انطلاق 3 محاكمات مرتبطة بالإرهاب في باريس

أبرزها التخطيط للقيام بهجوم في محيط قصر الإليزيه

المتهمان صلاح عبد السلام (وسط) وسفيان عياري (يسار) يتحدثان في المحكمة خلال محاكمة هجمات بروكسل الاثنين (رويترز)
المتهمان صلاح عبد السلام (وسط) وسفيان عياري (يسار) يتحدثان في المحكمة خلال محاكمة هجمات بروكسل الاثنين (رويترز)
TT

انطلاق 3 محاكمات مرتبطة بالإرهاب في باريس

المتهمان صلاح عبد السلام (وسط) وسفيان عياري (يسار) يتحدثان في المحكمة خلال محاكمة هجمات بروكسل الاثنين (رويترز)
المتهمان صلاح عبد السلام (وسط) وسفيان عياري (يسار) يتحدثان في المحكمة خلال محاكمة هجمات بروكسل الاثنين (رويترز)

ثلاث محاكمات متوازية انطلقت أمس واليوم في باريس، ليس بينها رابط عضوي لكنها تنضوي كلها، وفق منطوق القضاء الفرنسي، تحت باب تهمة الإرهاب بمفهومه الواسع. الأولى تتناول التخطيط للقيام بهجوم «جهادي» في محيط قصر الإليزيه، حيث مقر الرئاسة الفرنسية، وفي جادة الشانزليزيه القريبة، وأطرافها خمسة أشخاص اعتقلوا في عام 2019، وانطلقت محاكمتهم أمس أمام محكمة الجنايات الخاصة بالقصر، باعتبار أن أحد المتورطين كان قاصراً عند اعتقاله، وعدلت هويته بحيث أطلق عليه اسم «فريد».
والأمر المثير للدهشة أن هذا الأخير ينظر إليه على أنه «أمير المجموعة» التي يظن أنها على ارتباط بتنظيم «داعش»، نظراً لأن «فريد» سعى للالتحاق بالتنظيم الإرهابي للقتال إلى جانبه في سوريا. وقبل أن يلقى القبض عليه في باريس في القضية قيد المحاكمة راهناً، تم إيقافه في ألمانيا عام 2017 وسجن بتهمة التواصل مع تنظيم إرهابي.
وأمس أيضاً، انطلقت محاكمة اللبناني - الكندي حسن دياب، المتهم بالضلوع في تفجير استهدف كنيساً يهودياً في الدائرة 16 في باريس، قبل 43 عاماً، الذي أوقع أربعة قتلى وعشرات الجرحى. وهذه المحاكمة التي تتم بغياب المتهم هي الثانية من نوعها بعد الأولى التي جرت في عام 2018 بحضوره، والتي انتهت بإخلاء سبيله وعودته إلى كندا بسبب غياب الأدلة الكافية التي تثبت تورطه في التفجير الذي تم عن طريق قنبلة موضوعة في دراجة نارية ركنت إلى جانب الكنيس. إلا أن طعوناً بإخلاء السبيل قدمت إلى محكمة الجنايات التي قبلتها، وذلك بعد ثلاث سنوات، بحيث تراجع القضاء الفرنسي عن قرار إخلاء سبيل المشتبه، بما فتح الباب للمحاكمة الجديدة. ويشغل حسن دياب منصباً جامعياً أكاديمياً في كندا التي عاد إليها طليقاً في يناير (كانون الثاني) من عام 2018، بعد أن كفت السلطات الفرنسية الملاحقات في حقه. ويعد الملف المذكور الأطول في قضايا مكافحة الإرهاب في فرنسا. ورفض دياب الذي دافع دوماً عن براءته المثول مجدداً أمام القضاء الفرنسي، فيما امتنعت السلطات القضائية عن مطالبة كندا بإعادة تسليمه.
أما اليوم، فستبدأ في باريس محاكمة 11 مسؤولاً في «حزب العمال الكردستاني» بتهم «ابتزاز» أشخاص من الجالية الكردية مقيمين في فرنسا، و«تمويل الإرهاب»، وممارسة «الدعاية» لتجنيد شباب. ويمثل هؤلاء الأشخاص الأحد عشراً، وكلهم من الرجال الحاملين للجنسية التركية أمام محكمة الجنايات في باريس. ويرفض جميع المتهمين اعتبارهم أعضاء في «حزب العمال الكردستاني»، الذي يعده الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا إرهابياً، وهم يؤكدون أن وجوده محصور «في جبال» كردستان، بعيداً عن فرنسا حيث يعيشون. بيد أن المحققين واثقون من انتمائهم إلى «حزب العمال» المذكور، ويعتقدون أن فرنسا وكذلك ألمانيا وهولندا تمثّل «قواعد خلفية» تنشط فيها «خلايا سرية» بهدف «تعبئة» الجالية الكردية التي تعد 120 إلى 150 ألف شخص في فرنسا، و100 ألف في هولندا، ونحو مليون في ألمانيا. ويعد حضور «العمال الكردستاني» وأنشطته في السويد أحد الأسباب التي تمنع تركيا، حتى اليوم، من قبول انضمام السويد إلى الحلف الأطلسي، بعكس موافقة برلمانها على انضمام فنلندا هذا الأسبوع، بعد أن صدقت كل برلمانات أعضاء الحلف الثلاثين على ذلك.
بيد أن المحاكمة الأولى تبدو الأكثر إثارة، لأنها المرة الأولى التي تعمد فيها مجموعة للتخطيط لمهاجمة محيط القصر الرئاسي الواقع في قلب باريس. والمثير فيها أيضاً نجاح المديرية العامة للأمن الداخلي في اختراق المجموعة عند طريق عنصرين تابعين لها. وتتراوح أعمار المتهمين ما بين 17 و39 عاماً عند توقيفهما بين أبريل (نيسان) ويوليو (تموز) 2019، وهم يخضعون حالياً للمحاكمة بتهمة الارتباط بمنظمات إجرامية إرهابية. ويمثل أربعة في قفص الاتهام، بينما يحاكم الخامس طليقاً تحت رقابة قضائية.
وكان المتهمون يخضعون للمراقبة من المخابرات الداخلية منذ الأول من فبراير (شباط) 2019 بسبب انتمائهم لطروحات «إسلامية» متطرفة و«الجهاد المسلح». ونظراً للاشتباه بخطورتها، عمدت المديرية المذكورة إلى اختراق المجموعة من خلال عميلين في جهاز الاستخبارات الداخلية أحدهما سمى نفسه «أبو محمد» والآخر «أبو بكر». وبطبيعة الحال، لم تكشف الهوية الحقيقية للعميلين. وجاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أن التنصت على المكالمات الهاتفية والتعليقات التي وردت خلال الاجتماعات التحضيرية للمجموعة، وفقاً للادعاء، بين أن هناك «تحضيراً لعمل عنيف يستهدف محيط قصر الإليزيه والشرطة المناوبة، وربما المدنيين في جادة الشانزليزيه». وسعى العميلان إلى الإيقاع بالمجموعة والقبض عليها ليس بجرم القيام بعمل إرهابي، ولكن التخطيط للقيام به.
وبينت المعلومات التي كشف عنها أن أحد العميلين السريين، وهو مراقب محتوى على الإنترنت يعمل تحت اسم مستعار هو «أبو محمد»، قال في 24 أبريل 2019، على مجموعة تواصل مشفرة على «تلغرام»، إنه حصل على رشاشين من طراز كلاشينكوف، وإنه تم إيداع الأسلحة في شقة بالقرب من محطة قطارات خاضعة للمراقبة في باريس. وكان الجهاز الأمني قد عمد سلفاً إلى تعطيل الرشاشين. ويروي تقرير الوكالة الفرنسية عملية استدراج الخمسة، حيث ذهب، بعد يومين، عضوان في المجموعة، ألكسندر بنون وكريم برجغلول، برفقة العميل السري الثاني، واسمه المستعار أبو بكر، إلى الشقة، فيما لم يستطع الشخص الثالث «فريد» الذهاب إلى الموعد بسبب احتجازه في مقر للشباب الجانحين. تم توقيف بنون وبرجغلول لدى مغادرتهما الشقة. وبعد قليل أوقف فريد في المقر، ورابع يشتبه بدوره ممولاً للمشروع الإرهابي، وقد قبض عليه في منزله. أما الشخص الخامس وأطلق عليه اسم «آدم إكس»، وهو قريب لفريد، فقد اعتقل في شهر يوليو 2019، للاشتباه بأنه لم يعمد إلى الإبلاغ عن الهجوم المخطط له، الذي كان يعلم بأمره، ومن المقرر أن تعقد معظم جلسات المحاكمة التي ستستمر حتى 19 أبريل خلف أبواب مغلقة، لكون اثنين من المتهمين قاصرين في يوليو 2019، واعتقل خامس، حين حصول الوقائع ذات الصلة.


مقالات ذات صلة

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
العالم باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

باريس «تأمل» بتحديد موعد قريب لزيارة وزير الخارجية الإيطالي

قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنها تأمل في أن يُحدَّد موعد جديد لزيارة وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني بعدما ألغيت بسبب تصريحات لوزير الداخلية الفرنسي حول سياسية الهجرة الإيطالية اعتُبرت «غير مقبولة». وكان من المقرر أن يعقد تاياني اجتماعا مع وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا مساء اليوم الخميس. وكان وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان قد اعتبر أن رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني «عاجزة عن حل مشاكل الهجرة» في بلادها. وكتب تاياني على «تويتر»: «لن أذهب إلى باريس للمشاركة في الاجتماع الذي كان مقررا مع الوزيرة كولونا»، مشيرا إلى أن «إهانات وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحق الحكومة وإي

«الشرق الأوسط» (باريس)
طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي»  بالألعاب النارية

طرد الطيور في مطار «أورلي الفرنسي» بالألعاب النارية

يستخدم فريق أساليب جديدة بينها الألعاب النارية ومجموعة أصوات لطرد الطيور من مطار أورلي الفرنسي لمنعها من التسبب بمشاكل وأعطال في الطائرات، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. وتطلق كولين بليسي وهي تضع خوذة مانعة للضجيج ونظارات واقية وتحمل مسدساً، النار في الهواء، فيصدر صوت صفير ثم فرقعة، مما يؤدي إلى فرار الطيور الجارحة بعيداً عن المدرج. وتوضح "إنها ألعاب نارية. لم تُصنّع بهدف قتل الطيور بل لإحداث ضجيج" وإخافتها. وتعمل بليسي كطاردة للطيور، وهي مهنة غير معروفة كثيراً لكنّها ضرورية في المطارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

فرنسا: المجلس الدستوري يصدر عصراً قراره بشأن قبول إجراء استفتاء على قانون العمل الجديد

تتجه الأنظار اليوم إلى فرنسا لمعرفة مصير طلب الموافقة على «الاستفتاء بمبادرة مشتركة» الذي تقدمت به مجموعة من نواب اليسار والخضر إلى المجلس الدستوري الذي سيصدر فتواه عصر اليوم. وثمة مخاوف من أن رفضه سيفضي إلى تجمعات ومظاهرات كما حصل لدى رفض طلب مماثل أواسط الشهر الماضي. وتداعت النقابات للتجمع أمام مقر المجلس الواقع وسط العاصمة وقريباً من مبنى الأوبرا نحو الخامسة بعد الظهر «مسلحين» بقرع الطناجر لإسماع رفضهم السير بقانون تعديل نظام التقاعد الجديد. ويتيح تعديل دستوري أُقرّ في العام 2008، في عهد الرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي، طلب إجراء استفتاء صادر عن خمسة أعضاء مجلس النواب والشيوخ.

ميشال أبونجم (باريس)
«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

«يوم العمال» يعيد الزخم لاحتجاجات فرنسا

عناصر أمن أمام محطة للدراجات في باريس اشتعلت فيها النيران خلال تجدد المظاهرات أمس. وأعادت مناسبة «يوم العمال» الزخم للاحتجاجات الرافضة إصلاح نظام التقاعد الذي أقرّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (أ.ف.ب)


اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.