نيويورك مدينة أحلام ترمب... تستعد لعقابه

ترمب في نيويورك 1991 (أ.ب)
ترمب في نيويورك 1991 (أ.ب)
TT

نيويورك مدينة أحلام ترمب... تستعد لعقابه

ترمب في نيويورك 1991 (أ.ب)
ترمب في نيويورك 1991 (أ.ب)

يعود ترمب الآن إلى المدينة التي وضعته على الخريطة، المدينة التي أحب، تستعد لمعاقبته.
تقول باربرا ريس التي عملت طويلاً كموظفة في مؤسسة ترمب، كما ذكرت وكالة «أسوشيتد برس»: «لقد أراد أن يكون في مانهاتن، لقد أحبها، ولديه علاقة قوية بها»، وتضيف: «لكن نيويورك انقلبت عليه».
لم تدم أي علاقة رومانسية لترمب أطول من حبه لمدينة نيويورك، حبه غير المشروط للمدينة يبدو شاكسبيري الطابع، لكن ارتقاءه لسدة الرئاسة جعله ليس بطلاً في أعين أهل المدينة.
ولد دونالد ترمب ونشأ في «كوينز» (أحد أحياء نيويورك الخمسة: مانهاتن، بروكلين، كوينز، ذا برونكس، ستاتن آيلاند) لأب يعمل كمطور عقاري، أغلب مشاريعه كانت في كوينز وبروكلين. لكن دونالد كان يسعى لعبور النهر الشرقي وصناعة اسم له في مانهاتن. حصل ترمب على موطئ قدم عندما حوّل فندق كومودور إلى فندق جراند حياة ما جذب إليه الأضواء، وأصبح يظهر بجوار السياسيين والمشاهير، ويظهر في ملهى «ستوديو 54» وأماكن أخرى تحت نظر وسائل الإعلام.
يقول الأستاذ بجامعة «روتغرز» ديفيد غرينبرج: «شب ترمب وهو يحمل استياءً تجاه الأشخاص الذين ظن أنهم أكثر منه شهرة أو ثراءً»، وأضاف غرينبرج، وهو مؤلف كتاب «لعبة الدوران: تاريخ داخلي للرئاسة الأميركية»، «صناعة النجاح في مانهاتن، وبناء برج (ترمب) كان يعني له الكثير».
لسنوات، حياة ترمب في مانهاتن استمرت، بينما المدينة تتسابق من حوله، زيجات تأتي وتذهب، ناطحات سحاب تعلو، إعلانات إفلاس. ظل نجم ترمب يومض ويخفت وسط الطبقات العليا.
لم يكن يبدو كأحد أبناء نيويورك الذين يركبون المترو صباحاً، ويشترون ساندوتش «نقانق» من بائع في الشارع، لكنه أبقى على وجود طيب.
هذا الوضع بدأ يتغير عبر سنوات من الكذبات الغريبة، والمدفوعة بالعنصرية ضد باراك أوباما، وعندما أعلن ترمب ترشحه لانتخابات الرئاسة من «برج ترمب» في 16 يونيو (حزيران) 2015، لم يتحمل الكثير من أهل مدينته النقد اللاذع الذي يقذف به من فمه.
ظهوره في «ساترداي نايت لايف» جعل منه أضحوكة، وفي أجزاء كبيرة من المدينة تحول النفور منه إلى كراهية. حتى بين الجمهوريين لم يستطع إقناعهم في مانهاتن رغم أنه فاز في الجولات الانتخابية التمهيدية للحزب الجمهوري.
تقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة فوردهام كريستينا غرير: «لم يعد مجرد دجال يظهر في برامج التلفزيون. أصبح الناس يرون أنه يقود الدولة والعالم للاتجاه الخاطئ».
في ليلة انتخابات 2016 انهمرت الدموع في قاعة مركز جافيتس، التي كانت مجهزة لحفلة فوز هيلاري كلينتون بالرئاسة، حفلة لم تكتمل. بينما احتفل أنصار ترمب بفوزه المفاجئ في قاعة في فندق هيلتون. توبيخ أبناء نيويورك لابن مدينتهم (ترمب) لم يؤدِّ إلى شيء. وظهرت صورته على مبنى «إمباير ستيت» فأدرك سكان المدينة حقيقة أنه أصبح الرئيس.
في الأيام التالية، وفود من السياسيين الفضوليين والمشاهير شدت الرحال إلى «برج ترمب» لمقابلة الرئيس المنتخب، ولأسابيع تلت انتشرت بغزارة تنبؤات عن فترة رئاسته التي لم تبدأ بعد.
انتشرت تخمينات بين المعلقين أن ترمب سيتنقل بين نيويورك وواشنطن. وعندما نشر خبر أن زوجته وابنه الأصغر لن ينتقلا على الفور إلى البيت الأبيض، أعطى زخماً لفكرة أنه لن يرحل بالكامل عن المدينة التي صنعت نجمه.
استمر ترمب في أفعاله المعتادة، وأفسحت رئاسته الطريق أمام كسر العادات والأعراف الواحدة تلو الأخرى، وأصبحت نيويورك عاصمة «المقاومة» ضده، وامتلأت بالمظاهرات. عاصمة أحلامه لم تعد المكان الذي يمكنه أن يطلق عليه «البيت».
«لقد ذهبت نيويورك إلى الجحيم»، قالها ترمب في ليلة الانتخابات عام 2020. وعند فرز صناديق الاقتراع، ظهر أن أصوات الناخبين في مانهاتن لجو بايدن كانت سبعة أضعاف المصوتين لترمب. وعندما انتهت رئاسته غادر واشنطن بعد تمرد عنيف ساعد في اشتعاله، وتقاعد في فلوريدا.
وعندما عاد إلى مانهاتن للمرة الأولى منذ مغادرته الرئاسة، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن شخصاً واحداً فقط انتظره أمام «برج ترمب»، حتى المتظاهرون لم يعودوا مهتمين بإزعاجه الآن.
ويواجه الرئيس الأميركي السابق، تهماً متعددة بتزوير السجلات، بما في ذلك جريمة جنائية واحدة على الأقل، في لائحة الاتهام التي أصدرتها هيئة محلفين كبرى في مانهاتن، حسبما قال شخصان مطلعان على الأمر لوكالة «أسوشييتد برس».
ومع انتشار الأخبار عن إدانته، أصبحت العلاقة الرومانسية المتدهورة بينه وبين مدينة نيويورك في مشهد الختام.
تبجح ترمب ذات مرة أنه يمكنه إطلاق النار على شخص في وسط شارع «فيفيث أفنيو»، وسيظل صاحب شعبية، واليوم حتى لو وزع ورقات بخمسين دولاراً على المارة لن يحظى بدعم معظم سكان المدينة.
هاجم ترمب عمل هيئة المحلفين القانونية ووصفه بأنه «غش» و«اضطهاد»، وأنكر القيام بأي عمل خاطئ. وقال إن الديمقراطيين يكذبون ويغشون لإيذاء حملته الانتخابية للعودة إلى البيت الأبيض.
ورفعت شرطة نيويورك تأهبها الأمني استعداداً لمثول ترمب أمام المحكمة في قضية ستورمي دانييلز، يوم الثلاثاء. وخطوة توجيه التهم لترمب من قبل المدعي العام لمنهاتن ألفين براغ، في قضية ستورمي دانييلز، أعادت الرئيس السابق إلى واجهة الأحداث، لتُسلّط الأضواء عليه في الأيام والأشهر المقبلة.


مقالات ذات صلة

سوريا بعد الأسد من منظور أميركي

خاص يرجح كثيرون أن يسحب ترمب القوات الأميركية من سوريا (أ.ب)

سوريا بعد الأسد من منظور أميركي

يستعرض «تقرير واشنطن»، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، كيفية تعامل إدارة بايدن مع الأمر الواقع في سوريا وتوجهات إدارة ترمب.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب يعتزم إلغاء التوقيت الصيفي في الولايات المتحدة

أعرب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، عن رغبته في إلغاء التحول إلى التوقيت الصيفي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ مؤسس شركة «أمازون» الأميركية العملاقة جيف بيزوس متحدثاً في لاس فيغاس (أ.ب)

عمالقة التكنولوجيا يخطبون ودّ ترمب… بالملايين

اصطف مليارديرات صناعة التكنولوجيا الأميركيون، وآخرهم مؤسس «أمازون» جيف بيزوس، لخطب ود الرئيس المنتخب قبل عودته للبيت الأبيض من خلال تبرعات بملايين الدولارات.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب في ولايته الأولى رئيساً للولايات المتحدة يلوح بيده خلال اجتماع ثنائي مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان في 28 يونيو 2019 (رويترز)

ترمب ينتقد قرار بايدن إرسال صواريخ تستهدف العمق الروسي ويصفه بالأحمق

موسكو ترحب بانتقادات دونالد ترمب لقرار جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ أميركية بعيدة المدى ضد أهداف داخل عمق الأراضي الروسية

هبة القدسي (واشنطن)
المشرق العربي وزيرا الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال إفادة صحافية مشتركة بعد مباحثاتهما في أنقرة الجمعة (رويترز)

«توافق عام» تركي - أميركي على مستقبل سوريا ما بعد الأسد

سيطر ملفان رئيسيان على مباحثات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في أنقرة؛ أولهما مستقبل سوريا ما بعد بشار الأسد، والثاني التباين حول مكافحة الإرهاب.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
TT

تدعو لـ«محاسبة الأسد»... «مجموعة السبع» مستعدة لدعم الانتقال السياسي في سوريا

موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)
موظف يشرف على الأعلام الموضوعة في قمة مجموعة السبع في إيطاليا عام 2017 (رويترز)

أعلن قادة مجموعة الدول السبع الكبرى في بيان، الخميس، إنهم على استعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكرت مجموعة السبع أن الانتقال السياسي بعد نهاية الحكم الاستبدادي، الذي دام 24 عاماً لبشار الأسد، يجب أن يضمن «احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

وطالبت المجموعة أيضاً بضرورة «محاسبة نظام الأسد».

وأضاف البيان: «ستعمل مجموعة السبع مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير، وتكون نتاج هذه العملية، وتدعمها بشكل كامل».

كما دعا القادة «كل الأطراف» إلى «الحفاظ على سلامة أراضي سوريا، ووحدتها الوطنية، واحترام استقلالها وسيادتها».