عن دار «أثر» بالدمام، صدرت رواية «من الكترة» للكاتب الدكتور عبد العزيز مرعي القحطاني. ويتناول العمل بلغة سلسة وسرد متدفق، أجواء الحياة في إحدى القرى بمنطقة «عسير» بالسعودية، حيث الحياة البسيطة المتحررة من تعقيدات المعيشة الحديثة. كما تلقي الرواية الضوء على الطقوس اليومية وحرارة العلاقات الاجتماعية بين العائلات؛ إذ يصبح النص نافذة يطل منها القارئ على مشهد واقع شديد الألفة والخصوصية، وهو ما يشير إليه عنوان الرواية، الذي يعني «من النافذة»، بحسب اللغة اليومية الدارجة لأهل عسير.
يوضح المؤلف في مقدمة العمل هدفه من وراء هذا النص قائلاً: «أردت أن أكتب رواية أحداثها وشخصياتها من الخيال، لكن مستمدة من روعة اللهجة وبعض التفاصيل من عسير، وحرصت على أن تكون الرواية نافذة على أشياء جميلة، ومنها صنع السعادة في ظل الإمكانيات البسيطة واتخاذنا في حياتنا لقرارات تنقلنا نحو مجد نصنعه من داخلنا. في عسير المليئة بالثقافات، من الأكيد أن تكون الرواية غير مبنية على أحداث حقيقية، بل هي شخصيات وأحداث من وحي الخيال، فعن عسير تحديداً نقول زهراً وريحاناً ونقول جمالاً وتراثاً وثقافة، فلا يمكن أن أنقل كل تراث أو ثقافة المنطقة في نص واحد، فروايتي ليست توثيقاً لتاريخ، ولا أملك كذلك أحداثاً حقيقية حتى أنقلها، إنما آخذ بعض التفاصيل كاللهجة وبعض أسماء الملبوسات وغيرها التي لا يمكن أن تتحدث عن حدث حقيقي أو أشخاص من الواقع».
ويضيف قائلاً: «ورغم أن (الكترة)، بضم الكاف والتاء وتشديد الراء وفتح الهاء، هي من وحي الخيال، لكن أمثال شخصيات الرواية قد تكون مرت بيننا بعطفها وحنانها وتأثيرها الإيجابي على الآخرين. وهنا حاولت أن أظهر بعضاً من المصطلحات واللمحات من عسير الجميلة ابتداء من عنوان الرواية الذي يعني (النافذة)، بحيث يصبح من يقرؤها كمن يشاهد إطلالات مختلفة وأحداثاً عدة وقصصاً تعبر عن أمور كثيرة، منها الشقاء والعمل والكثير من الأشياء الجميلة. وأيضاً هي نافذة على منطقة كبيرة متعددة التراث والعادات والتقاليد حاولت من خلالها كتابة ما تيسر واستطعت ربطه بفكرة روايتي».
ويلفت المؤلف إلى أنه لم يعش بمنطقة عسير، إنما حبها والمجتمع من حوله نقل له ثقافة المنطقة وفكرها وتراثها وتاريخها، بل «قرأت الكثير من المؤلفات التي تخصها، ومن هنا ظهرت فكرة (الكترة). قد تكون بعض الأحداث لم أعشها بحكم سني الصغيرة، لكن بعد سماعي لقصص ناقليها من أبي ووالدتي وأقاربي وهم يحكونها من داخلهم ومن شعورهم وينقلونها لنا بحب، ما كان بوسعي إلا أن أتخيل تلك المشاهد، ومنها عملت على أحداث من مخيلتي مستمدة من اللهجة وبعض العادات، حيث تدور الأحداث من الأربعينات وحتى بداية التسعينات».
من أجواء الرواية نقرأ: «الطريق مظلم لا يوجد فيه إضاءة. قطعت المسافة بأربع ساعات ونصف. من التاسعة حتى فجر اليوم الثاني وهم يركبون الحمار. فترات يرتاح بعض الأطفال وفترات يمشون على الأقدام للوصول إلى أبها. الطريق غير المعبد وعلى جنباته قرى متعددة، طريق مخيف وموحش، لكن رغبة الوصول إلى الخليج بسلام وأمان فوق كل شيء. في كل خطوة، كانت (خديجة) تتخيل الظلام كنور وشمس على جبينها وجبين أطفالها الذين سعت من أجلهم، وتريد أن تعيش من أجلهم، أن تحميهم وتضعهم في حضنها الدافئ».
«من الكترة»... رواية سعودية تستلهم خصوصية قرى عسير
«من الكترة»... رواية سعودية تستلهم خصوصية قرى عسير
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة