شبح هجمات «التسميم» يخيّم على مدارس إيران وسط جدل الحجاب

خامنئي نسب الظاهرة لـ«الأعداء»... وممثلوه وجهوا رسالة «سرية» إلى رئيسي

رئيسي يقدم تقريراً خلال لقاء خامنئي وكبار المسؤولين في طهران أمس (موقع المرشد الإيراني)
رئيسي يقدم تقريراً خلال لقاء خامنئي وكبار المسؤولين في طهران أمس (موقع المرشد الإيراني)
TT

شبح هجمات «التسميم» يخيّم على مدارس إيران وسط جدل الحجاب

رئيسي يقدم تقريراً خلال لقاء خامنئي وكبار المسؤولين في طهران أمس (موقع المرشد الإيراني)
رئيسي يقدم تقريراً خلال لقاء خامنئي وكبار المسؤولين في طهران أمس (موقع المرشد الإيراني)

عاد شبح الهجمات بمواد سامة على تلميذات في إيران، مع عودة النشاط إلى المداس بعد انتهاء عطلة «النوروز» التي دامت ثلاثة أسابيع، وذلك في وقت يمارس البرلمان الإيراني وكبار رجال الدين ضغوطاً على الحكومة لضبط قوانين الحجاب، إثر تمرد الإيرانيات على ارتداء غطاء الرأس.
وأفادت وكالة «إيسنا» الحكومية بأن 20 طالبة جرى نقلهن إلى المستشفى إثر أعراض تنفسية، وضيق في التنفس، دون أن تشير إلى الأسباب.
وقالت الوكالة إن سيارات الإسعاف هرعت إلى مدرسة في بلدة باغميشه بمدينة تبريز شمال غربي البلاد، مشيرةً إلى نقل 20 طالبة يبلغن من العمر 15 عاماً إلى مستشفى، حسب منظمة الطوارئ.
من جانبها، أفادت وكالة «إيلنا» العمالية، نقلاً عن رئيس الطوارئ في مدينة تبريز أصغر جعفري، أن التلميذات تم نقلهن بسبب التسمم. وقال: «توجه الخبراء وفريق من الطوارئ بعد تلقي تقارير عن حالة إعياء بين الطالبات».
وتعرضت عشرات المدارس بين نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ومارس الماضي، لهجمات بمواد سامة، واشتكت تلميذات من أعراض مثل الغثيان وضيق التنفس والدوار في أثناء وجودهن في مدارس، بعد استنشاق روائح «كريهة» أو «غير معروفة».
وبدأت «هجمات السم» بمدينة قم المحافظة، في نوفمبر الماضي بينما كانت السلطات تشن حملة شرسة لإخماد الاحتجاجات التي أشعلت فتيلها وفاة الشابة الكردية مهسا أميني (23 عاماً) خلال احتجازها لدى «شرطة الأخلاق» في طهران بدعوى «سوء الحجاب»، في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وفي البداية، وجه بعض المسؤولين أصابع الاتهام إلى جماعات متشددة تعارض تعليم الفتيات، لكن في وقت لاحق وجه مسؤولون حكوميون أصابع الاتهام إلى جهات خارجية وأطراف قالت إنها تقف وراء الاحتجاجات.
وقال النائب محمد حسن أصفري، عضو لجنة التحقيق البرلمانية المكلفة التحقيق في الحادث، الشهر الماضي، إنه في المجموع «تضرر أكثر من 5 آلاف تلميذة» في «نحو 230 مدرسة» في 25 من أصل 31 محافظة بالبلاد منذ نهاية نوفمبر الماضي. قالت «لجنة حقوق الإنسان»، التابعة للجهاز القضائي الإيراني إن «أقل من 10 في المائة من الطالبات أُصبن بمادة مهيّجة من نوع الغازات الحربية الخطيرة وغير القاتلة». ومع ذلك، انتقد المتحدث باسم القضاء الإيراني مسعود ستايشي، وسائل الإعلام على وصف الهجمات بـ«التسمم» وحض على استبدال «إعياء» به.
جاءت أحدث حالات التسمم أمس، وسط جدل متصاعد بشأن الحجاب في إيران. وعادت قضية الحجاب إلى الواجهة في الأيام الأخيرة، مع تزايد عدد النساء الرافضات لارتداء الحجاب، ما أدى إلى بعض الاحتكاكات بين المواطنين الإيرانيين والأجهزة الحكومية خلال الأيام الأخيرة.
وامتنع بعض المراكز التجارية والمطارات والمراكز السياحية عن استقبال نساء لا يرتدين الحجاب. وأصدرت السلطات قرارات بإغلاق مطاعم مشهورة في أنحاء البلاد، بسبب تقديم خدمات لنساء لا يرتدين الحجاب.
وكانت الحكومة تتغاضى في البداية عن الانتهاك واسع النطاق لارتداء الحجاب، لكنّ هذا أثار الغضب بين الأجهزة التابعة للمرشد الإيراني والأوساط المحافظة والمتشددة في المجتمع الإيراني.
ولوّح عدد من المشرعين بتحرك لضبط الحجاب، ما لم تتحرك الحكومة والجهاز القضائي ضد ظاهرة نزع الحجاب الآخذة بالتوسع في أنحاء البلاد.
وقال المرشد الإيراني علي خامنئي، إن «الحجاب فرض قانوني وشرعي»، مشدداً على أن نزع الحجاب «سياسي وحرام شرعاً». وصرح خامنئي في كلمة أمام كبار المسؤولين بأنه «لو عرف كثير ممن ينزعون الحجاب أي سياسة وراءه، لما فعلوا ذلك». وقال: «الأعداء لديهم خطة»، محذراً من «الإقدام على أعمال دون قاعدة»، في إشارة ضمنية إلى خطط مواجهة ظاهرة نزع الحجاب.وقبل ذلك بساعات، قال رئيس اللجنة السياسية لأئمة الجمعة وممثل المرشد الإيراني في طهران علي أكبري، إن أئمة الجمعة في المدن الإيرانية وجهوا رسالة سرية إلى الرئيس إبراهيم رئيسي تطالب بضبط الحجاب. ونقلت وكالات رسمية إيرانية عن أكبري قوله إنه «تم إرسال رسالة توضيحية ومفصلة وانتقادية بشأن حالة العفة والحجاب إلى رئيس الجمهورية بشكل سرّي»، متهماً «الأعداء» بأنها «تحاول أن تجعل من القضية عاملاً لإثارة الانقسام بين الشعب وإذكاء الخلافات بين القوى الثورية».
جاء ذلك، بعدما قال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، إنه طالب الشرطة والجهاز القضائي بمواجهة الأشخاص الذين يصرون على مخالفة قواعد الحجاب الإلزامي في إيران.
وشدد قاليباف على أهمية التفريق بين الأشخاص الذين لديهم حجاب ضعيف وبين «المنتهكين للأعراف». وقال: «أحد الهواجس الأساسية للشعب المتدين الإيراني مواجهة الإباحية، وتجاوز الأعراف الذي يحدث في مجال الحجاب والعفة».
وتابع قاليباف: «بالنظر إلى تخطيط العدو لاستقطاب الناس وإثارة التوتر والاضطراب مرة أخرى، فإن كيفية مواجهة هذه المشكلة تتطلب نهجاً متعدد الأوجه». جاءت هذه المواقف غداة إعلان وزارة التربية والتعليم، ووزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا الإيرانيتين، أول من أمس، أنه لن يتم السماح للطالبات في المدارس والجامعات بحضور الدروس ما لم يلتزمن بقواعد الحجاب.
وقالت الوزارتان في بيانين منفصلين إنهما لن تقدما الخدمات التعليمية لطالبات لا يلتزمن بالحجاب، حسبما أوردت وسائل إعلام إيرانية.
وشددت وزارة التربية والتعليم الإيرانية على أن هذا الإعلان يتضمن «سياساتها واستراتيجياتها وإجراءاتها» فيما يتعلق بـ«الحجاب والعفة». ووفقاً لبيان الوزارة الذي يتألف من 16 نقطة، يهدف القرار إلى توفير بيئة آمنة ومناسبة للنمو الروحي للطالبات.
ويطالب بيان وزارة التربية والتعليم جميع منتسبيها بالعمل على الالتزام بقواعد اللباس الإسلامي.
وقالت وزارة العلوم والبحوث والتكنولوجيا التي تشرف على الجامعات الإيرانية إنها ستتخذ إجراءات رادعة ضد «التبرج والسلوك المنافي بشأن فصول الدراسة وحضور الطالبات بملابس غير مناسبة».
جاء البيانان في اليوم الأول من عودة الطالبات إلى المدارس والجامعات، بعد نحو ثلاثة أسابيع من عطلة بمناسبة عيد النوروز.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».