مشاركة مصرية «لافتة» يشهدها معرض «رمضانيات» الذي افتتح (الاثنين) بأتيليه جدة في نسخته الـ14، حيث جاءت الأعمال المصرية في المعرض وعددها نحو 60 عملاً مستلهمة من روح الحضارة والفنون الإسلامية، وعكست رؤى فكرية متنوعة، وجسدت العمارة والزخارف الإسلامية، ومنها أعمال بالخط العربي تعبّر عن روحانيات شهر رمضان، فضلاً عن بعض الآيات القرآنية.
«المعرض المستمر طوال شهر رمضان يمثل تقليداً سنوياً يحرص أتيليه جدة في المملكة العربية السعودية من خلاله على التعرف على أعمال أهم الفنانين العرب تحت سماء جدة»، وفق هشام قنديل مدير الأتيليه. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «يتسم المعرض بالتنوع الواسع ما بين الأعمال المعبرة عن روحانيات الشهر الفضيل، والفلكلور الشعبي بمختلف دلالاته وعناصره، فضلاً عن أعمال أخرى اتسمت بالحداثة، ليشكل ساحة تضم جميع الاتجاهات الفنية، وعلى هامشه يشهد تنظيم أمسية ثقافية بمشاركة الفنانين والنقاد».
عبر الفنان زكريا القاضي عن الحارة المصرية في رمضان (أتيليه جدة)
يأتي في صدارة أعمال المعرض، التي تتجاوز 150 عملاً، لوحة للفنان الكبير عبد الحليم رضوي، رائد الحركة التشكيلية السعودية، وأربعة أعمال للفنان الكبير الراحل فهد الحجيلان. ويشارك في المعرض نخبة من الفنانين السعوديين من بينهم: عبد الله حماس، وعبد الله نواوي، وعبد الله إدريس، وفهد خليف، ومحمد الرباط، وعبد الرحمن المغربي، ومحمد الشهري، وأحمد الخزمري، ومحمد الجاد، وباسم الشرقي، وإبراهيم النغيثر، ومحمد الأعجم، ونوال مصلي، وفوزية عبد اللطيف، وعلا حجازي، وسحر عناني وثامر الرباط.
ومن الأحداث الهامة التي يشهدها المعرض حسب قنديل «العودة القوية للفنان مروان عبد الحليم رضوي، الابن الأكبر لرائد الحركة التشكيلة السعودية الفنان عبد الحليم رضوي، وذلك بعد انقطاع دام سنوات».
عمل للفنان زكريا القاضي
وجاءت أعمال الفنان عز الدين نجيب تحمل الطابعين المصريين القيمي والتراثي، وطل منها وجه الإنسان البسيط مجسداً البيئة الطبيعية. وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «(رمضانيات) هو أحد المعارض المهمة التي يحرص أتيليه جدة على إقامتها بشكل سنوي تماشياً مع روحانيات الشهر الكريم، فيما يُعد زاداً ثقافياً ومعنوياً يبعث في النفس الإحساس الروحاني لدى المتلقي».
من اللافت في هذه النسخة من المعرض تنوع المشاركات خصوصاً من الفنانين الذين يملكون شخصية إبداعية متميزة في الحقل التشكيلي المصري والعربي، حسب الدكتور زكريا أحمد القاضي، أستاذ التصوير المتفرغ ووكيل كلية الفنون الجميلة الأسبق في جامعة المنيا (صعيد مصر)، الذي أبدى سعادته البالغة بالمشاركة فيه.
واتسمت أعمال القاضي بالتعبير عن رمضان في البيئة الشعبية المصرية واستدعت من الذاكرة البصرية مفردات سكنت الطفولة المصرية مثل الأرجوحة، والأراجوز، وصندوق الدنيا، بالإضافة إلى مناظر تعكس البيوت والأزقة في الأحياء العتيقة بكل ما تحمله حوائطها من علامات شاهدة على حياة ساكنيها.
وكعادته اتسمت لوحاته بشحنة تعبيرية وإنسانية كبيرة تتماشى وأجواء المعرض مع توظيف الإرث الحضاري سواء المصري القديم أو الشعبي. يقول القاضي: «أحتفي بهذا الإرث لأنه جزء من الهوية الوطنية، كما أنه يزخر بالكثير من العناصر الملهمة».
عمل للفنان السعودي مروان عبد الحليم رضوي (أتيليه جدة)
ويتميز المجتمع المصري بالعديد من المناسبات الاجتماعية والروحانية، لأن مظاهر الاحتفال بها عديدة ومبهجة، وهو ما يدفع الفن التشكيلي إلى تجسيدها تأثراً بحضورها القوي.
وفق القاضي: «في الزمن البعيد كان المصريون يتفاعلون مع مواكب الطرق الصوفية بأعلامها وأناشيدها المختلفة، وإلى اليوم نشاهد الكرنفالات والاحتفالات في الشوارع التي تتزين بالأنوار والزينة، والمساجد بقبابها ومآذنها تحاط بحبال النور الملونة، وعلى الجانب الروحي يتزاحم المصلون في صلوات التراويح، فضلاً عن تبادل الحلوى وأطباق الطعام بين الجيران».