«النقد الدولي» يحذر من مخاطر مالية في أعقاب «اضطرابات البنوك»

خبراء يطالبون بتشديد الرقابة على المؤسسات المالية غير المصرفية

مشاة يمرون بجوار أحد أفرع {سيليكون فالي} في سانت مونيكا بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
مشاة يمرون بجوار أحد أفرع {سيليكون فالي} في سانت مونيكا بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
TT

«النقد الدولي» يحذر من مخاطر مالية في أعقاب «اضطرابات البنوك»

مشاة يمرون بجوار أحد أفرع {سيليكون فالي} في سانت مونيكا بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)
مشاة يمرون بجوار أحد أفرع {سيليكون فالي} في سانت مونيكا بولاية كاليفورنيا الأميركية (أ.ف.ب)

حذر صندوق النقد الدولي الثلاثاء من مخاطر مالية مع استمرار الاضطرابات المصرفية الأخيرة في الولايات المتحدة وأوروبا واحتمالات امتداد هذه الاضطرابات إلى مؤسسات غير مصرفية مهمة، مثل صناديق المعاشات التقاعدية، ما يزيد من تعقيد معركة البنوك المركزية ضد التضخم المرتفع.
وفي تقرير حديث، قال خبراء صندوق النقد الدولي إن المخاطر المصرفية «يمكن أن تتزايد في الأشهر المقبلة وسط التشديد المستمر للسياسة النقدية على مستوى العالم»، وتنتشر إلى القطاع غير المصرفي المترابط، الذي يمتلك الآن ما يقرب من نصف جميع الأصول المالية العالمية. وطالب الخبراء الاقتصاديون بتنظيم القطاع غير المصرفي بشكل أوثق لحماية استقراره.
ويأتي إصدار هذا التقرير قبل أسبوع من انعقاد اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، ويشارك فيها محافظو البنوك المركزية ووزراء المالية في العالم، وتأتي الاجتماعات في خضم تداعيات إخفاقات البنوك المركزية والأوروبية الشهر الماضي.
وتسير البنوك المركزية على جانبي المحيط الأطلسي على خط رفيع في محاولتها معالجة التضخم المرتفع عن طريق رفع أسعار الفائدة دون إضافة إلى الاضطرابات في القطاع المصرفي، التي أثارها الانهيار الدراماتيكي لبنك سيليكون فالي. وقد انهار بنك التكنولوجيا الفائقة في كاليفورنيا بعد أن تعرض لمخاطر أسعار الفائدة المفرطة، الأمر الذي تركه عرضة للخطر عندما بدأ البنك المركزي الأميركي حملته العنيفة لرفع أسعار الفائدة العام الماضي.
تشديد الرقابة
وبعد الأزمة المالية العالمية عام 2008 وانهيار سوق المال الأميركي قامت الحكومات بتعزيز النمو الاقتصادي من خلال إبقاء أسعار الفائدة منخفضة مع تعزيز الرقابة على البنوك التقليدية. ووفقا لتقرير صندوق النقد الدولي دفع هذا الأمر بتريليونات الدولارات من الأصول المالية إلى أيدي صناديق التحوط وشركات التأمين وخطط معاشات التقاعد وغيرها من الوسطاء الماليين غير المصرفيين من خارج القطاع المصرفي، الذين يقومون باستثمارات أكثر خطورة بحثا عن الربح، لكن مع ضمانات أقل وعدم إتاحة بيانات دقيقة للجمهور تسمح بالرقابة على الاستثمارات.
وقال صندوق النقد الدولي إن المؤسسات المالية غير المصرفية شديدة الترابط بالبنوك التقليدية، يمكن أن تصبح «قناة تضخيم حاسمة للضغوط المالية». وأشار الاقتصاديون في الصندوق إلى أن الحجم الهائل لقطاع الوسطاء غير المصرفيين NBFI يعني أن «الأداء السلس للقطاع غير المصرفي أمر حيوي للاستقرار المالي».
ولمعالجة المشكلة بشكل صحيح، قال صندوق النقد الدولي إنه يجب على صانعي السياسات استخدام مجموعة من الأدوات، منها سن قواعد مراقبة وتنظيم أكثر قوة، وإجبار الشركات على مشاركة المزيد من البيانات حول المخاطر التي يتعرضون لها. وطالب البنوك المركزية بالتركيز على دعم المؤسسات المالية غير المصرفية.
خسائر صناديق المعاشات
أدت الزيادة في الاقتراض الحكومي إلى ارتفاع عائدات السندات، ما تسبب في خسائر مروعة لصناديق المعاشات التقاعدية ذات الاستثمارات ذات الدخل الثابت، ما أدى إلى نداءات الهامش التي أجبرت الصناديق على البيع. ويقول الخبراء إنه في أوقات التضخم المرتفع، يمكن أن يؤدي ضغط السوق إلى جعل البنوك المركزية تواجه خيارات صعبة بين أهداف متناقضة: من ناحية، تحتاج إلى تشديد السياسة النقدية لإبقاء الأسعار تحت السيطرة، بينما تشعر من ناحية أخرى بالضغط لتحقيق الاستقرار في المؤسسات أو الأسواق الفاشلة باستخدام الدعم النقدي.
ونتيجة لذلك، فإن الوسطاء الماليين غير المصرفيين «يحتاجون إلى التنظيم والإشراف من عدد لا يحصى من الزوايا المختلفة»، بما في ذلك الكشف عن البيانات ومتطلبات الحوكمة لإدارة المخاطر وقواعد إدارة رأس المال والسيولة. وقال تقرير صندوق النقد الدولي إن البنوك المركزية قد لا تزال تواجه أزمات، لكن يجب أن تكون تدخلاتها مؤقتة، وتستهدف مناطق محددة تشكل أكبر تهديد، وتوفر الوصول إلى تسهيلات الإقراض الخاصة أو تعمل كمقرض أخير في ظل ظروف صارمة مع إشراف وثيق من المنظمين.


مقالات ذات صلة

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

أشاد الرئيس جو بايدن، الخميس، بأرقام النمو القوية، وأوضح أنها تؤكد أن الولايات المتحدة لديها «الاقتصاد الأقوى في العالم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظفو «أمازون» يحملون الطرود على عربات قبل وضعها في الشاحنات للتوزيع خلال الحدث السنوي للشركة (أ.ب)

الاقتصاد الأميركي يفوق المتوقع وينمو بـ2.8 % في الربع الثاني

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، لكن التضخم تراجع، مما ترك توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سليمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر بورصة نيويورك التي تترقب بيانات مهمة هذا الأسبوع (أ.ب)

المستثمرون يترقبون بيانات الناتج المحلي والتضخم الأميركية هذا الأسبوع

تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الثاني وأرقام تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي عن كثب.

«الشرق الأوسط» (عواصم: «الشرق الأوسط»)
الاقتصاد إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

ارتفع سهم شركة «ترمب ميديا آند تكنولوجي غروب» بأكثر من 50 في المائة خلال معاملات ما قبل افتتاح بورصة «ناسداك» لجلسة يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

بنوك أميركية تحذر من تراجع تعاملات المستهلكين ذوي الدخل المنخفض

حذرت البنوك الأميركية الكبرى من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض تظهر عليهم علامات الضغط المالي، التي تتجلى خصوصاً في تراجع الطلب على القروض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

الصين تدافع عن «الإفراط في التصنيع»

سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
سيارات معدة للتصدير في ميناء يانتاي بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

قال لياو مين، نائب وزير مالية الصين، إن القدرات الصناعية لبلاده تساعد العالم في مكافحة التغير المناخي وفي جهود احتواء التضخم، في رد على انتقاد وزيرة الخزانة الأميركية للطاقة التصنيعية المفرطة للصين.

ونقلت وكالة «بلومبرغ» عن لياو، قوله فى مقابلة حصرية معها في مدينة ريو دي جانيرو بالبرازيل، نشرتها السبت: «على مدار عقود كانت الصين قوة لخفض معدلات التضخم في العالم عبر توفير المنتجات الصناعية بجودة عالية وأسعار ملائمة».

وكان لياو يشارك في اجتماعات وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية بالدول الأعضاء في مجموعة العشرين بالبرازيل. وأضاف: «وهي توفر الآن البضائع الخضراء للعالم، فيما تسعى الدول إلى تحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2030».

وأوضح لياو، أن الطلب العالمي على السيارات الكهربائية سوف يتراوح بين 45 مليوناً و75 مليون سيارة، بحلول ذلك الحين، وهو ما يتجاوز بكثير الطاقة الإنتاجية للعالم، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية.

وجاءت تصريحات المسؤول الصيني، بعد يوم من تعهد يلين «بمواصلة الضغط على الصين للنظر في نموذج الاقتصاد الكلي الخاص بها».

وتواجه الصين حواجز تجارية متنامية من الاقتصادات المتقدمة مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسط انتقاد للإفراط في الإنتاج الصناعي الصيني، وتداعيات ذلك على القطاعات الصناعية والشركات.

ويمضي الاتحاد الأوروبي قدماً صوب فرض رسوم جمركية على السيارات الكهربائية القادمة من الصين، في حين هدد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، بفرض رسوم بقيمة 50 في المائة، أو أكثر، على واردات السوق الأميركية من البضائع الصينية حال فوزه بالانتخابات المقررة في نوفمبر(تشرين الثاني) 2024.

كانت بعض الدول النامية، مثل تركيا والبرازيل فرضت رسوماً جمركية على وارداتها من المنتجات الصينية، بما يشمل الصلب والسيارات، رغم أن هذه الدول لم تنتقد السياسة الصناعية للصين بالقدر نفسه.

وأوضح نائب وزير المالية الصيني أنه في الوقت الذي تهتم فيه بكين بمخاوف الشركات الرئيسية بشأن فائض التصنيع، فإنها معنية بالتهديدات التجارية مثل الرسوم.

وأوضح لياو، الذي كان عضواً ضمن فريق التفاوض الصيني بشأن الحرب التجارية، مع أميركا خلال رئاسة ترمب السابقة: «يجب علينا التواصل على نحو صريح فيما يتعلق بقواعد اقتصاد السوق والوقائع الحقيقية».

وزار لياو الولايات المتحدة من قبل، حيث التقى ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض. كما استقبل يلين عندما زارت الصين خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي

وانتقدت وزارة الخزانة الأميركية الاستراتيجية الاقتصادية للصين، واصفة إياها بأنها تشكل «تهديداً لاستمرار الشركات والعمال في أنحاء العالم».