سوق الصفافير في بغداد تشكو من قلة روّادها

بدأت متاجر المشغولات الجاهزة الرخيصة تحل تدريجيًا محل ورش النحاسين

على مدى حقب زمنية متعاقبة بقيت سوق الصفافير واحدة من أهم الأسواق في العاصمة بغداد ({الشرق الأوسط})
على مدى حقب زمنية متعاقبة بقيت سوق الصفافير واحدة من أهم الأسواق في العاصمة بغداد ({الشرق الأوسط})
TT

سوق الصفافير في بغداد تشكو من قلة روّادها

على مدى حقب زمنية متعاقبة بقيت سوق الصفافير واحدة من أهم الأسواق في العاصمة بغداد ({الشرق الأوسط})
على مدى حقب زمنية متعاقبة بقيت سوق الصفافير واحدة من أهم الأسواق في العاصمة بغداد ({الشرق الأوسط})

تمثل سوق الصفافير (سوق النحاسين)، وهي معلم تاريخي في وسط العاصمة العراقية، علامة من علامات عاصمة الرشيد. وما زالت في موقعها بشارع الرشيد أقدم شوارع بغداد تمتلئ حياة وتتعالى فيها أصوات المطارق وهي تضرب على النحاس في سيمفونية لم تتوقف منذ قرون. السوق أخذت اسمها من كلمة «الصفر» التي اعتاد العراقيون إطلاقها لوصف مادة النحاس التي يصنع منها، وفيها تتم عملية تطويع معدن النحاس «الصفر» لصنع الأواني المنزلية وأباريق الشاي والملاعق وإطارات الصور والفوانيس النحاسية المنقوشة بالزخارف، وغير ذلك. وتضم محال متراصة مع بعضها البعض يعمل فيها أمهر الحرفيون الذين توارثوا هذه الصنعة الشاقة أبًا عن جد وتفننت أيديهم برسم لوحاتٍ وزخارف على أوانٍ نحاسية لطالما جذبت أذواق الكثير من المقتنين ومن دول مختلفة من العالم مما جعل من سوق الصفافير معلمًا حضاريًا من معالم العاصمة العراقية بغداد.
المؤرخ والفنان محمد صالح العبيدي تحدث عن تاريخ ونشأة هذه السوق لـ«الشرق الأوسط». وقال إن تاريخ إنشاء السوق «في عصر الخلافة العباسية واحتلت موقعها بالقرب من المدرسة المستنصرية التي كانت في وقتها جامعة لعلوم ذلك الزمان. ويعود تاريخ السوق إلى القرن الثالث عشر الميلادي في فترة حكم الخليفة المستنصر بالله (1226 - 1242)، الذي أمر بإنشاء أسواق عدة متخصصة كأسواق الوراقين والبزازين والعطارين وسوق الصفافير، وكان الغرض من إنشائها هو توفير المتطلبات اللازمة لطلبة وأساتذة المدارس في ذلك الوقت، وكانت سوق الصفافير تمدهم بما يحتاجون من فوانيس وقناديل وغيرها من الأواني والقدور وغيرها. ويذكر الذين تعرضوا لتاريخ بغداد أن السوق كانت مكانًا مناسبًا لتعويد الخيول العسكرية على ضجيج المعارك، إذ كانت تمرر في السوق وسط ضجيج طرق المعادن لكي لا تفر في أثناء الحروب عند سماعها صليل السيوف».
وأضاف العبيدي: «على مدى حقب زمنية متعاقبة بقيت سوق الصفافير واحدة من أهم الأسواق في العاصمة بغداد وارتقت مهنة الصفارين إلى ما وصلت إليه من شهرة في كل بقاع الأرض، لكن ما جاء به التغيير في العراق بدا واضحًا بقوة على العمل الفني والتجاري في السوق، ففي ظل غياب الدعم الحكومي للحرف اليدوية والصناعات التقليدية وغياب الحماية من منافسة السلع المستوردة، بدأت متاجر المشغولات الجاهزة الرخيصة تحل تدريجيًا محل ورش النحاسين، ورغم تراجع حركة هذه السوق فإن وتيرة العمل هذه لم تتغير كثيرًا ولم تتوقف لحد الآن ومثلما يوجد من يمتهنها رغم الظروف الصعبة فهناك أيضا من يهوى شراء النتاجات النحاسية».
فاضل مهدي هادي أحد أقدم الفنانين العاملين على طرق النحاس حيث كان يطرق النحاس مع أبيه وجده وما زال يمارس المهنة رغم بلوغه العقد السادس من العمر قال لـ«الشرق الأوسط»: «سوق الصفافير كانت في الوقت السابق تزدهر برواده من السياح الأجانب والعرب وكذلك المواطنين في العراق فكان الجميع وخصوصًا السائحين القادمين إلى العراق يتنافسون على اقتناء محتويات السوق من التحف البغدادية التي نُقشت عليها رسوم لمعالم بلاد الرافدين الأثرية والتاريخية مثل أسد بابل والزقورة والملوية والحضر، فضلاً عن الشخصيات التي حكمت العراق في السابق». وأضاف هادي: «لم يعد هناك من يرغب باقتناء الأشكال التي يجيد الصفارون صناعتها إلا القلة القليلة التي لا تفي واحتياجات أصحاب المهن لديمومة العمل، فليس هناك الآن من يبحث عن الأنتيك البغدادي القديم بمختلف ألوانه وأشكاله النحاسية، الأمر الذي أجبر الكثير من أصحاب المحال على هجر هذه المهنة واللجوء إلى مهن أخرى لمتطلبات العيش».



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.