شخصًا بينما أصيب 261 شخصا. وكان عميد مهندس فضل عبد الله عبيد المتخصص في سلاح المهندسين قد حذر السكان العائدين إلى منازلهم في عدن ولحج وأبين من خطورة الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي وصالح قبل فرارها بعد هزيمتها على يد المقاومة وانسحابها من هذه المناطق الملغومة. وأرسل العميد عبيد رسالة إلى العائدين إلى منازلهم في عدن ولحج وأبين، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، تحذرهم من «الألغام المضادة للدبابات والأفراد، التي زرعتها الميليشيات واحتمال تفخيخ المنازل بطريقة هستيرية وعشوائية». وأكد عبيد أن هناك العشرات من المواطنين قُتلوا وأصيبوا بسبب تلك الألغام.
وأضاف أﻥ فرق المهندسين المختصة تبذل قصارى جهدها لإعطاب مئات الألغام المزروعة والعبوات محلية الصنع التي تركها المتمردون. ولفت إلى أن عددًا من ضباط وﺃفراد تلك الفرق الهندسية المختصة أصيبوا هم أيضًا جراء تلك الألغام.
من جهة أخرى، قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس المخلوع صالح بعث إلى عدن جماعات «مهمتها رصد تحركات القيادات ومواقع سكنهم وعملهم، وكذا الناشطون والفاعلون في المقاومة». وأضافت المصادر أن «معلومات استخباراتية كشفت عن مخطط اغتيالات تالية سيعقب عملية الرصد تلك، على أن تنفذها جماعات متخصصة في الاغتيالات باستخدام السيارات والدراجات النارية، وهي ذاتها الأدوات التي سبق لصالح استخدامها ضد معارضيه في الماضي، وكذا لاستجلاب المال الخارجي باعتباره محاربا للإرهاب». وأشارت المصدر إلى أن الهدف من إرسال تلك الجماعات إلى عدن «هو خلق فوضى أمنية في محافظة عدن لمنع ممارستها للنشاطات السياسية الطبيعة لليمن».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.