نانسي خوري موهبة سورية جديرة بفرصها

ودّعت شخصية «عفراء» بتراجيدية مؤثّرة في «الزند»

نانسي خوري في لقطة من «الزند» أدّت دوراً تنقل بين الأم والأخت
نانسي خوري في لقطة من «الزند» أدّت دوراً تنقل بين الأم والأخت
TT

نانسي خوري موهبة سورية جديرة بفرصها

نانسي خوري في لقطة من «الزند» أدّت دوراً تنقل بين الأم والأخت
نانسي خوري في لقطة من «الزند» أدّت دوراً تنقل بين الأم والأخت

لولا إرجاء مسلسل «دوّار شمالي»، لأطلّت نانسي خوري بثلاثة أدوار رمضانية. دوراها في «سفر برلك» و«الزند»، خطوتان على درب تنشد بلوغ الأفضل. تُنوّع بغرض استنهاض ممثلة من داخلها تودّ تجريب كل شيء. في رمضان الفائت، لمحت فيها المخرجة رشا شربتجي إنسانة تغسل «الإثم» بالتضحية وأسدتها شخصية «نهى» المقتولة بالذبح في «كسر عضم». «عفراء» في «الزند» تلاقي مصيرها التراجيدي بطعنة خنجر.
موت الشخصية بعد تنقّل بين اليتم والمرض، أدّته الممثلة السورية بمهارة. شكّلت مع تيم حسن ثنائية الأخوّة المتماسكة رغم قسوة الدهر. ومع نهاية الدور في منتصف الطريق، تأكدت جدارتها بالتشعُّب بين أم وأخت وأمّية تشاء فكّ الحرف لعلها بالمعرفة تخدم القضية.
يلقي المذيع السوري باسل محرز على مسمعها مقدّمة رنّانة تُشعرها بالتأثّر، وهي تحلّ ضيفة على برنامجه «المختار» («المدينة إف إم»). تطربها كلماته، وحين تشكر، يردّ أنها تستحق الإشادة. تنبّه مخرجون لموهبتها قبل التخرّج، منهم الراحل حاتم علي المُهدى «سفر برلك» إلى روحه. يسألها مُحاورها عن تخطيطها للنجومية، لتجيبه بأنّ لقب «نجمة» لم يكن هدفاً، بقدر تأكيد جدارتها كممثلة تليق بالمكانة التي تصل إليها.

نانسي خوري في اللقاء مع باسل محرز

خوري ممن يعتمدون مبدأ التوازن في تقدير الأمور. يُظهر اللقاء وسطيتها بين الصراحة و«المسايرة». الأخيرة لا تبدو مفتعلة ولا تنمّ عن نفاق. توجيه التحية للجميع وإحاطتهم بالمحبة، قيمتان من تربيتها وحماستها للمهنة وأجوائها وما من شأنه جعل ظروف التصوير على أفضل ما يرام.
تقود الصراحة إلى الاعتراف بسعادتها لاعتبارها نجمة، وترقّبها، في آن، مكاناً مُستَحقاً ضمن تسلسل الأسماء على الشارة. لا تدّعي الزهد، وككل فنان، تطمح لتحسين الأحوال. إنما ذلك ليس على حساب المحتوى «الذي يجب أن يطغى». علّمتها تجربة «كسر عضم» أنّ الأدوار الصغيرة بإمكانها استدعاء ردة فعل كبيرة طالما أنّ المحتوى يعي مقصده الدرامي - الإنساني الفارق.
تعزف شقيقتها وتغنّي؛ والمنزل بأفراده داعم للفن. كانت في التاسعة حين استيقظ فيها عشق المسرح. لسنوات، قدّمت نانسي خوري مسرحيات للأطفال، وظلّت روح راقصة الباليه تحرّكها، إلى أن طغى التمثيل فأرفق الرقص بأمنيات العمر المعلّقة.
ترجو أن يحظى «دوّار شمالي» بمساحة عرض لائقة بعد رمضان. سُحبت البوسترات وأرجئ قبل يومين من انطلاقة الشهر. تصف دورها بالنقلة الجديدة عما سبق وقدّمت: «لا يشبهني اجتماعياً. الشخصية صعبة ومركبة». ثم تثمّن الثقة والشراكة بين المخرج والممثل، عندما يصل الحديث إلى «سفر برلك». هذه ليست وقفتها الأولى أمام كاميرا مخرجه الليث حجو. جمعتهما مشاريع بينها «قلم حمرة» و«الواق واق»، تقول: «والآن أدركُ على الفور ما يطلبه مني فأخطّ وجهتي مباشرة نحو بناء الشخصية وتطويرها».
لضرورات التشويق، أرجأ محرز الحديث عن «الزند». أفرد مساحات لأدوارها في غير أعمال، وترك الختام لبيت القصيد. منذ قراءة المسلسل، توقعت شيئاً مختلفاً. تستعيد مشهداً مدّته دقيقة وتكشف أنّ تصويره تطلّب ساعات. تشكل ضفاف نهر العاصي منبع الأحداث، فتحدّث المذيع وضيفته عن الملابس ومواقع التصوير داخل المحافظات السورية وعن غنى المخزون المكاني من جبال وأراضٍ مُساعدة. وتحدّثا عن اللهجة وهي من «أبطال» المسلسل، وتحدّيات إتقانها. مرة كلامٌ بـ«القاف» وأخرى باللهجة البيضاء، وفق التنقّل بين الشخصيات والأماكن، من حلب وحمص وحماة.
المفارقة أنها لا تجيد استعمالها بعد انتهاء التصوير. «حافظة ومش فاهمة»، تمازح محرز رداً على طلبه التحدّث على طريقة «عفراء». ولإتقانها المَخارج، أخبرته أنها كلّمت جدران البيت! إنما المُسهّل الحقيقي هي المتعة: «تبنّيتُ اللهجة لاستمتاعي بها. التمارين كانت مكثفة، (عَ الحرف). لم نجد ضرورة لإعادة المَشاهد جراء هذين الاستعداد والتكثيف».
تُخبر مُحاورها أنّ ما فاتها لم يكن لها، ولو أنّ نتيجته وصولٌ تصفه بـ«البطيء» لما هي اليوم عليه: «كنتُ انتقائية ولا أزال، ما أبلغه هو المكان المناسب لي. أكترث للتوازن بين كوني ممثلة وإنسانة. الفرص قد تضيع، ولو كانت مُقدَّرة لما ضاعت».
لا تبدو خوري ممن يذعنون لغرور الضوء. تدرك ما تملك وتسعى إلى الفرص، على عكس مدّعي امتلاك كل شيء. عن الكوميديا، تقول إنها «صعبة ومخيفة، قد تصيب وقد تخيب»، وتسجّل اعترافاً بأنّ إتقانها يتطلّب وقتاً لإمساك الأدوات. نجمة بالموهبة ورفض الانتفاخ.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.