35 مثقفاً عربياً يكتبون عن «وطن اسمه فيروز»

إصدار خاص لـ«مؤسسة الفكر العربي» بمناسبة عيدها الـ88

35 مثقفاً عربياً يكتبون عن «وطن اسمه فيروز»
TT

35 مثقفاً عربياً يكتبون عن «وطن اسمه فيروز»

35 مثقفاً عربياً يكتبون عن «وطن اسمه فيروز»

لعلها المرة الأولى، التي يجتمع فيها أكثر من خمسة وثلاثين كاتباً عربياً، على صفحات مجلّد واحد، ليكتب كل منهم عن فيروز من زاوية اختصاصه، ومن مكانه الجغرافي، ووفقاً لرؤيته الذاتية أو الأكاديمية. «وطن اسمه فيروز» إصدار خاص من «أفق»، هو إنجاز جديد لـ«مؤسسة الفكر العربي» بحلة تليق بصاحبة الموضوع ومقامها، التي بإجماع المشاركين في الكتاب، تجاوزت رسالتها وطنها لبنان، لتحمل همّ القضية الفلسطينية، وتصبح جزءاً من الضمير العربي الجامع.
تحت إشراف الدكتور هنري العويط، مدير المؤسسة، وبجهد هيئة التحرير المكونة من الزميلين أحمد فرحات والدكتورة رفيف رضا صيداوي، ومزداناً برسومات للسيدة فيروز أنجزتها سامية الحمصي داغر خصيصاً لترافق الكتابات، مستوحاة من صور متداولة، يمتاز الكتاب بطابعه الجاد والأنيق. وهو يكرم فيروز بمناسبة عيدها الثامن والثمانين، ويتوفر على موقع المؤسسة.
«هي ظاهرة خرجت عن المألوف والدارج والشائع في الموسيقى والغناء والتعبير الشعري، ومثلت المنعطف الأضخم في تاريخ الموسيقى والغناء العربيين الحديثين»، يصفها عبد الإله بلقزيز في المقال الافتتاحي. ومن خلال الأعمال الرحبانية الفيروزية «طرق الغناء العربي أبواب العالمية». تميزت «جارة القمر»، بحسب الباحث المغربي بتنوع القوالب الموسيقية التي غنت بها، فقد تنقلّت بمهارة بين الملحمي والأوبرالي والكلاسيكي والابتهالي والنشيدي والجواري والفولكلوري والتواشيح والموال وغيرها.
اللافت أنك على مدى 350 صفحة من الحجم الكبير، ستقرأ تحليلات ومعلومات تصب في اتجاه التأكيد على أن فيروز ظاهرة استثنائية، وجلّ ما نستطيعه تجاهها هو أن نفهم قدرتها على عبور الزمن واختراق قلوب الناس، لتبلغ هذا الإجماع النادر. إذ لا تعثر على نقد فعلي، أو مآخذ يمكن تسجيلها. كأنما فيروز أصبحت في مكان أعلى من أن تمسّ أو تمتد إليها مشارط التشريح. وقد يكون صمت السيدة المزمن، واكتفاؤها بالغناء طوال ستين سنة ونيف وتعففها عن اتخاذ المواقف، مع أدائها الساحر، من العوامل التي شكلت حاجزاً منيعاً أمام محبي البحث عن الثغرات.
«صوتها هو الاحتياطي الاستراتيجي للبنان. أهم بكثير من احتياطي الذهب في أقبية البنك المركزي»، يعتبر نبيه البرجي. صمودها وتوهجها ليس بسبب الصوت، بحسب الشاعر هنري زغيب، وإنما بفضل عناصر أخرى، منها الإحساس العالي، واللفظ السليم، وإتقان مخارج الحروف والأداء، والحضور المسرحي التمثيلي المدهش والمحترف، يضاف إلى هذا كله اجتماعها بعبقرية الرحبانيين. إذ يرى زغيب أن فيروز بعدهما ليست كما معهما، ومسرحيات منصور من دونها لم تكن كما لو من بطولتها، وبالتالي فإن هذا «الثالوث الرحباني ظاهرة فريدة في الشرق لا تتكرر... حتى أنه ما عاد ممكناً تأريخ مرحلة 1947 - 1977 في لبنان من دون الحضور الرحباني المضيء».
وتتبع الدكتورة رفيف صيداوي في دراستها الشيقة ما يسمى سوسيولوجيا الأغنية الفيروزية، من خلال الأغنيات والمسرحيات مقتفية أدوارها. فهي «غربة المؤتمنة على الأرض»، الزّارعة بذور الثورة ضد الظلم، الطامحة إلى الحرية في «جبل الصوان» عام 1969 وهي «زاد الخير» الفقيرة البسيطة التي تواجه بعنفوان التمادي في استعباد الناس وتتصدى للشر وتنتصر لقيم العدالة والمواطنة في «ناطورة المفاتيح» وهي «زيون» ذات النوايا الطيبة، التي تسعى إلى المصالحة وتترفع عن الانقسامات في «ميس الريم» 1975 وهي وردة التي لا تترك أرضها في «المحطة» 1973 و«لولو» التي تفضح فساد الحكم والنفاق والجبن. وهي الملكة «شكيلا»، التي تضحي بابنتها للحيلولة دون انكسار شعبها وهزيمته في مسرحية «بترا» 1977. وبالتالي فيروز هي «ناطورة القيم» في استعارة من خالدة السعيد.
قراءة دكتور سعد البازعي لشعرية الأغاني الفيروزية تفتح للقارئ نافذة على مكامن جمالية جديدة. يذهب الباحث السعودي ليستكشف ما وراء الأسماء والأبواب والشبابيك والجسور والطيور، في مجموعة أغنيات تتمحور حول هذه النواظم، وغيرها. وإذ يتوقف عند فرادة بعض الاستخدامات والصور تلفته قصيدة أسامينا، وغناء فيروز لقصيدة جميل بثينة «أحب من الأسماء ما شابه اسمها ووافقه أو كان منه دانياً». وكذلك القصائد التي غنت الليل والنوم. ليقف متأملاً أمام أغنية «حبيتك تنسيت النوم يا خوفي تنساني حابسني برّاة النوم وتاركني سهرانة». يقول: «تأمل فقط (حابسني براة النوم)، لكم عبر الشعراء عن السهر وتباروا في تصويره، لكن الحبس خارج النوم لم يرد بحسب علمي لدى أحد من قبل لا شاعر فصحى ولا عامية». الصورة الثانية المدهشة هنا هي «(خلف الطرقات وخلف الشبابيك). كم من فتاة نادت حبيبها من خلف الشبابيك، لكن خلف الطرقات؟ هنا تنفتح الدلالة ويصعب إغلاقها».
المفردات الفيروزية ودلالاتها شغلت حيزاً من الكتاب، من بينها «القمر» الذي يقول عصام الجودر من البحرين أنه حمّال أوجه، سواء فيما يخص المعنى أو تنوع المقامات الموسيقية، حتى على مستوى الصوت، فمرة يذكر بغلظة، وأخرى برقة، أو بنغمة متوسطة. وعند دكتور حسن مدن من البحرين أيضاً قراءة لتأثيرات الأغنية الرحبانية على المستمع والموسيقى في الخليج.
للمصريين عدة مشاركات في الكتاب، وثمة كلام على المفاضلة بين فيروز وأم كلثوم. الباحث المصري كريم جمال يتحدث عنهما باعتبارهما «أكبر مشروعين نسائيين ولهما أكبر الأثر في رفع مستوى الأغنية العربية»، ولا مجال للمفاضلة «لأن طبيعة اللغة الشعرية والمضامين الموسيقية بين المشروعين تكاد تكون متنافرة، بالإضافة إلى أن هوية كل منهما تحمل دلالات مجتمعية وتاريخية وسياسية مختلفة».
أما عمرو ماهر، المتخصص بفن الأخوين رحباني وفيروز فيرسم مساراً لعلاقة الرحابنة بمصر فيه الكثير من المدّ والجزر. عندما دعت إذاعة «صوت العرب» الثلاثي لتسجيل أعمال في القاهرة، اضطر عاصي إلى تقديم موعد زواجه من فيروز 25 يناير (كانون الثاني) 1955 كي يتمكن من اصطحابها معه، وأقاما ستة أشهر. على إثرها غنت فيروز أغنيات لسيد درويش مثل «الحلوة دي»، «زوروني كل سنة مرة» و«طلعت يا محلا نورها». مع إعلان الوحدة بين مصر وسوريا بدا أن المصريين تحسسوا من نشر قصيدة لفيروز عن دمشق على صفحات جريدة لبنانية للاحتفال بالوحدة، ثم كانت حادثة زيارة صلاح جاهين وصلاح عبد الصبور للرحابنة وفيروز، وما كتبه عبد الصبور على صفحات «روز اليوسف» من أن فيروز لم تشارك في الحديث ولعبت دور ربة المنزل. وردت صحيفة لبنانية عليه، بأن «مباحثي يعضّ فيروز»، والقصد أن عبد الصبور مخابراتي لعبد الناصر، ليأتي الرد المصري بحجب أغنيات فيروز حتى عام 1966. حين ضجت الصحف المصرية بتصريح لعاصي الرحباني «أن أغاني فيروز ممنوعة في الجمهورية العربية المتحدة» عادت تتصدر أغنياتها وأخبارها عناوين الصحف والمجلات. ويبدو أن تمنّع الرحابنة عن الغناء للمناسبات المصرية كان أحد أسباب الحساسية والمنع في بعض الفترات، كما يذكر عمرو ماهر.
الكتّاب الفلسطينيون لا ينظرون إلى فيروز فقط من باب شاعريتها، فقد ارتبط اسمها بأمهات فلسطين الثكالى والقدس والنكبة وجسر العودة، وهي عند المؤرخ جوني منصور غنت ما عاينته بعينيها عندما زارت القدس قبل 1967 ورأت الحال المريرة التي عاشها المشردون والنازحون.
غنّت فيروز للقدس وبيسان ويافا وعواصم عربية عديدة، منها «عمّان في القلب أنت الجمر والجاه»، غير أن ما يلفت الباحث السوري نبيل سليمان، «أنه أياً يكن أمر البعد القومي للأغنية الفيروزية، فلبنان هو (سرّة) هذا البعد»، نلمس هذا في الأغنيات المخصصة للجنوب أو «سألوني شو صار ببلد العيد» وأغنية مثل «لبيروت» التي كتبها لها جوزيف حرب.
ومن العراق يتحدث الشاعر مؤيد الشيباني، عن الأسماء الكبيرة التي رافقت فيروز ورفدت تجربتها، هي هامات في الشعر والأداء والتمثيل، من جوزيف حرب إلى زياد الرحباني وفيلمون وهبي ونصري شمس الدين ووديع الصافي وآخرين. ويروي الشيباني حكاية مؤثرة من طفولته، مطلع السبعينيات حيث كانت تنبجس أسماء مغنين من مصر والعراق والخليج ولبنان، تطفو وتخفت، وفي البيت ممنوع التلفزيون والراديو، لكن الراديو الذي تمكن من الاحتفاظ به كان طريقه لمعرفة الأخبار والبرامج الثقافية والاستماع لأغاني فيروز.
ولدور جوزيف حرب في رفد فيروز بأجمل أغنياتها ما لفت العديد من الكتّاب بينهم الأردني دكتور زياد جمال حدّاد، الذي يخصص صفحات لإلقاء الضوء على إضافات هذا الشاعر المتميز على مسار فيروز في «إسوارة العروس»، «خليك بالبيت»، «قدرت نسيت»، «لبيروت»، «رح نبقى سوى» وغيرها، متوقفاً عند المقطع البديع الذي يقول «تاجك من القمح مملكتك السلام، شعبك بيحبك لتبرد الشمس وتوقف الإيام، توقف الإيام»
دراسات عدة عنيت بمسرحيات فيروز الغنائية، دكتور سعد الله آغا القلعة من سوريا، وكذلك دكتورة حنان قصاب حسن، التي درست حضور فيروز على خشبة المسرح، وغسان الشهابي «بناء الأيقونة... فيروز في شخصياتها المسرحية».
إجماع على حب فيروز، ووجهات نظر تحددها الجغرافيا. القراءة الجزائرية للشاعر سعيد هادف، الذي قدم معلومات قليلاً ما نعرفها، منها أن فيروز غنت في الجزائر للمرة الأولى والوحيدة أغنية «سافرت القضية»، التي منعت بعد ذلك، والتسجيلات الموجودة اليوم على الإنترنت هي نتاج تلك الحفلة الجزائرية، بعد هزيمة 67 بعام واحد، وهو ربما ما يفسر غير المعهود لدى الأخوين رحباني.

تقول الأغنية «سافرت القضية تعرض شكواها في ردهة المحاكم الدولية- وكانت الجمعية قد خصّصت الجلسة للبحث في قضية القضية- وجاء مندوبون عن سائر الأمم» إلى أن تقول «وحين جاء الليل كان القضاة قد تعبوا، أتعبهم طول النقاش- فأغلقوا الدفاتر وذهبوا للنوم- وكان في الخارج صوت شتاء وظلام- وبائسون يبحثون عن سلام، والجوع في ملاجئ المشردين ينام، وكانت الرياح ما تزال تقتلع الخيام».
الكتاب يظهر بوضوح صدقية عبارة للكاتب اللبناني محمد علي فرحات: «فيروز قوة لبنان الناعمة، لكنها أيضاً قوة الفن حين يجهد ليصبح قابلاً للاستمرار وديمومة الحضور».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
TT

مصر: مهرجان «العلمين الجديدة» يختتم بعد 50 يوماً من السهر

ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)
ويجز في حفل ختام مهرجان العلمين (إدارة المهرجان)

اختتم مهرجان «العلمين الجديدة» نسخته الثانية بحفل غنائي للمطرب المصري الشاب ويجز، الجمعة، بعد فعاليات متنوعة استمرت 50 يوماً، ما بين حفلات غنائية وموسيقية وعروض مسرحية، بالإضافة إلى أنشطة فنية ورياضية متعددة.

وشهدت النسخة الثانية تعاوناً بين إدارة المهرجان والهيئة العامة للترفيه، ممثلة في إدارة «موسم الرياض»، بتقديم عروض مسرحية في العلمين قادمة من «موسم الرياض»، من بينها مسرحيات «السندباد» لكريم عبد العزيز، ونيللي كريم، و«التلفزيون» لحسن الرداد، وإيمي سمير غانم، إلى جانب حفلات غنائية منها حفل الفنان العراقي كاظم الساهر.

ومنحت الشراكة بين «موسم الرياض» و«العلمين الجديدة»، زخماً كبيراً للفعاليات، حسب الناقد الفني المصري محمد عبد الرحمن، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن «تقديم العروض المسرحية يُعدّ من أهم الإضافات التي شهدها المهرجان في نسخته الثانية العام الحالي، خصوصاً مع وجود نجوم كبار شاركوا في هذه العروض».

عمر خيرت مع إسعاد يونس ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأضاف عبد الرحمن أن «من بين الأمور المميزة في العروض التي تضمّنها المهرجان عدم اقتصار المسرحيات على النجوم، ولكن أيضاً على الشباب، على غرار مسرحيتي (الشهرة)، و(عريس البحر)، وهما العرضان اللذان لاقيا استحسان الجمهور، ما انعكس في نفاد تذاكر المسرحيات خلال ليالي العرض».

يدعم هذا الرأي الناقد الفني خالد محمود، الذي يشير إلى أهمية التعاون بين الجانبين بما ينعكس إيجاباً على المحتوى الفني المقدم للجمهور، مشيراً إلى أن «في النسخة الثانية من مهرجان (العلمين الجديدة) تحقق جزء كبير من الأحلام والطموحات التي جرى الحديث عنها بعد انتهاء الدورة الأولى، عبر مشاركة نجوم عرب في الحفلات على غرار ماجدة الرومي، وكاظم الساهر، بعد غياب لفترة طويلة».

وأشار محمود إلى «تنوع الحفلات الغنائية والفعاليات المصاحبة للمهرجان، خصوصاً فيما يتعلّق بالاستعانة بفرق الفنون الشعبية من مختلف المدن المصرية لتقديم عروضها في المهرجان بحفلات متنوعة»، لافتاً إلى أن «غياب البث المباشر للحفلات كان بمثابة نقطة ضعف لا بدّ من تجاوزها في النسخة المقبلة».

وتضمن المهرجان، الذي افتتح حفلاته الغنائية محمد منير في يوليو (تموز) الماضي، فعاليات جماهيرية كثيرة، منها الاحتفال بأبطال مصر الحاصلين على ميداليات في دورة الألعاب الأوليمبية، بالإضافة إلى إطلاق فعاليات مهرجان «نبتة»، الذي قدم أنشطة فنية وترفيهية للأطفال بمشاركة فنانين، من بينهم أحمد أمين وهشام ماجد.

محمد منير خلال حفل الافتتاح (إدارة المهرجان)

ومن بين الحفلات الفنية الكبرى التي شهدها المهرجان، حفلات عمرو دياب، وتامر حسني، وعمر خيرت، وفريق «كايروكي»، بجانب تصوير عشرات الحلقات التلفزيونية مع نجوم الفن من مصر والعالم العربي الذين شاركوا في المهرجان.

وشهدت سماء مدينة العلمين الجديدة عروضاً جوية بالطائرات في الأيام الأخيرة للمهرجان، فيما قدمت فرق متعددة من جهات وأقاليم مختلفة عروضاً مجانية لمسرح الشارع.

إحدى فرق الفنون الشعبية ضمن فعاليات المهرجان (إدارة المهرجان)

وأعلنت «اللجنة العليا» للمهرجان، في بيان، السبت، انتهاء الفعاليات بعد تحقيقه «خدمة توعوية وتثقيفية وسياسية وتنموية ومجتمعية للدولة المصرية وأبنائها بتنفيذ عدد غير مسبوق من الفعاليات الشاملة، ومشاركة جميع أطياف المجتمع المصري وفئاته العمرية والصحية والاقتصادية والتعليمية، واستقبال زوار من 104 جنسيات لدول أجنبية، وكذلك عدد كبير من المسؤولين والدبلوماسيين العرب والأجانب».

ويتوقف محمد عبد الرحمن عند إعلان المهرجان تخصيص 60 في المائة من الأرباح لدعم فلسطين للتأكيد على أن «تأثير المهرجان ليس فنياً ترفيهياً فقط، بل يحمل رسالة مجتمعية مهمة».

ويشير خالد محمود إلى «ضرورة استفادة المهرجان مما تحقّق على مدار عامين بترسيخ مكانته بين المهرجانات العربية المهمة، الأمر الذي يتطلّب مزيداً من التوسع في النُّسخ المقبلة التي تتضمن التخطيط للاستعانة بنجوم عالميين لإحياء حفلات ضمن فعالياته».